مفهوم التوجيه التطوري :
التوجيه التطوري : هو " اتجاه حديث ، يهتم بالفروق الفردية لدى المعلمين ، من خلال تقديم خدمات إشرافية متدرجة للمعلم ( مباشر ، فتشاركي ، ثم غير مباشر ) ، تُهيئ له تطورًا بعيد المدى ؛ ليكون قادرًا على اتخاذ القرارات وحل المشكلات التربوية التي تواجهه في عمله " .
أساليب التوجيه التطوري :
ويمكن تعريف أساليب التوجيه التربوي التطوري على النحو التالي:
أولاً : الأسلوب الإشرافي المباشر:
هو أسلوب يؤكد على وضع الأسس التي ينبغي أن يسير عليها المعلم لبلوغ هدفه ، وتحسين تدريسه ، بما يعود على طلابه بالمنفعة ، ويستخدم هذا الأسلوب مع المعلمين الذين يتصفون بالتفكير التجريدي المنخفض .
ثانيًا : الأسلوب الإشرافي التشاركي:
هو أسلوب يؤكد على أن عملية التدريس هي ـــ في واقع الأمر ـــ حل للمشكلات ، عليه يشترك الموجه الفني والمعلم معًا في وضع خطة عمل تشتمل على : أهداف ، وإجراءات تنفيذ ، وتقويم ، ومتابعة في سبيل تحسين عمليتي التعليم والتعلم . ويستخدم هذا الأسلوب مع المعلمين الذين يتصفون بالتفكير التجريدي المتوسط .
ثالثًا : الأسلوب الإشرافي غير المباشر:
هو أسلوب يؤكد على أن عملية التعلم تعتمد في الأصل على خبرات ذاتية ، عليه فالمعلم يجب أن يتوصل إلى حلول نابعة من ذاته ، بغرض تحسين مستوى خبرات طلابه . ويستخدم هذا الأسلوب مع المعلمين الذين يتصفون بالتفكير التجريدي العالي .
مفهوم التوجيه العيادي:
التوجيه العيادي : هو أسلوب إشرافي موجه نحو تحسين سلوك المعلمين الصفي ، وممارساتهم التعليمية عن طريق تسجيل الموقف التعليمي الصفي بأكمله، وتحليل أنماط التفاعل الدائرة فيه ، بهدف تحسين تعلم التلاميذ .
أهداف التوجيه العيادي :
إن الهدف الرئيس في الإشراف العيادي هو منح المعلم الفرصة لينال تغذية راجعة تصحيحية فورية،تمكنه من تطوير مهاراته التدريسية ، بهدف تحسين تعلم التلاميذ ،أما الأهداف الجزئية التفصيلية للإشراف العيادي فهي:
1-تقديم تغذية راجعة موضوعية عن حالة التدريس الراهنة للمعلم .
2-تشخيص المشكلات التدريسية التي يواجهها المعلم وحلها.
3-مساعدة المعلمين على تطوير مهاراتهم في كيفية استعمال أساليب التدريس المناسبة .
4-مساعدة المعلمين على تطوير اتجاهات إيجابية نحو حلقات التطوير المهني.
5-رفع المستوى التحصيلي والتربوي للطلاب.
ولكي يحقق الإشراف العيادي أهدافه فلا بد من الإشارة إلى أمور مهمة وقد نطلق عليها شروط نجاح الإشراف العيادي، وهي :
1-تكوين علاقة زمالة بين المشرف والمعلم ، فهذا عامل مهم في كسب ثقة المعلم وتقبله لهذا النمط من الإشراف .
2-على المشرف ألا يمارس دور المقيم أو المحاسب، وأن يلتمس مصادر الخوف لدى المعلم ويعمل على تجنبها.
3-إعطاء المعلم فرصة لمراقبة ذاته ، مما يشجعه على تجريب أنواع جديدة من السلوك التعليمي.
4-يحتاج المشرف إلى مهارة عالية في مجال التشخيص والتطوير، أي القدرة على تحديد حاجات المعلم ووضع الحلول المناسبة لذلك .
5-المهارة والدقة في جمع البيانات وتحليلها .
المنطلقات والمرتكزات التي يقوم عليها التوجيه العيادي :
1.التعليم سلوك ونتيجة،وهذا يعني أن الأداء التعليمي غير منفصل عن آثاره.
