لاإله إلا الله محمد رسول الله
الجماعة الاسلامية
إمامة الصلاة
ـ قلب الإمــــام
ـ أخلاق الإمام
ـ فقه الإمــــام
ـ تلاوة الإمـام
ـ مظهر الإمام
الجماعة الاسلامية
مقدمة
الحمد لله الذى منَّ علينا بنعمة القرآن
والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى كان خلقه القرآن وحياة قلبه وروحه هى القرآن( وكذلك أو حينا إليك روحا من أمرنا )
وبعد
فأول ما بدأ به النبى صلى الله عليه وسلم من أجل القيام برسالته فى تبليغ الدعوة وإقامة الدين وبناء دولة الإسلام هو بناء الرجال وإعدادهم كما أمره ربه سبحانه حيث أمره هو أولا فقال سبحانه ( يا ايها المزمل قم الليل إلا قليلا ) المزمل وقال سبحانه (يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر ولاتمنن تستكثر ولربك فاصبر) المدثر وأخبر سبحانه عن فعله صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه رضى الله عنهم(إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثى الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك ) المزمل ووصف ثمرة ذلك سبحانه فقال (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم فى وجوههم من أثر السجود ) الفتح
وأول مابدأ به صلى الله عليه وسلم فى المدينة بناء المسجد ليبنى فيه القلوب ويهذب النفوس
وكان فى مسجد النبى صلى الله عليه وسلم رجال فقراء هم أهل الصفة وظفوا فقرهم لأجل خدمة الدين فكانوا بالليل يتدارسون القرآن وبالنهار يحتطبون فيبيعون ماحتطبوا فيأكلون منه ويتصدقون وهؤلاء هم الذين كان النبى صلى الله عليه وسلم يختار منهم معلمين دعاة يبعثهم إلى القبائل التى تدخل الاسلام وتحتاج إلى رجال أمناء قدوة تشربوا القرآن وتغذت به أرواحهم من الذين قال الله فيهم (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون ) السجدة
جلس اصحاب النبى صلى الله عليه وسلم يوما يتمنون فاخذ كل منهم يتمنى من الأعمال الصالحة فتمنى أحدهم ملء البيت الذى كانوا فيه مالا ينفقه فى سبيل الله وتمنى غيره شيئا قريبا من ذلك أما الخليفة أمير المؤمنين الفاروق عمر رضى الله عنه فتمنى ان يكون معه ملء هذا البيت رجالا مثل أمين الأمة عبيدة بن الجراح رضى الله عنه
إن بناء الرجال الذين هو المهمة الأولى للدعوة والدعاة والجماعات الداعية إلى الإسلام
وهو المهمة الأثقل والأخطر
وأساس هذا البناء هم حملة القرآن الذين اصطبغوا به وتخلقوا بأخلاقه
ذات مرة جلس مجموعة من الأئمة ـ قبيل رمضان ـ جلسة إيمانية أخوية يتشاورون فيما بينهم فتناصحوا وتشاوروا حول الإما مة فى رمضان
واتفقوا أن يجعلوا موضوعهم هو :
ـ كيف نحقق عبوديتنا لربنا في صلاتنا بالمؤمنين؟..
ـ كيف نشكر نعمة القرآن؟
ـ كيف نحسن في أداء الأمانة التي ائتمننا الله عليها؟,
ولعل الفائدة الأولى والأهم التى خرجنا بها من هذه الجلسة المباركة هى أهمية التشاور والتناصح فى الله وياليت كل دعاة فى كل مكان وكل أئمة وخطباء يتجالسون ويتشاورون ويتناصحون فيجمعون ثمرة أفكار كل منهم إلى بعضها ويستفيد الجميع .
تحاورنا وطال الحوار بيننا وكان ممتعاً رائعاً مفيداً للغاية وقد دفعتنا هذه الفوائد التى أفاد بها هؤلاء الإخوة الأفاضل إلى أن نسجل ما نصحوا به خصوصا وهم أهل صلاح وأهل خبرة
ونهدي ثمرة هذه المشاورات إلى كل أخ لنا أنعم الله عليه وشرفه بحمل القرآن وكلفه وابتلاه بإمامة الصلاة راجين أن يتقبل الله منا جميعا .
