خامساً : أقسام الناس في الإجازة .
ينقسم الناس في قضاء الإجازة إلى أقسامٍ عِدّة بحسب رغباتِ نفوسهم واحتياجاتِهم .
فقسمٌ يقضيها في أداء واجب كـ برّ والد أو صلة رحم واجبة ونحو ذلك .
وقسمٌ يقضيها في القيام بمسنون كـ زيارة الأقارب أو زيارةِ الأصدقاء ، وأداءِ العمرة ، والدعوةِ إلى الله ، والتّفكّرِ في ملكوت السماوات والأرض ، ونحوِ ذلك .
وقسمٌ يقضيها في سفر مباح ، كـ سفرِ النُّزهة المباح ، وطلبِ برودة الجو أو البحث عن علاجٍ ، ونحوِ ذلك .
وقسم يقضيها في أمور مكروهه ، كأن يقضيها في اللهو والعبث أو في النوم ، أو يقضيها في سفرٍ من الأسفار من غير فائدة مرجوّة ، ولا هدفٍ منشود ، مباهاةً للناس ، ولو أدى ذلك إلى تحمل الدَّيْن أو أدى إلى الإسراف أحيانا .
وقسمٌ يقضي إجازته في أمور محرمة ، كالسفر إلى بلاد الكفار أو بلاد العهر والفجور أو ما يُصاحب ذلك السفر من تـهتّك وسفور ، أو تضييع لفرائض الله عز وجل .
وقسمٌ ينتظر الإجازة بفارغ الصبر ، فهو لها بالأشواق ، فإذا قدِمت طار مع رُفقته وترك أسرته ، وربما لجئوا إلى الناس يستجدونهم ويطلبون منهم المساعدة ، وهو في لهو ولعب ، وربما في سفر مُحرّم
ولسانُ حالِ أُسرتِه عموما وزوجته خصوصاً :
لا تسألـوني عنه إنـه طـارا مضى وأشعل في اعماقي النارا
لا تسألـوني عنه حين ودّعني شممت في قوله غِشاً وأسرارا
مضى وفي أعيِن الاطفالِ أسئلةٌ أُجيب عنها اكاذيباً وأعذارا
مضى يجرب أحضاناً ينامُ بـها ينسى على دفئها الاطفالَ والدارا
هكذا يمضي بعضُ الناس وأسرتُه تتمنّى لو صحِبَهم في نُزهة برية أو رحلة خَلَوية ، أو إجازة صيفية .
تتمنّى أُسرتُه أنْ لو قضى معهم إجازةً واحدة .
ويتمنّى أهلُه لو أعطاهم شيئا من حقِّهم المشروع .
وقد تقدّم " إن لأهلك عليك حقـاً ، ولِولدِك عليك حقّا "
وتُشير بعضُ الأرقام والإحصائيات إلى أن :
63% من السياح يسافرون بصحبة الأصدقاء .
29% فقط مع العائلة .
8% بمفردهم .
ولست مع سفر الأسر الأسفار المُحرّمة ، وستأتي الإشارة إلى ذلك .
ولا شك أن قضاء الإجازة إذا كان في أمرٍ أصله مباحاً وصاحبته نيّة صالحة فإنها تُؤثّر فيه .
سادساً : الترفيه بين المشروع والممنوع .
الترفيه عن النفس والأهل والأولاد مطلوب
مطلوبٌ لاستعادةِ النشاط
وتغييِر الجـو
وكسرِ الروتين .
والترفيه لا يحرم لكونه مُجرّد ترفيه ، بل يحرم لما يُصاحبُه .
إما من تضييع فرائض الله .
أو من ارتكاب ما حرّم الله .
أو تضييع الأولاد ذكورا كانوا أو إناثا .
وقد يُنكر بعض الناس على من يُسافر سفراً مُباحاً لمجرّد الترويح عن النفس .
