في البداية تأكد عزيزي الباحث إنني احبك في الله وأعلم انك ترغب اليوم قبل الغد في الحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه في التربية (تكنولوجيا التعليم) ، وأنك في حيرة بين ما يقال من آراء عن كيفية إعداد خطة البحث، وبالتحديد مشكلته وارتباطها بمجال تكنولوجيا التعليم ، وأعلم أيضا أن ما يشغلك هو الخروج من هذه المرحلة على خير ، والخير نسبي عند البشر يا عزيزي، ولا يعلمه إلا الله عزل وجــل، والمعيار عند الباحثين أن يحصلوا على الدرجة العلمية في اقرب وقت، ولذا نصيحتي لك بـــعــدم التســــــرع في تحديد مشكلة بحثك، وفي يوم العرض على السيمنار دون الاستعداد الحق، وأن تنسق مع الأساتذة ذات الصلة بفكرتك البحثية ، الذين يدعمون فكرتك وفق معايير تخصصية، لا الذين يختارونها لك، فتصبح مسخ من غيرك، وتصنف ممن لا هوية لهم، وتفتقد لأفضل ما يتميز به الباحث الحق وهو التفرد في الأفكار المبتكرة، المدعم للتخصص، لا الناقل لأفكار الآخرين. ولذا عليك بذلك، ثم عليك بالتجهيز قبل يوم العرض بوقت كافي.
أنصحك بمراعاة معايير إعداد الخطة، أهتم بشكل كتابة العنوان، ومع ذلك لا تخف إذا سجلت عنوان بحثك وتريد أن تعدله فيما بعد، فالأمر يحتاج 6 شهور لا اكثر ويمكن أن تناقش بعد ذلك بست شهور أخرين.
أنصحك بالدقة في طريقة العرض ولا تكتفي بالشرح اللفظي أثناء السيمنار، ولا تقرأ الخطة المعروضة ضوئيا ولا تتسرع في الكلام ، وثق في نفسك أثناء العرض، واعتمد على الشرح والتركيز في طرح المشكلة وتصورك لحلها كما حددت في هدفك، وتيقن انك اقرب شخص للخطة في هذا المكان، عليك أن تمتص كل الآراء برقة ؛ حتى لا يبخل عليك أحد، واجعل كلامك بعد العرض قليل، وانتظر آراء الآخرين، فلا تهاجم رأي أحد في السمينار، وأحترم كل ما يقال ، ولا تغضب من صاحب راي ، فالكثير يريد مساعدتك والبعض يتكلم لأثبات الوجود ولا يعلم في الموضوع شيء، والبعض لا يقتنع بما تفعله، وهذا معتاد في التخصصات العلمية. استخلص كل رأي تجده مناسب واجري التعديلات المتفق عليها في السمينار بكل أمانة والتي تتفق مع مشكلتك لمتابعة ســير التسجيل.
عزيزي الباحث.. تكنولوجيا التعليم علم يهدف لتصميم التعليم وتطويره وتنفيذه وإدارته وتقويمه ليصبح هذا التعليم ممتع للمتعلم. ولذا فالتصميم التعليمي وتطويره لا يعتد به ولا يستند عليه إلا إذا اعتمد على النظريات النفسية والبحوث الأصيلة في المجال، والتي تستند على التوظيف المتكامل للعناصر البشرية وغير بشرية لتحسين كفاءة التعليم والتعلم.
ضع في اعتبارك أن تكنولوجيا التعليم هدفها حل المشكلات التربوية بطريقة منظمة ، ولذا فهي باقية بقاء التعليم، بل وجاءت منذ نشأته، ولذا هدفها حل المشكلات التعليمية، لا غير ذلك، سواء جاء هذا الحل بإنتاج برنامج تعليمي أو باستخدام جهاز قديم أو حديث، أو ربما بتحسين الأداء اللفظي فقط، أو غير ذلك من حلول لتكامل العناصر التعليمية.
قد يعتقد البعض أن القصور الموجود في تصميم الوسيط التقليدي أو الإلكتروني كبرامج الكمبيوتر أو الصفحات الإلكترونية أو غيرها من الوسائط هي المشكلة البحثية الواجب طرحها للحل ، ولا يعلم أن محاولته للتغلب على أوجه القصور في هذا الوسيط التعليمي راجع لوجود مشكلة تعليمية وتناوله لهذا الوسيط التعليمي ليس إلا حل للمشكلة التعليمية الأصلية.
