اخلاقيات العمل والجودة
إن أخلاقيات العمل تشير الى قيم السلوك والأخلاق التي توضح التصرفات الصائبة والخطأ التي تظهر في بيئة العمل. إن المقاييس الأخلاقية السيئة تؤدي الى مشاكل فيما يتعلق بصورة المنشأة لدى الجمهور، والى مجموعة من المشاكل المكلفة، قضايا قانونية مكلفة ، مستوى عالي من السرقة بين الموظفين.. إلخ. إن اتخاذ القرار الأخلاقي يديم الثقة مع الجمهور كما انه عنصر أساسي في علاقة المنشأة مع الجمهور والموظفين والشركات الأخرى. ومن المهم أيضا أن تعكس الإدارة العليا سلوك أخلاقي لأنه من المتعارف عليه انها دائما القدوة التي يتمثل بها جميع العاملين بالمنشأة. بالنسبة للمديرين والموظفين فإن حماية البيئة هي مسئولية اجتماعية كما انها هدف مهم للمنشأة لأنها أصبحت حجر الزاوية للنجاح. ان أي منشأة ترغب في الإزدهار على المدى الطويل لا يمكنها تحقيق ذلك دون أخلاقيات العمل، أي معايير السلوك والقيم الأخلاقية التي تحكم التصرفات والقرارات في بيئة العمل.
المسئولية الاجتماعية:
على المنشأة أيضًا أن تضع مجموعة كبيرة من القضايا الاجتماعية في الاعتبار، أي كيف سيؤثر اتخاذ قرار ما على البيئة والموظفين والعملاء. ومصطلح المسئولية الإجتماعية يشير الى السياسات والإجراءات والتصرفات الموجهة لدعم رفاهية المجتمع كهدف اساسي. بإختصار ان المنشآت التجارية يجب أن توجد التوازن بين عمل ما هو صائب وما هو مربح. وفي المنشأة تماما كما في الحياة ، تحديد ما هو صائب وما هو خطأ في موقف معين ليس دائما اختيارا واضحا. فأي منشأة لها مسئوليات كثيرة – للعملاء والموظفين ، والمستثمرين وللمجتمع ككل. أحيانا يظهر الصراع عند محاولة التوفيق بين مصلحة المنشأة في أن يحقق الربح المستهدف والمسئولية تجاه المجتمع. وقد يظهر الصراع أيضا في حالة اتخاذ قرارات مثالية والقرارات العملية التي يتطلبها موقف معين.
هناك عناصر أربعة تشكل أخلاقيات العمل والمسئولية الإجتماعية:
الفرد، المنشأة، القانون والمجتمع. هذه العناصر الأربعة تتفاعل الواحدة مع الأخرى بقوة بحيث تؤثر على قوة وإتجاه كل واحدة منها. فأخلاقيات صانع القرار تؤثر على المنشأة وبالتالي يؤثر على المتعاملين معها كأي مجتمع. أن الفرد من خلال حياته المهنية قد يواجه بموقف يجب ان يوازن بين الصواب والخطأ قبل اتخاذ قرار ما أو تصرف ما، لذلك فأن مناقشة أخلاقيات العمل تبدأ بالتركيز على اخلاقيات الفرد. ان أخلاقيات العمل تتشكل أيضا بالمناخ الأخلاقي داخل المنشأة. أن أسلوب السلوك والمقاييس الأخلاقية تلعب دورا متزايدا في المنشآت حيث العمل الصائب يدعم ويكرم.