وقد تم تقسيم هذه المادة إلى عدة عناصرهى:
· أهمية دور الإمام.
· قلب الإمام.
· خلق الإمام.
· فقه الإمام.
· قراءة الإمام.
. مظهر الإمام
ونسأل الله تعالى أن يتقبل هذا العمل وأن ينفع به ولاتنسانا أخانا الكريم من دعواتك
ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم
الجماعة الإسلامية
أهمية دور الإمام
· إمام الصلاة مؤتمن على تلاوة القرآن أولا وعلى صلاة المأمومين كلها ثانيا.
فقد لايكون خلفه من يراجعه إذا اخطأ وبالتالى فمايقرأه ـ أصاب أو أخطأ ـ هومايعتبره السامعون كلام الله
وقد لايكون خلفه من يفقه الصلاة فما يفعله فى صلاته هى فتوى يعتبرها المصلون هوالشرع
· والقرآن والصلاة يمثلان ركنين عظيمين في رمضان فيهمايتزود زاده الذي يكفيه لسنة قادمة.
فإن أحسن الإمام هذين الركنين فقد زود المصلين بزاد جيد وإن أساء فقد ضيع عليهم هذه الفرصة
· وفي رمضان تزداد أعداد المصلين وتزداد الفروق الفردية بينهم فهم بين حريص على الصلاة مقبل عليها وبين متضجر منها يتحملها بالكاد وهم بين شيخ كبير وشاب قوي وبين مريض تحامل على نفسه وطفل يتدرب على الصلاة ومن هنا تثقل مهمة الإمام في رمضان.
والإمام حين يصلي بالناس فهو يقوم بأكثر من عمل
فهو أولاً يسمع الناس كلام رب العالمين.
وهو أحيانا قد يفسر بعض الآيات بوقفة أو وصلة
وهو أحيانا يعظ المصلين بتكراره لبعض الآيات
أو بحسن اختياره للآيات المناسبة للأحداث والمواقف والأحوال
وهو أحيانا يعلم المصلين بفقهه خصوصاً إذا حدث في الصلاة ما يحتاج إلى الفقه كالسهو وغيره.
والمأموم حبيس الإمام فالإمام هو الذي يمكنه من إحسان صلاته وأدائها بحقوقها وفروضها وآدابها أو لا يمكنه من ذلك لأجل ذلك يسعد المأمونون بإمامهم إذا كان محسنا ويشقون إذا كان مسيئا.
أولا : قلب الإمام..
إن لصلاح قلب الإمام وخشوعه الحقيقي في صلاته سرا بالغا وأثرا خفيا في حضور قلوب المصلين وبلوغ القرآن إلى شغاف أفئدتهم فما خرج من القلب يصل إلى القلب.
وقلب الإمام هو المركز الحيوى المؤثرفهو الذى إذا صلح صلح الجسد كله ـ بما فى ذلك قراءته
وإذا فسد فسد الجسد كله
وقلب الإمام كما يؤثر فى تلاوته وخشوعه فهو كذلك يتأثر بالتلاوة والإمامة وينتفع بها فيتأمل ويخشع ويعيش مع مايتلوه وهذه هى أفضل حالات الإمام بينما أسوأ حالاته هى التى ينفصل قلبه عن لسانه ولايعيش مع ما يتلوه
· وأول الإحسان فى الإمامة هوالمسارعة إلى استحضار نية أو نوايا صالحة يريدها الإمام من إمامته قبل أن يبادر الشيطان لبذر نية فاسدة في القلب فإذا وقرت النية الصالحة في القلب استقامت بقية الأمور كلها
والنوايا التي يقبل بها إمام الصلاة على إمامته للمصلين كثيرة منها..
1. شكر نعمة القرآن بإسماعه للناس.