أن هذا الوسيط قد لا يكون سبب في حل المشكلة التعليمية، ونصبح في حاجة إلى وسيط تعليمي بديل، فما يصلح مع هدف تعليمي من هذه الوسائط قد لا يصلح مع غيره ، بل قد يناسب فئة من المتعلمين دون غيرهم، وهذا يجعلنا نبحث عن مشكلة تعليمية لتكون نــــواه للســــــــير في تحقيق أهداف التخصص، وهذا السبب الذي ادخل من أجله قسم تكنولوجيا التعليم في كلية التربية، وقام عليه العديد من الباحثين ذات التخصصات المتكاملة ، بل واصبح دورهم التنسيق وفق تخصصاتهم المختلفة للتكامل فيما بينهم لتناول المتغيرات البنائية داخل عناصر العملية التعليمية والتي منها الوسائط التعليمية وليس كلها، سواء كانت فنية أو تقنية، لا من اجل توظيف هذا الوسيط التعليمي في حد ذاته ولكن من اجل الوصول لحل المشكلة التعليمية ذات الصلة بالمتغير التابع سواء كان لتنمية مهارة محددة ، أو لتدني في التحصيل أو غيره من المشكلات التعليمية.
وهذا يجعلنا دائما تؤكد أن هدف البحث في مجال تكنولوجيا التعليم لم يكن بأي حال من الأحوال نتاجه النهائي هو قياس أثر وسيط تعليمي داخل الموقف التعليمي بالمقارنة بعدم وجوده ، فالمنطق يؤكد أن أثــر هذا البرنامج المقنن سيكون أجدى ، فكيف لا يكون اجدى من الطريقة التقليدية ، والباحث تأكد من خلال الخبراء وراجع عشرات البحوث وعاد إلى أغلب المعايير التربوية والفنية والتقنية التي أكدت أن برنامجه اتبعها، هل بعد كل ذلك يريد أن يقارن بين وجود هذا الوسيط الجديد وعدم وجوده ، وما أثره على المتغير التابع ؟!
إن صياغة "مشكلة البحث في تكنولوجيا التعليم " هي حالة فردية تحتاج تقنين، أو ظاهرة يقابلها الباحث وصادفت غيره في أعمالهم التدريسية، وأن إبرازها يتأكد من خلال قراءات الباحث في تخصصه وتخصص غيره، ولكن الحل يجب أن يأتي من مجاله ، وهنا يصبح بحث أصيل ، وهنا يجب الإشارة بأن تكنولوجيا التعليم لا تقتصر على متغيرات تصميم الوسائط التعليمية وإنتاجها كما يظن البعض ، بل تشمل عناصر الموقف التعليمي كالتقديم والتقويم ، أو ربما تنال متغيرات لا دخل لها بالوسائط التعليمية ، فقد يكون سبب المشكلة متغيرات إدارية ذات صلة بالتكلفة في المؤسسة التعليمية، أو ربما المشكلة متصلة بطبيعة الخامات والأدوات المصنوع منها بيئة التعليم كالنوافذ داخل حجرة الدراسة أو مناخها أو ما تسببه اهتزاز الصوت ، أو ربما ألوان الحوائط وانعكاساتها على وجوه المتعلمين ، أو ربما أيضا مشكلات تخص تصميم واجهة التفاعل في التعليم الإلكتروني، وإدارة نظم نقل الملفات، أو أنماط التفاعل بين المتعلم والبيئة الإلكترونية، أو ربما اختلاف مستوى البعد الثالث ودرجة التجسيم للصور والرسوم المستخدمة في البيئة الإلكترونية، ولكن على الباحث تناولها من جانب ما تسببه من مشكلات تعليمية تعوق تحقيق الأهداف التربوية، لا من حيث كونها مشكلات تقنية داخل الصفحة إلكترونية أو البرنامج التعليمي، وهذا هو الخيط الرفيع الذي لا يلاحظه البعض في مجال تكنولوجيا التعليم .
