ارتفع دوي الرعد والبرق واصوات الكلاب ونهاق الحمير عنيفا يصم الآذان في تلك الليلة من ليال ديسمبر شديدة البرودة .. حتي أن شوارع (تل أبيب) قد خلت من المارة تقريبا .. وانكمشت كل صور الحياة من توك توك وسوبرجيت وطيارات فنتوم وغيرها .. تاركة المجال لأصوات المطر الذي يرتطم بأرصفة الطرقات وذلك طبعا لعدم رصف الطرق زى عندنا بالضبط في عنف ..وتزاحمت صور الشتاء الخالدة لتبعث البرودة القارصة في أوصال الجميع من اول صوابع يديهم حتى القاعده قصدى قاعده رجلهم ..وعلي الرغم من ذلك اندفعت تلك الشابة الطويله الرفيعه ( ناشفه يعنى) في معطف مطر شمل كل جسدها تقطع الطرقات بحسم شديد كأنما تعرف اتجاهها جيدا .. وما هي الا لحظات محدودة حتي كانت تقف أمام منزل عتيق منزو في أحد الشوارع الجانبية ذى الحوارى بتعتنا بس الفارق ان ماعندهمش حوارى , ثم أخرجت من جيبها مفتاح صغير دسته في رتاج ( خورم ) الباب مباشرة ولم تنتظر الإذن بالدخول (اسلوب بيئه طبعا) إذ دفعت الباب وخطت بقدمها مباشرة إلي الداخل .. وبداخل المنزل وأمام مدفأة عتيقة انكمشت عجوز كبيرة السن 87 بتقديرى فوق مقعد بعجل.. وعلي الرغم أنها لم تستدر نحوها إلا أنها قالت لها بكلمات حملت كل حزم وصرامة العالم وهي تقول: لم أكن أعتقد أني سأضطر إلي الانتظار كل هذا الوقت حتي تأتين وحيات... بلاش!. .. لم يبد علي الشابة أنها ألقت بالا لعبارتها وإنما انهمكت في خلع المعطف المبتل وهي تقول بلا مبالاة: لقد ساء الجو في (تل أبيب) كثيرا ولا أري أية مبررات لإقامتك فيها خاصة بعد ان تقدم سنك و ساءت .. قاطعتها العجوز بصرامة هذه المرة قائلة: لم أعتد أن يتجاهل أحد أيا من عباراتي وحيات أ.... أطلقت الشابة ضحكة سخريه حملت الكثير من الشماتة وهي تقول: جميل منك أن قلتيها بصيغة الماضي .. ثم اتبعت وهي تقترب منها بوجهها أكثر: لكل منا زمنه يا عزيزتي .. ثم استدارت بعيدا عنها لتداري مشاعرها وهي تقول بحسم أكثر: من الأفضل لكلينا أن تتطرقي مباشرة إلي الموضوع الهام الذي أرسلتي إلي العائلة بشأنه.. سعلت (كحه) العجوز هذه المرة بقوة كأنما فاجأتها هذه الكلمات ثم تابعت صورتها التي استقرت فوق المدفأة حيث كانت بطلة البلى مسافات قصيره وكبيره وتفليه البنات والضرب بالنبله وبجوارها استقرت صورة أخري وهى تضرب زوجها بالشبشب كأنما تستعيد ذكريات شبابها وتذكرت قصتها مع ادهم صبرى وهى:- =========
أفاق أدهم فوجد نفسه فى مخزن وبجانبه المحروس قدرى كالعادة مربوط..وأمامهما سونيا جراهام ست زى القمر فقال لها أدهم إيه الحلاوة دى يا سونيا؟؟ انت كل ما تكبرى تحلوى؟؟ ترد سونيا مش أحسن منك ياللى مش بتكبر أصلا!! يتمتم أدهم ياللنسااااء ويسألها: ليه انتوا قطعتوا المية عن نص البلد والناس مش لاقية تشرب وبتشرب مية المجارى والناس مش عارفه تغسل وبيغسلوا هدومهم فى الترعة؟؟ تقول سونيا عشان الشعب يفتكر ظلما ان الحكومة بتاعتكم هيه اللى عاملة كده؟ أدهم بفضول :يعنى بجد والله الحكومة مالهاش ذنب؟ ترد سونيا : لا طبعا .. حكومتكم أحسن حكومة دلوقتى ..الشباب كلهم بيشتغلوا.. الجنيه بقى أغلى م الدولار .. الأسعار نزلت ..الانترنت بقى ببلاش فى البيوت.. ما فيش حاجة بتتباع فى البلد.. بنك القاهرة ما اتباعش ولا عمر افندى..الفضيلة انتشرت فى البلد ولغوا كل القنوات اللى بتتحدى الملل.. المية واصلة للبلد كلها والمواسير بقالها 200 سنة عشان المحافظة ع التراث.. انتوا اللى شعب غلباوى غلباوى غلباوى
قبل ان تقول كأنما تتجاهل عباراتها: لابد أن العائلة باتت لا تدين لي بالاحترام المناسب حتي انها لم ترسل لى طبق الكوارع اللى بحبه ولا تكترث لمطلبي كثيرا ثم صمتت فترة قبل أن تتبع بلهجة خاصة : حتي أنها لم تجد عيله غيرك لارسالها لي في المهمة التي أردت تكليفهم إياها .. !!وتذكرت ادهم حبيب القلب مره اخرى فى
قطع أدهم قيوده فجأة وماتسألش ازاى (آه نسينا نقول فى المقدمة انه يجيد التخلص من كل القيود فى الدنيا)وصفع سونيا جامد يعنى ولكن الحارس جه من وراه وضربه ولكن منى(اللى أصلا عندها كام وخمسين سنة) جت فجأة مش عارفين منين وضربت الحارس من وراه وأنقذت الموقف .. نظر أدهم فى عين منى و يقول لها تتجوزينى؟؟ ترد منى فى حياء: ماينفعش يا أدهم عشان أنا جسمى كله واوا .. يغضب أدهم ويخرج من المكان بعد أن حرر قدرى وهوه يغنى ليك الواوا ..بوس الواوا..خللى الواوا يصح وهو فى الطريق ينحرف الجميع إلى أقرب بيت ويطلب منه أدهم بعض الماء للشرب.. ولكن صاحب البيت الحاج بيومى يخرج بمقشة هوه وعياله ويحتجزون أدهم ورفاقه وهو يصرخ: زى ما العصابة خطفت محسن ابنى، أنا كمان هاخطفكم، وبعدين انتوا جايين تطلبوا مية ؟؟ هوه فيه مية فى البلد ياولاد البوبي ..البوبي ..البوبي ..البوبي
لم تكد تتفوه بالعبارة حتي أطلقت الشابة ضحكة رنانة زى الرقاصات بس مش شارع الهرم بل بتل ابيب ( وتم تسميتها ب تل ابيب لان كل زوجه بعد الدخله بتطلع فوق التل وسحبا زوجها وتضربه بالابائيب )شقت صمت المكان وهي تقول: يبدو ان شيطانة العائلة السابقة تجهل مع من تتكلم هذه المرة .. ثم راحت تتظاهر بالعبث في أظفارها وهي تتبع : وما لاتعرفه هذه الشيطانة السابقة ( سونيا جراهام) هذه المرة أيضا أنها تتحدث لأخطر أفراد عائلة (جراهام ) علي الاطلاق .. فأنا (بسمه جراهام) ملكة العائلة المتوجة عبر كل أجيالها بلا نزاع حتي أن الأب الروحي للعائلة أدون (عتريس وزوجته همسه حنان جراهام) قد أكد هذه الحقيقة بنفسهما مرارا ... قالتها وأطلقت ضحكة أخري أشد سخرية وقسوة من سابقيها وهي تميل نحوها قائلة بسخرية لازعة: ماقول (سونيا جراهام) شيطانة العائلة السابقة فيما قلت ..ثم أنها حدقت في عينيها مباشرة وهي تقول بقسوة: لقد مضي زمنك منذ أمد بعيد يا عزيزتي .. قالتها وانطلقت في ضحكة هستيرية ساخرة ...
ساحة النقاش