2. أداء حق القرآن وأمانته فأنت لم تحفظ القرآن لكي تسكت به وإنما لتنشره وتعلمه .
قال بعض السلف: "يا أهل القرآن لا توسدوا القرآن واتلوه حق تلاوته آناء الليل والنهار وأفشوه وتدبروا ما فيه لعلكم تفلحون"
ويتحتم أداء الأمانة إذا كان سيتقدم لها من لا يصلح بل يسيءفهنا لايصح التورع بل على الأفضل قراءة أن يتقدم
3ـ نية تعليم القرآن إذا كان متمكنا في تلاوته فهناك من المأمومين من يتعلم من قراءة الإمام
4ـ نية هداية الناس ودعوتهم فقد يسمع منه مأموم آية يهتدي ويعمل بها خصوصاً وفي رمضان تتهيأ القلوب للاستجابة.
5ـ نية نيل أجر الإمامة فللإمام أجر عظيم فهو معط ومحسن وكل إحسان أحسنه المأموم بسبب الإمام كالخشوع والتأثر فللإمام أجر إحسانه.
6ـ نية إسماع القرآن فالإمام كالحالب والمستمع كالشارب وليعلم أنه بتلاوته يُسمع الله عز وجل قبل أن يسمع الناس وكذلك يُسمع الملائكة.
7ـ نية التعاون على إقامة أمر عظيم من أمور الدين وهو الصلاة عمود الدين ومفتاح كل خير
8ـ نية السمع والطاعة إذا كانت الإمامة بأمر من له ولاية عليه.
كل هذه وأكثرنوايا صالحة يدخل بها الإمام صلاته كإمام ويرجوها عند الله تعالى فيصلح قلبه
ثانيا ـ وعلى الإمام أن يحذر من الاغترار بمدح المأمومين وثنائهم فإن هذا المدح لايعبر بالضرورة عن حقيقة مشاعرهم أوعن حقيقة إحسانه بل لا يخلو من مجاملة ومبالغة اعتادوا عليها.
ثالثا ـ يوصيك إخوانك الأئمة أن تتفقد أثر القرآن على قلبك قال ابن مسعود : إن للقرآن غراسا فلينظر أحدكم غراسه من القرآن أي أن القرآن يغرس في قلب قارئه أصول الفضائل.
11ـ الإمام أن يحفظ قلبه من العجب والغرور فيسأل الله التوفيق دائما ولا يعتمد على نفسه فيكله الله إليها ولعلك قد شهدت بنفسك أنك كلما أعجبت بحفظك خانتك ذاكرتك.
12ـ بعض القرأءات هامةومفيدة مثل منازل (الإخباب ـ الطمأنينة ـ الخشوع ـ السماع ـ التواضع ـ السكينة) من كتاب مدارج السالكين
وقراءة (أسرار الصلاةـ أسرار الصيام ) من كتاب مختصر منهاج القاصدين.
13. حتى يتحقق الخشوع نوصي الإمام بأهمية السكون وجمع القلب قبل الدخول في الصلاة فينبغي أن تبكر بالاستعداد للصلاة وتجلس قبلها لتراجع أو تتلو القرآن أو تدعو أو تذكر الله تعالى حتى يجتمع قلبك ولا تدخل الصلاة مشتتا.
14. يساعد على الخشوع تدبر الآيات أثناء التلاوة وهذا التدبر هو الذى يصرف القلب عن الانشغال بالناس أو الأصوات التى قد تملأ المكان كما يساعد كذلك التوسط في الطعام قبل الصلاة (الفطر, السحور)بينما الامتلاء قد يسبب كثرة التجشؤ وكذلك الأطعمة التى تسبب الغازات كالفجل والكراث ولابد من الانتهاء من كل المنغصات التى تقلق المصلى كالحاجة إلى دخول دورة المياه
15. من الورع أن لا تظهر نشيجك وبكاءك وذلك حفاظاً على قلبك وحتى لايشغلك ذلك عن التلاوة واحذر أن يقودك بكاء المأمومين إلى استدراردموعهم بمخالفة السنة بل إلتزم السنة فى القنوت ولا تغتر بما يفعله كثير من الإئمة وفيه خرو ج عن سنة النبى صلى الله عليه وسلم
جاء فى كتاب "عودوا إلى خير الهدى للشيخ الفاضل محد بن اسماعيل المقدم : "كان حسان بن أبى سنان يحضر مجلس مالك بن دينار فإذا تكلم مالك بكى حسان حتى يبل ما بين يديه لايُسمع له صوت .