إن دور الباحث في تكنولوجيا التعليم يختلف عن دور غيره من الباحثين في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ، الذين يصممون صفحات الويب وغيرها من أدوات التواصل وفق أهداف غير تعليمية ، ولا تنتمي للتعليم بأي صلة، ويصبح دور الباحث في تكنولوجيا التعليم ؛ البحث عن حلول لمشكله تعليمية ، يلجأ في ضوئها بالتنسيق مع متخصص في مجال تكنولوجيا المعلومات لحل مشكلة تقنية أو فنية ، وهنا يصبح تهيئته لهذه الأداة الإلكترونية أو وسيلة التواصل الاجتماعي لتصطبغ بالثوب التعليمي وفق معاييره وأسسه، وقد ينجح في ذلك وقد لا ينجح ، وهنا يصبح تناوله للمتغيرات البنائية لهذا الوسيط الإلكتروني أو غيره جاء بهدف الوصول لحل مشكلة في المجال التعليمي لا في مجال تكنولوجيا المعلومات كما يسير البعض في بحوثه.
وفي ضوء ما سبق يصبح حاجتك كباحث يطرح مقدمة مشكلته أن يضع نصب عينيه ما يميزه عن غيره من المجالات الأخرى، وبعد ذلك عليك بتوخي الحذر في طريقة عرضك، لذا عليك بالبدء من المعلومات العامة إلى الخاصة، وكن مباشر في تحديد متغيراتك المستقلة ومدى قيمتها العلمية، ثم أنتقل بالتدريج في سطور قليلة لوصف "الإحساس بالمشكلة" ووفق محددتها، وعليك بوضع عنوانك التالي "تحديد المشكلة" في عبارة تقريرية لا استفهامية، كما يرى البعض، فكيف تكون المشكلة مثلا "ما أتجاه الطلاب نحو..؟ أو ما هي مواصفات نموذج مقترح..؟، أو ما فاعلية برنامج كمبيوتر...؟، إذا أن عزيزي الطالب لو كانت المشكلة هكذا.. فما هو هدف البحث أذن ؟!!!
سأطرح عليك عزيزي الباحث إحساس بمشكلة بحثية وهي أنني لاحظت تدهور - في عام سابق - في مستوى طلاب مرحلة الدكتوراه بقسم تكنولوجيا التعليم وبالتحديد في "حلقة البحث" ، وظهر ذلك بوضوح في إعدادهم لخطط بحوثهم، وتأكد الباحث من ذلك بالرجوع لآراء بعض الزملاء المشرفين على خطط هذه البحوث في التخصص ، وكذلك تأكد له من وجود المشكلة من خلال استطلاع أراء بعض الباحثين الجادين وبالتحديد نحو عدد من معايير كتابة خطط البحث العلمي، وبعد رجوعه للعديد من الدراسات والأدبيات التي تناولت هذا الموضوع في تخصصات تربوية أخرى غير مجال تكنولوجيا التعليم، ولذا فكر الباحث في تصميم برنامج تفاعلي تدريبي عبر الإنترنت لتغلب طلاب هذه المرحلة على هذه المشكلات، بحيث يقيس بها أثــر هذا البرامج، ثم يتناول بعض المتغيرات البنائية الأخرى داخله، ويجرب البحث على عينة من الطلاب والطالبات للتأكد من تحسن أداءهم في كتابة خطة البحث ومن ثم الموافقة على التسجيل وفق المعايير الصحيحة، كما سيتتبع أيضا من خلال استبيان مدى التغير الذي طرأ على آرائهم نحو تصميمهم للخطة البحثية وهنا سأطرح عليكم عدة صياغات تتبلور فيها مشكلة البحث، قد يكون بعضها غير صحيح، ومع ذلك منتشرة في الخطط البحثية داخل التخصص وهي:
- ما أثر برنامج تفاعلي تدريبي عبر الإنترنت لطلاب مرحلة الدكتوراه بقسم تكنولوجيا التعليم في تصميم خطة البحث؟ (عزيزي الباحث هذا سؤال وليس مشكلة ولا نعرف سبب تصمميه لهذا البرنامج، قد ينبع منه هدف البحث ولكن لا يمكن أن يكون تحديد للمشكلة)
- عدم وجود برامج تدريبية لطلاب مرحلة الدكتوراه بقسم تكنولوجيا التعليم على كتابة خطة البحث.(عزيزي الباحث هذا تعبير يدل على غضبه من عدم وجود برنامج وليس مشكله).
