هي إدارة أشبه بالديكور يضع فيها صاحب الشركة أو مدير المؤسسة من يريد أن يجامله من الموظفين، لأنها لا تخرج عن كونها عملا بلا أي مهام. تلك هي الصورة الذهنية التي كانت إلى وقت قريب مطبوعة في الأذهان عن العلاقات العامة في المنطقة العربية.
إلا أنه نتيجة لشدة تنافس المؤسسات العربية في ظل اقتصاديات السوق، والسعي لجذب شريحة من السوق، أصبحت المؤسسات أيا كان نشاطها تهتم بصناعة صورة ذهنية إيجابية عند جمهور المستهلكين، وتقييم مدى فهمه لطبيعة المؤسسة.
يضاف إلى ذلك، تنمية العلاقات داخل المنظمة، بما يحسن أداءها الإنتاجي ككل، فالعلاقات العامة أداة إدارية تساعد على تقييم مواقف الجمهور الداخلي والخارجي للمؤسسات، وتساعد على تحقيق التقارب بين سياسات وإجراءات المؤسسة واهتمامات جمهورها.
ومن هنا تطورت العلاقات العامة في منطقتنا العربية لتصبح صناعة ناشئة، فتشير الجمعية الدولية للعلاقات العامة في عام 2005 إلى أن الشركات العربية الأعضاء بها بلغت 85 شركة، استأثرت السعودية بالعدد الأكبر منها، وهو 32 شركة، تليها مصر (18)، ثم الكويت (15)، فالإمارات (5)، فالبحرين (2)، ثم لبنان والسودان وسوريا (1) لكلٍ.
ولا تتوافر أرقام محددة حول حجم هذه الصناعة التي توفر وظائف وقطاعات جديدة يمكن للشباب لا العمل فيها فقط، بل إقامة هذا النوع من الشركات أيضا.
مراكز خدمة المستهلك
ويرى د.عبد المطلب عبد الحميد الأستاذ بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية في مصر أن إدراك مفهوم العلاقات العامة بدأ يتغير بدليل تنامي عدد الشركات في منطقتنا العربية. ويشير إلى أن هناك مهام رئيسية للعلاقات العامة وهي إرضاء العميل "الزبون"، والمجتمع، والعاملين داخل المؤسسة.
ومن مظاهر التغيير التي يلمحها د.عبد المطلب في التعامل العربي مع العلاقات العامة، هو ظهور مراكز خدمة العملاء، كأحد أنشطة العلاقات العامة بالكثير من شركات القطاع الخاص، وهذه المراكز هدفها الوحيد هو راحة العميل، وبناء جسور من الثقة بين الشركة والعميل.
وفي المقابل، ما تزال المؤسسات الحكومية عاجزة عن إدراك هذا الدور الهام، والدليل على ذلك الكثير من القرارات التي تتخذ، ثم تلغى لأنها لم تراع الجمهور ولم تعرف اتجاهاته.
7 إدارات
ولكن كيف يمكن تحقيق مهام العلاقات العامة، في هذا الصدد يشير د.علي عجوة أستاذ العلاقات العامة عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة القاهرة إلى ضرورة وجود 7 إدارات تابعة لأي شركة متخصصة في العلاقات العامة، لها وظائف محددة، وهذه الإدارات هي:
1- إدارة العلاقات الإعلامية، وهي مسئولة عن الاتصال بوسائل الإعلام وإعداد تقارير عما تنشره عن المؤسسة.
2- إدارة الشئون العامة، وتنظم اللقاءات الدورية مع المحللين الاقتصاديين لإطلاعهم على وضع المؤسسة المالي ومشاريعها الاستثمارية لتدعيم العلاقات معهم وجذب مستثمرين جدد.
3- قسم شئون المستهلكين، وهو يقوم بتوثيق الصلة مع العملاء وذلك بإعداد المطبوعات التي تبين مزايا السلعة أو الخدمة التي تقدمها المؤسسة.
4- قسم الشئون القانونية، وهو يتابع التشريعات والقوانين ذات الصلة بالمؤسسة وإعداد الدراسات بهذا الشأن.
5- إدارة الشئون الداخلية، ويتابع شكاوى العاملين وتظلماتهم وإعداد برامج النشاط الاجتماعي والثقافي والرياضي.
6- إدارة للنشطات، وهي خاصة بتنظيم المعارض والندوات وتسهيل سفر مسئولي المؤسسة.
7- إدارة للتصميم والإنتاج، وهي تتولى المهام الفنية الخاصة بإنتاج المطبوعات والمواد المرئية، كالنشرات، والكتيبات، وأفلام الفيديو.
موظف العلاقات العامة
وحتى تستطيع إدارة العلاقات العامة القيام بتلك المهام التي أشار إليها د.عجوة، لا بد من أن تتوافر في رجل العلاقات العامة عدة مقومات يحددها العاملون في هذا المجال.
فمحمد القوصي صاحب إحدى شركات العلاقات العامة يقول: إن الفكرة المأخوذة عن رجل العلاقات العامة هي أنه مسئول عن إنهاء مصالح المؤسسة لدى بعض الجهات، اعتمادا على علاقات شخصية مع العاملين بتلك الجهات، ولذلك كانت الوجاهة والعلاقات الشخصية الواسعة هما شرطان أساسيان للعاملين في المجال.
ومع اعترافنا بأهمية هذه السمات، فإن رجل العلاقات العامة كما يقول القوصي لا بد أن تتوافر فيه سمات أخرى، ومنها القدرة على التعامل مع كافة فئات المجتمع، فيكون مثقفا مع المثقف، وينزل لمستوى تفكير الرجل البسيط عند الحاجة، كما يجب أن يكون عنده وعي بالمنظمات العاملة بالمجتمع، وكذلك التيارات السياسية والفكرية، ولا بد أن يدعم كل ذلك وجود وعي تنظيمي عال يمكنه من تحويل الخطط والمقترحات إلى واقع ملموس خلال فترة زمنية تم تحديدها مسبقا.
وتتفق نجوى عماد صاحبة إحدى شركات العلاقات العامة مع ما سبق، ولكنها تضيف مواصفات أخرى، فلا بد ألا يتعامل مسئول العلاقات العامة من منطلق أنه موظف له مواعيد حضور وانصراف، فهذا أول طريق الفشل، بل ينبغي أن يتولد عنده الإحساس بالمسئولية، وهو ما يجعل انصرافه من العمل مرتبطا بإنهائه للمهمة الموكل بها، وليس بحلول موعد الانصراف..
كما ينبغي -من وجهة نظر نجوى- أن يتولد عنده الإحساس بأن الشركة التي يعمل بها هي شركته، ومن ثم فإن نجاحها هو نجاح له، فذلك سيجعله يهتم بكل مهمة يقوم بها، ويحرص على إنجازها على أكمل وجه.
4 تحديات
ولأنه من النادر العثور على أشخاص بمثل هذه المواصفات، فإن العثور عليهم -كما يجمع أصحاب شركات العلاقات العامة- يمثل أهم تحد يواجه هذه المهنة، بالإضافة إلى 3 تحديات أخرى وهي أن نتيجة عمل العلاقات العامة والدور الذي تقوم به لا يظهر إلا على المدى البعيد، مما يجعل كثيرين يشككون في جدوى العلاقات العامة.
كما أنها نشاط غير مادي وملموس مقارنة بأنشطة شركات الإعلان، وأخيرا، فإن الدعم المادي الذي تخصصه المؤسسات لهذا النشاط ضئيل جدا بالمقارنة بالوظائف والمهام المنوط للعلاقات العامة القيام بها.
ساحة النقاش