الألعاب تزيد قدرة الأطفال على نمو الذكاء
تعد الأنشطة المدرسية من الأهمية بحيث أصبح لها إدارات في وزارات التربية والتعليم في كل دول العالم.. فالأنشطة لم تعد مجرد وقت للترفيه بقدر ماهي منهج متكامل يهدف إلى تأكيد المعلومات الدراسية، وتأصيل السلوكيات التربوية وتوظيف اللعب والنشاط من أجل تثقيف الطلاب والطالبات، فضلاً عن تنمية مواهبهم. وهي تخلق لديهم احترام النظام المتبع في المدرسة والبيت والمجتمع والحياة عموماً. وتنتقل بهم عاماً بعد عام نحو بلوغ مرحلة التعرف على كل ما يحيط بهم. وبذلك تعد الحصص المخصصة للأنشطة المدرسية من أمتع الأوقات بالنسبة للطلاب والطالبات، منذ وضع أول خطوة في رياض الأطفال وحتى توديع مدارسهم للالتحاق بالجامعة. تساهم الأنشطة المدرسية في تثقيف الطلاب واكتشاف هواياتهم وصقل مواهبهم خلال المراحل الدراسية الأولى لهم.. ثم في مراحل متقدمة من التعليم يخوضون أنشطة أخرى تعدهم لولوج غمار العمل الميداني والوظيفي.. ففي الجامعات يقوم الطلبة أيضاً بإعداد برامجهم الخاصة بأنشطتهم. وتعد الأنشطة محفزاً للحيوية وللخروج من دائرة الانطواء والخوف من الاحتكاك بالغير.. ولمعرفة الأفكار والبرامج المتعلقة بهذا الجانب التعليمي والتربوي قمنا بزيارة مدرسة «الأرقم التأسيسية للبنين» وكذلك مدرسة «مريم للتعليم الأساسي للبنات» وأيضاً «روضة السلام».
خطة خمسية
تشير فاطمة العويس- مديرة مدرسة الأرقم حول أهمية الأنشطة، تقول: «إنها من أهم ركائز التعليم وليست مجرد برامج لسد ثغرة في الوقت، لأن المناهج بحاجة لنشاطات تؤكد وتدعم المعلومة في ذات الطالب، ولذلك قامت المدرسة بوضع برنامج للأنشطة بحيث يتلقى الطلاب دروساً تثقيفية في الفروسية والرماية والسباحة في صالة مدرسة «معاذ ابن جبل» وكل صف له حصة أسبوعية، فضلاً عن مدرب الكاراتيه الذي يقصد المدرسة أسبوعياً لتدريب الطلاب. ويتم تنفيذ تلك المشاريع منذ خمس سنوات مضت لأنها بالفعل تصقل المهارات لدى الطلاب منذ عمر مبكر وتعلمهم أن يتمثلوا بأخلاق الفرسان، فعن طريق تلك النشاطات يتم الدخول إلى المناهج التعليمية». تضيف: «يستفيد الطلاب من هذا البرنامج كثيراً، بحيث إن أي طالب كان قد دخل إلى المدرسة بسلوكيات طفولية خاطئة، تسجل له فيما بعد ملاحظات سلوكية قويمة، وفي كل عام تتم إضافة نشاط من أجل تنمية الطالب حتى في مجال النجارة والأعمال اليدوية. خاصة أن الإدارة تقوم بإرسال الخطة الأسبوعية الخاصة بالنشاطات إلى أولياء الأمور، وهناك تفاعل غير عادي من أولياء الأمور تجاه النشاطات التي يتم تنفيذها، ولذلك وجدت الإدارة إقبالاً شديداً من قبلهم على تسجيل أبنائهم في المدرسة لأن الطلاب الذين يتخرجون من المدرسة يصبحون مزودين بالعلم والمهارات الثقافية والمهارات البدنية والفكرية والحرفية أيضاً، كما أنهم يكتسبون سلوكيات قويمة ليس فقط بالتوجيه، ولكن من العمل في جماعات ضمن تلك النشاطات التي تتطلب التعاون».
