الحركات العصبية بما فيها من مص الأصابع ، وقرض الأظافر ، ورمش العين . وغير ذلك . وهناك نوع من الحركات العصبية له أهمية خاصة وهو التملق بالنطق وعملية النطق لها مكانة كبيرة فى حياة الإنسان ، ويشبهها عند الحيوان إخراج الأصوات . ومعروف أن الأصوات عند الحيوانات تؤدى له وظائف حيوية هامة ، فبالأصوات يحدثالنداء الذى يترتب علية تجمع أفراد النوع الواحد بعضهم مع بعض ، بقصد الوقاية من الخطر المحدق وبواسطة الأصوات تدعو الحيوانات بعضها بعضا للإجتماع الجنسى وحفظ النوع . وبها تتحقق على وجه العموم أنواع الحياة الجمعية عند الحيوانات بناياتها المختلفة . ولهذا نجد أن نوع الصوت وتنغيمه يختلف عند الحيوان الواحد باختلاف حاجاته ، التى يدعو تحققها إلى وجود طرف أخر . فالذين يهتمون بتربية الحيوانات المنزلية يعرفون فى القط مثلا صوت الاستجداء لطلب الطعام ، وصوت التخويف والتحدى عند الشجار ، وصوت الفزع والاستنجاد عند إحداق الخطر ، والصوت الدال على الإطمئنان والسرور عند الشعور بالدفء والشبع والراحة ، وصوت الإنتصار عند الفوز بالفريسة ، وصوت نداء الأنثى عندما يحل موسم الاجتماع الجنسى ، وصوت تلبية الذكور لصوت الانثى فى هذه الحالة ، وصوت نداء القطة الكبيرة لصغارها ، وصوت سرورها لوصولهم ، إلى غير ذلك من أنواع الاصوات التى يرتبط تنوعها بنوع الحاجات التى يعبر عنها الصوت .
ونرى من هذا أن وظيفة الصوت الاتصال بأخر اتصالا يصح أن يساعد على تحقيق حاجة نفسية . كذلك النطق عند الانسان ؛ فهو يعبر عن حاجة يراد تحقيقها بالاستعانة بكائن حى أخر يغلب أن يكون أنسانا مثله .
فكأن عملية النطق عبارة عن نشاط إجتماعى يصدر عن الفرد وتتدخل فيه عدة توافقات عصبية دقيقة مركبة ، يشترك فى أدائها مركز الكلام فى المخ الذى يسيطر على الأعصاب ، وهذه تقوم بتحريك العضلات التى تقوم بإخراج الصوت . وكذلك تشترك الرئتان ، والحجاب الحاجز ، فتقوم الرئتان بتعبئة الهواء ، وتنظيم أندفاعة . وبمرور الهواء على الأوتار الصوتية ، وداخل الحنجرة ، والفم ، والتجويف الأنفى ، تحدث تشكيلات مختلفة من الأصوات . وكذلك تساعد تغييرات أوضاع اللسان والشفتين على زيادة التنويع فى الأصوات . ويحتاج النطق السليم إلى مران طويل جدا يبدؤه الطفل عادة منذ ولادته ، فهو يبدأ بالصراخ ، ثم الضحك والمناغاه ، ثم يسمع نفسه ويسمع من حوله ، ويبدأ يجرب تشكيلات مختلفة من الأصوات . ثم يبدأ يقلد من حوله إلى أن ينجح فى إخراج الألفاظ وفى الكلام . وهذه عملية طويلة شاقة يبذل فيها الطفل جهدا كبيرا ، ويتعاون فيها السمع والبصر وأجهزة النطق – الأصلية منها والمساعدة

ويتضمن النطق – كما قلنا – نشاطا لفرد يقصد به الإتصال بالغير ، ومن هذا تبدو أهمية الكفاية الحركية للسان وإندفاع الهواء وتنسيق الحركات كلها تنسيقا يؤدى إلى النطق الصحيح . وتبدو أيضا أهمية الحاجة النفسية المراد التعبير عنها ، وضرورة مطابقة الإخراج التعبيرى لما هو موجود فى النفس ، وكذلك قيمة ثقة المرء فى قدرته على التعبير . ويلاحظ أن جزء غير قليل من هذه الثقة يشتق من الإتجاه الذى يأخذه المخاطب عاده نحو المتكلم فى أثناء سير الحديث .
لهذا كله كان النطق أهم وسائل الاتصال الاجتماعى ، وكانت له قيمته الممتازة نواحى نمو الفرد المختلفة سواء فى ذلك نموه تفكيره أو طابع شخصية بوجه عام .

