سوف نحاول الآن أن نلقى الضوء على العوامل المرتبطة بالخصوبة والمؤثرة عليها حتى نستطيع أن نتبين أى من هذه العوامل يستطيع المربى أن يخضعها لسيطرته ومن ثم العمل على توظيف العوامل التى تساهم فى تحسين الكفاءة التناسلية ورفع نسبة الخصب بين أفراد الجاموس المصرى. إن الخصوبة شأنها كأى صفة أخرى تتأثر بمجموعتين من العوامل وهما:

أولاً: العوامل الوراثية Genetic Factors

تشمل مجموعة المؤثرات الوراثية على الخصوبة وهى تمثل حوالى 5-10% من إجمالى الاختلافات بين الحيوانات فى هذه الصفة. وهى بهذا المستوى تعتبر من الصفات قليلة التأثر بالوراثة مما يعكس أهمية العوامل البيئية فى تحديد مستوى الخصب فى حيوانات اللبن. وبتحليل دور الوراثة فى تحديد مستوى الخصب بين الأفراد نجد أنها تشمل العوامل التالية:

1- التربية الداخلية Inbreeding :
عندما لا يتم تغيير طلائق التلقيح على فترات مناسبة فإن ذلك يتبعه تزاوج إناث القطيع مع ذكور تشترك معها بصلة نسب محدثا نوعاً من التربية الداخلية. ويترتب على ذلك أن تتعرض صفات الخصب بالقطيع للتدهور حيث أنها من الصفات التى تتأثر بدرجة كبيرة عند إتباع التربية الداخلية سواء فى الذكور أو الإناث.

2- الولادات ذات التوائم المتعددة Twining Rate :
وهى وإن كانت من الصفات التى تحدث بمعدل قليل يبلغ 2-4% إلا أنها تؤثر سلباً على صفات الخصب والتناسل. ويظهر ذلك بوضوح فى حالة إنتاج توأم مختلف الجنس مما يتبعه عادة أن تكون الأنثى عقيمة بسبب عدم اكتمال نمو وتطور الجهاز التناسلى أو بسبب وجود تكوينات شاذة به.

2-1- الأنثى التوأمية الشاذة Freemartin :
تحدث هذه الحالة فى الماشية، وذلك فى حالة حدوث التحام الأوعية الدموية بين مشيمتين لجنينين توأمين إحداهما ذكراً والآخر أنثى. وفى هذه الحالة فإن هرمون التستوستيرون والمركب المؤدى لاضمحلال قناة مولر Mullerian (Paramesonephric) duct (التى ينتج عنها طبيعياً قناة تناسلية أنثوية) يتم انتقالهما فى المراحل المبكرة من الحمل من الجنين الذكر إلى الجنين الآخر الأنثى بما يؤدى إلى المحافظة على قناة وولف Wolffian (Mesonephric) duct (التى ينتج عنها قناة تناسلية ذكرية) واضمحلال قناة مولر فى الجنين الأنثى، بما يؤدى إلى أن تكون هذه الأنثى عقيمة رغم أنها داخلياً فى حالة من الذكورة.

3- الحالات غير الطبيعية فى الذكور Malformation in Male :
وهى بعض الحالات التى تحدث عادة بمعدلات قليلة ويتبعها فى كثير من الأحيان ظهور حالات العقم الوراثى فى الذكور. مثل هذه الأعراض يمكن ملاحظتها والتعرف عليها وقد ترجع إلى الاستعمال غير المقصود للتربية الداخلية. وتشمل هذه الحالات كل من:

3-1- عدم تطور الخصيتين Non-Developed Testes :
ويعنى ذلك عدم اكتمال تطور الخصيتين بالصورة التى تسمح بإنتاج سائل منوى مكتمل الصفات. ومن البديهى أن يؤدى ذلك إلى إضعاف القدرة الاخصابية للسائل المنوى الناتج مما يقلل كثيراً من مستوى الخصب بالقطيع.
3-2- عدم اكتمال نزول إحدى الخصيتين أو كليهما فى كيس الصفن Suspended Testes :
وتتسبب هذه الحالة كما سبق فى عدم قدرة الخصية على أداء دورها فى إنتاج الحيوانات المنوية اللازمة لإتمام الإخصاب مما يقلل من مستوى الخصب بالقطيع.
3-3- عدم القدرة على تكوين سائل منوى مكتمل Inability to Produce Normal Semen :
قد تتسبب وراثة الحيوان فى بعض الأحيان فى حدوث بعض حالات العجز فى إنتاج سائل منوى مكتمل الصفات. وتؤدى هذه الحالة المرضية إلى خفض واضح فى مستوى الخصب بالقطيع مما يؤكد الحاجة الماسة إلى عمل بعض الاختبارات المعملية من وقت إلى آخر للتأكد من صلاحية السائل المنوى لطلائق التلقيح وجودة صفاته.
3-4- ظهور أعراض الأنوثة فى وجود الخصية Testicular Feminization :
وينتج ذلك عن وجود جين متنحى مرتبط بالجنس، ويؤثر سلبياً على المستقبلات الخاصة بهرمون التستوستيرون Testosterone فى الأعضاء المختلفة فلا تستجيب لهذا الهرمون، ويترتب على ذلك اضمحلال قناة وولف (التى ينتج عنها قناة تناسلية ذكرية) فى خلال فترة النمو الجنينى المبكر ومن ثم فإن هذه الأفراد تبدو فيما بعد كأنها إناث وهى فى واقع الأمر عقيمة حيث تحتوى على خصية ولكنها لا تحتوى على قنوات تناسلية ذكرية.
3-5- نقص الرغبة Lack of Lipido :
وهى من الصفات التى تتسبب فى خفض نسبة الخصب فى بعض قطعان الجاموس المصرى نظراً لانخفاض الرغبة الجنسية عند بعض الفحول والتى قد ترجع لأسباب وراثية أو نتيجة إجهاد الذكر لاستعماله بصفة متكررة فى عمليات التلقيح مما يتسبب فى خفض الرغبة لديه فى تلقيح الإناث التى تكون فى حالة طلب. ويعتقد أن نقص عدد الذكور المتاحة للتلقيح لصغر حجم القطيع عند الفلاح وعدم قدرته على الاحتفاظ بطلوقة لتلقيح إناثه ثم اضطراره هو والفلاحين الآخرين إلى البحث عن أحد الطلائق المخصصة لتلقيح الإناث يترتب عليه زيادة عدد مرات استعمال الطلوقة مما يقلل كثيراً مستوى الرغبة لديه.

