قبل التعامل مع جهاز المناعة المختص لا بد للخلايا العدوة للجسد إختراق أعضاء تحمينا ببديهية تجعلنا نتناساها:
- الجلد
- الإفرازات المخاطية في الأنف والجهاز لتنفسي وما تحويه من أجسام مضادة من نوعية ألف (IgA).
- حموضة المعدة وإفرازات الجهاز الهضمي المختصة و العدد اللا نهائي من البكتيريا اللتي تقطن في أمعاءنا الدقيقة والغليضة.
- حتى الدموع تحوي أجسام مضادة من نوعية ألف بإستطاعتها قتل بعض الخلايا العدوة، أو أقلها إزاحتها عن بوابات الجسد.
جهاز المناعة هو منظومة مكونة من خلايا وأعضاء بشرية مختلفة تعمل بتناغم لحماية الجسد من أعتداءات الغزاة الخارجيين عن الجسد. في العادة المعتدين كائنات صغيرة الحجم كالبكتيريا، الفيروسات، الطفيليات والفطريات. هذه الكائنات ترى في جسد الإنسان منطقة خصبة للتكاثر والنمو.
إذا خرج النظام عن المناعي عن السيطرة أو فقد فاعليته تحصل مجموعة من الأمراض اللتي في حالات الضعف تسمى ضعف المناعة كالإيدز، وفي حالات الخلل أمراض المناعة الذاتية كمختلف أنواع الروماتزميات وإلتهابات المفاصل، وفي حالات الإستجابة الغير عادية أمراض الحساسية.
بإستطاعة جهاز المناعة التعرف على ملايين الأعداء و إفراز مواد و خلايا تحاربها بخصوصية و فاعلية مرتفعة. سر فعالية هذا الجهاز تكمن بشبكة إتصال نشطة بين أعضاء المختلفة تنقل المعلومات بديناميكية عالية بينها ذهاباً وأياباً. تتجمع الخلايا في وحدات نشطة منتشرة في أنحاء الجسد منتظرة إشارة لتنشيطها، مجرد وصول هذه الإشارة تتغير الخلايا وتبدأ بإفراز مواد تزيد في تكاثرها، فاعليتها، وتستدعي من تحتاج من أخوتها إلى مكان الإضطراب للمساعدة.
مبدأ الأنا والغير:
واحدة من أهم أسرار فاعلية الجهاز المناعي هو قدرته على التمييز بين ما يخص الجسد ولنسميه الأنا وما هو خارج عنه ولنسميه الغير. يتعايش جهاز المناعة بسلام مع أعضاء الجسد المختلفة دون أن يلحظها في الكثير من الحالات. أما مجرد مرور جسم غريب عليه فإنه يتغير بسرعة لشن هجوم مضاد. أي جسم ينشط هذا الجهاز ويفعل العملية العدائية يسمى أنتيجين. حتى الخلايا وأعضاء جسد أشخاص أغراب عنا تحمل هكذا مكونات (أنتيجينات) وتولد تفاعل عدائي ضدها إلا إن كانت من جسد توأم مطابق. وهنا يكمن تفسير مبدأ رفض الأعضاء المزروعة من الغير.
في حالات غير طبيعية يخطأ جهاز المناعة في قراءة الأنا كغير ويبدأ هجوم مضاد للأعضاء الحاملة للأنتجين في نفس جسده وهذه هي أمراض المناعة الذاتية كالروماتزميات.
وفي أحيان أخرى يتنشط الجهاز المناعي ضد مكونات دخيلة ولكنها في الحقيقة غير ذات ضرر كامن وهنا يسمى هذا النشاط بأمراض الحساسية. يسمى الأنتيجين المولد للحساسية بالألرجين، من كلمة أليرجي وهي حساسية بالإنجليزية.
