حماس وعرفات‏..‏ نفس السيناريو‏!‏
بقلـم: مرســى عطــااللــه
<!heade>


من بين أكثر المغالطات غرابة في قاموس السياسة الدولية‏,‏ ذلك الزعم الذي تردده إسرائيل بأنها مضطرة للتصرف بمفردها بشأن مستقبل الضفة الغربية وغزة‏,‏ نظرا لعدم وجود شريك فلسطيني قادر علي التفاوض معها‏,‏ بشأن ما تعتبره ـ من وجهة نظرها ـ أراضي متنازعا عليها وليست أراضي محتلة‏,‏ وبالتالي فإن إسرائيل لا تشكك بقدرة الفلسطينيين علي أن يكونوا شركاء في المفاوضات وإنما هي تريد أن يدخل الفلسطينيون إلي التفاوض وهم مجردون من أهم سلاح في أيديهم‏,‏ وهو مرجعية التفاوض الممثلة في مقررات الشرعية الدولية‏,‏ التي تعتبر أن ما جري الاستيلاء عليه في يونيو‏1967‏ أراض محتلة طبقا للمبدأ الأساسي في القانون الدولي القائل بعدم جواز الاستيلاء علي أراضي الغير بالقوة‏.‏

ولعل ما يبعث علي الأسف أن هذه المغالطة الإسرائيلية الفجة حول مسألة الشريك‏,‏ وجدت من يدعمها دعما مطلقا داخل إدارة الرئيس بوش في واشنطن‏,‏ ووجدت أيضا من بدأ يصدقها داخل دول الاتحاد الأوروبي‏,‏ الذي يتراجع موقفه يوما بعد يوم لمصلحة إسرائيل‏,‏ خصوصا بعد فوز حركة حماس بأغلبية المجلس التشريعي الفلسطيني وتأهلها لتشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة‏.‏

والحقيقة أن التسليم بحق إسرائيل في أن تحدد ما إذا كان في الجانب الفلسطيني شريك تفاوضي ـ أم لا ـإنما مثل ارتدادا عن كل ما تحقق ـ علي مدي أكثر من عقدين ـ لنشر أجواء السلام وبناء روح الثقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين‏.‏

أريد أن أقول إن حكومة إسرائيل‏,‏ التي لا تخفي رفضها الشديد لنهج السلام‏,‏ تحركت في اتجاهين متوازيين‏..‏ الاتجاه الأول يتمثل في دفن اتفاقيات أوسلو بطرح بدائل تعجيزية من نوع خطة الانسحاب الأحادي الجانب من قطاع غزة‏,‏ مع مواصلة توسيع المستوطنات وبناء الجدار العنصري الفاصل‏,‏ والاتجاه الثاني يتمثل في عدم الاعتراف بحركة حماس‏,‏ كممثل للشعب الفلسطيني‏,‏ بالادعاء بأنها حركة إرهابية وعدم الاعتداد بانتخاب الشعب الفلسطيني لها والسعي لإنتاج قيادة فلسطينية بديلة تكون جاهزة ومستعدة للتوقيع علي التسوية التي تريدها إسرائيل‏.‏

ومن المؤكد أنه لم يكن بإمكان إسرائيل أن تمضي في خطتها ذات الاتجاهين المتوازيين‏,‏ لولا شعورها بأن الأوضاع الدولية والإقليمية الراهنة أصبحت مواتية وملائمة لإسرائيل‏,‏ لكي تنفذ كل ما يحلو لها تحت ظلال عصر القوة الأمريكية المطلقة‏,‏ وهي ظلال سمحت لها علي مدي السنوات الأخيرة بأن تتجاهل تقرير ميتشيل وتوصيات تينيت في بداية الأمر‏,‏ برفض العودة إلي خطوط‏28‏ سبتمبر‏2000,‏ ثم القفز من ذلك مباشرة إلي مغامرة محاصرة الرئيس عرفات في مقره برام الله‏,‏ وتقييد حركته لأكثر من عامين دون أن يصدر أي رد فعل دولي أو عربي يجبرها علي التراجع عما يمكن اعتباره سابقة دولية خطيرة تجاه زعيم وطني منتخب بإرادة حرة من شعبه‏,‏ الباحث عن الاستقلال والحرية وحق تقرير المصير إلي أن وافت الرجل المنية في ظروف مريبة لم تتضح تفاصيلها بعد‏!.‏