4- العقم الوراثى فى الإناث Genetic Sterility in Females :
هناك بعض حالات العقم الوراثى فى الإناث يترتب عليها فقد الأنثى قدرتها على التناسل. ومن الحالات المعروفة فى حيوانات اللبن:
4-1- مرض العجلات البيضاء White Heifer Disease:
ويتسبب هذا المرض فى عدم اكتمال تطور الجهاز التناسلى للعجلة حيث يوجد بصورة طفيلية غير مكتمل النمو. وهو من الأمراض الوراثية المتكرر حدوثها لبعض العجلات والذى قد يرجع حدوثه فى بعض الأحيان إلى إتباع التربية الداخلية غير المقصودة بالقطيع أو لأسباب وراثية أخرى لوجود تشوهات فى التركيب الجينى للفرد نفسه.
4-2- عدم تطور المبايض Ovarian Hypoplasia :
وهى حالة مرضية تحدث من وقت لآخر لبعض إناث القطيع وتؤدى إلى نقص نمو المبايض وعدم اكتمال تطورها مما يحد من قدرتها على إنتاج البويضات اللازمة لإتمام عملية الإخصاب وإنتاج الأجنة. وترجع هذه الحالة المرضية كما سبق كنتيجة لاتباع التربية الداخلية أو لعيوب فى التركيب الوراثى للأنثى نفسها تحول دون النمو الكامل للمبايض.
4-3- تكيس المبايض Cystic Ovaries :
وهى حالة مرضية وراثية تصيب المبايض وتؤدى إلى تكيسها مما يمنع تكوين البويضات وتفقد بالتالى وظيفتها الأساسية كمسئولة عن إتمام عمليات التناسل. ومن الطبيعى أن مثل هذه الإناث يتم التخلص منها لعدم صلاحيتها للتربية بالقطيع ويمثل هذا خسارة اقتصادية كبيرة لمربى حيوانات اللبن.
4-4- الرحم وحيد القرن Single Horned Uteri :
وهى أيضاً حالة مرضية وراثية تؤدى إلى وجود قرن واحد للرحم بدلاً من اثنين. وهى أحد الصفات التى تحدث نتيجة لشذوذ فى التركيب الجينى للفرد وتؤثر سلباً على مقدرة الأنثى على التناسل وإنتاج النسل وتفرض أيضاً على المربى ضرورة التخلص من الإناث التى تظهر هذه الصفة.

ثانياً: العوامل البيئية Environmental Factors :
وهى تشمل مجموعة العوامل التى تؤثر على الخصوبة وتقع فى نطاق قدرة المربى على السيطرة عليها وتوجيهها فى صالح رفع مستوى الخصب بالقطيع. وتبلغ مساهمة هذه العوامل فى التأثير على صفات الخصب حوالى 90-95% مما يعكس الانطباع عن أهمية هذه العوامل ومدى مسؤليتها فى تحسين الصفة. ويمكن تقسيم هذه العوامل إلى الأقسام التالية:
1- مستوى الرعاية Management Level :
هناك العديد من العوامل البيئية التى تندرج تحت هذا القسم ومنها:
1-1- الاحتفاظ بسجلات الخصب والتناسل Keeping Reproductive and Fertility Records :
وهى إحدى ضروريات إحكام الرقابة الفردية لأفراد القطيع وذلك لمتابعة كافة عمليات التلقيح والحمل والولادة. وتشمل هذه السجلات صوراً متباينة تغطى كافة أوجه النشاط التناسلى لكل أنثى بالقطيع حتى يمكن للمربى الوقوف على أسباب التخلف التناسلى لكل أنثى. ويمكن للمربى أن يتعرف على حالة الخصب فى القطيع من واقع المعلومات التى تشملها هذه السجلات حيث يستطيع استخراج مقاييس الكفاءة التناسلية سواء لكل حيوان أو للقطيع ككل.


