تغذية الإبل وسلوكها الرعوي
صنفت الإبل ضمن الحيوانات شبه المجترة ، فهي تختلف عن المجترات مثل الأبقار والأغنام في موضعين ، الأول في وجود منطقتين غديتين على الكرش وكل منهما مقسمة تشريحياً إلى أكياس بفتحاتها عضلات قابضة وتحتوي على سائل مخاطي يختلف في شكله وتركيبه عن باقي محتويات الكرش ، والفرق الثاني هو غياب الغرفتين المحددتين في المجترات وهي المعدة الثالثة والمعدة الثالثة والمعدة الرابعة ويحل محلهما في الإبل غرفة أنبوبية الشكل . وتختلف حركة الكرش في الإبل عنها في المجترات ، كما تتميز بغياب الحويصلة الصفراوية . وعلى الرغم من هذه الفروق فإن الإبل تجتر غذاءها ، ويتم تخمر هذا الغذاء ويتعرض للهضم الميكروبي كما هي الحال في المجترات ، وينتج عن ذلك الأحماض الدهنية الطيارة ، وتتحول المركبات الآزوتية إلى ميكروبية وبروتوزوية ذات قيمة غذائية هامة للحيوان .
تختار الإبل أنواعاً وأجزاء نباتية وفقاً للبيئة التي تعيش فيها من جهة ، ووفقاً للموسم الغذائي من جهة ثانية ، فالإبل حيوانات رعوية تتواجد في معظم الحالات في المناطق الجافة وشبه الجافة التي تعتمد اعتماداً كلياً على الأمطار . وطبيعة هذه الأمطار موسمية وبالتالي فإن توفر الغذاء يتبع موسمية الأمطار وينتج موسمية الأمطار وينتج عن ذلك ما يسمى الدورة العلفية . تتبع الإبل هذه الدورة العلفية وتستغل النباتات المتوفرة استغلالاً أمثلاً . وقد برهنت الإبل في ظروف الجفاف الطويل أنها أكفأ الأليفة في استثمار الموارد الشحيحة . فقد استطاعت في مثل هذه الظروف التكيف والأبقار والتكاثر والإنتاج بينما نفقت أو ارتحلت معظم الأنواع الحيوانية الأليفة الأخرى
ويختلف نمط رعي الإبل عن غيرها من الحيوانات فهي اقتصادية في رعيها ولا تسبب الرعي الجائر مادامت دون قيد على حريتها في الحركة فهي تأخذ قضمات من نبات واحد ثم تتحرك إلى نبات آخر كما أنها تتحرك بين نقاط الشرب وليس حولها ، الأمر الذي يساعد الإبل على الاستفادة من مساحات أكبر من المرعى المتاح خلال تنقلها بين نقاط الشرب، وهي لا تبقى مدة طويلة حول نقاط الشرب وبالتالي لا تسبب تدهور الغطاء النباتي حول موارد المياه . أما في حال زيادة أعدادها في وحدة المساحة فإن الأمر سيختلف تماماً .
لم تحظ دراسات تغذية الإبل بالقدر الكافي من الاهتمام ، وتعتبر بحوث الإبل من أندر الدراسات التي طبقت على هذا الحيوان . وعليه فلابد من إجراء الدراسات الأساسية والتطبيقية المتعلقة بغذاء الإبل في مراعيها الطبيعية ، والقيمة الغذائية لعلائقها التي تختارها حسب البيئة والموسم ، واحتياجاتها الغذائية لأداء الوظائف الإنتاجية المتنوعة وكميات الغذاء التكميلي اللازمة في المواسم الحرجة ، والأمراض الناجمة عن النقص والتسمم الغذائي ( إبل ، تغذية ، سلوك رعوي ، المركز العربي ) .
السلوك الرعوي للإبل :
تتجنب الإبل الرعي أوقات القيظ في الأيام الحارة ، وتأخذ موقعاً واتجاهاً نحو الشمس يضمن لها تبريد جسمها والتخفيف من فقدان الماء والطاقة ، لكنها تنشط بالرعي في الصباح الباكر وقبل مغيب الشمس وبعده ( Wardeh, 1989) .
الإبل سريعة الحركة في الرعي ويمكنها الاستفادة من مساحات واسعة ، وهي تختلف في نمط الرعي عن غيرها من الحيوانات الاقتصادية كالأبقار والأغنام والماعز . فهي اقتصادية في رعيها ولا تسبب الرعي الجائر كغيرها من الحيوانات مادامت ترعى دون قيد على حريتها في الحركة ( Gauthier pilters, 1979 ) . تأخذ الإبل قضمات قليلة من نبات واحد ثم تتحرك إلى نبات آخر . كذلك فهي تتحرك باستمرار بين نقاط الشرب ، ولا تتمركز حولها كالأبقار (Mukasa-Mugerwa, 1981) . ويساعدها على ذلك الاستفادة من مساحات أكبر من المرعى المتاح خلال ترحالها بين نقاط الشرب بالإضافة إلى الرعي في المنطقة حول المورد ولكنها لا تستديم فيها طويلاً فلا تتسبب في الرعي الجائر وتدهور الغطاء النباتي حول موارد المياه . إلا أن العملية قد تكون عكسية وتسبب الإبل تدهور المرعى كغيرها من الحيوانات إذا زادت أعدادها من الحد المعقول ضمن وحدة المساحة الشكل (1).
