رغم أنه من المعروف أن الغذاء المتوازن، المرتكز على منتجات غنية بالفيتامينات، وهو ضمان الصحة على أعلى مستوى إلا أن لكل قاعدة استثناء. من ذلك مثلاً أنه إذا لم يتوافر اليود في طعامك فسينقصك الكثير حتى لو أكلت الخضراوات طازجة من حديقتك والبيض من الدجاج المربى في المنزل. ونتائج نقصه في الغالب خطيرة. ترجع قصة اكتشاف عنصر اليود على يد كورتوا إلى سنة 1811، الذي اكتشف وجوده في الطحالب وهي قريبة من عائلة الفوكس (نبات دجري) وكان عند اكتشافه بنفسجياً، ولذلك أطلق عليه «فيوليه أي أن يود» أي بنفسجي غامق، وبعد ذلك ظهر أن اليود موجود في كل الأنواع النباتية التي تستمده من الأرض، بشرط أن تكون محتوية عليه. أما المناطق التي يقل فيها جداً فهي المناطق الجبلية التي يقوم الثلج فيها وذوبانه المتتابع بغسل الأرض من اليود الذي تحتويه، وللسبب نفسه فإن الفيضانات والأمطار تترك خلفها أراضي فقيرة في المعادن ومنها اليود. وقد بدأ الوعي في القارة الأوروبية بهذه المشكلة الخطرة منذ فترة وجيزة وقررت منظمة الصحة العالمية في 1990م، حل هذه المشكلة قبل نهاية 2000 التي تمثل مشكلة هامة للصحة العامة. وقود الغدة الدرقية في سنة 1896م، اكتشف بومان أن الغدة الدرقية أكثر من أي عضو آخر بالجسم، تحتوي على نسبة كبيرة من اليود، وهو يعد وقودها الأساسي. كما أنه يدخل في تركيب الهرمون الدرقي الضروري لتنظيم عملها ونمو الأعضاء وله وظيفة مهمة في التغذية. ويساهم في ميكانيزم أكسدة الخلايا على مستوى الكبد في إنتاج الكرات الحمراء. ويحتوي الجسم البشري على مقدار يراوح بين 10 إلى30 ملجراماً من اليود (10 ملجم في الغدة الدرقية، و0.5 ملجم في العضلات والهيكل)، وهو يوجد بكميات صغيرة في الكبد، والمبايض والغدة الكظرية. ويتنوع الاحتياج اليومي وفقاً لحالة الشخص من 150 إلى 300 ميكروجرام يومياً. ويمثل نقص اليود خطورة في حالات معينة منها الحمل، الرضاعة، الطفولة والمراهقة، أي في فترات الحياة والنمو السريع، إذ يتم امتصاص اليود بسرعة. وفي حالة وجود نسبة زائدة على المعتاد نجد أن الكلى تلعب دوراً في التعديل والتغيير وبصفة عامة يتأخر الامتصاص عند الذين يتناولون طعاماً بكمية بسيطة وبدون بروتين. تشوه وتأخر عقلي تظهر آثار نقص اليود عند الجنين والرضع، ذلك أن نمو المخ مرتبط بوجود اليود في غذاء الحامل ومن ثم الرضيع، ولذلك فإنه منذ الأيام الأولى للميلاد يتم وصف جرعة من هرمون «T4» الذي ينشط عمل الغدة الدرقية عند الوليد. و قد يتسبب نقص اليود في أثناء الحمل في موت الجنين أو في تعرضه لمشكلات عند الولادة. أما بالنسبة للرضيع فيصبح نموه العصبي غير كاف، وبالتالي يتعرض التأخر العقلي ويمكن للأعراض المصاحبة لذلك أن تظهر متأخرة جداً، فالأطفال الذين يعانون نقص اليود لا تظهر عليهم بالضرورة الأعراض التي يسهل تشخيصها ما يؤخر العلاج البديل ويزيد من حدة الأخطار. وقد أثبتت بعض الأبحاث أن الأطفال (في المرحلة العمرية من 10 إلى 12 سنة) المولودين من أمهات يعانين نقصاً في اليود في أثناء الحمل فإن قدراتهم الإدراكية والحركية تكون أقل من الطبيعي ما يؤكد أن قلة اليود وانخفاضه في أثناء نمو الجنين يمثل مخاطرة ونتائجه سلبية على المدى البعيد. ولا ينصح الأطباء بزيادة جرعة اليود في أثناء فترة الحمل طالما كان متوافراً عند الأم بصورة طبيعية، وإذا كان هناك نقص بعد الولادة فإنه عادة ما يتم وصف مقدار (160 إلى 200) ميكرو جرام يومياً للأم المرضع. أما إذا كان النقص في أثناء مراحل الطفولة أو المراهقة والبلوغ فإن العلامات تظهر بصورة واضحة في الغدد الدرقية التي يتضخم حجمها أو العكس، وتظهر أعراضها بوضوح في أشكال متعددة منها: التعب، الإحباط فقدان الذاكرة، الضعف، زيادة الوزن، إمساك، عصبية، سقوط الشعر، جفاف الجلد، وغيرها من العلامات الصغيرة التي تدق أجراس الإنذار وتلفت الانتباه إلى الغدة الدرقية. غذاء يجب اكتشافه وإذا تركنا حافة البحار والمناطق المطلة عليها نجد أن الماء العذب يحتوي على قليل من اليود، ولهذا السبب تنتشر في مثل هذه الأماكن نسبة عالية من أمراض العته وبشكل يكاد يكون مستوطناً. ومع ذلك فلا يعتبر ملح البحر غنياً باليود بشكل كبير كما يعتقد، لأن العنصر الأساسي الذي يتبلور هو كلوريد الصوديوم، واليود يوجد في السوائل المترسبة التي يتم استبعادها، وينصح بكل الأغذية البحرية بلا استثناء لاحتوائها على اليود من بينها الطحالب التي تحتوي على جرام من اليود لكل 100 جرام منها. أما الطهو فإنه يعدل محتوى اليود وكميته في الغذاء: فالقلي مثلاً يقلله بنسبة 20%، والشي 23%، بينما الطهو بالماء يزيد الفرق حتى 58%. ومنذ عدة سنوات يتم استخدام اليود في صناعة بعض أنواع الأدوية، خصوصاً تلك التي تحارب آثار الإشعاع، لأنه المكون الوحيد القادر على منع تراكم اليودور الإشعاعية (ملح حمض اليودهيدريك) في الغدة الدرقية، ولذلك استخدمه سكان الولايات المتحدة بعد انفجار مفاعل تشرنوبيل خوفاً من الإشعاع. ويؤثر اليود كذلك على الجهاز التنفسي، كما أنه المكون الأكثر فاعلية في تنقية المياه غير العذبة، كما أنه يقوي الأظفار الضعيفة ويمنع سقوط الشعر، ويستخدم كمنظم لعمل الغدة الدرقية، ويقي من تصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم. الأسماك الغنية باليود هي: التونة، الرنجة. السردين، السومون، الغيدس. الفواكه الغنية به هي: الأناناس، المشمش. الخضراوات: الخس، اللوبيا، الفجل، اللفت. |
نشرت فى 12 فبراير 2009
بواسطة DrYasserIbrahem
عدد زيارات الموقع
212,648
ساحة النقاش