بعض الحالات :


يتلخص وصف أعراض صعوبات النطق فى أنها أختلال فى التوافق الحركى بين أعضاء النط المختلفة . ونظرا لكثرة أجزاء هذه الاعضاء . ولتنوع أساليب نشاطها ، ولتعدد التشكيلات المختلفة لها ، فإن صعوبات النطق كثيرة ، وتختلف فى شدتها ونوعها بإختلاف درجة الإضطراب ، ونوع العضو البارز فيه . لذلك نجد بعض الصعوبات مثلا مرتبطا بتشوه الأسنان أو بأنشقاق الشفة العليا ، أو بوجود الزوائد الانفية ، أو غير ذلك .
وتعددت تبعا لتعدد أنواع صعوبات النطق أسماء هذه الصعوبات فهناك التمتمة ، والتأتأه والعقلة ، والحبسه ، واللثغة ، والخنه ، والرتة وغير ذلك . وأما كلمه تهتهه ، فأنها كلمة دارجة أصبحت تستعمل الأن لكل أنواع صعوبات النطق .
ويلاحظ أن نوعا من أنواع صعوبات النطق يحدث عاده لكل أنسان ففى المواقف التى يفاجأ فيها الأنسان ، ويرغم على التكلم فى أمر يعرف عنه ولا يريد لأمر ما أن يتحدث فيه ، فأنه قد يتعثر إذ ذاك عند النطق ويمكننا أن نقول : أن الإنسان يتعثر فى نطقه فى الأحوال العادية لأسباب ثلاثة : أولها الخوف ، ولذا كانت خير طريقة يعبر بها الممثل على المسرح عند الخوف هى طريقة التعثر فى النطق ، وثانيها : أن يكون اللفظ قاصرا عن الأداء ، وبذلك يضيع وقت فى البحث عن الألفاظ المناسبة ، وثالثها : أن يكون تدفق الأفكار أسرع من تعبير الإنسان عنها لعجز أساليب تعبيرة بسبب قلة المحصول اللغوى مثلا . والسببان الأخيران يمكن مشاهدة أثارهما بوضوح وفى أبسط صورة عند محاولة الكبير التكلم بلغة أجنبية لا يتقنها تماما ، فهو يتعثر إذ ذاك ، بينما لا يتعثر عند التكلم بلغته العادية . ويمكن مشاهدته كذلك فى الأطفال فى سن الثالثة والرابعة تقريبا .
ولأجل أن تبين أسباب العى المختلفة يصح أن نعرض بعض الحالات :
أولى هذه الحالات لولد فى سن العاشرة أرسله والدة للعيادة لصعوبة شديدة فى النطق . وقد فحصت فى أول الأمر حالة الولد من النواحى الجسمانية للتأكد مما إذا كان هناك مرض عضوى يمكن أن يكون عاملا أصليا أو عاملا مساعدا فى وجود العى ، وقد قام لفحصة المتخصصون فى الأمراض العصبية ، وفى أمراض الأنف والأذن والحنجرة وفى الأمراض الباطنية ودلت كل هذه الأبحاث على أنه ليس هناك أى مرض جسمانى يصح أن يكون سببا مباشرا للعى . ولو أنه ظهر أن لديه تقيحا فى اللوزتين ونصحت الأسرة بإزالتها وبالفعل أجريت له العملية اللازمة لذلك ، وكان لها أثر ظاهر من حيث التحسن العام .
وقامت العيادة كذلك بدراسة الولد من الناحية النفسية ، وتبين أن ذكائه فوق المتوسط بكثير ، وأنه يتعثر فى النطق إذا شعر بأنه مراقب وبأن أخطاءه ستوضع موضع النقد . ويصاحب النطق عاده حركات عصبية يقوم بها بيديه وبأجزاء وجهه المختلفة .
والولد هو الذكر الأول الوحيد . وله ثلاث أخوات كلهن أصغر منه ، وكلهن يجدن الكلام . الوالدان متعلمان تعليما جيدا ، وحالتهما المادية طيبة ، وهما على وفاق تام . والأم تخاف الظلام ، وأما الوالد فأنه هادئ فى الظاهر ، غير أنه فى الواقع قلق على أبنه ومستقبلة ويهتم بأمره ويلاصقه ويعامله بعطف زائد . غير أن الوالد نفسه سريع الكلام ، ويبدو كأن لديه بقاية عى قديم . وللولد جد من أمه ، وهو شديد الخوف من أمور كثيرة ، وللولد كذلك قريب من ناحية أمه متأخر جدا فى ذكائه وتصرفاته عامه . أما الولد نفسه فإنة رقيق هادئ حساس سريع التأثر ، محب للدقة والنظام ، حريص جدا على إرضاء والديه ومدرسيه ، شديد الخجل ، ميال إلى العزله والعمل الفردى .
وكانت ولادته عسره وإستعملت فى ذلك الآلة الخاصه بالولاده ، مما أدى إلى تمزق بسيط فى أربطة العنق ، مما جعل رأسه تميل فى ناحية دون الأخرى مده طويلة من الزمن . وكانت الرضاعه والفطام والمشى وما إلى ذلك كلها طبيعيه . وفى سن الثانية غمس الولد فجأة ذات مره فى الماء البارد فذعر ذعرا شديدا وصرخ صراخا مؤلما طويلا ، وسار منذ ذلك الوقت كثير البكاء ، فكان يبكى أحيانا من أول اليوم إلى أخره ، ولما كبر أرسل روضة الأطفال ، وفى يوم من الأيام ، وهو فى سن السادسة كان عائدا من الروضة فنبح عليه كلب كبير ، وجرى ورائه ، كذلك أن أصيبت أخته الصغرى فى حادث تصادم وذعر لهذا الحادث ذعرا شديدا وكانت لديهم قبل هاتين الحادثتين خادمة مصابه بالتعثر فى النطق ، وكان قد بدأ يقلدها ، وهذا هو مبدأ تعثره فى الكلام ولكنه أستمر فيه بعد ذلك إلى الوقت الحاضر .
وأما معاملة الولد فى المنزل فنظرا إلى أنه الذكر الوحيد والأول فقد وجد عناية فائقة ، كان مدللا فى صغره من الوالدين ومن جميع الأقارب . وكانت تجيب الأم له كل طلباته ويكاد يعتمد عليها فى كل صغيرة وكبيرة ، وهى تخاف عليه خوفا شديدا ، أما الأب فأنه يلاحظ أبنه ملاحظه دقيقة حتى أنه يلاحظ مثلا أنه فى يوم كذا مرت عشرون دقيقة أو نصف ساعة دون أن يتعثر الولد فى نطقه . وهذا النوع من الملاحظة يمكن تسميته بالملاحظة القلقة . ويعطف الوالد كما قلنا على أبنه عطفا مبالغا فيه ، ويستثير همته ، ويستحثه ، ويشجعه على الإهتمام بعملة ، والتخلق بالرجولة ويظهر أن الولد قد بالغ فى ذلك مبالغة شديدة فى سن مبكره ترتب عليها أن الولد لم يتمتع كثيرا بما يتمتع به الأطفال من لعب ومرح وعدم حمل المسؤولية . ومما يدل على صحة هذا أنى كنت أحدث الوالد ذات مره على مسمع من الطفل قائلا : أنى أحب أن يلعب الولد قليلا فقال الوالد بصورة جدية ( ولكن ولدى لا يحب اللعب مطلقا ، وأنما يحب المذاكرة والعمل الجدى ) وبصعوبة كبيرة أمكن أقناع الوالد بوجوب تشجيع الولد على الإشتراك فى نوع من اللعب .
وأما حالة الطفل فى المدرسة فأنها طبيعية جدا ، إلا أن المدرسين والتلاميذ يرتكبون بعض الأخطاء فى تصرفاتهم معه ، فيحدث أحيانا أن يعيره بعض التلاميذ ، ويحدث كذلك أن يناديه أحد المدرسين بلقب ينتمى إلى العى . ومن أمثلة المدسين أن عقدت العيادة لهم أجتماعا خاصا بهذا الولد للمناقشة فيما يجب عليهم أتباعه نحوه ، وفى صباح اليوم التالى دخل أحدهم الفصل ، وناداه وأبلغه بصوت مرتفع يسمعه بقية الأولاد أنه أضاع بالأمس ساعتين من الزمن فى إجتماع خاص بما عنده من عى ، وأنه سيعمل جهده لمساعدته وكان لهذا الحادث أثر مؤلم جدا فى نفس الولد وهدم كل ما كانت قد وصلت إليه العيادة من نتائج ملموسة .
ويمكن تلخيص الحالة بأنها حالة توتر عصبى شديد ناشئ من أحساس الولد بضعفه وعدم ثقته بنفسه لأنه يعامل من والدته التى تجيب طلباته . ووالده الذى يبالغ فى ملاطفته ، معامله يشعر معها أنه مخلوق ضعيف . ومع أحساس الولد بضعفه هذا ، فأن والده وأهلة جميعا يسثيرونة ببذل مجهود عظيم لا يتناسب مع طفولته من ناحية ، ولا مع إحساسه بضعفه من ناحية أخرى ، ويظهر أن هناك عنصرا وراثيا متدخلا فى إستعداد الولد للضعف العصبى الذى يساعد على ظهور العى متى توافرت الظروف الملائمة لذلك . ويتبين إحتمال وجود هذا الضعف العصبى الوراثى مما ذكرناه . أنذا عن الأقارب .ومن الأسباب التى ساعدت على نجاح حالة التوتر فى تأثيرها فى الولد بالإضافة إلى ما قد يكون هناك فى ضعف عصبى وراثى – إحتمال وجود ضعف عصبى ناشئ من الصدمات المتكررة التى أصابته ، وهى عسر الولادة وحادثة غمسه فى الماء البارد ، وحادثه الإنزعاج من الكلب ، وحادثة الإنزعاج من صدمة أخته ، وتسرب الخوف من الظلام من والدته وجده ... إلى غير ذلك أما تقليده الخادمة فليس فى رأينا سببا أساسيا . وكل ما فى الأمر أن الخادمة ظهرت كعامل ملائم ومساعد للحالة النفسية الناتجة من مجموع العوامل الوراثيه ومجموع الصدمات السابقة ، ومن مجموع الإتجاهات المتخذة نحوه من والديه وأقاربه وزملائه ومدرسية ، ويمكن تصوير حالة الولد بأن العى ذاته يشعره بالضعف ، والعوامل المتعددة الأخرى تشعره كذلك بالضعف ، وفى نفس الوقت تستثير بعض هذه العوامل فيزداد التوتر ويزداد العى ، وتزداد الحالة سوءا .
ومما يدعم صحة هذا الإستنتاج أن الولد – وهو فى حالة عدم توتر داخلى – يتكلم بطلاقه فهو لا يتعثر فى أثناء اللعب ولا يتعثر عاده مع زملائه ، ولكنه يتعثر بشدة مع والديه ومدرسيه . يقول والده : أن الولد يتكلم فى أثناء أحلامه بطلاقه غريبة وإذا قرأ شيئا بصوت مرتفع فأنه لا يتعثر إلا إذا أحس أحدا قريبا منه ومما يدعم هذا الرأى أيضا أن الولد بقى يتحاشى مقابلة والده وجها لوجه مده طويلة ، لأن المدرسة أرسلت للوالد تبلغه أن الولد ضعيف فى اللغة الإنجليزية . فكان لهذا يحرص على أن يخرج من المنزل مبكرا فى الصباح قبل أن يستيقظ والده من النوم وكان الوالد فخورا جدا بشدة تألم أبنه من نفسه وخجله منه .