وربما استدلُّوا بقوله عليه الصلاة والسلام : وليس من اللهو إلا ثلاثٌ : مُلاعبةُ الرجلِ امرأتَه ، وتأديبُه فرسَه ، ورميُه بقوسِه . رواه الإمامُ أحمد من حديثِ عقبةَ بنِ عامرٍ رضي الله عنه ، ورواه النسائي في الكبرى من حديثِ جابر رضي الله عنه .
وهذا لا يدلُّ على الحصر ؛ لأنه ورد غيرُ هذه الثلاث كما في رواية النسائي .
ثم إنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُمازِح أصحابه .
فقد مازَح صلى الله عليه وسلم زاهراً والتزمه من خلفه وقال : من يشتري العبد .
وثبت عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا يتبادحون بالبطيخ فإذا كانت الحقائق كانوا هم الرجال . رواه البخاري في الأدب المُفرَد .
وتقدّم قولُ عائشة رضي الله عنها : فاقدروا قَدْرَ الجاريةِ الحديثةِ السنِّ الحريصةِ على اللهو .
سابعاً : الأسرة والحياء .
تظن بعض الأسر أن الحياء في البيوت فحسب ، أو أنه حياءٌ ممن يُعرف .
ناسين أن الحياء يجب أن يكون حياءً من الله قبل أن يكون حياء من الناس .
وربما لفَتَ نظرَك تصرّفاتُ بعضِ الأسـر ، في المجمّعات أو التّجمّعات أو المصايف والمتنـزّهات حتى شُوهِدت بعض النساء تقود الدراجة النارية في مثل تلك الأماكن .
وربما رأيت جلباب الحياء قد خُلِع بحجّة أن هذا ديدن الناس .
ويجب أن تتّصف الأسر بالحياء في البيوت وخارجها .
والحياء خُلقٌ كريم ، بل هو صفةٌ من صفات الله عز وجل .
والنبيُّ صلى الله عليه وسلم كان يُوصف بأنه أشدُّ حياءً من العذراء في خِدرها ، كما في الصحيحين .
فبأي شيءٍ وُصفَ النبي صلى الله عليه وسلم ؟
وبأي شيء شُبِّـه ؟
لقد وُصِف بالحياء ، بل بِشِدّةِ الحياء .
وشُبِّه حياؤه بحياء العذراء في خِدرِها وفي غُرفتها الخاصة .
فتأملوا هذا الخُلق الكريم ، واحرصوا على المحافظة عليه .
قال ابن حبان : الواجب على العاقل لزوم الحياء ؛ لأنه أصل العقل ، وبذر الخير ، وتركه أصل الجهل ، وبذر الشر . والحياء يدل على العقل كما أن عدمه دال على الجهل
إذا لم تخش عاقبة الليالي ولم تستحي فاصنع ما تشاء
فلا والله ما في العيش خير ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
يعيش المرء ما استحيا بخير ويبقى العود ما بقي اللحاء
قال في روضة العقلاء : الحياء من الإيمان ، والمؤمن في الجنة ، والبذاء من الجفاء ، والجافي في النار ، إلا أن يتفضل الله عليه برحمته فيخلصه منه .
إذا قل ماءُ الوجه قلّ حياؤه ولا خير في وجه إذا قل ماؤه
حياءك فاحفظه عليك فإنما يدل على وجه الكريم حياؤه
ثامناً : الأسرة والسفر .
تكثُر الأسفار في الإجازات ، وتتنوّع الوُجُهات ، وتختلف المقاصد .
ومن هُنا تختلف نظرة الناس إلى السفر .
وقد قيل :
تغربْ على اسمِ الله والتمس الغنا وسافر ففي الأسفارِ خمسُ فوائدِ
تفريجُ هـمٍّ واكتساب معيشـة وعلمٌ وآدابٌ وصُحبـةُ ماجـدِ
فإن قيل في الأسفار ذلٌّ وغربـةٌ وتشتيتُ شملٍ وارتكابُ شدائدِ
فَموتُ الفتى خيرٌ لـه من حياتِه بدارِ هـوانٍ بين ضـدٍّ وحاسدِ
وقال آخر :
إذا قيل في الأسفارِ خمسُ فوائدِ أقول وخمسٌ لا تقاسُ بها بلوى
فتضييعُ أموالٍ وحملُ مشقّـةٍ وهمٌّ وأنكادٌ وفرقةُ من أهوى
وأبلغ منه قوله عليه الصلاة والسلام : السفر قطعة من العذاب . متفق عليه .