أخلاقيات الفرد في العمل :
في بيئة العمل هذه الأيام نجد أن الفرد يشكل الفرق بين التوقعات الأخلاقية والسلوك . بما أن المنفذين ، المديرين والموظفين يظهروا مبادئهم الأخلاقية أو نقصها عند معالجة المواقف المختلفة في العمل – نجد أن توقعات وتصرفات هؤلاء الذين يعملوا لديهم أو معهم يمكنها أن تتغير وتتأثر بهم. بالرغم من ان السلوك الأخلاقي يصعب تتبعه أو حتى تحديده في كل الظروف، نجد أن الأدلة توحي بأن كثير من الأفراد يتصرفوا بلا أخلاق أو دون مراعاة القانون أثناء أداء عملهم. ويظهر ذلك واضحا في سرقة الأدوات المكتبية مثلا في سرقة الوقت المتمثل في الحضور متأخرا أو الخروج مبكرا أو الكذب فيما يتعلق بالأجازات المرضية .. إلخ وجه أخر للسلوك الغير أخلاقي للأفراد هو أن يغطي موظف عن شيء ضار بالمنشأة ولا يبلغ عنه مثل رداءة إنتاج، عطل في ماكينة بحيث لا يشعر بذلك صاحب العمل أو الرؤساء. ومنها أيضا الكذب على العملاء ، كما أن كثير من الرؤساء وفي العمل قد يملأ تقارير كاذبة عن سير العمل أو أداء العاملين. وبذلك نجد الموظف في كثير من الأحيان يواجه بالموقف الذي يصبح سلوكه الأخلاقي في العمل موضع مساءلة. وقد يبرر البعض ذلك بالمقولة الشهيرة "الكل يفعل ذلك". وهناك من يتصرف بصورة غير أخلاقية وذلك بسبب ضغوط العمل فيضطر للكذب ليبرر تأخره عن إنجاز شيء كان يجب إتمامه. ولكن هناك من لا يقبل أن يفعل أي شيء مخالف لمبادئه وأخلاقه.
تطور أخلاق الفرد :
غالبا ما يطور الفرد مقاييس أخلاقية في ثلاثة مراحل :
المرحلة الأولى : ما قبل التمسك بالتقاليد والعرف:
وفي هذه المرحلة يكون الفرد يبحث عن مصلحته الشخصية. ويتبع القواعد فقط خوفا من العقاب أو آملا في المكافأة. في هذه المرحلة يركز الفرد على حاجته ورغباته عند إتخاذ أي قرار وتأتي طاعة القواعد فقط خشية العقاب أو طمعا في فائدة ما.
المرحلة الثانية: التمسك بالتقاليد والعرف:
وفيها يضع الفرد مصالح وتوقعات الآخرين موضع اعتبار عند اتخاذ أي قرار. أي ان القواعد تتبع لأنها جزء من انتمائه للجماعة والتزامه تجاه العائلة وزملاء العمل والمنشأة. ان توقعات هذه المجموعات تؤثر على كيفية الإختيار بين ما هو مقبول وما هو غير مقبول في مواقف معينة. ولكن طبعا الإهتمام بالذات يستمر في لعب دور في اتخاذ القرارات.
المرحلة الأخيرة: بعد الالتزام بالتقاليد :
وفيها يتبع الفرد المباديء الشخصية التي تحتوي على القواعد الأخلاقية. وفيها يضع الفرد مصالحه ومصالح الجماعة والمجتمع في الإعتبار عند إتخاذ أي قرار. وهذه المرحلة تمثل أعلى مستوى من الأخلاق والسلوك الأخلاقي. يستطيع الفرد هنا أن يتحرك بعيدا عن مصالحه الشخصية البحتة ويضع الصالح العام للمجتمع في الحساب. والفرد في هذه المرحلة قد نمى المباديء الأخلاقية التي تحدد ما هو الصواب وما هو الخطأ ويمكنه أن يطبق هذه المباديء في مواقف متنوعة. إن مراحل تطور السلوك الأخلاقي لدي الفرد تتحدد بعوامل كثيرة ومنها العائلة، التعليم، الثقافة، الخلفية الدينية كما أن الخبرات السابقة تساعد على تشكيل ردود الأفعال في المواقف المختلفة.