- الكشف عن العلاقة بين أداء طلاب مرحلة الدكتوراه بقسم تكنولوجيا التعليم وقدرتهم على تصميم خطة البحث.(الكشف عن العلاقة شيء جيد ولكن ليست المشكلة محل البحث الحالي).
- تصميم برنامج تفاعلي تدريبي عبر الإنترنت لطلاب مرحلة الدكتوراه بقسم تكنولوجيا التعليم وقياس أثره على أداءهم لتصميم خطة البحث.(هذا عزيزي الباحث إجراء وليس مشكلة فالباحث يصمم برنامج، وما المشكلة في ذلك فليتوكل دون مشكلة).
- إجراء تجربة بحثية على مجموعة من طلاب مرحلة الدكتوراه بقسم تكنولوجيا التعليم لتحسين أداءهم من خلال برنامج تدريبي تفاعلي عبر الإنترنت. (هذا عزيزي الباحث جزء من إجراءات البحث فكيف تكون المشكلة، فهل يكون الطريق للمشكلة هو نفسة المشكلة ؟).
- تدني مستوى طلاب مرحلة الدكتوراه بقسم تكنولوجيا التعليم وتزايد اتجاهاتهم السلبية نحو كتابة خطة البحث، بجانب وضوح ضعف أدائهم في إعداد خطة البحث مما انعكس على بحوث قسم تكنولوجيا التعليم الحالية. (هذا مدخل مقبول ولكن إحساس الباحث بهذا التدني ليس دليل حتمي فقد يكون مدخل تصميم برنامج ليس هو الحل، وربما تكون طريقة تدريس المقرر لا تزيد من أداء الباحث في هذا الجانب، وقد يتطلب الأمر عقد لقاءات شفاهية تفاعلية وجه لوجه، أو قد يعقد مؤتمر تفاعلي عبر الإنترنت للمناقشة حول إعداد الخطة للتغلب على ضعف أداء الطلاب، ويبحث عن فاعلية هذه الأنماط، أو ربما يجد حلاً اكثر دقة للمشكلة، بمعنى أن المشكلة واحدة ولكن تتعدد مداخل حلولها، ويصبح وجود برنامج وقياس فعاليته ليس حلاً قاطعا في مجال تكنولوجيا التعليم ، فقد يكون في مجال تربوي أخر، ولكن استخدام البدائل والمتغيرات البنائية داخل البرنامج الواحد تحدد بدقة افضل حل للمشكلة وهو ما يخص مجالنا، وهنا عزيزي الباحث فإن الإحساس بوجود المشكلة يتطلب، مراحل للتأكد من وجودها:
1- آراء الزملاء القائمين بالتدريس لنفس المقرر أو ما شابهه في تخصصات أخرى ولكن لها نفس النتائج ، قد تصل بالباحث لان هناك ثغرة أو اتجاه لما يمكن تناوله بالبحث.
2- آراء الباحثين بأن هناك فعلا حاجة لبرنامج ما عبر الإنترنت يتيح لهم التعلم في أي وقت واي مكان، أو قد تطرح عليهم اكثر من حل (وسيط) ويختاروا فيما بينهم، ويصبح حل المشكلة تناول متغيرات بنائية داخل هذا الوسيط التعليمي ليصبح الأفضل من غيره.
3- قيمة المشكلة تستحق فعلا حلها من تعميم استخدام البرنامج التفاعلي المقترح أو هذا الوسيط التعليمي بصفة عامة، أم لا تستحق تكلفتها والوقت المخصص لها، وهذا يظهر من دراسة الباحث لتكلفة تصميمة لهذا الوسيط التعليمي ، وربما من خلال رجوعه لدراسات الجدوى التي تناولتها دراسات أخرى ركزت على هذا الجانب، وأيضا برجوعه للدراسات السابقة ، وهل تناولها باحثون أخرون؟، ومن خلال حلول أخرى أو أنماط ووسائط تعلمية أخرى.