1-2- ظاهرة التفويت فى الجاموس: (هل هى مشكلة وراثية أما مشكلة رعاية؟!)
يعزى البعض انخفاض كفاءة اكتشاف الشبق فى بعض الحيوانات إلى ما يسمى "ظاهرة التفويت" كما يطلق البعض عليها اصطلاح الشبق الصامت Silent heat إلا أن الدراسات البحثية أثبتت أنه مع زيادة عدد مرات مراقبة حدوث الشياع يومياً تقل نسبة حدوث ما يسمى بالشبق الصامت والذى يجب أن يطلق عليه التبويض الصامت Quite ovulation كتعبيراً أصح لوصف هذه الظاهرة حتى أنه مع المراقبة المستمرة لمظاهر الشياع على مدى اليوم الكامل يختفى تماماً تقريباً حدوث التبويض الصامت.
هذا ويكثر فى الجاموس ظاهرة التفويت (الشبق الصامت) ويقدر أنه بين كل 5 دورات شبق تحدث للحيوان تكون بينها دورتان صامتان على الأقل وتدل الأبحاث على أن هذه الظاهرة ترجع إلى انخفاض ملحوظ فى نسبة هرمون Ostrogen فى الحيوانات ويلاحظ أيضاً أن كمية من هذا الهرمون تفرز فى الروث.
وإناث الجاموس المصرى يمكن أن تلقح فى أى وقت من السنة ويظهر الشياع كل 20 يوماً بين نهاية فترة وبداية الفترة التالية، وفترة الشبق تستمر حوالى 12 ساعة والتبويض يظهر بعد انتهاء مظاهر الشياع بحوالى 18 ساعة.
إن مظاهر الشياع فى الجاموس المصرى أقل وضوحاً عنها فى الأبقار وأن حوالى 86% من الشياع فى الجاموس المصرى يكون شياعاً صامتاً وخاصة فى فصل الصيف. كما أن التغيرات الطبيعية فى المهبل من درجة حرارة وطبيعة وكمية إفرازات لا يمكن الاعتماد عليها كمؤشر لحدوث الشياع، وعادة فإن ظهور الشياع فى الجاموس يكون واضحاً فى الفترة من الساعة السادسة مساءً حتى الساعة السادسة صباحاً (70% من الحالات).

1-2-1- عدم القدرة على كشف الشياع بدقة Improper Heat Detection :
إن القدرة على كشف الشياع ومعرفة علاماته على وجه الدقة تساعد المربى فى تحديد أنسب وقت لتلقيح الأنثى بما يسمح بتحسين فرصة حدوث الحمل وإطالة الحياة الإنتاجية لها. إن التسجيل الدقيق لتواريخ الشياع والتلقيح سواء عند استعمال التلقيح الطبيعى أو الصناعى يعتبر من ضرورات التوقع بتواريخ الشياع أو الولادة المستقبلية مما يتيح للمربى تنظيم عمليات الرعاية لحيواناته. والمعروف أن الفترة بين شياع والذى يليه قد تتراوح عادة بين 18، 24 يوماً بمتوسط يبلغ 21 يوماً. أما فترة الشياع نفسها فيتراوح طولها بين 6، 30 ساعة. إن أهم علامة على وجود البقرة أو الجاموسة فى حالة شياع هى سماحها لباقى الإناث بالقطيع أو للطلوقة بالوثب عليها والبقاء مستقرة فى مكانها. إن هناك العديد من المظاهر الأخرى لحدوث الشياع والتى يجب أن يكون المربى ملماً بها حتى يمكنه تقديم الأنثى للتلقيح فى الوقت المناسب. إن المشاهدات العديدة تشير إلى أن أكثر من 70% من مظاهر قفز الإناث على بعضها فى حالة الشياع تحدث خلال الفترة من الساعة السابعة مساء وحتى الساعة السابعة صباحاً. وإذا حاولنا كشف أكثر من 90% من حالات الشياع فى القطيع فإنه من اللازم مراقبة الإناث بعناية فى ساعات الصباح الباكر وساعات الليل المتأخر فضلا عن مراقبتها كل أربعة إلى خمس ساعات أثناء النهار. إن سوء التغذية أو الإصابة بمشاكل أو أمراض حادة بالقناة التناسلية أو مضاعفات ما بعد الولادة تؤدى فى كثير من الأحيان إلى صعوبة الكشف عن الشياع.