وفي الأسفار تحصل المشاقّ ، ويقعُ التّعب ، ويحصلُ النّصَب .
وعلى الأُسر إذا سافرتْ أن تحرص على أمور :
أولُها : الحرص على الهداية والكفاية والوقاية
ثبت عند أبي داود من حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا خرج الرجل من بيته فقال : بسم الله ، توكلت على الله ، لا حول ولاقوة إلا بالله يُقال حينئذ : هُديت وكُفيت ووُقيت ، قال : فتتنحى له الشياطين ، فيقول له شيطان آخـر : كيف لك برجل قد هُدي وكُفي ووُقي ؟
وعند أبي داود عن أم سلمة قالت : ما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من بيتي قط إلا رفع طرفه إلى السماء فقال : اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل ، أو أزل أو أزل ، أو أظلم أو أظلم ، أو أجهل أو يجهل علي .
فإذا أرادت الأسرة أن تُغادر البيت فليكن هذا منهم على بال .
ففي هذا الدعاء هدايةٌ وكفايةٌ ووِقاية .
ثانيها : الحرص على مُصاحبةِ الملك .
احرص على مُصاحبةِ الملك لِـتُحفظ بحفظه .
هل رأيت تلك السيارات التي تناثرت على جَنَبات الطريق ، فتناثرت تلك الأُسر ، وتطايرت حاجياتُها ، وأصابها ما أصابها
أجزم أن من أسباب ذلك عدم الحرص على الأدعية والأذكار .
وقد يُعدُّ هذا ضربا من المبالغة أو من التهويل ، وليس الأمر كذلك .
تأمل معي هذا القدر من دعاء السفر الذي كان يدعو به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم :
اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ، ومن العمل ما ترضى . اللهم هَوّن علينا سفرنا هذا واطْوِ عنّا بُعده . اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل . اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر ، وكآبة المنظر ، وسوء المنقلب في المال والأهل . رواه مسلم . وفي رواية له :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذاسافر يتعوذ من وعثاءِ السفر ، وكآبةِ المنقلب والحورِ بعد الكون ، ودعوةِ المظلوم ، وسوءِ المنظرِ في الأهلِ والمال .
وإذا رأيت أن النفوس قد تغيّرت في السفر فاعلم أن من أسباب ذلك عدم المحافظة على دعاء السفر ونحوه ، فإن دعاء السفر تضمن الاستعاذة بالله من المشقة والهم والحُزن.
وكما أن المحافظةَ على الأكار سببٌ في حفظ اللهِ لِعبدِه ، فإن التفريط في الأذكار قد يكون سبباً في وقوع ما يسوء .
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ما لقيت من عقرب لدغتني البارحة قال : أما لو قلت حين أمسيت أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضرك . رواه مسلم .
ولست بالشامت ، فإن المُذكِّر قد يُذكّر الناسَ بشيءٍ وينساه ، فيُصاب هو .
ولذا لما حدّث أبان بن عثمان عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم . ثلاث مرات حين يُمسي لم تصبه فجأة بلاء حتى يصبح .
ومن قالها حين يصبح ثلاث مرات ، لم تصبه فجأة بلاء حتى يمسي .
فأصاب أبانَ بنَ عثمان الفالج ، فجعلَ الرجلُ الذي سمع منه الحديث ينظر إليه ، فقال له : مالك تنظر إليّ ؟ فو الله ما كذبتُ على عثمان ، ولا كذب عثمانُ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، ولكن اليوم الذي أصابني فيه ما أصابني غضبت فنسيت أن أقولها .