أجواء مناسبة
تهيئ المدرسة الطقس الملائم لتلقي النشاطات، وتجد الإدارة أن كثيرا من الطلاب يصبحون أكثر فرحاً ومرحاً من قبل ممارسة النشاط، وتصبح على ثقة بأن الوقت الذي يقضيه الطالب خلال النشاط إنما هو وقت لتوسيع الآفاق الفكرية وتنمية الهوايات كي تتحول إلى مهارات مدروسة يستفاد منها. كما أن تلك الأنشطة تصقل القدرات وتعزز الكفاءات ويستفاد منها في زيادة التحصيل العلمي سواء الأساليب أو التعابير أو الألفاظ وكذلك الحصيلة اللغوية والعلمية.
تقول عائشة الهاملي- مديرة مدرسة مريم للتعليم الأساسي: «إن المدرسة تهتم كثيراً بالنشاطات المدرسية، وتنفذ مجموعة من المشاريع تبدأ بمشروع «صلاتي حياتي» وهو يعزز القيم الدينية والتربوية لدى الطالبات، ويهدف إلى أن تستفيد الطالبات بوجوب الصلاة في جماعة وفضلها، وهناك أيضاً الابتكار في الحصص كي يصنع جيلا قادرا على الاستنتاج والاكتشاف، ويعمل هذا المشروع على ربط الطالبة بالمنهج من خلال استخدام وسائل وأساليب التعلم المختلفة، وهو يضفي جوا من الترفيه والمتعة معاً».
تسترسل الهاملي مضيفة: «هناك أيضاً مشروع «الشرطية الصغيرة» وهو يعد جيلا واعيا بالمسؤولية يعشق وطنه ويعمل على مساعدة الآخرين لتحقيق الأمن والسلام، ويهدف إلى تنمية القدرات والخبرات في مجال السلامة والتربية المرورية من خلال الركائز الأساسية لمفهوم السلامة. كما تنفذ المدرسة برنامجاً يعلم التدوير ويعمل على التوعية في مجال التلوث ويعرّف عن مدى الاستفادة من الخامات المستهلكة للمحافظة على نظافة البيئة».
مشاريع مهمة
من أهم المشاريع نشاطات مريم في عيون الإعلام، وهو يعمل على زيادة الوعي المجتمعي بضرورة تطوير التعليم من أجل تفعيل المساهمة في التنمية الوطنية.
ويضم أنشطة مخططة لزيادة دعم المجتمع كي يساهم في تطوير التعليم وينفذ المشروع من خلال الإذاعة المدرسية حسب المناسبات. وهناك أيضاً نشاط «التغذية الصحية» ويوفر غذاء صحيا للطالبات. ونشاطا آخر يرعى الطالبات الموهوبات والمتفوقات، ويبدأ بحصر الطالبات المتفوقات وأيضاً الموهوبات ويعزز روح التميز والإنجاز لديهن ويغرس التنافس، وهو يقضي على الجمود الشائع في البيئات التعليمية، وتوسيع دور المدرسة من بيئة تلقين إلى بيئة تعليم وتربية وإبداع».
تواصل الهاملي الحديث عن الأنشطة الكثيرة التي تجمع بين الترفية والتثقيف قائلة: «تنفذ المدرسة مشروعا يضم نشاطات تحت عنوان «الرياض المثمرة» عبارة عن برنامج يغرس حب الأرض التي يجب أن تصبح خضراء، ولذلك يعمل الجميع من خلال المدرسة على استثمار المبنى المدرسي ليكون بيئة جاذبة يتم زرعها والاهتمام بها، إلى جانب سلة الخير بالتعاون مع الهلال الأحمر، وكما يعرف من العنوان فإن الهدف هو تنمية البعد الإدراكي لدى الطالبات على العطاء والتطوع وحب العمل الجماعي».
وتضيف: «تقوم برامج المدرسة الخاصة بالأنشطة على تنفيذ «التقني الصغير» وهي دورات في أساسيات الفوتوشوب ومهارات التصميم، ومشروع «واحة الأمان» يخص التدريب على الانتظار في مكان آمن فيه وسائل الترفيه والتسلية وقت انتظار الحافلات ومركبات أولياء الأمور؛ كي يمر وقت الطالبات في هدوء ونظام وتسلية حتى تركب المركبة أو الحافلة».