2.تحسين التدريس يتطلب أن يكتسب المعلمون مهارات عقلية وسلوكية محددة.
3.عمل المشرف التربوي الأساسي هو أن يُكسب المعلمين مهارات تحليل عملية التدريس المبنية على أدلة واضحة من خلال الملاحظة.
4.يقوم الإشراف العيادي على التخطيط والتحليل الدقيق المبني على الشواهد والأدلة الملاحظة.
5.يهتم الإشراف العيادي بعدد قليل من القضايا التعليمية المهمة والقابلة للتغيير.
6.يهتم الإشراف العيادي بتشجيع الأنماط السلوكية الناجحة ،بدلاً من التركيز على الأنماط غير الناجحة(البدء بالإيجابيات).
التوجيه الفني المتنوع:
هو نموذج إشرافي ينظم عمل الموجهين الفنيين في الميدان ويقدم آلية واضحة لعمل الموجه الفني داخل المدرسة ، وذلك من خلال تصنيف المعلمين إلى ثلاث فئات وفقا لمستوى المساعدة التي يحتاجونها لتنمية أنفسهم مهنيا . ورغم أن هذا النموذج يعد من أحدث نماذج الإشراف التربوي وأكثرها تطورا إلا أن تميزه لا يظهر في هذا الجانب فحسب ، وإنما يظهر بشكل أكبر في أن هذا النموذج يستفيد من الأساليب الإشرافية التقليدية التي اعتاد عليها الموجهين الفنيين ، لكنه يطورها وينظمها ويعيد ترتيبها وفق إجراءات محددة ، بحيث تشكل في مجموعها . آلية عمل واضحة تهدف في المقام الأول إلى مساعدة المعلمين على تحقيق النمو المهني .
يستند التوجيه المتنوع في إطاره النظري إلى عدد من المبادئ التربوية الحديثة أهمها ما يلي .
<!--النظرة البنائية للتعليم ، أي أن الفرد يبني المعرفة داخل عقله ولا تنتقل إليه مكتملة ، مما يعني أن هذا النموذج يركز على المعاني والأسس التي يبنيها المتعلم بنفسه بحيث يكون مسئولا عن توجيه خبرات تعلمه بشكل ذاتي .
<!--تمكين المعلمين . ويعني هذا المبدأ إعطاء المعلمين شيئا من السلطة والحرية في اتخاذ القرار ، خاصة فيما يتعلق بأدائهم التدريسي ونموهم المهني ، مع تحميلهم مسؤولية ما يقومون به من أعمال
<!-- الممارسة التأملية ، حيث يقترض هذا المبدأ أن لدى المعلمين قناعات كثيرة ثابتة في نفوسهم توجه أنماط السلوك لديهم ، ومن هنا فإن إحداث أي تغير في تلك السلوكيات يتطلب من المعلمين أن يراجعوا القناعات والفرضيات التي توجه تدريسهم ويعيدون النظر فيها بشكل مستقل للتأكد من سلامتها وقدرتها على تحقيق أهداف المؤسسة التربوية ، كما أن على المؤسسة أن تتيح الفرصة للمعلمين ، ليكون لهم دور في وضع أهداف وغايات العمل الذي يقومون به .
وانطلاقا من هذه المبادئ ، وإيمانا بأن ثمة فروقا فردية بين المعلمين تتطلب وجود خيارات متعددة لمساعدتهم على النمو المهني ، فإن الإشراف المتنوع يصنف المعلمين داخل المدرسة وفقا لسنوات الخدمة وتقويم الأداء الوظيفي ورأي مدير المدرسة إلى ثلاث فئات ، هي:
1- التطوير المكثف : في هذه الفئة يعمل الموجه مع المعلم بشكل تعاوني بهدف تطوير مهاراته التدريسية ، حيث يشترك مع المعلم في تحديد المهارات التي تحتاج إلى تطوير ، ومن ثم يقوم الموجه بتنفيذ حلقات تدرب على هذه المهارات . وتشمل حلقات التدرب القيام بزيارات صفية لملاحظة المهارة المحددة ، ومن ثم إعطاء المعلم قاعدة معرفية حولها وتقديم عرض لها ،ثم إتاحة الفرصة للمعلم لممارستها بمساعدة المشرف لتطبيقها مع تقديم التغذية الراجعة له .