مكونات الجهاز المناعي: أضغط لمشاهدة الشكل 676doc1.pdf
في توزيع يشمل الجسد تتناثر أعضاء الجهاز المناعي وتسمى الأعضاء الليمفاوية. يخطر على بالكم بلا شك العقد اللمفاوية ولكنها ليست الوحيدة. هذه الأعضاء الليمفاوية تحوي جزر من خلايا الليمفوسيت وهي خلايا دم صغيرة تعتبر اللاعب الرئيسي في منظومة التحكم المعقدة بجهاز المناعة والعقل المفكر.
الأعضار الليمفاوية:
- العقد الليمفاوية.
- اللوزتين.
- غدة الثيمس في الصدر حيث تنضج خلايا من الليمفوسيت تدعى الT (تي) ليمفوسيت.
- الطحال.
- التجمعات الليمفاوية في القناة الهضمية.
- الزائدة الدودية.
- و عضوان آخران يجب ذكرهما هما النخاع العظمي حيث تتكون خلايا الدم جميعاً وخلايا المناعة البيضاء خاصة. والقنوات الليمفاوية وهي قنوات مصاحبة للأوردة والشرايين تتحرك فيها الخلايا البيضاء والليمفاوية خاصة للتنقل من جزء لآخر ولنقل السموم وضحاياها الراغبة بالتخلص منهم في سائل شفاف يسمى الليمف، بجانب قدرتها على التنقل في الأوعية الدموية أيضاً.
بإمكانكم التفكير بأعضاء الجهاز الليمفاوي كقواعد عسكرية للتدخل السريع موزعة بإتقان لتوفبر بوابة دخول للهجوم على العدو أو الغير. وإذا ما عادت إليها الخلايا البيضاء محملة بالأغراب العدوة تعمل كمصفاة أحياناً أو كمعتقل لحبس هذه المواد الغير مرغوب فيها وإخراجها من الجسد.
كيف يعمل الجهاز المناعي: أضغط لمشاهدة الشكل 575458doc2.pdf
لنتكلم عن خلايا الدم المسئولة عن المناعة بنوعياتها المختلفة والبروتينات والموصلات العصبية المسئولة عن الإتصالات بين هذه الخلايا ثم ننظر لصورة توضيحية عن الموضوع.
خلايا الـ ب ليمفوسيت (B-Lymphocytes)
تؤدي عملها بإفراز مكبات تسمى الأجسام المضادة (ANTIBODIES) وهي من أنواع متعددة تختلف بالحجم، المهمة، ووقت إفرازها بالتناسب مع التفاعل المناعي، وهي تنتمي لفئة من المركبات المسماة إميونوجلوبيلين (Immunoglobulins). هناك منها نوع يسمى م M و ج G و أ A و أي E و أخيراً د D . م تفرز في حالات العدوى الحادة وم الحالات المزمنة. أ موجودة في إفرازات الجسم المخاطية والخارجية من رئتين، وأمعاء و أي لها وظيفة في الحساسية. أما د فتبقى ملتصقة بال خلية ب ليمفوسيت وتعمل في تنشيط الخلية الأولي.
كل خلية من الب ليمفوسيت تستطيع إفراز جسم مضاد لعدو واحد فقط وهناك الملايين منها تبقى كامنة مترقبة أوامر التحرك، اللتي ما أن تأتيها حتى تبدأ بالتكاثر السريع والنمو المطرد لتتحول كل خلية منها إلى خلية تسمى خلية البلازما وهي عبارة عن وحدة تصنيع وتخزين و إفراز للجسم المضاد المقصود تصنيعه و إستعماله. وبما إنا تكلمنا عن الأجسام المضادة هنا ربما من الواجب إيضاح أنها تتدخل في تنشيط مواد الكومبلمنت اللتي سنتكلم عنها و في التأثير السمي المباشر على الخلايا الحاملة للمرض (كالسرطانية) أو لعدوى (كالزكام). كما أن الأجسام المضادة قد تعمل كعلامة موضحة لخلايا المناعة الأخرى عن الهدف المراد مهاجمته.
