بمجرد أن تحاول مناقشة جوانب تتعلق بالروح إلا وينزعج المنغلقين يذكرونك بآية الله الحق : ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا " فالروح من أمر ربي ، نعم هي وكل شئ من أمر ربي ، وهذا بديهي ، لكن لماذا ينبهنا رب العزة هنا بالذات أن علمنا الذي آتيناه قليل ؟ فهو بالطبع قليل وسيظل قليل ، وهذا بديهي أيضاً ، بجانب علم الله عز وجل ، ،والآية لكل زمان ، وحتى على مستوى التقدم والتراكم المعرفي أيضا ً سيظل العقل البشري في تحدٍ دائم .. من هنا أري أن ربي أبدا ً لم يضع حظراً على البحث في الروح ، حتى البحث في طبيعتها ، وأن وصول الإنسان الى الكشف عن بعض من كينونة الروح سيحدث ، والحدوث بأمره ، والتدرج في المعرفة عنها بأمره ، فعلم الإنسان مستمد منه بالطبع ، إذاً لا داعي للإنزعاج ..وعندما ناقشت بتوسع موضوعات الروح والنفس والعقل وقابليات الفطرة في أحد كتبي ، لأدلي بدلوي المتواضع في الجدل الذي طال حول مفهوم النفس والخلط بينه وبين مفهوم الروح ، وصلت الى أن النفس ليست هي الروح فقط ، وليست هي العقل فقط، بل النفس هي مزيج متفاعل من ثلاث قوى : العقل كقوة والروح كقوة ، وقابلية الفطرة كقوة . على النحو الذي يميز شخص عن آخر ، وأن كل قوة من هذه القوي تتمثل بقدر معين في بناء الإنسان النفسي يختلف عن الآخر ، تبعاً للتنشئة التى تعرض لها ، والخبرة والتدريب والتعليم .. الى آخر ما يمر به الإنسان من تكوين عبر وكالات التربية .. وأن نفس الوليد هي الفطرة ، وتظل النفس لا تحُاسب إذا ماتت قبل سن الحُلم ..ولهذا مفهوم النفس لا يحل محل مفهوم الروح أبداً ، فالنفس تنام والروح لا تنام ، والنفس تُهَذب ، أما الروح فهي قبس من روح الله عز وجل ، مُهذبة طاهرة ، والنفس تموت والروح لا تموت ، فتُزهق الروح مع الموت ، والنفس تُحاسب أما الروح فلا تُحاسب ، ونحن نتعامل في حياتنا بالنفس ، بمكوناتها الثلاث المتفاعلة على النحو الذي ميزتنا عن بعضنا البعض ، فنفس مطمئنة ، ونفس لوامة ، ونفس أمارة بالسوء .. ونقابل ربنا عز وجل بالنفس ، في الدنيا( في صلواتنا وأعمالنا ) وفي الآخرة حساباً ، فإما جنة أو نار ..والقرآن هو الهادي لكل هذه الموجهات ، لكن لا يتسع المكان لآياته الكريمات الدالة على ذلك .. وللحديث بقية .

المصدر: Educpsychology
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 93 مشاهدة

ساحة النقاش

أ.د حمدي علي الفرماوي

Educpsychology
موقع علمي سيكولوجي وثقافي يهدف الى: * نشر ماتيسر من انتاجي وانتاج تلاميذي العلمي والثقافي ( الكتب - الأبحاث - المقاييس النفسية - المقالات ) * مناقشة الظوامر السلوكية المستجدة في المجتمع والتواصل معها * مناقشة المغلوط في الثقافة النفسية * التواصل مع الجمهور من المثقفين والباحثين والمتخصصين من »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

101,801