وعن الحسن البصرى قال : "إن كان الرجل لقد جمع القرآن وما يشعر به جاره ! وإن كان الرجل لقد فقه الفقه الكثير وما يشعر به الناس ! وإن كان الرجل ليصلى الصلاة الطويلة فى بيته وعنده الزوَّر ومايشعرون به ! ولقد أدركنا أقواما ماكان على ظهر الأرض من عمل يقدرون على أن يعملوه فى سر فيكون علانية أبدا ، ولقد كان المسلمون يجتهدون فى الدعاء وما يسمع لهم صوت ."أ.هـ
قال الشيخ محمد بن اسماعيل المقدم فى نفس الكتاب السابق :
"ومما يستنكر على الأئمة فى هذا الزمان انتقاء ألأدعية المليئة بالتشقيق فى العبارة والاستطراد فى ذكر أمور تفصيلية من أهوال الموت والبعث والنشور لتحريك عواطف المأمومين وإزعاج جوارحهم وانفجارهم فى البكاء والشهيق والصراخ وربما بطلت صلاة بعضهم وهو لايشعر فعلى الإمام أن يجتهد فى تصحيح نيته وأن يرسل الدعاء بسجيته وصوته المعتاد بضراعة وابتهال متجنبا التقعر والتكلف والتلحين والتطريب والتمطيط فى أداء الدعاء
قال الكمال بن الهمام الحنفى رحمه الله: ما تعارفه الناس فى هذه الأزمان من التمطيط والمبالغة فى الصياح والاشتغال بتحرير النغم يعنى فى الدعاء إظهارا للصناعة النغمية لا إقامة للعبودية فإنه لايقتضى الإجابة بل هم من مقتضيات الرد
وقال ابن سعدبن أبى وقاص : سمعنى أبى وأنا أقول : اللهم إنى أسألك الجنة ونعيمها وبهجتها وكذا وكذا وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها وكذا وكذا فقال : يابنى إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "سيكون قوم يعتدون فى الدعاء" فإإياك أن تكون منهم ؛ إن أعطيت الجنة أعطيتها ومافيها من الخير ، وإن أعذت من النار أعذت منها وما فيها من الشر." أ.هـ
· ثانيا :خلق الإمام..
<!--حامل القرآن حامل راية الإسلام فينبغي أن يكون على مستوى عال من التخلق بأخلاق القرآن.
قال عبد الله بن مسعود : ينبغى لحامل القرآن أن يعرف بليله إذ الناس نائمون وبنهاره إذ الناس مفطرون وبحزنه إذ الناس يفرحون وببكائه إذ الناس يضحكون وبصمته إذ الناس يخوضون وبخشوعه إذ الناس يختالون
ولاينبغى أن يكون جافيا ولا غافلا ولا صخابا ولاحديدا
وقال الفضيل بن عياض رضى الله عنه : حامل القرآن حامل راية الإسلام ولا ينبغى أن يلغو مع من يلغو ولا أن يسهو مع من سهو ولا يلهو مع من يلهو تعظيما لله تعالى ولا ينبغى أن يكون له إلى أحد أحد حاجة بل ينبغى ان تكون حوائج الناس إليه
2ـ حامل القرآن يجب أن يجاهد نفسه علي هذه الآداب فنوصي إخواننا الأئمة بتعليم هذه الآداب والعمل بها وقد كتب في ذلك بعض الأئمة مثل الإمام القرطبي في مقدمة تفسيره والإمام النووي في كتابه التبيان في آداب حمله القرآن وهو كتاب ضروري لكل من يحفظ القرآن
3. الإمام قدوة ينظر الناس إليه ويتعلم الناس منه فيجب أن يترفع عن كل مالا يليق بحامل القرآن ولقد أساء البعض إلى القرآن وأهله بمنافسة الناس وتنازعهم على الدنيا وباقتحامهم الشبهات وغلظتهم وجفائهم وتكبرهم على الناس ومغالاتهم فى طلب الأجرة على تعليمه رغم اختلاف العلماء فى جواز أخذ الأجرة ومنهم من أجازها لمن ليس له ما يقتات منه فإذا كان له ما يغنيه لم يجز له فعلينا أن نقدم المثل اللائق بالقرآن وأهله.