المأزق الأخلاقي عند الاختيار:
أحيانا في العمل يواجه الفرد مأزق أخلاقي عند اتخاذ قرارات لا تؤثر فقط على مستقبله، ولكنها تؤثر على مستقبل زملاء العمل والشركة، والعملاء. كما سبق وأشرنا ليس من السهل التمييز بين الصواب والخطأ في كثير من المواقف في العمل/ خاصة عندما تتصارع مصالح أطراف كثيرة. ولتوضيح ذلك سنستعرض الأمثلة الآتية:
مثال (1) : جمال سعد هو المدير العام للشركة الدولية، عقد اجتماع مع أهم عميل لديه لبحث الأعمال بينهم في الفترة الربع سنوية السابقة. وبعد مغادرة العميل اكتشف السيد جمال أن العميل قد نسى ملف يحتوي على العروض المقدمة بخصوص مناقصة معينة. جمال كان عليه أن يختار بين مصلحة شركته وبين الأمانة التي تقتضي أن يرد الملف دون قراءته. علما بأن قراءة الملف كانت ستساعده لتقديم عرض أفضل ويضمن التوريد الذي يشكل أهمية كبيرة بالنسبة له. جمال ليس فقط قرأ العروض بل وأيضا ناقشها مع معاونيه. بل ونسخ صورة له من المستندات. عندما علم صاحب الشركة أمره بإعادة المستندات أولا ثم الإستقالة لعدم أمانته .
مثال (2) : تقدمت شركة الأمل لمناقصة كبيرة وفي هذه الأثناء وصل مظروف للشركة فيه صورة من عطاء شركة منافسة متقدمة لنفس المناقصة. ولكن مسئول المبيعات بالرغم انه كان لديه الوقت ليغير من عرضه ويضمن أن يكسب العطاء الا انه رفض وأرسل الظرف الي الشركة المنافسة. وبالتالي لم يفز بالعطاء لأن سعره كان أعلى . قد تكون شركة الأمل قد خسرت المناقصة وبالتالي خسرت مبلغا كبيرا من المال على المدى القصير الا انها كسبت السمعة الطيبة مما أدى الى زيادة العمل على المدى الأبعد مافعلاه صاحبا الشركتين هو انتصار الأمانة على المصلحة الشخصية وكما قالوا "لقد عملنا على تدعيم سمعة الشركة والتي على المدى الطويل سوف تسحب كثير من العمل في اتجاهنا" والآن : ما الذي ستفعله في موقف كهذا؟ هل ستفعل ما يبدو ضروريا لتتأكد أن شركتك ستحقق مبيعات كبيرة؟ طبقا لمسح شامل بين عدد كبير من العاملين في مجال المبيعات، 98% منهم قالوا انهم سيفعلون "أي شيء" لإتمام الصفقة هاتان القصتان تظهران أن هناك طرق كثيرة لحل هذا المأزق الأخلاقي. في كثير من الحالات كل قرار ممكن أن يكون له عواقب غير سارة ولكنه بجانب ذلك سيكون له فوائد كثير يجب أن تقيم وتوضع في الحسبان. إن المأزق الأخلاقي الذي وضح في المثالين يعتبر واحد من كثير تواجه العاملين في المنشآت عند تأدية عملهم.
خواص المعايير الأخلاقية :
1- كل المقاييس الأخلاقية تتعامل مع الأشياء التي يعتقد أن لها نتائج جادة مع خير الإنسانية. وهي أيضا تتعامل مع خير الحيوان، والإحترام الذي ندين به للبيئة الطبيعية.
2- إن المعايير الأخلاقية لا يمكن ببساطة أن تنشأ أو تتغير بالمعايير الأخلاقية يجب أن تتفوق على المصالح الذاتية.قرار من هيئة ذات سلطة فهي ثابتة.
3- تعتمد المعايير الأخلاقية على اعتبارات محايدة. أي التعامل مع المواقف المتشابهة بنفس الطريقة أي على أساس ان كل البشر سواسية.