4- أساس نظري ونظريات معرفية لها صلة بحل المشكلة، وغالبا في مجال علم النفس بصفة عامة وعلم النفس المعرفي بصفة خاصة وذات صلة بحاستي السمع والبصر، وترميز المعلومات اللفظية وغير اللفظية ، وجانبها التمثيلي في العقل الإنساني، وكذلك ثقل هذه المعلومات ومدى العبء المعرفي أو الإدراكي لها في المخ وهكذا من روابط تجعل لخطة البحث قيمة علمية.
وهنا يبدأ الباحث بطرح أسئلة البحث وهي أسئلة يرى أن الإجابة عنها وسيلة للوصول لحلول محتملة لمشكلة البحث، ولذا غالبا ما تتفرع إلى أسئلة تلقي الضوء على إجراءات البحث لحل المشكلة، فمثلا لو المشكلة تدني مستوى طلاب مرحلة الدكتوراه بقسم تكنولوجيا التعليم في كتابة خطة البحث ستكون الأسئلة:
1- ما أثر برنامج تفاعلي تدريبي عبر الإنترنت لطلاب مرحلة الدكتوراه بقسم تكنولوجيا التعليم في تصميم خطة البحث؟ كسؤال أول ثم
2- ما أثر التفاعل بين النمط المعرفي ( ، ) لطلاب مرحلة الدكتوراه بقسم تكنولوجيا التعليم ونمط الإبحار ( ، ، ) داخل هذا البرنامج عند تصميم خطة البحث؟
3- ما هي أراء طلاب مرحلة الدكتوراه بقسم تكنولوجيا التعليم نحو هذا البرنامج التفاعلي عبر الإنترنت لتدريبيهم في تصميم خطة البحث؟
وهنا نشير إلى عدد الأسئلة غير البحثية والتي تكون من اشهرها في البحوث الحالية "ما المواصفات التربوية والفنية اللازمة لتصميم برنامج ....... وهنا يصبح السؤال الذي لا داعي له في وقتنا هذا فالمواصفات أصبحت متوفرة في العديد من الدراسات السابقة ولا يحتاج الأمر لسؤال بحثي، إلا ما ندر، وهنا قد يكون الباحث له الحق ولكن عندما تكون هذه المواصفات لم تحدد من قبل، ويصبح تناولها متطلب لبناء البرنامج التعليمي، ولكن من الطريف أن يطرح هذا السؤال المتكرر على الخبراء حول المواصفات الفنية مثلا ، ورغم أن هذه المواصفات مأخوذة بالضبط من بحوث أخرى إلا أن الباحث يسأل الخبراء وينتظر في شغف الإجابة مثلا على عبارة " يجب أن يكون الموضوع التعليمي في البرنامج متباين مع الخلفية " هل يتوقع الباحث إجابة أخرى غير "أوافق" !
سؤال مطروح أيضا "ما المحتوى التعليمي اللازم لبرنامج التدريب على تصميم خطة البحث؟" رغم أن هذا متطلب من إجراءات عمل البرنامج وليس سؤال بحثي ولكنه يطرحه الباحث كسؤال.
سؤال متكرر وهو "هل توجد فروق بين نتائج الطلاب والطالبات؟" والأمر هنا يتطلب ما نوع الفروق وما دلالة هذه الفروق وما حاجة المشكلة لمعرفة أسباب هذه الفروق وما مدى هذه الفروق، حتى يلجأ الباحث لها؟ سؤال مقبول ولكنه ليس دقيق وهو "هل حقق البرنامج نجاح في رفع مستوى الطلاب والطالبات نحو بناء خطة البحث؟" نعم حقق ولكن ما نوع ذلك والى أي مدى وفي ماذا بالضبط.