الشكل (1) المراعي الفقيرة والمتدهورة (وردة)
تقطع الإبل مساقات طويلة قد تصل من 50 إلى 70 كيلومتر يومياً وذلك لأنها تتواجد في معظم الحالات في مراعي فقيرة تتباعد نباتاتها بحيث يصعب على الإبل استهلاك ما تحتاج إليه من الغذاء بالسرعة الكافية . إضافة لذلك ترعى ببطء أحياناً كثيرة نظراً لطبيعة النباتات الشوكية التي تستهلكها ( Gauthier-Pilters, 1974, 1979 ) الشكل (2).
الشكل (2) قطع الإبل لمساقات طويلة من أجل المرعى (CD موسوعة الإبل)
تتوقف كمية العلف المستهلك من المرعى يومياً على النباتات المتاحة ونسبة الرطوبة فيها ( Gauthier-Pilters, 1974, 1979 ) . ويؤثر عدد القضمات وحجم القضمة على كمية العلف المستهلك . ومن حساب متوسط عدد القضمات في الساعة ووزن المادة الجافة في القضمة الواحدة يمكن حساب كمية المادة الجافة التي يحصل عليها الجمل في فترة معينة . فقد تراوحت هذه الكمية من كيلو غرام واحد في اليوم عند الرعي على النباتات الملحية مثل الروثة ( Salsola) إلى 1.4 كيلو غرام عند الرعي على الأشجار مثل الأكاسيا وإلى 12.5 كيلوغرام عند الرعي على نباتات الثمام (Panicum) الغضة المستساغة ( Gauthier-Pilters, 1974, 1979 ).
التغذية الإبل على مواد العلف فقيرة القيمة الغذائية :
نتيجة لاعتماد الإبل في بيئتها الطبيعية على نباتات ملحية وشوكية مرتفعة في محتواها من الألياف ومنخفضة في محتواها من البروتين فإن الاعتقاد السائد هو أن الإبل تستهلك علائق فقيرة في نوعيتها إلا أن لهذا الموضوع شقين ( وردة ، 1988) :
1- اختيار الإبل لغذائها في المرعى وللجزء المستهلك من النبات وهناك دلائل كثيرة على أن الإبل تحصل على غذاء ذو قيمة غذائية مرتفعة نظراً لاختيارها الأجزاء المناسبة من النبات (Gauthier-Pitters and Dagg,1981) كذلك فإنه تحت ظروف التغذية المقننة لا تستهلك الإبل العليقة الحافظة الخشنة المخصصة للأبقار بالمقارنة مع الأغنام (Farid et. al, 1979 ) .
2- تتفوق الإبل على الأغنام في هضم المادة الجافة والألياف الخام لكنها تتدنى في هضم البروتين الخام بالمقارنة مع الأغنام والماعز ورغم التدني في هضم البروتين الخام لكنها تستفيد من التغذية على المادة الجافة الفقيرة في البروتين وقد يعزى ذلك إلى تفوق الإبل في قدرتها على الاقتصاد في طرح النتروجين مع البول وإعادته إلى الكرش لاستخدامه مرة ثانية – ( وردة 1988) والجدول يوضح نتائج دراسة مقارنة بين الإبل والأغنام والماعز عند تغذيتها على مواد علف فقيرة من مخلفات صحراوية (Gihad et al -1988) .
الاستهلاك اليومي للماء والغذاء وهضمه وميزان النيتروجين .
للإبل والأغنام والماعز عند تغذيتها على علائق فقيرة القيمة الغذائية من مخلفات صحراوية
البيان |
إبل |
أغنام |
ماعز |
استهلاك الماء : لتر / رأس |
13.14 |
2.65 |
1.79 |
مللتر / كجم 0.82 |
72.57 |
111.66 |
111.82 |
مللتر / جم مادة جافة |
1.99 |
2.88 |
2.58 |
استهلاك المادة الجافة |
|
|
|
كجم / 100 كجم وزن حي |
1.14 |
1.78 |
2.23 |
جم / كجم 0.75 |
54.77 |
46.47 |
54.17 |
استهلاك عناصر مهضومة كلية : جم/كجم0.75 |
30.63 |
24.58 |
28.71 |
استهلاك بروتيني خام مهضوم : جم/كجم 0.75 |
2.42 |
2.25 |
2.58 |
معاملات الهضم : |
|
|
|
مادة جافة |
55.92 |
54.34 |
54.58 |
بروتين خام |
46.82 |
49.81 |
50.51 |
ألياف خام |
50.53 |
43.79 |
47.02 |
دهن خام |
66.28 |
69.43 |
69.52 |
كربوهيدرات ذائبة |
60.71 |
55.00 |
54.38 |
ميزات النيتروجين : مللجم / كجم 0.75 |
|
|
|
داخل : غذاء |
923.00 |
778.00 |
881.00 |
خارج : روث |
480.00 |
388.00 |
442.00 |
بول : |
258.00 |
271.00 |
326.00 |
المحتجز |
185.00 |
119.00 |
113.00 |
المحتجز المأكول % |
19.92 |
15.42 |
12.67 |
المحتجز المهضوم % |
42.16 |
33.33 |
27.98 |
جهاد نقلاً عن وردة 1988 .