4. إن حامل القرآن يحمل في صدره كنزا وبستانا فإذا تحسر على الدنيا وانكسر لأهلها تعظيما لدنياهم فهو لم يقدر القرآن قدره بل عليه أن يستغني بالقرآن ولقد قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم:(وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ* لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ), وقال تعالى: (وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى).
فاستغن أنت بدينك عن دنيا الملوك كما استغنوا بدنياهم عن الدين
5. حامل القرآن يجب أن يؤدي حق القرآن عليه بإجابة طلب من يريد التعلم على يديه كما يجب الصبرعلى المتعلم والرفق به والشفقة عليه وحب من يتقدم لتعلم القرآن
إن لتخلق الإمام بأخلاق القرآن أثر عظيم وسر كبير في تأثر الناس بقراءته وخشوعه وإنصافه للقرآن.
· ثالثا: فقه الإمام..
· الفقه هو الفهم.. وكل مهمة يؤديها صاحبها وهو يفهم مقصودها وماهيتها وطبيعتها وأحكامها التفصيلية فهي أقرب إلى الإحسان
وكل مهمة تؤدي بغير فهم فهى أبعد عن الإحسان والذي يصل بالإمام إلى الفقه في الإمامة هو عدة أمو أولها تقوى الله تعالى لأنها رأس كل خير ثم الدراسة المفصلة لفقه الإمامة والدراسة ولو المجملة لتفسير القرآن ثم تأمل القرآن وتدبره
لذلك نوصيك أخي الإمام بدراسة فقه صلاة الجماعة والإمامة ودراسة مفصلة ما أمكن مع التأمل والربط بين الأحكام لإدراك حكمة الشرع من هذه الأحكام وروحها ومقاصدها كما أن هذه الدراسة لازمة لك واجبة عليك إذ أنك تعلم أنك من تصدى لولاية أو عمل وجب عليه أن يتعلم كل ما يتعلق بهذا العمل
أضف إلى ذلك إن المصلين سيأتونك ليصححوا عبادتهم.. كما تفيدك دراسة التفسير ولو مجملا من التفاسير المبسطة التي تعينك على فهم المعنى الإجمالي للآيات وانك تستطيع في رمضان أن تطالع تفسير كل جزء قبل الصلاة به أو فهم معاني الكلمات في الجزء.. فان من فقه القارئ أن يتأثر بمعاني الآيات في وقفاته ووصلاته وابتدائه وإنهائه وسرعته وبطئه وارتفاع صوته وانخفاضه وتكراره لبعض الآيات حسب معناها.
· ومن فقه الإمام أن يراعي أحوال المأمومين والفروق الفردية بينهم وأن ينزل على ما يصلحهم لاعلى طبيعته هو وطبعه وهذا أصل عظيم في الإمامة.