استيعاب سريع
في «روضة السلام» التي تعتبر قنطرة العبور إلى البيئية التعليمية والدراسية التقينا فاطمة عبدالعزيز السركال- مديرة الروضة فقالت: «كما هو معروف يوزع فيها المنهج إلى وحدات، وتبدأ بوحدة «أهلاً وسهلاً» وهي عبارة عن نشاط مسل ولكنه في ذات الوقت تعليمي، حيث يتعرف الطفل أو الطفلة إلى الإدارة ثم المبنى ثم القوانين والقواعد، وقد وجدوا أن الصغار يستوعبون بسرعة ما ينتظر منهم، خاصة أنهم من خلال الروضة يعملون عن طريق الأنشطة على تطبيق الأركان التعليمية مثل المطالعة والتمثيل والبحث والاكتشاف والألعاب الإدراكية».
تضيف موضحة: «توجد أدوات لهذه المرحلة العمرية تساعدهم في ممارسة النشاط وتفعيل الهوايات وتنمية الخيال، كما تعمل المعلمات من خلال الأنشطة على تنمية القدرة على الإلقاء وتقليد الآخرين، ولكل طفل في الروضة نشاط مشترك مع الآخرين في كل يوم، وكل معلمة تعد وتجهز للنشاط الذي سوف ينفذ بدءاً من أهلاً وسهلاً إلى وحدة أنا، وهي تعرف الطفل على نفسه وتكوينه وتفكيره، وحتى جسده كالأسنان ولما هي موجودة في الفم وهكذا.. كما يتم تجهيز الطفل نفسياً لملاقاة الأطباء دون خوف».
اكتساب الخبرات
كل تلك الأنشطة وغيرها ليست فقط من أجل منح الأطفال المرح والترفيه، وإنما هي أنشطة مدروسة تعطي نتائج إيجابية وتبث في الأطفال الحماس والاندماج مع الغير، في ذلك تقول السركال: «الصغار في تلك المرحلة العمرية يفارقون البيت والأم لأول مرة ليلتقوا بأطفال وأناس لا يعرفونهم، وكانوا لا يستوعبون قبل ذلك لماذا هم في هذا المكان؟ ولذلك تكون تلك النشاطات العامل المساعد والمحفز لتحقيق الكثير من المتطلبات الوجدانية، ومن أجل الشعور بالأمان والرضا» وتلفت إلى أن اللعب كما يرى علماء النفس «أحد أهم وسائل التعبير ويشكل عالم الأطفال وينمي الخبرات التي اكتسبوها». سواء كانت انفعالات أو علاقات اجتماعية بين أفراد الأسرة وبين الأسرة والمجتمع أو مع الأطفال في تلك الأسر، خاصة أن الطفل يملك القدرة على الإبداع والتخيل. في حين أن القائمين على القطاع التعليمي من خلال مراحل الروضة يعملون من خلال الأنشطة على تحقيق النمو الفكري والجسدي، لأنه يحفز القدرة على الفهم والتذكر وإدراك ما يدور. وتؤكد السركال: «أصبح لدى أولياء الأمور وعي بأهمية اللعب في التربية الحديثة لأنه ينمي الابتكار ويقرب الطفل للآخرين بدلاً من الانطواء ويعلمه التعاون مع الآخرين ومشاركتهم ما لديه».
إضاءات
◆ من خلال النشاطات وجد أن الصغار يستوعبون بسرعة ما ينتظر منهم.
◆ خلال الروضة يعمل الطلاب عن طريق الأنشطة على تطبيق الأركان التعليمية مثل المطالعة والتمثيل والبحث والاكتشاف والألعاب الإدراكية.
◆ أكدت دراسات كثيرة أجراها «خبراء تربويون» في دول كثيرة أن النشاط العملي يساعد بشكل كبير في استيعاب المطلوب من الكتب والمنهج الدراسي.
ساحة النقاش