التي ليمفوسيت (T-Lymphocytes)
لا منازع لهذه الخلية في قيادة أوركسترا الجهاز المناعي فمنها تخرج خلاي الذاكرة والمساعدة وهتان الخليتان مسئولتان عن تذكر ما قد مر على جسد الإنسان من إصابات والمساعدة على تنشيط الجهاز المناعي بمواد منشطة لتكاثر خلاياه أحياناً ومستدعية لها أحياناً أخرى. كما يوجد منها نوع مسمى الخلية القاتلة وهي خلية تتعامل مع أي خلية في الجسد مصابة بميكروب خارجي أو غير مرغوب فيه بقتل الخلية المصابة. في هذه العملية يصعد نجم جديد يتعامل مع الخلية بجاسوسية فريدة وهو مادة بروتينية تدعى ماجور هيستو كموباتيبليتي كومبلكس (Major Histocompatibility Complex) في الصورة التوضيحية موضوع تحت إسم MHC . هذه المركب يعطي إشارة واضحة لخلايا الليمفوسيت أنه صديق وبالوقت نفسه يعمل كحافلة تنقل أجزاء من أنتيجينات عدوة داخل الخلايا المصابة لسطح الخلية معطية إشارة لخلايا الليمفوسيت بأن العدو موجود بالداخل هاجمني. هذه المهمة من الدقة بحيث أنه من يتلقى زراعة نخاع بخلايا دم غريبة يبدأ هذا المركب المتجسس بنقل معلومات لسطح الخلايا بأنها تحوي أنتيجينات معادية للجسد وتفعل الخلايا المزروعة للهجوم على الجسد المتلقي لها. ( يعني بتبسيط مستعمرين دخلوا بلد وإنتشروا بين أهلها وبالرغم بأن البلد بلد آخريين إلا إنهم كدخلاء يدلون بعض على أهل البلد بعدوانية لأن ولائهم الأول لمن نزل معهم في هذه البلد) هذه الحكاية لها علاقة ببعض أمراض رفض الزراعة ولكن هذا ليس موضوعنا هنا.
الفاغوسيتس وزملائها (Phagocytes)
أطلنا عليكم ولهذا نختصر هذه خلايا تطوف الجسد (الدم والليمف) تسمى مونوسيتس (Monocytes) إذا ما أستقرت في أحد الأعضاء أصبح تسمى بالماكروفيجس (Macrophyges) وهي خلايا شرهة تأكل أي غريب وتفرز مواد تستدعي العمل من باقي الجهاز المناعي. بعضها يحوي حويصلات صغيرة تحوي مواد قاتلة للجراثيم والخلايا وبعضها يحمل مواد كيميائية مختصة كخلية الأيسينوفيلس ( Eosinophils) وإختصاصها بالحساسية وخلية الباسوفيل (Basophils) والماست (Mast cell) وهما إثنان بمهمة واحدة وهي بث مواد سمية بتركيز عال على ما يراد قتله الباسوفيل متنقلة في الدم وعند إستقرارها في أعضاء الجسم تسمى ماست.
السيتوكينز (cytokines)
عددها كبير وفي العادة مكونة من البروتينات ومهمتها بإختصار شديد خطوط هاتف بين خلايا المناعة المختلفة تفرزها الخلايا للتخاطب مع زملائها.
الكومبلمنت (complement)
خمس وعشرون نوع من البروتينات تأثر على الأوعية الدموية فتزيد من ترسب الخلايا والسوائل من خلالها ولكن لها مهام أعظم فهي تعمل كوحدة حفر وإختراق لأجسام العدو وتعمل بتناغم مع الأجسام المضادة. فعندما ينشط جسم مضاد يبحث عن كمبليمنت ينشطه ومجرد أن يبدأ أولها في نشاطه حتى تتداعى المنظومة كاملة معها وتتكون سلاسل منها تذهب لتأدية مهماتها. كما أن وجودها على غشاء الخلايا يعد علامة لباقي الخلايا للهجوم عليها.
نشرت فى 17 مايو 2009
بواسطة DrYasserIbrahem
عدد زيارات الموقع
212,634
ساحة النقاش