وفي رواية : ولكني لم أقله يومئذ ليمضيَ اللهُ عليَّ قدرَه . رواه أبو داود والترمذي ، وهو حديث صحيح .
إذاً فلا تستغرب مثلَ هذا القول .
أعني لا تستغرب أن يُقال إن ما يُصيب بعض الأسر في الحوادث قد يكون بسبب تفريطهم في الأدعية والأذكار .
ولتحرص الأسرة على اقتناء شيء من الكتيبات والقصص وكُتيّب " حِصْنِ المسلم " ففيه الكثير من الأدعية والأذكار ، وإذا انطلقت الأسرة مسافرة فليقرأ أحدُ أفرادِها دعاءَ السفر ، وليُردد من لم يحفظه من الصغار أو الكبار .
3 - لِقطع المسافات الطويلة أقترِح أن يُقطع الملل بقرءاة القرآن من بعض أفراد الأُسرة ويروي أحدُهم قصة ، وآخر يُنشد أنشودة .
وهذه طريقة مرعية عند سلفِ هذه الأمة .
قال سلمة بن الأكوع : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر ، فقال رجل من القوم : أي عامر ! لو أسمعتنا من هُنيهاتِك ، فنـزل يحدو بهم ، يذكر " تالله لو الله ما اهتدينا " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من هذا السائق ؟ قالوا : عامر بن الأكوع . قال : يرحمه الله . فقال رجل من القوم : يا رسول الله لو متعتنا به ، فلما صافّ القوم قاتلوهم ، وأصيب عامر رضي الله عنه . رواه البخاري .
وروى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لِحَادِيهِ – الذي يحدو ويُنشد بصوت حسَن - : ويحك يا أنجشة ! رويدَك سوقَك بالقوارير .
قال أبو قِلابة : فتكلم النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة لو تكلّم بـها بعضكم لعبتموها عليه . قوله : سوقَك بالقوارير .
وفي رواية لمسلم قال أنس : كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم حَـادٍ حسـنُ الصوتِ ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : رويداً يا أنجشة لا تكسر القوارير . يعني ضعفة النساء .
ولإذهاب الملل والسآمة عن الصغار تُجلب لهم بعض الألعاب يلهون بها داخل السيارة يقطعون بها السفر .
4 – استغلال أوقات الإجابة خاصة أن بعض الأسفار توافقُ آخرَ ساعةٍ من يوم الجمعة ، وفيه ساعةُ إجابة ، فيحسُن تذكير أفراد الأسرة بهذه الساعة ، وحثِّهم على الدعاء .
5 – تذكيرُ أفرادِ الأسرة بعضِهم لبعض ببعض آيات الله الكونية ، فإذا مرّوا بالإبل على الطريق تذكّروا قوله سبحانه : ( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خُلِقت )
وإذا مرّوا بالجبال – مثلاً – تذكروا ما يتعلّق بها من آيات ، وكيف أنها على عِظمِها تكون يومَ القيامةِ كالصُّوف .
وهكذا ...
وإذا أقبل الليل وهم في سفرهم حرصوا على أذكار المساء .
وهناك بعض الكُتيّبات وبعض البطاقات التي توضع في الجيب يحس الحصول عليها والمحافظة على أذكار الصباح والمساء .
ولا تُضيّق الأسرة على نفسها في سفرها ، ولتترخّص بِرُخصِ السفر ، فإن الله يحب أن تُؤتى رخصُه ، كما يكره أن تؤتى معصيتُه . كما في المسند وغيره .
تاسعاً : مُـقترحات .
هذه الإجازات من أثمنِ الأوقات ، وينبغي اغتنام الأوقات بما يعود بالنفع والفائدة .
ولعلي أسوق بعضَ المُقتَرَحات للتذكير بها .
1 - الاستفادة من الإجازة لكل أفراد الأسرة .
فيُستفاد من الدروس العلمية التي تجمع العلمَ الغزير في الوقت اليسير ، ويُمكن الاستفادة منها للرجال والنساء حيث تُوجد في كثيرٍ منها أماكن للنساء .