ويلاحظ أن أحساس الولد بضعفة هو الذى أدى فى الغالب إلى جعل الولد سلبيا قليل الإختلاط شديد الحياء ، شديد الخجل والخوف قليل الثقة بنفسه قليل الكلام ، خاملا . حساسا . سريع التأثر ن ويحرص على شعور الناس وعلى فكر الناس عنه حرصا لا يصدر عاده من الصغار مثله ،وحساسيته وخوفه من النقد أديا إلى جعله دقيقا فى عملة وفى ملبسة . ويحتمل جدا أن تكون دقة الولد مع نفسه ، ورقابته له طول الوقت ، عاملا مهما فى أحداث التوتر وتثبيت العى .
وأتجه العلاج أولا للناحية الجسمية بإستئصال اللوزتين . ثم أتجه للناحية النفسية بتعويده التكلم وهو فى حالة تراخ ، مما أعطى الولد ثقة كبيرة فى نفسه . وقد أكدنا على الوالدين وجوب تخفيف المراقبة ، ومنع القلق ، وتعويد الوالد الإعتماد على نفسه . وقد أشترك فى معسكر صيفى قامت به العيادة ، وأشترك فى ناد ليتمكن فيه من اللعب وحسن قضاء الوقت ، وليتمكن من النمو الإجتماعى المتزن . وقد تحسن بالفعل تحسننا كبيرا ، ولو أنه كان ينتكس بعض الشئ بسبب المرض أو الإجهاد أو رجوع الوالدين إلى ما تعوداه مه من معاملة . وقد تقدم الوالد بسبب نموه ، وتحسن صحته ، وكسبه ثقته فى نفسه - تقدما محسوسا أساسه أنه بذل بنفسه جهدا كبيرا شجعه عليه ما رأه من قدرته على التكلم السلس فى بعض المواقف .
وهناك حاله ثانيه تختلف عن سابقتها فى نوع شخصية صاحب الخالة . فبينما نجد صاحب الحالة الأولى حساسا منكمشا هادئا منقبضا قليل الجرأة ميالا للعزلة نجد صاحب هذه الحالة محبا للسيطرة ميالا للنقد والسخرية والتهكم كثير الكلام مرحا محبا للأتصال للغير ... إلى غير ذلك . وهو تلميذ فى سن الحادية عشر ، ذكائه فوق المتوسط وهو الأخ الأكبر لخمسة أخوه . وهو كما قلنا يميل إلى بسط سلطانه على أخوته ، شديد الخيال ويظهر هذا فى رسومه وقصصه ونكاته ، ويميل فى رسومه إلى تشويه صور الناس بدرجة بالغة .
وكان الولد يعيش فى القاهرة مع عمه وجدته فقط فى بيت ممل بالنسبة له كطفل يريد أن يلعب أحيانا ولا يجد من يلعب معه . والوالد على درجة كبيرة من الكفاية والذكاء والمرح ، إلا أنه قلق جدا على مستقبل أولادة . ويعتقد أن الزمن تغير كثيرا فما دام هناك أولاد ينالون الشهادة الإبتدائيه فى سن التسع سنوات ستكون المنافسة فى المستقبل شديده جدا ، ولذا تشعر معه أنه مسوق إلى دفع أولاده لسرعة التحصيل والتعلم . وهو يفعل ذلك بشئ كبير من القلق . الوالد متغير فى معاملة أولاده فهو يدللهم تدليلا شديدا فى سن معينه . فإذا جاوزوها وبدؤا سن التعلم أنقلب إلى شخص شديد صارم يقوم لأولاده بوظيفة المدرس رغم كثرة مشاغله ، ويتخلل تدريسه لهم ضربة أياهم بشدة وعنف . والوقت الذى يقوم فيه بالتدريس لأولاده وهو الوقت الذى يكون قد أنهكه فى العمل .
وقد لوحظ أن الوالد إذا سأل أحد أبنائه سؤالا ولم يجيب فى الحال فأنه ينهرهم بشده مزعجه وبذلك يتعثر الولد . وأما الأم فأنها سيده عادية فى كل شئ ، إلا أنها كثيرة النقد لأولادها . وهى تعلن أنها تحب البنات ولا تحب البنين . وينال صاحب الحالة بالطبع شيئا غير قليل فى تفضيل أخوته عليه .

