وجدت نفسي اريد ان اكتب عن الحب لأني وجدت معايير الحب قد اختلفت وانحرفت ووجدت بعض الناس قد اطلقوا لفظ الحب على اشياء تافهة مقيتة بعيدة كل البعد عن الحب وأقرب ما تكون للخيانة والكره حتى في نظر الفتيات صرن ينظرن الى الانسان الهادئ الوقور بنظرة اشمئزاز فهذا لا يعرف الحب ويكأن الحب في نظرهم هو التبجح بالمشاعر والفجور في المشاعرفهي تريد ذلك الفتى الذي يملأ اذانها بكلام معسول وما أكثر هؤلاء في عصرنا وصدقت فرانكلين روزفلت حينما قالت قل للمرأة انها جميلة تتحول الى حمقاء ووجدت للأسف معظم الشباب صار على هذا النهج ويقول انا بأكلم حبيبتي وأنا عايش قصة حب وبعد يومين بعد ان يكون قد وصل الى ما يريد اجده يكلم اخرى  فهكذ قلب الشباب في هذه الفترة يحب كل يوم واحدة جديدة وهكذا وللأسف قد وجدن حمقاوات كثر فاردت ان استعير بعض كلمات الحكماء لتفرق ولتوضح لهؤلاء التافهون  الفرق بين هذا الشئ الجميل الذي يسمى الحب وبين شئ اخر بغيض يسمى التملك والانانية فالفرق بين الحب وغريزة التملك خيط رفيع اذا ما تبينته تكشف لك الفارق الكيبر ، ان الحب عاطفة تسمو بك الى مرتبة الملائكة والتملك غريزة تنحط بك الى مرتبة الحيوان ، الحب يدفعك الى ان تضحي بنفسك في سبيل من تحب ، وغريزة التملك تدفعك دائما  الى ان تضحي بغيرك في سبيل نفسك . عندما تحب تغار لمن تحب تغار لسعادته وراحته وسلامته ، والتملك يجعلك تغار لنفسك لسعادك وراحتك وسلامتك وشهوتك . الحب عطاء سخاء والتملك اخذ انانية ، كل من يحب يتمنى ان يملك من يحب وقد تتحقق امنيته فتكتمل عناصر الحب فاذا لم تتحقق امنيته يبقى الحب ناقصا أحد عناصره ولكنه يبقى . فالتملك عنصر من عناصر الحب ولكن الحب ليس عنصر من عناصر التملك ( هذا هو الخيط الرفيع ) لذلك يجب على كل واحد منا ان يحدد شعورة هل هو يحب ام لا يستطيع الاستغناء عن من يمتلكه )   والان نهبط ثانيا الى ارض الواقع المرير لو افترضنا جدلا ان حدث زواج بين هؤلاء الواهمين الذين يحبون بهذه الطريقة التافهة فقد اثبتت الدراسات كل الدراسات على  حدوث فشل زريع لمثل هذه الزيجات لأن هذا ليس الحب وسأتكلم قليلا عن معنى الحب في وجهة نظر الأديان اولا يقول صلى الله عليه وسلم حبب الي من دنياكم ثلاث الطيب والنساء وجعلت قرة عيني في الصلاة ويروى انه لما كلمت السيدة خديجة خادمتها عن رسول الله وعرفت ما به من الصغات تمنت ان يكون زوجا لها وقالت او يرضى محمد ان يكون زوجا لي وهي الشريفة الغنية القادرة التي تقدم لخطبتها عظماء القوم وشرفاؤهم فتقول لها خادمتها دعي الامر لي وذهبت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم تعرض عليه زواجه بسيدتنا خديجة فقال (بأرقى معاني الحب ) قال أو ترضى خديجة صلى الله عليه وسلم هكذا يعلمنا الحب الحب في صمت الحب الذي ينظر الانسان دائما انه لم يصل الى ان يستحق ان ينال هذا الحبيب الحب دونما ان يخدش الطرف الاخر دونما ان يجر الطرف الاخر الى كلام معسول تافه يجره به الى الحرام بل المحب فعلا يحب ان يرى حبيبه