د.عبدالرحمن إبراهيم زنونى

الموقع الإستشارى لإنشاء مزارع الإنتاج الحيوانى


آن الأوان لأخبر صغاري " مهند ومعتز"، أنني لست كجميع الآباء الذي يؤكدون لأبنائهم أنهم كانوا أوائل دفعتهم، ونالوا من التكريم الشيء الكثير.

 

للأسف لم أتصدر قائمة المتفوقين، ولم احصل على تقدير امتياز أو جيد جدا .

ولعل من سوء طالعي أنني انتمي إلى أسرة ترى في تفوق أبنائها دراسيا فخرا لا يضاهيه فخر، وإنجازا تتضاءل أمامه الانجازات، وهو وإن كان حق مشروع،

إلا أنه في أوقات كثيرة يكون كارثة إذا لم يتسع الذهن إلى ما هو أهم من الدرجات النهائية !.

فنحن للأسف الشديد نمارس بشكل يومي جريمة قاسية تجاه أبنائنا وهي أننا نربط دائما بين ذكاء الطفل وتحصيله الدراسي،

ونضغط عليه كي يتفوق حتى وإن كان بالفعل قد قدم كل ما لديه من مجهود، والأخطر أن تتأثر سلوكياتنا معه بدرجاته المدرسية،

فيرتفع الحب بارتفاع الدرجات وينخفض بانخفاضها، وهذا يسبب للطفل -خاصة الذي يعاني من مشكلة صعوبة التعلم - ما يلي:

1- الإحباط المستمر في المدرسة والمنزل؛ وهو ما يؤدي إلى اضطرابات نفسية، كالانطواء والعدوانية وسلوكيات سلبية عديدة.

2- الانحسار المستمر للمستوى الدراسي؛ وهو ما يؤدي إلى الأمية في أحيان كثيرة؛ لعدم القدرة على مواصلة التعليم.

3- انخفاض القدرة على التفاعل الاجتماعي؛ وهو ما يؤدي إلى مزيد من السلوك السلبي الذي قد يتحول إلى سلوك إجرامي والسقوط في بئر الإدمان.

4- ضياع المواهب والعناصر الفعالة من المجتمع؛ وهو ما يؤثر على الارتقاء بالموارد البشرية والاقتصاد العام.

وفي دراسة قام بها البروفيسور «إدوارد بيو شامب» عن التعليم الجامعي الأمريكي، والذي يعد الأفضل على مستوى العالم قال:

 ليس بمستغرب أن تقبل الجامعات الأمريكية المرموقة طلابا أحرزوا مؤهلات أكاديمية ضعيفة، وأن توفر لهم خدمات الدروس الخصوصية والمساعدات والمنح المالية، وفرص العمل أثناء الدراسة.

فالوعي الذي تمتلكه هذه الجامعات، هيأها لتقبل هؤلاء الطلاب برغم التدني الواضح في درجات تحصيلهم، وكانت النتيجة أن كثير من هؤلاء الطلاب وببعض الجهد استطاعوا مسايرة أقرانهم الطبيعيين، والتفوق عليهم في بعض الأحيان.

وهنا تلح على الذاكرة لأطالع مشهد تلك المرأة العظيمة .. المرأة التي تغير بوعيها وجه الأرض !.

أراها وقد ذهب صغيرها إليها والحزن يلفه، دموعه تنحدر فوق خديه في حرارة، صدره يعلو ويهبط في سرعة، نحيبه يمزق القلب، لم تحتاج إلى بديهة عالية كي ترى الألم والانكسار المنبعثين من عينيه والتي خبا فيهما بريق المرح والحياة الطفولية.

دخل عليها في بطء وانكسار، فما أن رأته حتى احتضنته بعينيها قبل صدرها، وبعاطفتها قبل كلماتها..

 ماذا بك يا صغيري، من أغضبك قل لي، لا عشت إن عاش فيك الحزن والألم ساعة.

فقال لها الولد وهو يبكي : لقد قال لي المدرس اليوم أنت صبي غبي، لا فائدة منك قالها لي يا أمي على مرأى ومسمع  من أصدقاء الصف، لقد أهانني أمام أصحابي، ولن أعود إلى المدرسة مرة ثانية مسحت الأم دموع صغيرها بطرف ثوبها ولثمت خده الصغير في حنان وقالت له لا عليك يا حبيبي، إنهم لم يدركوا بعد موهبتك، ولا زال ذكائك  غائبا عنهم ولن يمر وقت طويل حتى يدركوا نبوغك.

لاعبته وطمأنته، شجعته وحفزته، حتى عاد إلى مدرسته متناسيا إهانة أستاذة.

وبعد ثلاثة أشهر جاءها وقد تضاعف ألمه وحزنه وانكساره، تجمد الدمع في عينيه فما عاد يجري، وكيف يهنأ وقد فصله الناظر من المدرسة.

فأخذته ملتاعة وذهبت به إلى المدرسة لتعلم ما السبب فأجابها الناظر في غلظة: إنه ولد متخلف ومعاق، ومدرستنا لم  تؤسس للمعاقين.

.. ما أمر الحياة عندما تكشر عن أنيابها وما أشد مرارتها إذ كان عبوســـــها في وجه طفل لم يبلغ السادسة بعد كبطلنا الصغير وعادت الأم إلى دارها وهي تحتضن طفلها الصغـــير، وقد أزمعت في نفسها أمرا،

لو كل الناس كفروا بذكائك يا صغــــيري فيكفيك أنني أأؤمن به، أنت طفلي الذكي، دعهم وما يقولــــــون وأسمع ما أقول:

أنت أذكى طفل في العالم

رددتها الأم على سمعه مع إشراقه كل صباح .. ولم تكتفي بالكلام وحسب بل أخذت على كاهلها مهمة تعليمه واستدعت له المدرسين فكانوا يدرسون له في البيت..

كانت تستقطع من مالها الضئيل لتشتري له ما يحتاجه من أجل التعلم والتجريب.. لم تتعب أو تكل .. بل كانت سعادة طفلها دافع لها في مزيد من العطاء..

وكبر الصغير.. وبعد عشرين عاما من هذه الحادثة كان العالم كله يتحدث عن هذا العبقري الذي أضاء العالم.

 هل تعلمون من هو طفلنا.. إنه أديسون مخترع المصباح الكهربائي والذي لولاه لعم الأرض ظلاماً  إلى ما شاء الله..

أديسون صاحب المركز الثاني في أكثر براءات الاختراع تسجيلا على مر التاريخ..

أديسون هذا تم طرده من مدرسته بحجة أنه معاق فكريا.. وبليد.. ولا يقدر على التحصيل.

وسؤالي ..

 ما الذي كان يمكن أن يحدث لو صدقت الأم كلام أساتذته.؟! .

ما الذي سيحدث لو أنها لامته وعنفته، ومشت في أقصر الطرق للراحة، فقست هي الأخرى وزجرت وشكت إلى الله وللجميع حالها مع طفلها الغبي البليد ..

لقد قررت ألا أمارس هذه الجريمة على صغاري .. وأتمنى أن تكونوا كذلك يا أصدقائي

Mohammed Samy

المصدر: groupalahly
Drzanouny

د.عبدالرحمن زنونى - استشارى الثروة الحيوانية- استاذ(م) بقسم الإنتاج الحيوانى-كلية الزراعة-جامعة المنيا-جمهورية مصر العربية [email protected](002)01092994085

  • Currently 155/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
47 تصويتات / 564 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2010 بواسطة Drzanouny

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

785,009