وكانت ولادة صاحب الحلاة طبيعية ورضاعته طبيعية إلى أن جف لبن الأم فى الشهر الرابع من عمرة . وكان المشى والكلام والتسنين وعادات المأكل والمشرب والتبول والتبرز طبيعية إلا أن الولد أصيب بـ ( الباراتيفود ) فى سن الثالثة ، وبعد شفائه من قل كلامه ، وضعفت قدرته على التعبير فى مطالبه ، وصار كثير البكاء لغير سبب ظاهر ، وكانت أمه تضربة لبكائه ضربا شديدا وبدأت التهتهة فى ذلك الوقت .
أرسل الولد لمدرسة بنات فى سن الرابعة والنصف ، وكان الولد الوحيد بها ، وكان متضايقا من هذا الوضع ، ولكنه أبقى بها رغم أنفة سنة ونصف السنة . وبعد إتمام تعليمة فى المدرسة الإبتدائية أرسل إلى القاهرة ليعيش مع جدتة وعمة . وقام عمة بتشديد الرقابة علية لدرجة بالغة حتى لايكون ملوما ، وكان الولد يعمل كل شئ تقريبا ضد ما يرغب .
ويمكن تلخيص الحالة فى أن مرض الولد بـ ( الباراتيفود ) ربما يكون قد أضعف صحتة العامة ضعفا جعلة حساسا شديد التأثر . ولو كان قد عومل فى ذلك الوقت برفق وصبر ، وحجز فى البيت مدة كافية لإسترداد صحتة تماما قبل إرسالة للمدرسة . ثم أن ذهابة لمدرسة البنات – وهو لايحب البنات ، لأنهن مفضلات عند أمة على البنين – كان مصدر ألم مستمر له . كذلك معملة والدة المتقلبة من اللين إلى الشدة ، وقلق الوالد على تعليم أولادة ، وتعجلة إياهم فى الكلام ودفعهم فى التعليم دفعا فيه شئ من العنف كل ذلك كان لة أثرة فى الولد ، خصوصا أنة الأكبر ، وقد كان نصيبة من كل ذلك أوفر من نصيب أى واحد من أخوتة .
ولم نصل مع هذا الولد إلى نتيجة مرضية لعدم كفاية ما حدث بينة وبين العيادة من إتصال ، ولو أن المعاملة التى عومل بها فى معسكر العيادة – الذى سبقت الإشارة إلية أدت معه ألى نتائج طيبة ، ولكنها لم تدم لإنقطاع صلتة بالعيادة بعد ذلك .

