العصبية عند الأطفال تختلف من طفل لآخر، ويمكن تعريفها بأنها خلل انفعالي وسلوك يعكس حالة عدم الاتزان، وتولد العصبية لدى الأطفال كما يخبرنا أهل الاختصاص مع الأيام، الأنانية وحب الذات، ويصبح الطفل بعدها غير متعاون في أسرته

واعلم أخي الكريم أن من الأطفال من يميل إلى الهدوء والعزلة وعدم الاختلاط مع الآخرين، ومنهم من يتميز بالنشاط والميل إلى مشاركة أقرانه في نشاطهم وأعمالهم، ومنهم من يتميز بالعصبية وسهولة الاستثارة والغضب وعدم الاستقرار، لكن هناك بعض الأطفال تظهر عليهم بعض الأعراض العصبية الواضحة في حركة لاشعورية تلقائية غير إرادية، مثل: قرض الأظافر أو رمش العين أو تحريك الرأس جانبا أو مص الأصابع أو عض الأقلام أو غيرها من الحركات اللاشعورية، وهي تحدث دائما وباستمرار، وهذه الحركات هي حركات عصبية لا إرادية مرجعها التوتر النفسي الشديد الذي يعاني منه الطفل

وإذا أردنا أن نقسم الأسباب فيمكن أن نقول إن نصف السبب يقع عليكم أنتم، والنصف الثاني يقع عليه هو، فإذا بدأنا بما يخصكم، فإن الأسرة بشكل عام تؤثر في شخصية الطفل تأثيرا كبيرا بلا شك، فنوع العلاقات السائدة في الأسرة يحدد إلى مدى كبير أنواع شخصية الطفل

والطفل يكوّن رؤيته لنفسه من واقع علاقاته بالأسرة، فقد يرى نفسه محبوبا ومرغوبا فيه فينشأ راضيا عن نفسه، أو أنه غير محبوب منبوذ فينشأ غير راضٍ عن نفسه وغير واثقٍ بها فتسود حياته النفسية التوترات والصراعات التي تتميز بمشاعر الضيق والعصبية

ويرى العلماء أن أهم أسباب عصبية الأطفال هو الشعور بالعجز والشعور بالعداوة، وذلك نتيجة حرمانهم من الدفء العاطفي في الأسرة، وسبب ذلك هو قسوة الآباء أو التفرقة بين الإخوة.. إلخ

فإذا ما تكلمنا بصراحة نجد أنكم ربما تحرمونه جزءًا من الدفء العاطفي في الأسرة، فلا عجب أن ينشأ عن هذا الحرمان الشعور بالعداوة والعزلة، والشعور بالعجز وعدم إشباع الحاجة إلى الحب والقبول، وربما تتسلطون عليه وتسيطرون عليه، وهذا يفضي لنتيجة محتومة ألا وهي عدم شعور الطفل بالتقدير والحرية فيغضب ويتمرد.

وصدقني أخي الكريم، إن التعدي باللفظ على الوالدين يأتي كنوع من أنواع الرد -غير المقبول صحيح- ولكنه في الحقيقة نوع من أنواع إثبات الذات عند الطفل، فيشتم ويتطاول وهو بالحقيقة يريد أن يقول: أنا هنا

أما القسم الذي يخصه، وهو ما ذكرته في سؤالك من ضعف الانتباه، والذي قد يؤدي إلى إحساس الطفل بعدم قدرته على مسايرة من هم في سنه سواء في التحصيل الدراسي أو اللعب، وهذا يجعله في ضيق شديد يبدو على شكل أعراض العصبية، وتظهر هذه العصبية جلية في البيت وبالأخص معكم، فهو يعبر بهذه الطريقة كرد فعل لعدم استطاعته التعبير عن قلقه ومخاوفه

إضافة إلى ما تقدم أخي الفاضل يجب أن تأخذ بعين الاعتبار أن نقص الانتباه عنده، سبب أساسي في جعله يتعامل بهذه الطريقة، فكل منا يتمنى أن يكون أطفاله أذكى الأطفال وأكثرهم نباهة وتركيزا، وربما تدفعون أنتم بقوة في هذا الاتجاه فيصبح همًّا يتعب طفلكم ويؤدي به إلى حالة عكسية تماما، وربما تصاحبت مع عدم الاهتمام واللامبالاة، فالطفل لا يمكن أن يكون آلة نشكلها ونديرها كيف نشاء

إن التخلص من عادة معينة ليس أمرا سهلا، فحتى الكبار يعانون إذا ما حاولوا التخلص من عادة معينة، ولكن بالوقت والصبر يمكن أن تساعدوا طفلكم في التغلب على عادته السيئة؛ ولأن مشوار التغيير والإصلاح يحتاج إلى مفاتيح بداية،

 فإليك أهم هذه المفاتيح لدرء الغضب قبل حصوله، واحتوائه قبل تطاير شرره

تعامل بهدوء قدر الإمكان مع عادة طفلك العصبية دون إعطائها اهتماما شديدا، حيث إن العادات العصبية أمر شائع عند الأطفال

معرفة السبب، إذ يجب أن يركز الأبوان على معرفة سبب العادة السيئة بدلا من التركيز على العادة نفسها، فيجب أن يفكر الأبوان: ما الذي يضايق الطفل؟