· ومن فقه الإمام أن يكون بصيرا بحل مشاكل الخلافات الفقهية بين المصلين إذ كثيراً ما تحدث هذه الخلافات
ومن فقه الإمام تحديده للزمن بين كل عمل وآخر مثل الزمن بين الأذان والإقامة وبين الإقامة وتكبيرة الإحرام فإن عدم ضبط هذه الأوقات بضابط شرعي واقعي سليم يؤدي إلى نفور المصلين وفقه صلاة الجماعة يحوى هذه المسائل التي تنمى عند الإمام ملكة الفقه والبصيرة والدوران مع مقصود الشرع
ـ إن ضابط الوقت بين الأذان والإقامة هو اجتماع الناس للصلاة وبين الإقامة والإحرام استواء الصفوف ولكن كثيرا منا يطيل غير منضبط بضابط الشرع إلى حد التضجر والنفور وبعضنا يقصر إلى حد يفوت على كثير ين صلاة الجماعة رغم استعدادهم المبكر لها.
· ومن فقه الإمام ألا يطيل الوعظ والتذكرة قبل تكبيرة الإحرام حتى لا يحولها إلى درس أو موعظة والوسط في ذلك هو الاقتصار على ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا لحاجة إذ خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
· ومن فقه الإمام أن يستوعب بتكبير الانتقال الركن كله فلا ينتهي من التكبيرة كلها وهو لا يزال واقفا مثلا فيسجد المأموم قبله ولا يتأخر بابتدائها إلى أن يسجد فيتأخر المأموم في السجود أو يرتبك.
· ومن فقه الإمام مراعاة المستوى العلمي للمأمومين فلا يفاجئهم بسجدة التلاوة مثلا وهم لم يتعلموها بعد فيرتبكوا وربما يظن أحدهم أن الإمام زاد ركعة في صلاته.
من الطريف أن إماما صلى المغرب فسجد للتلاوة فأقسم الناس أن السنية يصلون المغرب أربع ركعات.
رابعا: قراءة الإمام..
· أما عن قراءتك أخي الإمام فنذكرك بالآتي..
1ـ إهتم بمراجعة القران ولعلك تحفظ وصية النبي صلى الله عليه وسلم كمافي الصحيحين: (تعاهدوا القرآن فو الذي نفسي محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها), ولا تدخل الصلاة بغير مراجعة مهما كنت حافظا فكثيرا ما أخطأ بعضنا في سور قصيرة لأنه لم يراجعها قبل الصلاة
2ـ من الضروري جدا أن يكون لك ورد مراجعة ثابت كما كانت عادة السلف رضى الله عنهم
3ـ أُحصُر أخطاءك بعد كل صلاة ثم راجعها بعناية.
4ـ إن بعضنا يستهين بأخطائه في الصلاة فتتكرر منه وهو لا يبالي مع أن خطأ الإمام يشغل المصلين ويقلقهم والمأموم يستريح في صلاته خلف الإمام المتقن لحفظه.
5ـ إهتم بجودة أحكامك دراسة نظرية وتدريب عملي لأنك بتلاوتك تُسمع الله تعالى والملائكة.
6ـلا تتقدم للإمامة قبل أن تعرض ما تحفظ على شيخ كبير وينبهك إلى أخطائك ويوجهك.
7ـ لا تهدر أحكام التلاوة عند السرعة ولكن السرعة ترخص لك في بعض الأحكام كإشباع الممدود والغنة فراجع ذلك في كتب القراءات.
8 ـ لا تتشدد ولا تتكلف في الأحكام بحيث تبطئ التلاوة وتتأخر فيها فيمل المأمومون.
9ـإنتبه إلى الوقف والابتداء حتى لا تقف وقفا قبيحاً ويفضل أن تراجع ما ستصلي به مؤكدا على مواطن الوقف والوصل وكذلك مواضع انتهاء القراءات لكل ركعة حتى لا تنشغل أثناء الصلاةبمسألة أين ستقف؟
10ـ حسّّن صوتك بالقرآن كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم لتحرك به القلوب ولكن من غير تكلف وتمطيط للحروف إلى أن تصل الفتحة إلى ألف والكسرة إلى ياء
قال الإمام السيوطي : يستحب قراءته بالتفخيم لحديث الحاكم نزل القرآن بالتفخيم قال الحليمي معناها أنه يقرأ قراءة الرجال ولا يخضع بالصوت فيه ككلام النساء.