وقديماً أثبت Read,1925 أن اليوريا المفقودة في البول تنعدم عندما غذيت ناقة حامل على عليقة منخفضة البروتين وكما أظهر أن الجمال تحت الظروف القاسية من نقص الغذاء البروتيني تخرج جرام واحد من اليوريا خلال 24 ساعة وهذه الكمية تنتج من التمثيل الغذائي لكمية قدرها 2.5 جم بروتين وهي كمية قليلة جداً .
وقد أوضح Gihad,1988,1989,1990 الميزات التي تتفوق بها الإبل عن الحيوانات الصحراوية الأخرى (الأغنام الماعز) بتغذيتها على علائق كونت من مخلفات زراعات فقيرة القيمة الغذائية .
في دراسة مقارنة Gihad et. al, (unpublished) غذيت الإبل والأغنام والماعز على النباتات المحلية (Halophytes) استخدم فيها التغذية على القطف Atriplex الذي يتميز بارتفاع نسبة الألياف والرماد ومحتواه الملحي ، أظهرت الإبل قدرتها على التغذية على هذه النباتات بصورة أفضل من الأغنام والماعز حيث كانت الكمية المأكولة متقاربة مع تلك التي أكلتها الأغنام وأعلى من الكمية التي أكلتها الماعز ، وكان استهلاك الإبل التي تغذت على هذه النباتات الملحية للماء أقل بصورة مؤكدة عن مثلها في الأغنام والماعز فلقد استهلكت 2.89 ملليلتر ماء / لكل جرام واحد من المادة الجافة المستهلكة مقارنة مع7.31 , 8.37 ملليلتر للأغنام والماعز على التوالي .
وكانت معدلات هضم الإبل للمادة الجافة والألياف والبروتين أعلى منها في الأغنام والماعز ، كذلك كانت الإبل هي الوحيدة التي أظهرت ميزان سالب وهذا يؤكد أهمية إنتاج الإبل في المناطق الجافة وشبه الجافة حيث يندر الغذاء والماء ويمكن إضافة قليل من الأغذية التكميلية Supplementary feeds مثل الشعير أو المخلفات الزراعية المتوفرة عندما تحتاج الإبل عليقة إنتاجية لا يوفرها المرعى الفقير .
وفي دراسة لا زالت قائمة على استهلاك الإبل للماء المالح مقارناً بالأغنام والماعز أظهرت النتائج الأولية مقدرة الإبل على غيرها من الحيوانات على استهلاك مثل هذه المياه وهذا يعطي الإبل ميزة بيولوجية أخرى في مقدرتها على المعيشة والإنتاج حيث يندر الغذاء والماء .
نظم تربية الإبل :
(نقلاً عن إبراهيم صقر ، 1999)
يمكننا أن نميز بين ثلاثة أنواع من نظم تربية الإبل وهي :
1- النظام الرعوي الانتشاري :
وينتشر هذا النظام في معظم مناطق الوطن العربي الجافة وشبه الجافة . ويتحدد هذا النوع من نظم التربية حسب احتياجات الإبل للرعي الطبيعي والماء والمساحات الشاسعة المفتوحة والتي تتأثر بالعوامل الطبيعية ، وفيه تتحرك الأسرة بكاملها وراء المرعى الخصيب ومصادر المياه .
2- نظام التربية شبه المكثف :
ويتم تحديد هذا النظام بأن تستأجر الأسرة رعاة لمرافقة الإبل والإشراف على رعايتها لمخلفات الزراعة .
3- نظم التربية المكثف :
يتحدد هذا النظام باستقرار الأسر واستخدام المخلفات الزراعية وإعطاء الأعلاف المركزة في مناطق استقرار هذه الأسر ، وعلى الرغم من المحدودية النسبية الضئيلة للنظامين الأخيرين فإن هناك ظروف معينة أصبحت تؤثر فيهما كثيراً وهي :
- تدهور المراعي وعدم توزيع المياه بصورة كافية .
- تغيير النظرة إلى الإبل كوسيلة استثمار ومخزون استراتيجي للثروة .
- تداخل الرحل مع المستثمرين ، وبحيث أصبح هؤلاء الرحل ملتزمين بطرق حياتهم والاقتداء بهم في الحياة الحضرية ، ولذلك هجر بعضهم تربية الإبل وتحول إلى ممارسة نشاطات أخرى .
ساحة النقاش