د.عبدالرحمن إبراهيم زنونى

الموقع الإستشارى لإنشاء مزارع الإنتاج الحيوانى

كانت الحياة مظلمة فى وجهه ...ظن أنها نهاية العالم ..أيقن أنه يكابد المرارات بسبب حادث أفقده أعز أصدقائه وإصابته بمرض عجز الأطباء عن علاجه... كان اليأس مسيطرا على كل تصرفاته وكلماته . قال لى لقد انتهيت وأنا على وجه الأرض فقدت كل شئ ولم أعد أرى الحياة إلا من خلال عدسات سوداء . قلت له ألا تصبر إنه ابتلاء لمن يحبهم الله ويحبونه. قال لى ولماذا أنا... لقد سئمت العيش وبعد عنى الناس لمرضى وفقدت من أحب . قلت له لا تيأس ... قال تقولين هذا لأنك لا تشعرين بما أعانيه قلت له لست وحدك من يشكوالألم ومن نظراته شعرت أنه لم يقتنع بكلامى ...لم أجد سوى شئ واحد وقتها أبرهن به على صدق كلامى فقد وجهته لرؤية سيدة فقدت كل نعم الحياة وفقدت رؤية كل شئ ولكنها لم تفقد الأمل وهذا هو وجه الاختلاف . عندئذ تغيرت لهجته فقد شعر أن هناك من يعانى مثله ومن هم أكثر ابتلاء وأكثر أملا فيما عند الله. قال لى هل هناك بشر يعانون هكذا!!!!. قلت له الحقيقة أمامك وهى خير برهان. قال وما الذى يدفع مثل هؤلاء لرؤية الحياة بنظرة مختلفة. قلت له إيمانهم بالله وأملهم فيما عنده جزاء صبرهم وتطبيقهم لما أوصانا به الشرع فقال الله تعالى فى سورة يوسف على لسان يعقوب عليه السلام"ولا تيْأَسوا مِن رَوْحِ الله إنّه لا ييْأَسُ مِن رَوْح الله إلا القومُ الكافرون – يوسف 87 . ثم أكملت حديثي وقلت له ألا تعلم أن رسولنا الكريم لم ييأس أبدا في دعوته إلى الله رغم المعاداة التى واجهها من قومه وكان الأحرى به أن ييأس ويطلب من الله أن يهلك الظالمين لكنه كان لديه الأمل أن يخرج من بين ظهورهم من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فالأمل والرجاء خلق من أخلاق الأنبياء، وهو الذي جعلهم يواصلون دعوة أقوامهم إلى الله دون يأس أو ضيق، برغم ما كانوا يلاقونه من إعراض ونفور وأذي؛ أملا في هدايتهم في مقتبل الأيام. قال لى لأنهم أنبياء فهكذا نتوقع منهم أما نحن بشر بعد قليل يملؤنا الإحباط واليأس. قلت له هذه هى كلمات من يريد أن يقف مكانه هناك من البشر من صنعوا من عجزهم ولحظات فشلهم أكبر المعجزات ولو أنهم يأسوا لمرة واحدة ما سمعنا عنهم نعم تمر بهم أوقات يفكرون ألف مرة في الوقوف مكانهم وعدم الاستمرار ولكن أملهم في الله وأن الله لاشك معهم هو من يعيدهم للحياة مرة آخرى واثقون من نصر الله ويرون فى الأفق البعيد شعاعا من النور يجعلهم يتحمسون لمواصلة خطواتهم نحوه. وعندما سكت ولم يجد كلاما يقوله واصلت أنا وقلت له لقد شاهدت أمثلة كثيرة لنماذج نجحت فى حياتها لأنهم عاشوا بالأمل فقد ترى أنت أن مرضك لن يمكنك من مواصلة أحلامك لكنهم رأوا أنهم من الممكن تغيير بعض النقاط فى تفكيرهم ليصلوا لنفس الهدف فكان يدرس لى فى الجامعة أحد الأساتذة وكان لديه إعاقة كبيرة فى ساقه فحكى لنا أنه كان ممنوعا من التدريس بالجامعة بسبب إعاقته ولكنه واصل دراسته واستطاع أن يتفوق على أقرانه ويثبت للكل أن الإعاقة الحقيقية لم تكن إعاقة ساق وإنما إعاقة عقول وقفت مكانها ولم تترك بصمتها للآخرين .