ولكي تغطي حكومة إسرائيل فعلتها‏,‏ وتحصل علي غطاء لأفعالها غير المشروعة‏,‏ فإنها تخلت عن منهجها الدائم في تنحية الأمم المتحدة عن أي دور مباشر يتعلق بعملية السلام‏,‏ وارتضت بدور لما يسمي باللجنة الرباعية الدولية‏,‏ التي تضم أمريكا‏,‏ وأوروبا‏,‏ وروسيا‏,‏ والأمم المتحدة‏,‏ مقابل أن يصمت الجميع عن مراحل السيناريو الذي شمل عرفات‏,‏ ووصل الآن إلي الزعم بعدم وجود شريك علي الجانب الفلسطيني بتكرار نفس الدعاوي السابقة ضد عرفات حول تهم العنف والإرهاب‏!.‏

إن خطورة ما تصر عليه إسرائيل بشأن تشويه حركة حماس ويلقي دعما أمريكيا وقدرا من القبول والفهم الأوروبي‏,‏ هو أن ذلك يمثل ردة إسرائيلية ودولية عن خيار السلام‏,‏ الذي مازال يمثل خيارا استراتيجيا للفلسطينيين والأمة العربية بأكملها‏.‏

إن ما يقوله الإسرائيليون الآن عن عدم وجود شريك تفاوضي في الجانب الفلسطيني‏,‏ لا يختلف عن الذي كانوا يقولونه قبل اتفاقيات أوسلو‏,‏ من أن إسرائيل لن تتفاوض مع منظمة التحرير‏,‏ ولن تعترف بها‏..‏ ومثلما كان شامير يلوح بعصا التهديد للدول الأوروبية قائلا‏:‏ عليكم أن تختاورا بين الصداقة مع إسرائيل أومواصلة الاتصال مع منظمة التحرير الفلسطينية‏,‏ نسمع اليوم إيهود أولمرت وهو يهدد أي مسئول أوروبي بأن إسرائيل سوف تقطع أي اتصالات معه‏,‏ إذا عامر وذهب للقاء أي مسئول في حركة حماس‏..‏ ثم إن إسرائيل سبق لها أن اعتبرت عرفات شخصا غير مرغوب فيه كشريك تفاوضي رغم كل ما قدمه الرجل علي طريق السلام ورغم شجاعته في الاعتراف بإسرائيل وتغيير الميثاق الفلسطيني‏!.‏

ومن الغريب أن أوروبا التي لم تعر اهتماما لتهديدات شامير في مطلع التسعينيات من القرن الماضي‏,‏ هي التي يرضخ أغلب المسئولين فيها ـ الآن ـ لتهديدات أولمرت‏!.‏

وربما يقول قائل ـ والقول في ظاهرة صحيح ـ إن بعض مظاهر الغياب للوحدة الفلسطينية حاليا ورفض حركة حماس الاعتراف بإسرائيل‏,‏ هي التي ساعدت إسرائيل علي تكثيف ضغوطها في الساحة الدولية لتشويه النضال الفلسطيني وتصويره علي أنه مجرد عمليات إرهابية‏,‏ بينما هاجس الرعب من الإرهاب شبح يطارد الجميع بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر‏,‏ ولكن مثل هذا القول لا يمثل سوي جزء بسيط من الحقيقة‏,‏ التي تقول إن وطأة الضغوط الأمريكية لمصلحة إسرائيل في أوروبا‏,‏ وسائر دول العالم‏,‏ أصبحت فوق قدرة الاحتمال لكثيرين‏!.‏

باختصار شديد أقول إن ما تتعرض له حركة حماس اليوم لا يختلف كثيرا عما تعرض له ياسر عرفات بعد انتفاضة الأقصي في‏28‏ سبتمبر عام‏2000,‏ وحتي رحيله المفاجئ والغامض في نوفمبر‏2004.‏

‏***‏
‏**‏ بعيدا عن السياسة‏:‏
‏**‏ عليك بالتصدي لكل أزمة وكأنك سيدها‏..‏ ولا تدعها تسيطر عليك وتكون سيدتك‏!.‏


مغالطات فجة .. وشماعة زائفة‏!‏
بقلـم: مرســى عطــااللــه
<!heade>


من بين أكثر المغالطات فجاجة في أزمة الرسوم المسيئة للنبي محمد صلي الله عليه وسلم ذلك الزعم بأن العالم العربي والإسلامي لايدرك المعني الصحيح لحرية التعبير المعمول بها في أوروبا والتي سمحت لمثل هذه البذاءات أن تجد طريقها إلي النشر

أن الذين يقولون بذلك في الغرب لايغالطون سوي أنفسهم لأننا لانختلف علي الحق في حرية التعبير ولكن الحرية لها حدود وتخوم لايجوز لها ان تتخطاها خصوصا تلك التي تتعلق بالأديان والمقدسات والمعتقدات

أية حرية تلك التي يجوز باسمها التطاول علي أديان سماوية وإثارة مشاعر أمة بأكملها وبما يمكن أن يفتح الباب لتطاولات مضادة لايستطيع أحد أن يعرف مخاطر اللجوء إليها‏!‏