التشخيص والعلاج:


وليس من السهل فى الحالتين السابقتين أن نحدد سببا واحدا تنسب إلية التهتهه ، فهناك مجموع عوامل ، بعضها جسمى ، وبعضها يرجع إلى المعاملة، وبعضها يرجع إلى الوراثة ، وبعضها يرجع إلى التقليد .. تتضافر كلها فى أحداث الحالة أو فى المساعدة على بقائها بعد حدوثها .
ويغلب على الظن أن العامل الأساسى هو القلق أو الخوف المكبوت . وهذا القلق أو الخوف ينشأ إما بالتأثر فنجد الوالدين أحدهما أو كليهما على درجة من القلق . وقد ينشأ مما يحدث للطفل من حوادث التخويف أو المعاملة غير الحكيمة . ويترتب على حالة القلق النفسى إما خجل وإنزواء وعزلة وقلة جراءة ، وما إلى ذلك من الصفات السلبية التى شاهدناها فى الحالة الأولى ... وإما أن يترتب عليه تعويض نفسى فتنشئ الجراءه والمرح والنقد ، وما إلى ذلك من الصفات والإيجابيات التى شاهدناها فى الحالة الثانية .

ويتلخص علاج مثل هذه الحالات فى إعطاء الطفل ثقة فى نفسه إزاء الكلام خاصة وإزاء مجالات حياته بنوع علمى . أما أسلوب إعطاء الثقة فى النفس فأنه أسلوب طويل يحتاج إلى زمن وإلى صبر من كل من المعالج وصاحب الحالة .
ويصح أن نورد بإختصار حالتين أخريين لنوضح أثر عامل القلق أو الخوف أو أثر العوامل الأخرى إلى جانب هذا العامل :
أما الحالة الأولى فهيا الولد فى سن الثانية عشر عنده تعصر فى النطق وهو فى الثانية الإبتدائية ، ومستواها العقلى يوازى مستوى ذكاء ولد متوسط عمره 8.5 سنه – أى أنه متأخر فى ذكائه عما ينتظر لسنه – والوالد خامل شاحب اللون قليل الأبتسام ، وعنده كبرياء مصتنع ، يحاول أن يغطى به ما لدية من نقص . ثم هو مع ذلك يميل أحيانا للإنزواء وهو سريع الغضب ، ولكنه يكظم غضبه ، فأنه ضرب أحد معلميه – وهذا كثيرا ما يحدث – فأنه لا يبكى مطلقا . والولد يخاف أباه بدرجه بالغة . أما الأب فأنه رجل عصبى يتعثر فى النطق ويعتقد أن التعثر فى النطق أمر تافه لايجوز أعارته أى أهتمام ، لأنه هو أيضا يتعثر فى النطق ومع ذلك صار – يحسب رأيه فى نفسه- رجلا عظيما ويلاحظ أن كل فرد فى الأسرة عنده نوع معين من الشذوذ : فالأب يتعثر فى النطق ، والأم عصبيه جدا وبنتهما غير متزنة ، والولد الكبير عصبى ويتعثر فى النطق ، وقد تأخر فى ضبط عطلات الجهاز البولى ، والولد الذى يليه شديد الخنف ، وعيناه ليستا بإتساع واحد . والولد الذى نحن بصدد حالته ، مع شدة خوفه من أبيه معجب به أعجابا شديدا .
والعلاقة بين الأم والأب سيئه جدا ، ولكن الأب نجح فى أشباع أنانيته بإستعمال القوة ، ورغم سعته يضيق على أسرة تضييقا شديدا ويمتع نفسه خارج المنزل . كل هذا قد يدل على أن إحتمال الوراثة عن كل من الأب والأم ، وكذلك تقليد الأب ربما أشتراكا فى تكوين التهتهة ، وأما حالة التوتر قد تكون ناتجة من حالة التناقض النفسى الظاهرة فى إعجاب الولد بأبيه وخوفه الشديد منه فى نفس الوقت ، ومن سوء العلاقات والجو المنزلى .
وبذلك قد تكون التهتهة فى هذه الحالة نوعا من العصبية الموروثة التى أخذت أتجاها معينا وتبلورت فى شكل معين بفضل البيئة بما فيها من تقليد وتخويف وإقلاق .
وهناك حالة أخرى لطالب عمرة ثمانية عشر عاما قد بدأ يتعثر فى النطق بعد حادثه وقعت له فى سن الخامسة ، وهى أنه دخل دورة المياه وأقفل عليه الباب ولم يتمكن من فتحه وعجز أيضا من فى الخارج عن ذلك فلم يتمكنوا من فتحه . وذعر الولد ذعرا شديدا . وهو الأصغر فى الأسرة وليس له سوى أخ واحد والعلاقة بين والديه بها شئ غير قليل من الخلاف ، مما يقلل من الشعور بالأمن فى جو المنزل ( حالة ص 129 ) .