ويلاحظ هنا أن الزيارات الصفية التي يقوم بها الموجه للمعلمين في هذه الفئة هي زيارات صفية محددة الأهداف والأدوات ، إذ يلاحظ فيها الموجه مهارة محددة اتفق مع المعلم عليها وعلى الأداة المستخدمة لجمع المعلومات حولها ، كما يلاحظ أن هذه الزيارات لا علاقة لها مطلقا بتقويم المعلم ،إذ أن التقويم من مهام مدير المدرسة وليس من مهام الموجه الفني الذي تقتصر مهامه على مساعدة المعلم في جهوده لتحقيق النمو المهني .
2- النمو المهني التعاوني : تتركز جهود التنمية المهنية للمعلمين في هذه الفئة من خلال التعاون والتشارك فيما بينهم . وتتمثل هذه الجهود في ثلاث نشاطات . أساس هي : -
أ – تدرب الأقران، حيث يقسم المعلمون في هذه الفئة إلى مجموعات صغيرة تتراوح بين( 2 – 3 ) معلمين ، ويقومون بزيارات صفية بينهم هدفها ملاحظة تدريس بعضهم بعضا ويعقب ذلك مداولات إشرافية عما لاحظوه وتقديم المساعدة اللازمة فيما بينهم . ويتم هذا النشاط عبر حلقات تدرب تتضمن كلا منها التدرب على مهارة واحدة يختارها المعلم بنفسه ويطلب من زملائه ملاحظته فيها باستخدام أداة متفق عليها سلفا . ومن ثم تقديم التغذية الراجعة له من خلال نقاشات تجري بين أفراد المجموعة بعد كل زيارة .
ب- اللقاءات التربوية ، حيث يتعاون المعلمون ومدير المدرسة مع الموجه الفني لتحديد الموضوعات المراد طرحها في تلك اللقاءات ووضع جدول زمني لها . ويشارك في تقديم المادة العلمية المطروحة في تلك اللقاءات كل من الموجه الفني والمعلمين المصنفين في الفئة الثالثة ، ومن لديه الاستعداد من معلمي الفئة الثانية ، كما يمكن دعوة بعض الأكاديميين والمختصين المشاركة في هذه اللقاءات .
ج- التحليل الذاتي للأداة : وفيه يقوم المعلم بتصوير عدد من الدروس التي يؤديها ثم يعيد مشاهدتها متأملا فيها ومسجلا بعض ملاحظاته حول أدائه فيها ، ويكتب تقريرا حول هذه التأملات والملاحظات يطلع عليها مدير المدرسة والموجه الفني للاستئناس برأييهما . والهدف من هذا النشاط هو أن يكون المعلم أكثر وعيا بسلوكيات تدريسه مما يساعد على تطويرها .
<!--النمو الموجه ذاتيا : يعمل المعلم في هذه الفئة هذه الفئة بشكل مستقل لزيادة نموه المهني ، حيث يكتب قناعاته ومبادئه حول التدريس ، ثم يحدد جوانب القوة والضعف لديه والجوانب التي يحتاج فيها لمساعدة الآخرين ، ويضع خطة لمدة ثلاث سنوات تتضمن أهدافا وإجراءات محددة تبين الاتجاه العام لنموه المهني ، ثم يبدأ بتنفيذها ويطلع مدير المدرسة بشكل مستمر على مدى تقدمه فيها .
مما سبق يتضح أن أبرز ما يميز التوجيه التربوي المتنوع هو تركيزه على النمو المهني للمعلم بعيدا عن أسلوب التقويم ، فكل الفئات الثلاثة بما فيها من أساليب وإجراءات تهدف إلى تحقيق النمو المهني للمعلم ، كما يمتاز هذا النموذج بمرونته ، حيث تضع كل مدرسة خطة التطبيق المناسبة لها.
أخيرا ، فإن هذا النموذج يتمن . في مجملة . تغيرا في جوانب السلوك والمفاهيم والاتجاهات ويتطلب تطبيقه مهارات جديدة وتغيرا في بعض الاتجاهات الممارسين له ، وهذه المهارات والتغييرات أمر ضروري وشرط أساسي لنجاح هذا النموذج وقدرته على تحقيق أهدافه السامية .