وهي في مُختلَف المناطق ، وفي أوقات متفرقة من الإجازة .
كما يُمكن أن يُلحقَ أفرادُ الأسرةِ بما يُناسبهم .
فيُلحقُ الذكور والإناث بالمراكز الصيفية إن وُجِدت ، أو بحلقِ تحفيظِ القرآنِ الكريم واستغلالِ تلك الفُرص الذهبية ، وقد أُعلِن عن دورة لحفظ كتاب الله خلالَ سبعةِ أسابيع
أو يُلحقون بما يعود عليهم بالنفع العاجل أو الآجل ، كالدورات التدريبية على الحاسب أو تعلّم السباحة ، وقد كان عمرُ رضي الله عنه يكتب مما يكتب به إلى الآفاق : وعلمواصبيانكم الكتابة والسباحة . كما عند عبد الرزاق في المُصنّف .
وتُلحق البنات بدورِ تحفيظ القرآن ، وهي بحمد الله قد انتشرت ، فيجد رب الأسرة ذلك في ميزان حسناته يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون .
وقد تكون هناك أوقات خاصة عند البنات فيحسُن أن يُعلّمنَ أعمال المنـزل من طبخ وخياطة ونحو ذلك ، ولا يترك هذا الأمر للخدم فحسب .
فإن عمل المرأة في بيتها أجر وغنيمة إذا احتسبت ذلك .
ويحسن أن يحفظ أفراد الأسرة سورةَ تبارك وهي المُنجية من عذاب القبر ، وسورةَ الكهف ، خاصة العشر الآيات الأولى منها ، فإنها تعصم من الدجال .
2 - يُمكن أن يُستفاد من بعض الوقت في حفظ شيء من السنة النبوية ، وتعلّم الآداب التي يستفيد منها جميعُ أفرادِ الأسرة في حياتِهم وفي تعامُلاتِهم .
ويُضاف إلى ذلك تعلّم شيء من سيرة النبي المصطفى والرسول المجتبى صلى الله عليه وسلم ، ودراسة بعض سيرِ أصحابه رضوانُ الله عليهم .
فإن كثيراً من أولادنا يجهلون الكثير عن سيرته صلى الله عليه وسلم ، بينما يحفظون أسماء الفنانين واللاعبين .
3 - يُوصى بالاستفادة من المخيّمات الصيفية التي تُقـام في المصايف حتى لا تذهب الأوقات هَدرا ، وتضيعُ سدى .
وفي تلك المُخيّمات برامج يستفيد منها جميع أفراد الأسرة .
4 - يُمكن عمل مسابقات في البيت لحفظ شيء من القرآن أو من السنة ، أو شحذ الهمّة لطلب العلم ، ووضعِ لوحةٍ حائطية تُكتب عليها أسئلة المسابقة ، وأسماء الفائزين .
5 – السفر إلى بلد الله الحرام ، وأداء العمرة ، وتعليق قلوب أفراد الأسرة بالبيت العتيق ، وزيارة المدينة النبوية والصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، والتذكير بما واجهه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في سبيل إقامة هذا الدين .
6 – ترتيب أوقات يُزار فيها الأقارب ، والتّذكير بحقوقِ الأقاربِ وفضلِ صِلةِ الرّحم .
7 – ترتيب وقت آخر لزيارة المقابر والتذكير باليوم الآخر .
8 - أقترح أن يتم ترتيب أفكار قضاء الإجازة ، وأن يُدوّن ذلك على ورقة بحيث يُعرف في أي شيء يتم قضاء الإجازة ، وفق برنامج مُحدد مُفيد .
9 – يجب أن تحرص الأسرة عند النـزولِ في مكان من الاستعاذة بالله ، وأن يقولوا: أعوذ بكلمات الله التامات من شرِّ ما خلق . ليُحفظوا من الهوام والجن وغير ذلك خاصة في الرحلات البريّة ، وعند البُروزِ إلى الصحاري .
فقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : من نزل منزلا ثم قال : أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ، لم يضُرُّه شيءٌ حتى يرتحل من منـزله ذلك . رواه مسلم .
10 - جرّب أوقات يصح أن نُسمّيها " ميّتة " بالنسبة لكثير من الأُسر .
جرّب مع أسرتك أن تنام مُبكّرا وتستيقظ مُبكّراً ، فإن البكور مُبارك .
جرّب تلك الأوقات لتجلس فيها مع بعض أفراد أُسرتِك .
وجرّب فيها الجلوس في الحدائق والمتنـزهات أو على شواطئ البحار ، فإن المكان يكون لك وحدَك ، مع طيبِ الجو ونقاءِ الهواء .
اجلس حتى ترتفع الشمس وابحث لك عن ظلٍّ وارف وسوف تجد مُتعةَ صفاءَ الجو وقلّةِ المُرتاد .
10 - بعض الأسر تُمضي الوقت كلَّه في لهو ولعب وأحيانا في تسوّق دون أن تكون هناك فائدةٌ تُذكر .
بينما يحرص بعض أرباب الأسر في أسفارِهم وإجازاتِهم على تحصيل الفائدة إلى جانب المتعـة .
وتحرص بعض الأُسر على اكتساب الفوائد واقتناص الأوابد .
فيُجعل قـدرٌ من القرآن للحفظِ في كلِّ يوم ، وتكون التنـزّهات والتّمشيات والاستجابة لطلبات أفراد الأُسرة بقدر ما قاموا به من حفظٍ وتعاونٍ بينهم وتفاهمٍ لتسودَ روحُ المحبةِ بين أفرادِ الأُسرة .
عاشراً وأخيراً : أخطاء ومُنكرات .
أولاً : السفر المُحرّم إلى بلاد الكفر والعُهر .
فبعضُ الأُسر تتهيأ لهذه الإجازة ، فما أنْ تقفُ الإجازة على الأبواب إلا وقد وقفوا على أبوابِ المطارات وعتباتِ الطائرات ، وعندها تُودَّعُ العباءات ، وتُلفُّ كالثوبِ الخَلِق ويُلفُّ معها الحياء وكأنهم لما غابوا عن بلادِهم غابوا عن عينِ الله .
ولا شك أن هؤلاء قد استخفُّوا بِنظرِ الله ، بل جعلوه أهونَ الناظرين إليهم .
لقد ربطوا أمتِعَتَهم ليُسافروا إلى بلادٍ تُقتلُ فيها الفضيلة ، وتوءد فيها العِفّـة ، ولا وجود في أرضها للحياء ، فلا تسل بعد ذلك عما جنته يدُ الولي .
وربما تفرّق أفرادُ الأسرةِ عند وصولِهم فلا شأن لفردٍ بآخر ، فكلٌّ يُغنّي على ليلاه .
وربما سافرت بعض العوائل إلى مثل تلك البلاد من غير وجودِ محرم .
ثانياً : ( من الأخطاء والمنكرات في الإجازة ) السهر .
في الإجازات يتم تبادل الزيارات ، وتكثر الرحلات ، كما تكثر النُزُهات البرية خاصة في ليالي الصيف ، ثم يمتد السهر إلى ساعات متأخرة بالإضافة إلى قِصَرِ الليل وينبني على ذلك ما يلي :
1 – كثرة النوم ، مما يؤدّي إلى إضاعة الصلوات ، وإهدار أنفسِ الأشياء ، وهو الوقت .
ومما يُلحظ خلال الإجازات أن بعض ألسر تسهر حتى ساعة متأخرة من الليل ، ويشدّ بعضُهم أزر بعض على السهر ، ويتعاونون على ذلك ، ولكن لا تجد أحداً يشد من أزر أحد للبقاء حتى تؤدّى صلاةُ الفجر .
ولا تجد فردا من أفراد الأسرة يُعين آخر على تخصيص وقت لقيام الليل مثلا أو قراءة القرآن ، أو التعاون على البر والتقوى .