عوامل ظهور صعوبات النطق :


يبدو مما تقدم ومن دراسة مختلف أنواع الحالات أن صعوبات النطق تشترك فيها عامل جسميه وعوامل نفسية ويمهد لظهورها طريقة نمو الشخص وتكوينه . وهذه يشترك فيها عوامل بعضها وراثية وبعضها بيئية . العامل النفسى الأساسى فى التهتهة هو التوتر النفسى المصاحب للقلق أو الخوف أو فقدان الشعور بالأمن أو الشعور بالنقص وقد وجد ( بيرت ) أن 62% من الحالات التى درسها وعددها 97 يوجد بها العامل الوراثى لإستعداد عصبيى عام ، أن 23% من هذه الحالات الأخيرة لم يكن الأطفال قد أتصلوا بأبائهم أطلاقا ، حتى يقال : أن التهتهة أنتقلت إليهم عن طريق التقليد .
ووجد ( بيرت ) كذلك أن 31 من حالاته بها زوائد أنفيه 19 منها بها تضخم فى اللوز و13 منها بها أسنان فاسدة ، وبين أن العامل الجسمانى إذا وجد أنه يكون عاملا مساعدا فقط .
وقد لاحظ كل من ( بيرت وبوم ورتشاردسن ) أن الأعمار الملائمة لظهور التهتهة فى سن الخامسة ، والسابعة أو الثامنة ، ثم الثالثة عشر أوالرابعة عشر ويعلل هذا بأن سن الخامسة هى سن بدأ الذهاب إلى المدارس . أم سن السابعة أو الثامنة هى سن الإنتقال إلى مرحلة جديدة من التعليم ، وأما سن الثالثة عشر فهى سن بدأ مرحلة أخرى من مراحل التعليم . وأهم من ذلك أنها سن بدأ دخول المراهقة بصعوباتها النفسية المعروفة .
وقد لاحظ ( بوتهيم ) أن عددا قليلا من حالات التهتهة يظهر فى السنة الثانية من العمر ، وهذا هو سن بدأ تعلم الكلام وبدأ إتقان التوافقات الحركية اللازمة له ، ويحتمل معها أن أى أضطراب أنفعالى فى ذلك الوقت يؤدى إلى إختلالها .
وقد لوحظ أن التهتهة فى البنين أكثر منها فى البنات ،وهذا الفرق يرجع إلى فروق طبيعية فى كفاية أجهزة النطق وسرعة نضجها ، وقد يرجع إلى أن الضغط التعليمى على البنين أكثر منه على البنات . كذلك لوحظ أن التهتهة أكثر أنتشارا فى المدن منها فى الريف ، ويرجع إلى أن الأعصاب أكثر تعرضا للإجهاد فى المدن منها فى الريف .

مصاحبات التهتهة :


