دراسة جديدة تبين أن الخمول البدني وعدم ممارسة أي نوع من أنواع النشاط الرياضي يؤدي إلى عدد كبير من الوفيات كل عام، وتقول منظمة الصحة العالمية في عام 2015 سوف يموت بحدود 41 مليون شخص بنتيجة أمراض ناتجة عن الخمول البدني.
يعتبر المشي من أفضل أنواع الرياضة وبخاصة للشيوخ وكبار السن، فهو ينشط الدورة الدموية وبالتالي يحافظ على سلامة القلب، ويقي من أمراض العظام، ويؤكد بعض الباحثين أن أفضل أنواع المشي هو "المشي التأملي" أي أن تمشي وأنت تفكر وتتأمل بشيء ما في حالة صفاء للذهن واطمئنان... (لاحظوا معي أن هذه الحالة تتحقق أثناء المشي إلى المساجد!!).
ومن الفوائد التي يعددها الباحثون للمشي والرياضة الخفيفة، فوائد للعظام حيث تبين أن الرياضة والنشاط البدني الخفيف ولكن المنتظم يقي من هشاشة العظام أثناء الشيخوخة. كذلك يساعد الأم الحامل على منح صحة أفضل لجنينها، وهناك فوائد للقلب وفوائد لتنشيط الجنس وتخفيف الوزن.
ويؤكد بحث أمريكي جديد أن الرياضة الخفيفة والمنتظمة هي أفضل علاج للاكتئاب واليأس والإحباط الذي يعاني منه الكثيرون اليوم. ويقولون إن الرياضة أفضل من الأدوية المضادة للاكتئاب، بل وتحسن المزاج وتعالج التوتر العصبي
ما هو البديل الإسلامي للرياضة؟
من روعة الإسلام أنه يقدم لنا العلاج على شكل عبادة أمرنا الله تعالى بها، فيها الأجر الكبير وهناك عقوبة لمن لا يلتزم
بها. أي أن النشاط البدني في الإسلام إجباري لأن الله تبارك وتعالى أعلم بما يصلحنا.
وعندما سئل النبي الكريم عن أحب الأعمال إلى الله قال: الصلاة على وقتها، فهذه العبارة الرائعة هي بمثابة علاج حقيقي حيث تمثل حركات الصلاة من وقوف وركوع وسجود وحركة أيدي وانحناء، نشاطاً بدنياً خفيفاً يمكن لجميع الأشخاص ممارسته مهما كانت حالتهم الصحية.
كذلك يمثل المشي إلى المساجد خمس مرات كل يوم أفضل نظام رياضي على الإطلاق! حيث لا يمكن لأحد أن يمارس المشي خمس مرات طيلة عمره إلا إذا التزم بأداء الصلوات الخمس، ولذلك قال تعالى: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ البقرة: 238].
يؤكد العلماء أن المرأة بحاجة ماسة للنشاط البدني الخفيف ولكن الذي تداوم عليه المرأة، وبخاصة أثناء أشهر الحمل، حيث يقولون: إن الرياضة الخفيفة ضرورية للمرأة الحامل لوقاية جنينها من التشوهات والأمراض المختلفة (لاحظوا معي أن هذه الحالة تتحقق من خلال محافظة المرأة على أداء الصلوات الخمس!).
وقد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا بلى يا رسول الله، قال إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط [أخرجه مسلم].
وهناك عبادة رائعة يغفل عنها الكثيرون ألا وهي قيام الليل، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ركعات في الليل، امتثالاً لأمر الحق عز وجل: (أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) [الزمر: 9]. ولذلك فإن قيام الليل هو رياضة خفيفة تبقي الجسد في حالة نشاط، مما يؤدي إلى رفع النظام المناعي للجسم والوقاية من النوبات القلبية المفاجئة التي تهاجم بعض الناس بالليل.
وقد روي عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أنه قال لأحد الصحابة: "لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل" [البخاري ومسلم].
ان الصلاة من أحب الأعمال إلى الله تعالى، وبخاصة أثناء الليل، فركعتين في جوف الليل خير من الدنيا وما فيها، كما قال الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام. والحقيقة أن العلماء أثبتوا أن القيام من الليل وممارسة بعض النشاط البدني الخفيف ضروري للوقاية من السكتات الدماغية والقلبية التي تهاجم أثناء الليل... هذه الحالة تتحقق في المحافظة على صلاة الصبح!
انظروا يا أحبتي كيف تأتي التعاليم النبوية لمصلحتنا دوماً، ولذلك يمكن القول إن الإسلام أراد من خلال هذه العبادات أن يحافظ على صحتنا ونشاطنا ويقينا من شر الأمراض لنعيش حياة سعيدة مطمئنة. وحيث فشل العلماء في جعل الناس يتبعون هذه التعاليم، فإن الإسلام حقق نجاحاً باهراً لأنه ربط هذه التعاليم بالثواب والعقاب، ولو أن الهدف الرئيس من العبادات هو امتثال أمر الله وطاعته، ولكننا نقول: إن كل ما أمر به الإسلام فيه الخير والفائدة والنفع، وكل ما نهى عنه الإسلام فيه الضرر والعواقب السلبية.
أقرب ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجد، هذا السجود هو نعمة من الله تعالى لأن فيه فوائد كثيرة جداً، في تنشيط حركة الدم في الأوعية الدموية وضمان ضخ الدم للدماغ، وهذا ينعكس إيجابياً على الحالة النفسية للمؤمن، ويشعر بالقرب من الخالق العظيم فتزول همومه لأن الله تعالى أكبر وأعظم من الدنيا وما فيها... ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر ذلك الصحابي الذي سأله مرافقته في الجنة، فقال له: فأعنّي على نفسك بكثرة السجود "رواه مسلم"، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما من عبد يسجد لله سجدة إلا كتب الله له بها حسنة ومحا عنه بها سيئة ورفع له بها درجة فاستكثروا من السجود" وفي رواية أن أحد الصحابة قال قلت يا رسول الله أخبرني بعمل أستقيم عليه وأعمله، قال: عليك بالسجود فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط بها عنك خطيئة" صحيح الترغيب!
ونقول لأولئك الذين يعترضون على الإعجاز العلمي في العبادات: ما هو الضرر إذا كانت الصلاة والمشي إلى المساجد وقيام الليل... هي عبادات ورياضات؟ إننا عندما ندرك الفوائد الطبية للصلاة ألا يزيدنا ذلك حباً لها واقتناعاً بها ومحافظة عليها؟
وعندما ندرك الفوائد الكثيرة لرياضة المشي إلى المساجد في الوقاية من أمراض العصر (القلب والاكتئاب والسكري وضغط الدم...) ألا يزيدنا ذلك إقبالاً على هذه العبادة وحباً لها؟ وكذلك عندما ندرك فوائد قيام الليل الطبية والنفسية، ألا يزيدنا ذلك إحساساً بلذة الطاعة وحلاوة الإيمان الذي فقده كثير منا هذه الأيام؟!
إذاً يا أحبتي لا يغرّنكم قول أولئك المشككين بروعة الإسلام وقوة تعاليمه، ولا تظنوا أن الإسلام جاء ليقيد حريتكم بل جاء ليمنحكم السعادة والطمأنينة التي فقدها الغرب اليوم على الرغم من تقومه العلمي الهائل! إن أفضل شيء يمكن أن تفعله هو أن تلتزم طاعة الخالق تبارك وتعالى والقرب منه والاستعداد للقائه القريب، فهو القائل: (مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآَتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ * وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ) [العنكبوت: 5-7].
<!-- / message -->
ساحة النقاش