التعبير عن الحب، إذ من الأهمية بمكان أن تتأكد أن طفلك يشعر بأنه محبوب، بغض النظر عن أي عادة عصبية لديه، فبمنح طفلك الكثير من الحب والمساندة يمكنك مساعدته في التغلب على المشكلة، وأرح طفلك بالكلام وطمئنه بأنك ستكون دائما معه، واحتضن ابنك الصغير بمزيد من المشاعر الفياضة والعواطف الجياشة التي تنزل عليه وعلى غضبه بردا وسلاما

الحوار ثم الحوار ثم الحوار، إذ ينبغي عليك الاستماع بعقل القاضي وروح الأم لأسباب انفعال الطفل بعد أن تهدئ من روعه، وتذكره بأنك على استعداد لسماعه وحل مشكلته وإزالة أسباب انفعاله

مكافأة الطفل بالمدح والتشجيع، فعند تعبيره عن غضبه بالطريقة السوية التي تعلمه إياها في لحظة هدوء وصفاء بينكما، شجعه وكافئه حتى يعرف أن فعله جميل، وإن لم يستجب بعد 4- 6 مرات من التنبيه فعاقبه بالحرمان من شيء يحبه كالنزهة مثلا

أوجد له منافذ صحيحة يفرغ فيها شحنات الغضب والانفعالات التي لديه، بحيث تتناسب تلك المنافذ مع قدراته الفعلية، وأحضر له الألعاب والأدوات التي تنمي لديه تلك القدرات، ولا تطلب منه أكثر مما يحتمل، واخرج معه إلى النادي أو أي نزهة.

كما يمكن أن يساعدك في قضاء بعض الخدمات بالمنزل كمساعدتك في تنظيف زجاج السيارة أو ترتيب حديقة المنزل، لا كنوع من العقوبة بل كنوع من التقارب والمشاركة التي يتعلم منها حب العطاء والتي تساعده على تفريغ شحنات الانفعال الزائد.

وفيما يخص نقص الانتباه فإليك بعض مفاتيح التعامل الناجح معه

 التشاور والتباحث مع المدرس، خاصة إذا كانت هذه المشكلة تحدث مع طفلك فقط في المدرسة، فقد يكون هناك مشكلة مع المدرس في أسلوب شرحه للدرس، وفي هذه الحالة لابد من مقابلة المدرس ومشاورته ومناقشة المشكلة والحلول الممكنة

مراقبة الضغوطات داخل المنزل، إذا كانت هذه المشكلة تحدث مع طفلك في المنزل، فقد يكون ذلك رد فعل لضغوط معينة في المنزل

زيادة التسلية والترفيه، إذ يجب أن تحتوي أنشطة الطفل على الحركة والإبداع والتنوع والتماس الجسدي والإثارة، فمثلا عند مساعدة الطفل في هجاء الكلمات يمكنه كتابتها على بطاقات بقلم ألوان، وهذه البطاقات تستخدم للتكرار والمراجعة والتدريب

ممارسة تمارين زيادة الانتباه معه، كأن تقطع قطعة كبيرة من الورق المقوى على شكل صورة ما وتضعها على مساحة أو منطقة تركيز الانتباه أمام مكتب الطفل واطلب منه التركيز والنظر داخل الإطار وهذا يساعده على زيادة التركيز

الاتصال البصري، لتحسين التواصل مع طفلك قليل الانتباه عليك دائما بالاتصال البصري معه قبل الحديث والكلام

ابتعد عن الأسئلة المملة، وتعود على استخدام الجمل والعبارات بدلا من الأسئلة، فالأوامر البسيطة القصيرة أسهل على الطفل في التنفيذ.. فلا تقل للطفل "ألا تستطيع أن تجد كتابك؟" ولكن قل له: "اذهب وأحضر كتابك الآن.. وعد.. قل له أرني ذلك"

إعداد قائمة الواجبات، فعليك بإعداد قائمة بالأعمال والواجبات التي يجب على الطفل أن يقوم بها ووضع علامة (صح) أمام كل عمل يكمله الطفل، وبهذا لا تكرر نفسك وتعمل هذه القائمة كمفكرة، والأعمال التي لا تكتمل أخبر الطفل أن يتعرف عليها في القائمة

تقدير وتحفيز الطفل على المحاولة، فكن صبورا مع طفلك فإنه يبذل أقصى ما في وسعه، فكثير من الأطفال لديهم صعوبة في البدء بعمل ما والاستمرار به

بالإضافة إلى ذلك كله أرجو استمرار التواصل مع الطبيب النفسي ليشخص حالته بالضبط، ويحدد ما يحتاجه من أشكال العلاج، خاصة فيما يخص مسألة نقص الانتباه.

وفي الختام لا تنسوا الدعاء، فإنه منوط بنا كآباء وأمهات أن ندعو لأبنائنا بالخير والفلاح والنجاح والترقي في مسالك العلم، ومنوط بنا أيضا أن نحتوي ونتدارك انفعالات أبنائنا بذكاء وحنكة وفن.

Education-Learning

Asmaa Alnahrawy

  • Currently 60/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
20 تصويتات / 653 مشاهدة
نشرت فى 25 سبتمبر 2010 بواسطة Education-Learning

ساحة النقاش

Asmaa Alnahrawy

Education-Learning
Instructor »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,578,265