كيف تشكل المنشأة السلوك الأخلاقي؟
لا يستطيع أي فرد اتخاذ قرارات من فراغ. لأن الإختيارات تتأثر بشدة بمعايير السلوك التي وضعت داخل المنشأة حيث يعمل الناس.
وتحدث أخلاقيات العمل على اربعة مستويات :
الوعي الأخلاقي - التفكير الأخلاقي – التصرف الأخلاقي – والقيادة الأخلاقية. لو اختفت واحدة من تلك العناصر فإن المناخ الأخلاقي في المنشأة سيضعف.
الوعي الأخلاقي:
أساس المناخ الأخلاقي هو الوعي الأخلاقي. كما رأينا من قبل أن المأزق الأخلاقي دائما يحدث في موقع العمل. لذلك فإن الموظفين يحتاجوا للمساعدة لتحديد المسائل الأخلاقية عند حدوثها ويحتاج العاملين ايضا لإرشادهم الى ما تتوقعه المنشأة منهم كأستجابة للمواقف المختلفة لإتخاذ القرار الأخلاقي. والطريقة المثلى لتظهر المنشأة القواعد الأخلاقية التي ترغب في وجودها داخل منطقة العمل هي بأن تحدد انماط السلوك الأخلاقي كتابة ويعلق في مكان ظاهر لجميع العاملين. أن هذه اللائحة التي توضح السلوك المقبول يجب ان توضح أيضا القوانين والتعلميات التي يجب أن يطيعها العاملين.
التفكير الأخلاقي :
أن التدريب على لائحة السلوك الأخلاقي تساعد العاملين على التعرف والتفكير في المسائل الأخلاقية. ومع ذلك فأن المؤسسات يجب أن تعطي الإطار والوسيلة التي تسمح للقرارات أن تتحول إلى تصرف أخلاقي . أن الأهداف المحددة لمؤسسة ككل وللأفراد والأقسام كجزء يمكنها أن تؤثر على السلوك الأخلاقي. فأن الموسسة التي يضع مديرها أهداف غير واقعية لأداء الموظفين ستجد الكثير من الغش والكذب والأفعال السيئة الأخرى لأن الموظفين سيحاولوا حماية أنفسهم. بعض الشركات الأخرى تشجع على التصرف الأخلاقي بإعطائها الدعم للموظف عندما يكون في مأزق أخلاقي. أحد هذه الأساليب هي وجود خط ساخن مع الإدارة يستطيع الموظف من خلاله السؤال عن ما يجب عمله حتى ينفذ ما يطلب منه بصورة مرضية دون الحاجة للكذب. بعض الشركات تعين اشخاص للرد على أي استفسار من العاملين للمحافظة على السلوك الأخلاقي داخل المنشأة.
القيادة الأخلاقية :
التنفيذيون لا يجب ان يتكلمون عن السلوك الأخلاقي فقط بل يجب أن يظهر ذلك في كل تصرفاتهم أيضا. هذا المبدأ يتطلب أن يكونوا شخصيا ملتزمين بقيم ومباديء المؤسسة ومستعدون أن يتصرفوا على هذا الأساس. ويجب على القائد الأخلاقي أن يتقدم خطوة أبعد ويطالب الموظفين على كل المستويات أن يتحملوا المسئولية الأخلاقية كقادة أمام من هم أقل منهم في المستوى. وطبعا لسوء الحظ ليست كل المؤسسات قادرة على انشاء هذا الإطار الصلب من السلوك الأخلاقي
.إقرأ مقالات ذات صله :
وإقرأ على :ــ
http://drnabihagaber.blogspot.com
- إصلاح الخطأ فى العمل
- كيف تتعامل مع الزميل الوقح
- كيف تتعامل مع الزملاء مثيرى الضيق
- كيف تعطى إنطباع جيد عن نفسك فى العمل
- علاقاتك مع العملاء أساس إستراتيجيتك للتسويق
- إبحث عن الفرص داخل الأزمات
- تجنب هذه الأخطاء فى لغه الجسد
ساحة النقاش