سعيدا ولوليس معه يخاف ان يسقط من نظره يخاف عليه من نفسه تعال ننظر الى كلمة حب فهي من حرفين حاء وهو يخرج من نهاية مخارج الحروف وباء وهو يخرج من الشفايف وهي بداية مخارج الحروف ويكأن الحب هو النهاية ( نهاية للكذب للخداع للغش للتملك للكره للأنانية للظلم للكبر للحقد للحسد نهاية لليأس ونهاية للحرام ) وهو البداية ( للصدق للتضحية للجمال للتواضع للرضا للقناعة للعدل  للحلال  للحياة) الحب الحقيقي فعلا هو الحياة ليس هذا الذي نراه ( من مكالمات هاتفية ومقابلات ولمسات وهمسات )كلها تخدش وتجرح وتنقص من قدر من تحب فهذا فعلا هو الحرام لكنه شئ اخر غير الحب       واليكم قصة رائعة قرأتها عن الشافعي وقتيل الحب كما يقولون وهي في منتهى الجمال
كان الشافعى يمشى فى الطريق وجد حجر مكتوب عليه بيت الشعر:
يامعشر القوم بالله خبرونى
اذا حل العشق بالفتى كيف يصنع
فكتب الشافعى على الحجر البيت التالي:
يدارى هواه ويكتم سره
ويخشع فى كل الامور ويخضع
فعاد الشافعى بعد فترة الى نفس المكان فوجد الحجر وقد كتب عليi
اذالم يجد صبرا لكتمان سره
فكتب الشافعي على الحجرالبيت التالي
فليس له شى سوى الموت ينفع
فعاد بعد فتره فوجد على الحجر البيتين الاخيرين
سمعنا واطعنا ثم متنا فبلغوا
سلامى الى من كان للوصل يمنع
هنيئا لارباب النعيم نعيمهم
ولشق المسكين مايتجرع
هكذا المحب الصادق (اذا حل به العشق كيف يصنع  يداري هواه ويكتم سره) ويعمل في صمت وبقوة حتى يصل  الى ان يرى نفسه  يستحق ان ينال هذه الاميرة التي اختارها لتكون متوجة على مملكة قلبه  لكي يتأكد تماما انها ستكون في قمة سعادتها وهناؤها  معه حتى يرضيها اما هؤلاء التافهون يحبون أنفسهم وذواتهم لا يكترثون لأحد فالسعادة ان ترى من تحب سعيدا ولو ليس معك فماذا قد قدمت له لو عاش معك تعيسا هذه قمة الأنانية والكره فلقد لوثتم كل معاني الحب جعلتم الاشياء الجميلة قبيحة وحولتم  الفضيلة الى رزيلة انظروا الى الرجل يكتب للشافعي اذا لم يجد صبرا لكتمان سره فيرد الشافعي فليس له شئ سوى الموت ينفع المحب لا يفضح لا يخدش لا يخدع لا يخون يموت وهو يحب اليهم اكتب مقالي هذا وادعوهم الا ان يعيشوا الحب الحقيقي ليس هذا الحب التافه الملوث الحب الذي نعيش به نحيا به الذي يجعلنا نحب حتى اعدائنا حتى من يكرهونا صارت اعيننا لا ترى الا الحب واليكم اجمل ما قرأت في الحب
يقول الشاعر لحبيبته
تقرطي أو تمنطقي أو تقبي  ......... فلن يزيد ذلك في قلبي شيئا      
 فقد ملأ بعض حبكي كل قلبي........فإن ارادت الزيادة هاتي قلب
هكذا يكون الحب فقد ملأ بعض حبكي كل قلبي ملؤه لييس بالتزين والاسفاف و الجرح والتعدي  والوصول الى ما لا يجوز الوصول اليه بل بالستر والعفة والوقار فالمحب كما يقولون لا تغريه عاهرة أبدا.


المصدر: أحمد طنطاوي
  • Currently 107/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
35 تصويتات / 740 مشاهدة
نشرت فى 5 سبتمبر 2010 بواسطة DrKasem

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

275,390