صلاة عيد الفطر هي سنة مؤكدة, فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وواظب عليها, وأمر بها وهي شعيرة من شعائر الإسلام, ومظهر من مظاهره التي يتجلي فيها الإيمان والتقوى. وقد شُرعت صلاة العيد في السنة الأولى من الهجرة ؛ ودليل مشروعيتها ما رواه أنس رضي الله عنه، قال: (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، ولهم يومان يلعبون فيهما فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ما هذان اليومان، قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، قال: إن الله عز وجل قد أبدلكم بهما خيرًا منهما يوم الفطر ويوم النحر) رواه أحمد وأبو داود، وثبت في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال:(شهدت صلاة الفطر مع نبي الله - صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر وعثمان) ، رواه مسلم .
حكمها : ذهب أكثر أهل العلم إلى أن صلاة العيد سنّة مؤكدة، ورأى بعضهم أنها فرض على الكفاية، إذا قام بها من يكفي سقطت عن الباقين.
وقت صلاة عيد الفطر: من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى الزوال, والأفضل أن تصلى صلاة عيد الأضحى في أول الوقت ليتمكن الناس من ذبح أضاحيهم, وأن تؤخر صلاة الفطر ليتمكن الناس من إخراج صدقاتهم, إذ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، قال جندب رضي الله عنه:(كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بنا الفطر والشمس على قيد رمحين, والأضحى على قيد رمح).
صفتها : هي أن يخرج الناس إلى المصلى يكبرون, حتى إذا ارتفعت الشمس بضعة أمتار, قام الإمام فصلى بلا أذان ولا إقامة - ركعتين يكبر في الأولى سبعاً, بتكبيرة الإحرام والناس يكبرون من خلفه بتكبيره, ويقرأ الفاتحة وسورة الأعلى جهراً, ويُكبر في الثانية ستاً بتكبيرة القيام, ويقرأ الفاتحة, وسورة الغاشية أو الشمس وضحاها, فإذا سلّم قام فخطب في الناس خطبة, يجلس أثناءها جلسة خفيفة، فيعظ فيها ويذكر, ويخللها بالتكبير, كما يفتتحها بحمد الله والثناء عليه، وإذا فرغ انصرف الناس معه، ومن فاتته صلاة العيد فإن له أن يصليها أربع ركعات, لقول ابن مسعود رضي الله عنه:(من فاتته صلاة العيد فإن له أن يصليها أربع ركعات), وأما من أدرك منها شيئا مع الإمام ولو التشهد, فانه يقوم بعد سلام الإمام فيصليها ركعتين, كما فاتته سواء بسواء.
آداب صلاة العيد :
أولاً: الاستعداد لصلاة العيد بالاغتسال ولبس الثياب الجميلة: فقد أخرج مالك في موطئه عن نافع: "أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى" وهذا إسناد صحيح.
ثانياً : يأكل تمرات وتراً قبل الخروج للعيد؛ لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات وتراً، ويقتصر على وتر كما فعل النبي .
ثالثاً: يسن التكبير والجهر به ـ ويسر به النساء ـ يوم العيد منذ خروجه من بيته حتى يأتي المصلى؛ لحديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: "أن رسول الله كان يخرج في العيدين .. رافعاً صوته بالتهليل والتكبير" .. ومن صيغ التكبير، ما ثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه: "أنه كان يكبر أيام التشريق : الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله . والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد"، أخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح.
رابعاً: يسن أن يخرج إلى الصلاة ماشياً؛ لحديث علي رضي الله عنه قال: "من السنة أن يخرج إلى العيد ماشياً"، أخرجه الترمذي، وهو حسن بشواهده.
خامساً: يسن إذا ذهب إلى الصلاة من طريق أن يرجع من طريق آخر؛ لحديث جابر رضي الله عنه قال : "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق"، أخرجه البخاري.
سادساً: إذا وافق يوم العيد يوم الجمعة، فمن صلى العيد لم تجب عليه صلاة الجمعة؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اجتمع عيدان في يومكم هذا، فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا مجمعون إن شاء الله"، أخرجه ابن ماجه بسند جيد.
سابعاً: لا بأس بالمعايدة، وأن يقول الناس:(تقبل الله منا ومنك). قال ابن التركماني: "في هذا الباب حديث جيد .. وهو حديث محمد بن زياد قال: كنت مع أبي أمامة الباهلي وغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فكانوا إذا رجعوا يقول بعضهم لبعض:(تقبل الله منا ومنك) قال أحمد بن حنبل:إسناده جيد" ( الجوهر النقي 3/320 ).
ثامناً: يوم العيد يوم فرح وسعة، فعن أنس رضي الله عنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال : "ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما: يوم الأضحى، ويوم الفطر".
ساحة النقاش