11ـ سارع بالعودة من الشرود إذا عرض لك ولا تسترسل مع أى فكرة غير القرآن لأنك تؤدى أمانة والشرود مقدمة الخطأ والنسيان.
12ـ أقصر طريق وأفضل حل لنسيانك وارتباك قراءتك هو الركوع فاركع ولا تحدث حالة ارتباك في الصلاة
إن بعضنا يشق على نفسه أن يركع بعد أن نسى وارتبك فيعيد المحاولة مرات ومرات والمصلون يردونه ويعيبونه على إصراره على المواصلة.. هذه الصورة غير مقبولة ولعلك جربت أنك كلما حاولت إثبات قوة حفظك خذ لتك ذاكرتك بسبب نيتك فليس من صلاح النية أن تثبت للناس قوة حفظك
3ـ بيِّن للمصلين أحكام الفتح عليك واتفق معهم على نظام يطمئنهم أنك إن أخطأت فهناك من سيردك ويمنع الفوضى في الرد ومن السنة أن يقف خلفك أولو الأحلام والنهي فادع الحفاظ إلى ذلك ليردوك بسرعة إذا أخطأت فيثق الناس فى التلاوة ولاينشغلوا بالرد
14ـ يفضل أن تنبه المصلين إلى عدة نقاط خاصة بالفتح عليك:
أـ التأكد من خطأ الإمامفربما لا يكون قد أخطأ وإنما وهم الفاتح عليه
ب ـ ترك فرصة للإمام لعله يرجع بنفسه
ج ـ ليس كل خطأ يجب أن يرد فهناك ما يعفي عنه وحدود ما يجب فيه الرد مفصلة في كتب الفقه فراجعها مع حفاظ المسجد.
د ـ على من يرد أن يخلص نيته حتى لا تشوبها نية حب الظهور.
هـ ـ على من يرد أن يسمع الإمام وأن يكون الرد واضحاً.
وـ إذا رد أحد المصلين فعلى بقية المصلين الصمت حتى لاتتداخل الأصوات وتعلو
زـ الرد يقتصر على موضع الخطأ فقط أو على قدر ما يتذكر به الإمام ولا يشترط أن يكون متقن الأحكام ولا بالترتيل فيطول انتظار المصلين لمواصلة الإمام..
إن الخشوع في الصلاة مقصودا يجب أن يراعي ومن أجل ذلك اختلف الفقهاء فيما يُرد وما يترك مراعاة للخشوع.
خامسا : مظهر الإمام
المظهر يدل على الجوهر
والمظهر يؤثر على الجوهر أيضا
وعلى حامل القرآن أن يعتنى بالهدى الظاهر والآداب النبويةالتى تدعوإلى الاعتناء بالظاهر مثل : سنن الفطرة ( قص الشارب وإعفاء اللحية ونتف الإبط وتقليم الأظافر والاستحداد وغسل البراجم )
وكذلك نظافة الثياب فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نظيفا جميلا يحب الطيب ويكره الريح الخبيثة ولذلك كان يستاك كثيرا
ملحوظة( السواك إذا لم تغير فرشاته كل أسبوع ولم ينظف أصبحت نتيجة استخدامه عكسية )
وكان صلى الله عليه وسلم يرجل شعره(يسرحه )
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يحب ان يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا فقال ان الله جميل يحب الجمال ) رواه مسلم
وختاما
أخي الإمام :
أنت مقبل على وقوفك بين يدي الله تعالى هل تعي ذلك؟,
إذا ًفلتستعد لهذا الموقف استعدادا يليق به من كل جانب :
قلبك ، وخلقك وقراءتك ، وفهمك ، ومظهرك العام
( ثيابك ،
ورأسك ،
ولحيتك ،
ورائحتك ،
وغير ذلك.
إن الإحسان في الوقوف بين يدي الله تعالى في الصلاة علامة على إحسان الوقوف بين يدى الله يوم القيامة (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ).
الجماعة الاسلامية