وأي منطق هذا الذي تمسك فيه الولايات المتحدة العصا من المنتصف عندما تزعم علي لسان المتحدث الرسمي باسم الببت الأبيض أنها تنظر إلي هذه القضية الشائكة بموقف متوازن حيث تتفهم غضب المسلمين ضد الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام وفي نفس الوقت تأمل في إدانة ماتسميه خطاب الكراهية ضد المسيحيين واليهود‏!‏

إن البيت الأمريكي عندما يقول بذلك فإنه لايسعي فقط لتبرير الجريمة ولا إلي مجرد تقسيم الادانة بين من ارتكبوا الجرم ومن غضبوا كرد فعل طبيعي للإهانة التي لحقت بهم وإنما يراد استخدام شماعة حرية التعبير لتهيئة الأجواء التي يمكن أن تسمح بتكرار نشر هذه الرسوم في الصحف الأمريكية أيضا استنادا إلي ما قاله المتحدث باسم البيت الأبيض بالحرف الواحد‏:‏ إن أمريكا تتفهم أهمية حق الناس في التعبير عن أفكارهم وحرية الكلام في المجتمع

لقد كان حريا بالولايات المتحدة الأمريكية ان تلتزم الصمت إذا لم يكن بمقدورها أن تقف إلي جانب الحق وأن تدين الجريمة الشنعاء التي أصابت الأمة العربية والإسلامية والتي تئن بجراح كثيرة من الممارسات الأمريكية الفظة المثيرة للمشاعر من نوع ما ظهر أخيرا من صور قذرة حول تعرض السجناء العراقيين في سجن أبو غريب للإهانة والتعذيب اللا أخلاقي من جانب جنود القوة الأعظم التي تبشر بالحرية وتزعم أنها رسول الديمقراطية في العالم‏!‏

انه لعار علي من يزعمون أنهم رواد للحضارة الإنسانية المعاصرة أن يتعاملوا مع هذه القضية بسياسة الكيل بمكيالين وبازدواجية فاضحة للمعايير تحت مسمي الموقف المتوازن في التعاطي مع الفعل ورد الفعل‏!‏

ان رواد الحضارة المعاصرة كان يتحتم عليهم أن يملكوا شجاعة الاعتراف بالخطأ والمبادرة بالاعتذار عنه بصراحة بدلا من محاولات الالتفاف التي لايمكن لها ان تهديء من مشاعر الغضب في أمة ذاقت الأمرين علي طول تاريخها من فجاجة الاستعلاء الغربي

لقد كان ينبغي علي الغرب الأوروبي والأمريكي ان يسارع الي محاولة اطفاء نيران الغضب بإدانة هذه الرسوم واعتبارها عملا مرفوضا يندرج تحت تهم التحريض علي الكراهية والعنصرية ولكن العكس هو الذي حدث بكل آسف‏!‏

لقد استخدم الغرب شماعة حرية التعبير استخداما سيئا أدي إلي إعادة الرسوم الكاريكاتورية التي نشرتها الصحف الدنماركية في العديد من الصحف الأوروبية الأخري وبالذات في فرنسا وهو ما أعطي رسالة سيئة للعالم الإسلامي مفادها أن هناك سبق إصرار وترصد لايمكن السكوت عليه‏!‏

ثم بعد ذلك يتحدثون عن محاربة الإرهاب ومحاكمة مجرمي الحروب بينما كل معطيات ونتائج هذه الرسوم البذيئة تتجاوز جرائم الإرهاب وخطايا مجرمي الحروب علي طول التاريخ

والحمد لله أننا رغم كل هذه الإساءآت القذرة مازلنا ندعو إلي حوار الحضارات ونتحرك علي طريق الدعوة لصياغة رؤية مشتركة للتقريب بين الأديان وتلك هي عظمة المباديء الرفيعة للإسلام التي مازالت غائبة عن أذهان الكثيرين في دول الغرب لأسباب يطول شرحها‏!‏

وعلي الجميع ان يحذروا من وجود أصابع تسعي لإشعال نيران صراعات دينية تكون عنوانا للأزمات والحروب القادمة التي يراد لها ان تجذب الأنظار بعيدا عن جرائمهم وخطاياهم التي فاقت كل طاقات الاحتمال‏!‏

***‏
‏*‏ بعيدا عن السياسة‏:‏
‏*‏ يخطيء من يظن أن للصوت تأثيرا أشد من الصمت‏!‏

  • Currently 105/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
35 تصويتات / 572 مشاهدة
نشرت فى 30 مارس 2006 بواسطة ELKADEY44

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

354,181