يلاحظ أن الطفل الذى يتعثر فى النطق يكون عنده شعور مكبوت بالنقص بسبب التهتهة ، فنجده يميل إلى الذلة والإنكسار والإنزواء ، ويتصف عادة بالصفات التى سبق أن ذكرناها فى من يمصون أصابعهم . يحدث أحيانا مع هذا محاولة لتعويض هذا الشعور فيبدو الولد جريئا يحاول الإكثار من الحديث وتعويض تهتهته بأن يحكى قصصا مثيره إذا أمكن ، وقام بعض الباحثين بتقسيم حالات التهتهة إلى أنماط ، فوجدوا أن هناك نمطين :
أحدهما وهو الغالب يتصف بأنه خجول ، جبان معتكف ، منعزل يميل للوحدة شديد الحساسية ، شديد الإنفعاليه . ويكون هذا النوع هزيلا نحيفا ( ASTHENIC ) .
وأما النوع الثانى ، وهو قليل ، فتجده جريئا ، متسرعا ، مندفعا فى أفعاله وفى كلامه . ولكن يخرج كلامه وتصدر منه أفعاله كالمقذوفات بشئ من السرعة والإنطلاق . ويكون هذا النوع حسن الصحة سمينا لا نحيف . ويصاحب التهتهة عاده حركات عصبية عامه أو خاصة تنطلق فيها الطاقة المكبوتة . والتهتهة تؤدى عاده وظيفة دفاعيه للشخص ، فالناس لا يوجهون إليه أسئلتهم بحجة أنه يتهته ، ثم أنه قد يظن أنه يقنع من حوله بأن المسألة ليست صعوبة فى الفهم وأنما هى فقط صعوبه فى التعبير ، وهى لهذا تؤثر أثرا سيئا فى الناحيه التعليمية . إذ لا يشترك صاحبها فى النشاط التعليمى الجمعى الإشتراك اللازم . وهى قد تؤثر كذلك فى الناحية الصحية ، فالذى يتعثر فى النطق تجده عاده هزيلا شاحبا ، ولعل هذا يرجع إلى الجهد العصبى الضائع فى مجرد التوتر النفسى أما النوع غير الهزيل فهو نادر كما بيننا .
ويتأثر الذى يتعثر فى النطق بالمعاملة التى يلقاها ممن حوله . فإن كان غيرة يهزء منه فأن هذا يزيد شعوره بنقصه ، وإن كان يعطف عليه ، فأن عطفه يذكره بعاهته : ولهذا نجد الإحتمال كبيرا فى أن صعوبات النطق تجعل الشخص شاعرا بنقصه شعورا مبا شرا ، وشعورا مشتقا من مسلك الناس نحوه . ويترتب على هذا نوعان من السلوك كثيرا ما يجتمعان فى حالة تهتهة :
نوع يدل على الخوف من الغير والإنكماش منهم ونوع قد يدل على نقمته على الغير وكراهيته لهم ، فأحيانا قد نجد التلميذ الذى يتعثر فى نطقه منكمشا فى المدرسة ، وإن قام بنشاط فهو نشاط فردى فى الغالب ، وقد نجده فى المنزل ناقدا لأخوته مشاكسا لهم .
ومن أمثلة هذين النوعين من السلوك ، ما بدا من حالة طالب أشرنا إليه ضمن حالات التهتهة ، فبينما كان هذا الطالب منكمشا هادئ قليل الكلام كتب مرة فى كراسة الإنشاء نقدا مرا للمدرسة التى كان يتعلم فيها إذ ذاك ، وحلل المجتمع والحكومة القائمة فى ذلك الوقت تحليلا يعتبر جريئا جدا .

المدرسة والتهتهة :


وتكون المدرسة فى بعض الأحيان مسؤلة عن ظهور التهتهة عند بعض الأولاد ، وكثيرا ما تكون المدرسة جوا صالحا لتسبيت التهتهة وزيادة وضوحها ولعل سبب ذلك هو أن جو المدرسة يعيش فيه الطفل مده طويلة ولحياته فيه أهمية خاصة بالنسبة لحفظ كرامته فى نظر نفسه ، وبالنسبة لمستقبله وشعورة بالأمن عند النظر إليه فإن كان جو المدرسة يشعره مثلا بالفشل العقلى لعدم ملائمة العمل له ، أو لسعة الفارق بينه وبين زملائه فى الكفاية ، أو يشعره بالفشل فى اللغات بنوع خاص أو بالفشل الإجتماعى ، فأن هذا يزيد حالة الخوف وحالات التوتر . وإذا ظهر ها الشعور بالفشل فى المدرسة فأن المنزل عاده يزيده تدعيما مما يزيد الحالة سوءا على سوء . ومما يساعد على ظهور التوتر فى العلاقات بين المدرس وتلميذة شدة الإهتمام بالإمتحانات وما تحدثه من قلق وما يترتب على ذلك من أرهاب وعقاب وإرهاق بالعمل وتوتر عام فى الجو المدرسى كله .
ولكن من الأخطاء المعروفة فى الموضوع الذى نحن بصدده إطلاق الأسئلة على التلاميذ إطلاقا سريعا والإلحاح فى طلب الإسراع فى الإجابات ، أو أرغام الطفل على سرعة الأجابة وهو فى حالة خوف أوغضب ، أو أرغامه على ألتزام الصمت فى الحال إذا يصرخ من الألم ، أو يبث شكوى ، أو يدفع عن نفسه ظلما ، أو ما شابه ذلك .
كذلك من الخطأ تعليم الأطفال لغات متعددة جديدة فى وقت واحد ،أو ما يحدث أحيانا فى القفز فى تعليم اللغة القومية الصحيحة دون مراعاة للصلة بينها وبين اللغة الدارجة ، ولا لوجوب من هذه إلى تلك .