1-2-2- اكتشاف الشبق Oestrous detection :
نتيجة لقصر طول فترة الشبق فى بعض الأنواع، كما هو الحال فى ماشية اللبن، فإن عدم اكتشاف الشبق يؤدى إلى ضياع دورة الشبق كاملة دون تلقيح الأنثى بعد الولادة بما ينتج عنه خسارة اقتصادية كبيرة على المربى، ولذلك فقد اجتهد العلماء والباحثون خلال الثلاثة عقود الماضية فى تطوير نظم اكتشاف الشبق والتى تعتمد على:
(أ) الملاحظة الفردية للسلوك الجنسى للحيوان، وخاصة وقوف الأنثى للوثب عليها من الذكر أو إناث أخرى بالقطيع حيث أن ذلك يمثل العلامة المؤكدة لحدوث الشبق فى الجاموس والأبقار. وقد دلت نتائج البحوث العلمية أنه للحصول على نسبة نجاح لا تقل عن 80% فى اكتشاف الشبق فى الأبقار يجب أن تتم ملاحظة الحيوانات ثلاثة مرات يومياً على الأقل (مرة كل 8 ساعات) ولمدة 30 دقيقة على الأقل فى كل مرة، تكون فيها الأبقار فى حالة حره تسمح لها بإظهار سلوكها التناسلى.
(ب) الاعتماد على المظاهر الأخرى المساعدة سواء السلوكية منها أو الفسيولوجية. ومن ذلك استخدام وسائل معينة مثل كبسولات وتخرج محتوياتها عند وثب الذكر عليها، كما أتجه البعض إلى تطوير وسائل معينة لقياس الزيادة فى حركة الأرجل أو حرارة الجسم أو حارة اللبن ويتم قياس التغير فيها أثناء وجود الحيوانات فى المحلب، أو قياس المقاومة الكهربية للإفرازات المخاطية للمهبل والتى تنخفض إلى أقل قيمة لها أثناء فترة الشبق ولزيادة كفاءة اكتشاف الشبق فى مزارع الألبان الكبيرة فإنه ينصح باستخدام أكثر من طريقة مساعده لاكتشاف الشبق فى نفس الوقت (مثل قياس حرارة اللبن الناتج وقياس معدل الزيادة فى حركة الأرجل فى كل حلبه) بما يمكن الوصول إلى نسبة نجاح فى اكتشاف الشبق تصل إلى 95%. كما اتجه البعض إلى تطوير أجهزة يمكنها من قياس مثل هذه التغيرات الفسيولوجية وإرسال هذه القياسات لاسلكياً إلى مستقبلات ثابتة فى المحلب أو متنقلة يمكن استخدامها فى حيوانات المراعى.

1-3- عدم إتمام التلقيح فى الوقت المناسب Improper Timing of Service :
لإتمام التلقيح فى الوقت المناسب أهمية كبرى فى حدوث الإخصاب وبدء الحمل. ونظراً لحدوث التبويض بعد مضى حوالى 12 ساعة من انتهاء دور الشبق وأن البويضة تمكث لفترة تصل إلى حوالى 8 ساعات قابلة للإخصاب فإن ذلك يعنى ضرورة تلقيح الأنثى قبل انتهاء دور الشياع بحوالى 6 ساعات أو فى النصف الأخير منه ويعنى ذلك أن يتم التلقيح خلال 10 إلى 20ساعة من بدء ظهور علامات الشياع. وعملياً تلقح الإناث التى يثبت شياعها صباحاً فى الظهر ويعاد تلقيحها صباح اليوم التالى إن أمكن وكانت لا تزال فى حالة شياع أما الإناث التى يثبت شياعها بعد فترة الظهيرة فتلقح فى صباح اليوم التالى ويفضل إعادة تلقيحها ظهراً إن استمرت فى حالة شياع ومع مراعاة استعمال نفس الطلوقة فى المرتين.