2 - ( مما يترتّب على ذلك السهر )
الاعتماد الكامل على الخدم ، وترك الجميع يغطُّ في سُبات عميق .
ومن الأخطاء والمنكرات :
ثالثاً : تُقيمُ بعضُ الأُسر احتفالات لأبنائها الناجحين أو لبناتِها الناجحات ، ويصحبُ تلك الاحتفالات ما يصحبُها من موسيقى صاخبة أو أغاني ماجنة ورقصٍ ونحو ذلك .
رابعاً : جلوس بعض الأسر قريبا من بعض بحيث لا يفصل بعضها عن بعض سوى أمتار ، خاصةً في البراري والمتنـزّهات أو على شواطئ البحار ، مما لا يؤمن معه نظرةٌ مُحرّمة أو التقاطُ صـور ، خاصة مع ظهور بعض أجهزة الجـوال التي يُمكن من خلالها التصوير دون أن يشعر بذلك المُصوَّر .
خامساً : اصطحابُ بعضِ الأجهزةِ الجالبةِ للشر والفتنة والرذيلة .
عندما تخرج بعض الأُسر إلى الحدائق أو الشواطئ ونحوها فإن بعض الأسر تُصرُّ على اصطحاب بعض الأجهزة التي اعتادوا عليها فهي لهم بمنـزلة الماء والهواء !
ولا شك أن إراحة العيون بل القلوب من مثل تلك الأجهزة مطلبٌ مُلِحّ .
فَلِمَ الحرص على اكتساب الذنوب وإزعاج الآخرين بأصوات الموسيقى ؟
لقد قالت بُنيّةٌ لأبيها بعد أن رأت ما يُعرض في تلك القنوات . قالت : بابا اليوم شفت وحده ما عليها ثياب !
إذاً فلتحرِص الأسرة خاصة عند السكن في الشقق والفنادق لِتحرِص على حجب تلك القنوات أو إلغائها عن طريق إدارة الفندق أو الشُّقـة .
ولِمَ يُصرّ البعض على ارتياد الأماكن العامة ومُضايقـة الآخرين سـواء كان ذلك بالتدخين وتلويث الهواء ، أو كان بتصرّفات بعض أفراد أسرته ، أو ترك المكان أشبهَ ما يكون بِمَزبَلَة !
سادساً : عدمُ إعطاء الخدم حظّهم من الإجازة والفسحة ، مما يؤدي إلى تكليفهم ما فيه مشقة
ولئن كان الاعتماد على الخدم سائغاً عند بعض الناس أيام الدراسة وأوقات العمل فلا يسيغ أبدا الاعتماد عليهم في كل وقت حتى في أوقات الإجازات ، وعدم إعطائهم إجازات حتى في أيام الجُمَع
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه ، فإن لم يجلسه معه فليناوله أكلةً أو أكلتين ، أو لقمةً أو لقمتين ، فإنه وَليَ حَرَّه وعِلاجَه . متفق عليه .
وقال عليه الصلاة والسلام : هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم ، فأطعموهم مما تأكلون ، وألبسوهم مما تلبسون ، ولا تكلفوهم ما يغلبهم ، فإن كلفتموهم فأعينوهم . متفق عليه .
وهذا في حق الموالي ، فكيف بالأحرار ممن ألجأتهم ظروف الحياة وضيق المعيشة على خدمةِ الآخَرِين ؟؟
ولا شك أن الاعتماد على الخدم والسائقين خطأ ، لأنه يُعوّد أفرادَ الأسرة على الكسل والاتكالية والاعتماد على الآخرين في كل صغيرة وكبيرة .
فمتى تتعلّم البنات ؟
ومتى يُعتمد على البنين ؟
ومتى يتحمّلون المسؤولية ؟
وخِتاماً :
أسأل الله أن يأخذ بأيدينا إلى ما فيه صلاح ديننا ودنيانا .
وأن يُجزل لكم الأجر والمثوبة ، وأن يجزي الأخ بشير العنزي خير الجزاء .
ساحة النقاش