والتلميذ الذى يتعثر فى نطقة تثبت عنده هذه الصعوبة إذا هزأ به أخوته أو مدرسوه أو إذا أظهروا أنهم منتبهون لتهتهة أو متوقعون لحدوثها .
وقد لوحظ فى أحيان كثيرة أن طفلا أو طفلين يتهتهان تبدأ بهما فرقة دراسية معينة فى أول العام الدراسى قد تنتشر العدوى منهما إلى عدد من الأطفال . ففى مدرسة مصرية كان فى فصلين خمسة أولاد يتهتهون من مجموع الأولاد وهو ستون ، وفى نهاية العام الدراسى زاد عددهم إلى سبعة عشر ولدا . وربما يبدو أن هذه الزيادة وقدرها 20‌% زيادة كبيرة لولا أن ( بيرت ) أيضا يذكر أن بين خمسين طفلا فى مدرسة ما أرتفع العدد من طفل واحد إلى تسعة أطفال فى خلال السنة الدراسية ، أى أن الزيادة حدثت بنسبة 16% والعدوى بالتقليد لا تحدث إلا إذا كان هناك أسباب كافية مهيئة لذلك .

علاج التهتهة :


تعالج بعض أمراض التهتهة فى الخارج فى مراكز خاصة لذلك ، لأن علاج التهتهة وصعوبات النطق بوجه عام يحتاج إلى وقت طويل جدا فى كثير من الأحيان ، ولأن جو المدرسة العادى يعرقل تقدم العلاج ، إذ فيه يشعر الطفل بأنه أقل ممن حوله مهما كانت الطريقة التى يعامل بها .
ولكن كثيرا ما ينجح علاج بعض حالات التهتهة فى الجهات التى لا توجد فيها مراكز للعلاج والتى يمكن للمعلم فيها تنفيذ تعليمات الإختصاصى المشرف على العلاج . وبعد بحث الحالة من نواحيها المختلفة يجب أن يتجه العلاج أولا إلى الناحية الصحية فتقوية صحة الطفل – حتى فى النواحى التى ليس لها بصعوبة النطق علاقة مباشرة – تسهل العلاج إلى درجة كبيرة . أما العلاج من الناحية النفسية فأهم ما فيه إعطاء المعالج ثقة فى نفسة . وقد لاحظنا أن الفرد الذى يتهته يتكلم عادة بسهولة وهو فى حالة تراخ Retaxtion. فإذا أمكن إحداث حالة التراخى فى المريض ، وجعله يتحدث وهو فى هذه الحالة ، فإن هذا يعطيه ثقة كبيرة فى نفسه . وفى أثناء تحدث المريض وهو فى حالة تراخ يمكن كشف بعض العوامل التى تسبب التهتهة ، وهذا يؤدى عاده إلى تحسنه .
ومن أساليب أنما الثقة فى النفس أن يعود الشخص الذى يتكلم أحيانا فى مجتمع مدرسى أو غير مدرسى بأن يحضر حديثة تحضيرا جيدا ، لأن التهتهة فى كثير من الأحيان تكون فى مثل هذه المواقف العامة فليعد نفسة جيدا وليكتب ما يريد أن يقوله إذ أن هذا يساعد أولا على تحديده وثانيا على حفظة مما يجعلة واثقا من نفسة قليل العرضة للتعثر .
فكأن العلاج يعتمد فى أساسه على الإيحاء ، وعلى حل مصادر التوتر ومصادر المشكلات الإنفعالية ، وعلى توجية المريض توجيها يقلل من هذا التوتر . هذا التوجيه يعدل قدر الإمكان أتجاه عقل المريض نحو الحياة ، ويعدل مجال حياته فى المنزل والمدرسة من حيث الفرص التى تعطى ، وسياسة التقدير ، وملائمة العمل لستعداد الشخص ، وغير ذلك من القواعد التى تضمن تحقيق الشعور بالأمن ، والثقة بالنفس . وتضمن بعبارة أخرى توافر شروط الصحة النفسية المعروفة .
وبجانب تحسين الصحة العامة وتعديل مجال حياة الطفل وحل مصادر التوتر عنده ، لابد من تناول العمليات الأليه والمهارات اللازمة للنطق ، فيعلم صاحب الحالة طرق التنفس والإخراج والتنغيم وغير ذلك ، مما يتعلق بعلم حركات الكلام وإخراجه .
ومن الخطأ أن يقتصر العلاج – كما يحدث أحيانا – على أن يعود الطفل صرف ذهنه عن عملية النطق بالقيام بحركة معينه كالضرب على جانب فخذه أو التوقيع بقدمه على الأرض أو غير ذلك . هذه الحركات لها أساس من الصحة ، وهى أنها تسحب كثيرا من الطاقة العقلية الموجهة لعملية النطق ذاتها ، فتنتج حالة تراخ متعلقة بها يسهل معها إخراج الكلام . ويمكن فهم هذا جيدا إذا علمنا أن أنتباه المريض فى أثناء الكلام يكون عاده موزعا بين الفكرة ،وحركات النطق . وأما فى السليم فإن الإنتباه يتركز فى الفكرة ، وأما حركة النطق فأنها تحدث بطريقة أليه صرفة . لهذا كان محتملا أن الإنتباه الجزئى لحركة جديدة يحرر أجهزة النطق من تركيز الأنتباه فيها . ولكن وجه الخطأ فى هذا أن العلاج ينصب على المرض دون السبب الأصلى . وما دام السبب الأصلى موجودا دون معالجة فإن الإنتكاس محتمل الظهور فى أى وقت

Education-Learning

Asmaa Alnahrawy

  • Currently 147/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
49 تصويتات / 1324 مشاهدة
نشرت فى 23 أكتوبر 2010 بواسطة Education-Learning

ساحة النقاش

Asmaa Alnahrawy

Education-Learning
Instructor »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,586,288