1-3-1- فترة الحياة المخصبة للجاميطات والوقت المناسب للتلقيح:
فترة الحياة المخصبة للجاميطات هى الفترة التى تكون خلالها هذه الجاميطات قادرة على الإخصاب.
وبالنسبة للحيوانات المنوية فإن تلك الفترة تبدأ بعد حدوث عملية التنشيط Capacitation – والتى تستغرق حوالى 6 ساعات فى الماشية – بعدها تكون الحيوانات المنوية فى أعلى حيوية وقدرة على الإخصاب، ثم تقل هذه القدرة تدريجياً بمرور الوقت. وتبلغ متوسط طول فترة الحياة المخصبة للحيوانات المنوية 30-48 ساعة فى الماشية والأغنام والإنسان بينما يبلغ طولها 30-36 ساعة فى الأرانب.
أما بالنسبة للبويضات فإن فترة حياتها المخصبة أقصر كثيراً حيث تبلغ 8-12 ساعة فى الأبقار، و 16-24 ساعة فى الأغنام، و 6-8 ساعات فى الأرانب، و 6-24 ساعة فى الإنسان. وهذا يوضح أهمية إجراء تلقيح حيوانات المزرعة فى الوقت المناسب لنجاح عملية الإخصاب، وعموماً فإن التلقيح مبكراً أو متأخراً عن الوقت المناسب الذى تكون فيه البويضة قابلة للإخصاب يعد أحد الأسباب الرئيسية لعدم نجاح عملية التلقيح فى حيوانات المزرعة، خاصة فى حالة استخدام التلقيح الطبيعى التى يتواجد فيها الذكر مع الإناث فى المزرعة ويتم التلقيح بعد فترة من اكتشاف الشبق قد تطول أو تقصر تبعاً لعدد مرات ملاحظة الشبق يومياً وكفاءة الطرق المستخدمة فى ذلك. وعموماً فإنه يفضل فى معظم الحيوانات المزرعية أن يتم التلقيح فى النصف الثانى من فترة الشبق حيث يتم التبويض بعد نهاية فترة الشبق أو قبل نهايتها مباشرة.
1-3-2- تلقيح العجلات:
تمر العجلات خلال فترة النمو بمرحلة البلوغ الجنسى وهى مقدرتها على إنتاج البويضات ولا تلقح العجلات فى هذه الفترة بل ننتظر حتى تصل إلى النضج الجنسى وهى المرحلة التى تلقح فيها الأنثى وتزداد قابلية الإخصاب والكفاءة التناسلية وتتحمل الأنثى عقبات التلقيحة المخصبة من حيث حمل طبيعى وولادة طبيعية وإنتاج موسم حليب طبيعى وتختلف مرحلة النضج الجنسى باختلاف الأنواع ففى الأبقار تتراوح ما بين 14-22 شهرا بمتوسط 18 شهرا وفى الجاموس ما بين 16-24 شهرا وننتظر حتى تصل الأنثى إلى الوزن المناسب وهو 320-350 كيلو جراما فى الأبقار و350 فى الجاموس ويتم التلقيح الطبيعى فرديا أو تكوين مجاميع تلقيح لكل ثورا أو فحل من 50-60 عجلة أو باستخدام التلقيح الاصطناعى.
1-3-3- تلقيح الأمهات بعد الولادة:
يجب عدم تلقيح الحيوانات بعد الولادة إلا بعد قضاء قترة معينة من الولادة وذلك لكى نعطى الفرصة لعودة الجهاز التناسلى إلى حالته الطبيعية من حيث الطبيعية من حيث الحجم والوضع الطبيعى له فعودة الرحم وعنق الرحم يستغرق فترة قد تصل إلى 35-45 يوما بعد الولادة ففى بعض الحيوانات التى تتمتع بصحة جيدة فى القطيع والتى ولدت بشكل طبيعى يمكن تلقيحها بعد قضاء فترة 45-50 يوما بعد الولادة، وعموما الولادة وعمود ننصح ببدء التلقيح فى الأبقار والجاموس بعد قضاء 60 يوما بعد وعند ظهور أول شياع بعد هذه الفترة يستخدم التلقيح الاصطناعى أو تكوين مجاميع تلقيح طبيعى كما سبق ذكره حيث يخصص لكل ثورا أو فحل من 50-60 أنثى داخل المجموعة فى حالة عدم توفر التلقيح الاصطناعى.

2- العوامل التى تؤثر على طول فترة انعدام النشاط المبيضى والشبقى بعد الولادة:
تتأثر طول الفترة التى يتوقف فيها النشاط المبيضى والشبقى بعد الولادة post partum anoestrus بعد عوامل أهمها:


2-1- وزن وحالة الجسم عند الولادة:
تدل نتائج كثير من الدراسات أن وزن الجسم عند الولادة، والذى يتأثر بشكل كبير بمستوى التغذية خلال الثلث الأخير من الحمل، يؤثر بشكل واضح على عودة النشاط المبيضى بعد الولادة.
2-2- مستوى التغذية فى فترات قبل وبعد الولادة
Relative contribution of pre- and postpartum nutrition:
هناك علاقة واضحة بين مستوى التغذية قبل وبعد الولادة وموعد بداية النشاط المبيضى بعد الولادة. ويعتبر مستوى الطاقة أنه أهم عناصر الغذاء تأثيراً على الأداء التناسلى، وتؤكد الكثير من الدراسات وجود ارتباط موجب معنوى بين مقدار العجز فى ميزان الطاقة بالجسم فى مرحلة ما بعد الولادة وبين طول فترة انقطاع النشاط المبيضى. كما يبدو واضحاً أن مستوى التغذية فى مرحلة ما قبل الولادة أكثر تأثيراً على عودة النشاط المبيضى عنه فى المراحل الأولى من فترة الحليب. ويرجع ذلك إلى أهمية توفير مخزون كاف من الدهن بالجسم يمكن استخدامه فى فترة الزيادة التصاعدية فى إنتاج اللبن بعد الولادة بحيث لا يؤثر على الوظائف التناسلية ومن بينها النشاط المبيضى – بشكل كبير. هذا وتتضح أهمية مستوى التغذية بشكل أكبر فى الحيوانات عالية الإدرار عنه فى الحيوانات متوسطة أو منخفضة الإدرار.
تمثل التغذية السليمة لحيوان اللبن أهمية قصوى فى تحديد المستوى الإنتاجى له من اللبن والمحافظة على صحته ووقايته من الأمراض التى قد يتعرض لها كنتيجة لسوء التغذية أو لنقص بعض العناصر الغذائية الهامة فى عليقته. ولا تقتصر أهمية التغذية على الحيوان فقط بل تتعداها إلى المربى نفسه على أساس أن التغذية تمثل المكون الرئيسى فى مصروفات المربى اليومية حيث تبلغ مساهمتها فى إجمالى النفقات حوالى 70%. ومن هنا تتضح لنا ضرورة أن تحاول المربى توفير علف متزن ومتكامل ورخيص وأن تكون له المواصفات التى تقابل احتياجات حيوان اللبن. وجدير بالذكر التنويه إلى ضرورة احتواء مادة العلف المقدمة للحيوان على الطاقة الكافية لحيوان يدر اللبن فضلا عن المكونات الأخرى كالبروتين والفيتامينات والعناصر المعدنية اللازمة له. ومن المهم أن نشير فى هذا الصدد إلى أهمية التركيز على تغذية الجاموس فى الشهر الأخير من الحمل وأيضاً فى الشهرين التاليين بعد الولادة. وتتضح أهمية ذلك باعتبارها من العوامل التى تؤثر على إنتاج اللبن من الجاموس وطول موسم الحليب والذى يتراوح عادة بين 180 إلى 220 يوم فقط فى الجاموس بينما تصل إلى 305 يوم فى أنواع ماشية اللبن القياسية. وترجع أهمية التركيز على تغذية الجاموس قبل الولادة وبعدها مباشرة إلى أن هذه الفترات التى يكون فيها من الضرورى تجهيز الحيوان ومواجهة لاحتياجاته من المواد الغذائية اللازمة لسد احتياجات الحيوان نفسه واحتياجات الجنين والاحتياجات اللازمة لإنتاج السرسوب قبل الولادة واللازمة لإنتاج اللبن بعد الولادة.
2-3- مستوى إنتاج اللبن Milk yield:
تدل نتائج الكثير من الدراسات على أن هناك علاقة عكسية بين مستوى إنتاج اللبن وطول الفترة من الولادة حتى بداية عودة النشاط المبيضى، وتزداد هذه العلاقة وضوحاً فى القطعان التى تشتمل على نسبة من الأبقار عالية الإدرار. وتفسر هذه العلاقة على أساس حدوث عجز كبير فى ميزان الطاقة بالجسم ويزداد مقدار هذا العجز كلما زاد مستوى إنتاج اللبن حيث يعجز الحيوان مهما كان غذاؤه المأكول عن تغطية الاحتياجات اللازمة للإنتاج العالى من اللبن ومن ثم يؤثر ذلك على الوظائف الهرمونية ومستوى إنتاج الهرمونات الجونادوترفيه Gonadotrophic Hormone (LH ، FSH)، ومن ثم الوظائف التناسلية وقد كان البعض يعزى هذا الارتباط السالب إلى ارتفاع فى مستوى هرمون البرولاكتين Prolactin فى الحيوانات عالية الإدرار، إلا أن ذلك الرأى ثبت عدم صحته حيث لا توجد اختلافات معنوية فى مستوى هرمون البرولاكتين بين الحيوانات الحلابة عالية الإدرار وتلك المنخفضة الإدرار رغم اختلافها فى موعد بدء عودة النشاط المبيضى بعد الولادة.
2-4- تأثير الرضاعة:
تؤثر عملية الرضاعة تأثيراً سلبياً واضحاً على بدء عودة النشاط المبيضى بعد الولادة حيث تبلغ الفترة من الولادة حتى أول تبويض حوالى يوماً فى ماشية اللحم Suckler Cows ، والحيوانات المرضعة مقارنة بحوالى 25 يوماً فى المتوسط فى الحيوانات الحلابة. ويلجأ البعض إلى الفطام المبكر أو الإبعاد المؤقت للعجول عن أمهاتها للتعجيل فى بدء النشاط المبيضى بعد الولادة. بينما تشير بعض الدراسات إلى أن معدل الرضاعة اليومى لا يؤثر تأثيراً معنوياً على تلك الفترة ويعزى تأثير الرضاعة أو وجود العجول مع أمهاتها إلى أن ذلك يؤدى إلى زيادة إفراز الاندورفينات B-Endorphins ، والتى تسبب تثبيط إفراز الهرمون المنشط لإفراز الهرمونات الجونادوتروفيه Gonadotrophic Releasing Hormone (GnRH) ، بينما يعزى البعض تأثير الرضاعة إلى الزيادة الواضحة التى تحدثها فى مستوى إفراز هرمون البرولاكتين فى الجاموس والأبقار المرضعة، إلا أن المعاملة بالمواد المضادة لفعل هرمون البرولاكتين مثل مركب Bromocriptine لا يمكن معها تقليل الأثر السالب لعملية الرضاعة على عودة النشاط المبيضى.