قال لى ليست قاعدة فغيره كثير عجز عن تحقيق حلمه أو ربما كانت لديه ظروف ساعدته على ذلك أو ربما ساعده أحد . قلت له سأضرب لك مثلا آخر سمعنا عنه جميعا وهو الدكتور طه حسين عميد الأدب العربى والذى فقد بصره ولكنه أصبح نموذجا ومثالا يحتذى به . وواصلت كلامى دون توقف وقلت له لقد رأيت أحد مقدمى البرامج المعروفين فى إذاعة القرآن الكريم خلق بلا ذراعين وواجهته الكثير من الصعاب لو كانت واجهت إنسانا صحيحا لسلك بنفسه مسلكا آخر وتنازل عن حلمه لكنه كان يقول إيمانى وأملى فى الله كانا دائما نبراسين يضيئان حياتى وأشعر أنى فى يوم من الأيام سأصل لما أريد وبالفعل استطاع أن يجعل الناس ترى موهبته وتنسى إعاقته التى لا دخل له فيها. وعندما شعرت أن كلامى بدأ يؤثر فيه الى حد كبير قلت له أليس لديك هدف تريد تحقيقه ؟ قال نعم قلت له لماذا تقف عاجزا ملقيا كل المسئولية على الحادث الذى تعرضت له والطبيب الذى أخطأ فى علاجك ألا تستطيع أن تجعل من حياتك صفحة مضيئة وتثبت لكل من حولك أن ما حدث لك كان سببا فى نجاحك . قال وكيف ذلك ؟ وأنا أصبحت عبئا على من حولى ومنبوذ لما حدث لى . قلت له هكذا ترى حياتك من خلال عينيك أنت ولكن لو بدلت هذه النظرة التشاؤمية ورفعت شعارك لا لليأس لن ترى أمامك أى عقبات صنعتها أنت بنفسك وضخمتها حتى أصبحت شبحا يطاردك وحتى لو كانت هذه هى الحقيقة فما أن تضع نصب عينيك هدفا وخطة مدروسة وقتها ستشعر أن حياتك اختلفت وكلما اجتازت الصعاب وحققت نجاحا ستشعر أن من كان بعيدا عنك معجبا بنجاحك ويتمنى لو كان مكانك. وواصلت حديثى وقلت فقط بدل نظرتك للحياة فالأمل يُنَمِّي الطموح والإرادة، واليأس يقتلهما والمسلم يجب أن يحرص على الأمل في كل جوانب حياته، ولْيتمسك به تمسكه بالحياة، ولا يستسلم لليأس والقنوط أبدًا. قال لى سأحاول . قلت لا بل إبدأ وهل تعتقد أن كل من نجح فى حياته نجح من أول محاولة أو من توصل لاكتشاف قد وصل له بأول تجربة لقد حاولوا مرارا وتكرارا وكلما وقعوا فى خطأ تعلموا الا يكرروه وحاولوا بطريقة آخرى ولولا الأمل ماأصبحت حياتنا كما هى الآن فما بالنا نحن المسلمون وقد أوصانا ديننا بعدم اليأس وسيرة رسولنا الكريم أعظم دليل على ذلك فهل كان الإسلام سيصل إلينا لو قال رسولنا الكريم لقد دعوت قومي ولم يستجيبوا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم واثقًا في نصر الله له، وبدا ذلك واضحًا في رده على أبي بكر الصديق، أثناء وجودهما في الغار ومطاردة المشركين لهما، فقال له بكل ثقة وإيمان: {لا تحزن إن الله معنا} [التوبة: 40]. فمن الأحرى بنا أن نجعل حياتنا مليئة بالأمل الذى يدفع الإنسان دائمًا إلى العمل، ولولا الأمل لامتنع الإنسان عن مواصلة الحياة ومجابهة مصائبها وشدائدها، ولولاه لسيطر اليأس على قلبه، وأصبح يحرص على الموت، ولذلك قيل: اليأس سلم القبر، والأمل نور الحياة. عندئذ رأيت تغير ملامح وجهه العابسة إلى ملامح أخرى تحمل معنى جديد للحياة وقال لى من الآن سأبدأ وأجعل مما حدث لى صفحة مضيئة فى حياتى وسأتحدى كل عقبة تقف أمامى بل أذللها لتكون سلاحا فى يدى. عندئذ تركته وكلى أمل فى أن يحقق طموحه الذى كان ينشده من قبل وهنا تذكرت قول الشاعر: لا خير في اليأس، كُلُّ الخير في الأمل أَصْلُ الشجـاعـةِ والإقدام ِفي الرَّجُـلِ

المصدر: Nouran Radwan Nour Islamna"
Drzanouny

د.عبدالرحمن زنونى - استشارى الثروة الحيوانية- استاذ(م) بقسم الإنتاج الحيوانى-كلية الزراعة-جامعة المنيا-جمهورية مصر العربية [email protected](002)01092994085

  • Currently 80/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
24 تصويتات / 421 مشاهدة
نشرت فى 6 يوليو 2010 بواسطة Drzanouny

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

782,013