وقد يطرح الباحث أسئلة بحثية ولكنه مركبة، فمثلا "إلى أي مدى يتأثر تصميم البرنامج بالأنماط المعرفية للطلاب وبالاتجاه نحوه؟ أو ما العلاقة بين محتوى البرنامج والخلفية المعرفية للطلاب، ومستوى الأداء في بناء الخطة البحثية لطلبة الدكتوراه؟
قد يطرح الباحث أسئلة غير محددة، فمثلا "ما فاعلية برنامج كمبيوتر في تحسين أداء طلاب مرحلتي الماجستير والدكتوراه عند بناء الخطة البحثية؟
قد يطرح أسئلة غير مرتبطة ولا علاقة لها بالمشكلة بل ربما تعد لحل مشكلة أخرى فمثلا "ما العلاقة بين جنسيات الطلاب عند كتابتهم لخطط بحوثهم؟
أما ما يشغلني عزيزي الطالب حقا " فروض البحث " ، والتي اعتدنا أن تكون تصورات ذكية لإجابات أسئلة البحث، وتحدد وفق قراءة الباحث للأدبيات، وتؤسس على ركائز ومؤشرات علمية مدروسة، ومع ذلك يلاحظ في كثير من خطط بحوث الماجستير والدكتوراه عندنا أن فروضها تتعارض مع الأدبيات المرتبطة أو تصبح دون طعم أو لون فيصبح الفرض صفري على الرغم من أن الباحث يهدف لقياس أثر برنامج روعي فيه الأسس الفنية والتربوية والرجوع للخبراء( وانا لا اعني عدم استخدام الفرض الصفري ولكن يجب أن يكون في محله).
عزيزي الباحث إن استخدام الفروض الصفرية ضرورية عند التحليل الإحصائي للبيانات ولكن لا تستخدم دون فهم لطبيعة المتغيرات المستقلة وعلاقتها بالمتغيرات التابعة في خطة البحث ، فمن غير المنطقي أن يستخدم الباحث استراتيجية مقترحة لتحسن أداء ويضع فرض صفري، ولذا عليه أن يكتب فرض موجه، وعند تحليل البيانات يتناول الفرض الصفري ويقال عن الفرض البحثي بالفرض البديل.
وما يشغلني أيضا أن يضع فروضاً للجوانب الكمية ويهمل الكيفية فيها، أو أن يضع فروضاً مركبة، تحتمل الصدق في بعضها فقط.
أما حدود البحث فقد يختارها الباحث ويحددها وتسمى Delimitations ويكون له مبررها وعليه أن يكتب ذلك في خطة بحثه ، أما إذا فرضت هذه الحدود عليه وقد تمثل له قصور لا يستطيع تجنبه فتسمى Limitations وهي قد تكون عددية ومكانية وزمنية ولكن لا افضل تصنيفها، وعليه أيضا أن يبرر سبب أخذه بهذه الحدود.
أما مصطلحات البحث فتخص الباحث دون غيره وهي عقد بينه وبين القارئ عما يقصده من مصطلحات قد يختلف البعض في تفسيرها أو قد تكون جديدة في التخصص ، ولذا عليك بعدم نقل تعريف من بحث أخر، فهذا سيبعدك عما تريده في بحثك، ولا داعي لان تسرد مجموعة تعريفات ولا تستقر على ما ستتناوله في بحثك، فلا داعي لان تفرق بين الاستخدامات المختلفة للمصطلح، وأنت لا تنوي استخدام هذا الفرق في متغيراتك، وأنصحك ألا تبني مصطلح غير معلوم المصدر أو من بحث لطالب ماجستير أو دكتوراه وغير مقنن من عدة بحوث أخرى.
عزيزي الباحث في مرحلة الماجستير والدكتوراه راعي ألا تخلط بين الهدف والأهمية فهدف البحث هي نتائجه التي ستحل مشكلته، أما الأهمية فهي ما يمكن أن يترتب على هذه النتائج من فوائد لدى المستخدمين في المجال.
ولا تنسى عزيزي الباحث أن منهج البحث قد يكون أكثر من نمط، وهذا سيحدد لك مراحل البحث وخطواته، وكيف سيتم جمع البيانات المطلوبة؟ وما الأدوات البحثية المستخدمة؟ وكيف ستعدها؟ وكيف ستختار عينة بحثك؟ ومن سيؤدي التجربة أنت أم غيرك وكيف؟ وما الخطة الزمنية المقترحة للسير في خطوات البحث، وما المعالجات الإحصائية التي ستطبق؟
وأخيرا لا تنسى الباحث الحبيب أن التسجيل الدقيق والصحيح للمراجع والمصادر التي تستعين بها، أجر أو ذنب سيظل عالق بك ما دام بحثك متداول، فلا يمكن أن تسجل كل ما يقع عليه عينك، ولكن عليك أن تسجل المراجع التي تستعين بها ولا تسجل فقرة نقلا عن أخر، وعليك أن تتبع نظام واحد للمراجع وهو السائد في وقتك.
وافر تحياتي ....
9/11/2013