2-5- تأثير الموسم (فصل التناسل) Seasonal effect:
هو الوقت من السنة الذى تنشط فيه الأجهزة التناسلية وتعتنى فيه الحيوانات بإنتاج وتربية صغارها، وفيه تقبل الإناث التلقيح من الذكور فى أوقات متعاقبة ومنتظمة أى فى أوقات الشبق أو الشياع Oestrus or heat . ويرتبط موسم التناسل بوفرة الأعلاف، من المعروف فى مصر أن الأبقار والجاموس التى تربى فى المناطق الحارة والتى تلد فى نهاية فصل الربيع والشتاء لوفرة البرسيم، أما فى فصل الصيف يتأخر فيها عودة النشاط المبيضى و حدوث أول تبويض بعد الولادة، بينما يحدث ذلك فى الصيف فى البلاد الباردة، ويعزى السبب فى ذلك إلى التأثير المباشر للحرارة الجوية على مستوى نشاط الغدة النخامية والمبيض كما قد يكون لانخفاض مستوى التغذية الذى يحدث فى الموسم الحار تأثير ضار على وظائف الغدة النخامية والمبيض. وقد يرتبط موسم التناسل بطول النهار (تناسل ضوئى) فنجد أن الأغنام فى المناطق الشمالية تتكاثر فى فصل السنة الذى يتوفر فيه طول النهار من 13-14 ساعة يومياً (مارس إلى يوليه)، وإن كانت الأغنام المصرية تتكاثر على مدار العام نظراً لتقارب طول النهار على مدار أشهر السنة.
2-6- تأثير الطلوقة Bull effect:
تدل نتائج الدراسات فى كثير من أنواع الحيوانات المزرعية ومن بينها الأبقار و الجاموس، أن تعريض الإناث للذكور، وبصفة خاصة إذا حد ذلك بعد فترة من العزلة بينهما، يعمل على تنشيط معدل الإفراز النبضى Pulsatile release لهرمون GnRH ، ومن ثم الهرمونات الجونادوترفية وعمل المبيض وكذلك درجة ظهور السلوك الجنسى فى الأبقار والجاموس.
2-7- عودة الرحم لوضعه وحجمه الطبيعى:
فى معظم الأبقار تكتمل عودة الرحم إلى حجمه الطبيعى قبل حوالى 30 يوماً من الولادة. إلا أن تأخير حدوث ذلك، نتيجة عوامل مختلفة منها احتباس المشيمة أثناء الولادة، يؤدى إلى تأخير حدوث التبويض الأول، ويؤكد ذلك على ضرورة الاهتمام بمعالجة حالات تأخر طرد المشيمة عند الولادة.

3- المشاكل التناسلية Reproductive Disorders :
وهى مجموعة من المشاكل أو الأمراض التى يقابلها الحيوان والتى ترجع فى الغالب لأسباب بيئية نتيجة لسوء الرعاية أو لتعرض الحيوان لظروف بيئية غير مواتية. ويبلغ مقدار مساهمة هذه المشاكل حوالى 60% من إجمالى أسباب الاختلاف فى صفات الخصوبة ذات الأصل البيئى. وتتعدد هذه المشاكل كثيراً وتختلف أسبابها بين الحيوانات المختلفة ويمكن بصفة عامة إجمالها فى:
أ- مرض تكيس المبايض Cystic Ovaries Disease
ب- عدم ظهور علامات الشبق Anestrus
ج- الفشل فى حدوث الإخصاب Repeated Services
د- الإجهاد الذى يصيب الحيوان تحت تأثير الحرارة والرطوبة المرتفعة Heat Stress
و- احتباس المشيمة Retained Placenta
ز- عسر الولادة Dystocia : وخاصة فى العجلات التى تلد للمرة الأولى أو فى الحيوانات صغيرة الحجم.

4- الأمراض التناسلية المعدية Diseases :
وهى مجموعة من الأمراض التى تصيب الجهاز التناسلى للأنثى وتؤدى إلى فقدها للقدرة على التناسل وإنتاج النسل. وبعض هذه الأمراض تتطلب الحرص الشديد من المربى فى متابعة برامج التحصين بالقطيع وتوخى الدقة فى تنفيذها بالإضافة إلى مراعاة كافة الاشتراطات الصحية عند تطبيق أساليب الرعاية المختلفة بالقطيع. وأهم هذه الأمراض:

1- الحمى المتموجة Brucellosis
2- الإجهاض المعدى Trichominiasisوالأمراض الأخرى التى تسبب الإجهاض مثل لستيروزس Listeriosis - السالمونيلوزس Salmomellosis - والإسهال البقرى الفيروسى – والإلتهاب المهبلى العنقى – والإجهاض الوبائى – إلتهاب الأنف الشعبى.
3- فيبروزيس Vibriosis
4- اللبتوسبيرونس Leptospirosis
5- IBR, BVDM P13
6- Metritis
ومما لا شك فيه أن هذه الأمراض فضلا عن أثرها الضار والمدمر لنسبة الخصب بالقطيع فهى تؤدى فى نفس الوقت إلى نتائج بالغة السوء بالنسبة لمستقبل القطيع نفسه وتحول دون استمراره وبصفة خاصة مرض البروسيلا الذى يؤدى ظهوره فى القطيع إلى ضرورة القطيع والتخلص من أفراده واتخاذ إجراءات وتدابير صحية مشددة.
ومن المناقشة السابقة يمكن تتبع علاقة الظروف البيئية بالكفاءة التناسلية ومدى تأثر الأخيرة بها وذلك من واقع المشاهدات التى تجمعت مع الممارسة العملية سواء فى قطعان مزارع الجاموس أو ما تحقق عند استجلاب الحيوانات الأجنبية إلى مصر أو عند تحسن ظروف رعاية الجاموس فى المناطق الأخرى الأكثر تطورا. ويمكن إجمال هذه المشاهدات فيما يلى:
1- لوحظ خلال فترة الستينات فشل وتدهور إنتاج الأبقار الفريزيان وغيرها من الأنواع الأخرى التى استجلبت إلى البلاد حيث لم تحقق الهدف المرجو منها وأعطت بالتالى انطباعاً سيئاً عند المربى المصرى عن تواضع القدرات الوراثية لهذه الحيوانات. وفى حقيقة الأمر لم يكن الموقف كذلك بل إن نقص مستوى الرعاية لهذه الحيوانات وبعده كثيراً عن مستوى رعايتها فى موطنها الأصلى كان هو السبب الرئيسى وراء هذا التدهور.
2- وفى مقابل ذلك كان هناك نجاحاً ملموسا لتربية أبقار الفريزيان والهولستين عند إدخالها إلى مصر خلال فترة الثمانينات وما بعدها. وقد ساهم توفر الكوادر الفنية والعمالة المدربة وارتفاع مستوى رعاية هذه الحيوانات وتفهم أكثر عمقاً لاحتياجاتها على تحقيق هذا النجاح. وقد انعكس كل ذلك على أداء هذه الحيوانات وتطورها وعلى تحقيق الهدف من جلبها من الخارج وخاصة مع التوسع فى مشروعات تربية ماشية اللبن وإقامة مصانع الألبان والمنتجات اللبنية.
3- من المشاهدات التى تستحق الإشارة إليها فى هذا الصدد النجاح الملحوظ لتربية قطعان الجاموس تحت ظروف رعاية جيدة فى الولايات المتحدة الأمريكية. وقد زادت نسبة الخصب زيادة كبيرة وارتفع محصول العجول والعجلات تحت هذه الظروف المواتية من 60% إلى 90%.
4- هناك بعض المشاهدات التى تدل على ارتفاع محصول العجول والعجلات وزيادة إنتاج اللبن فى قطعان الجاموس الكبيرة فى مصر. ومن الطبيعى أن هذه القطعان تحتفظ بفحول للتلقيح تترك عادة طليقة مع الإناث حتى تلقيحها طبيعيا مما يساهم فى رفع نسبة الخصب. ويضاف إلى ذلك وجود الفرصة للمفاضلة بين الطلائق من واقع إنتاج بناتها مما يسمح بممارسة قدر من الانتخاب بينها يكون له بلا شك أثر إيجابى على تطور المستوى الإنتاجى للقطيع عاماً وراء الآخر.
5- من المشاهدات التى تدل على انخفاض مستوى الرعاية بالقطعان المحلية انخفاض نسبة الخصب بين قطعان الأبقار البلدية كنتيجة مباشرة للمستوى المتواضع للرعاية حيث أن هذه الصفة شديدة التأثر بعوامل البيئة كما أسلفنا وحيث لا يحظى هذا الحيوان بالرعاية الكافية من الفلاح لاعتقاده الراسخ بعدم جدوى تحسين مستوى رعايته لها لقدراتها المحدودة ولضعف إمكانياته من الناحية الأخرى.
مما سبق يتضح لنا أن الخصوبة كأحد الصفات الهامة والتى تؤثر على إنتاجية حيوانات اللبن وتحدد إلى حد كبير مدى صلاحية الحيوان للتربية من الصفات التى تتأثر بدرجة كبيرة بالعوامل البيئية التى يعيش فيها الحيوان. والمعروف أن الجاموس تظهر فيه حالات الشياع الصامت بمعدل يفوق كثيراً ما هو موجود فى الأبقار سواء المحلية أو المستوردة. وعند استعراض الأرقام السابق ذكرها والخاصة بمستوى الخصب يتضح لنا أن مستوى الخصوبة فى الجاموس يقل كثيراً عن الأبقار حيث تبلغ نسبة الخصوبة فى الحالة الأولى حوالى 65% مقارنة بالأبقار والتى تصل فيها إلى 90% مما يدفعنا إلى التساؤل عما إذا كانت مشكلة انخفاض الخصوبة تخص الجاموس دون الأبقار أما أنها مشكلة عامة تنطبق على كل منهما.
المعروف أن المربى يفضل تغذية إناث الجاموس على أعلاف خضراء وخاصة البرسيم بدلاً من استعمال المواد المركزة وفى نفس الوقت فهناك من يعتقد بوجود مركبات ذات أثر معاكس على الخصوبة فى البرسيم. كما وأن الاعتقاد السائد بأن استعمال الكسب فى تغذية الجاموس يساعد فى رفع مستوى إنتاجه من اللبن وأن مادة الجوسيبول الموجودة بالكسب لها أثر معاكس لصفات الخصوبة وهذا ينعكس على خفض مستوى خصوبة الإناث المغذاة عليه ليس له ما يؤيده علمياً. إن كل من البرسيم وأيضا الكسب يستخدمان فى تغذية الجاموس والأبقار على حد سواء حيث يدخل الكسب أيضا فى صناعة الأعلاف المركزة والتى تستعمل عادة فى تغذية الأبقار. إن هذا الوضع يدفعنا إلى التساؤل عن السبب الحقيقى وراء انخفاض خصوبة الجاموس مقارنة بالأبقار. إن المتتبع للموقف يستطيع أن يتبين للوهلة الأولى أن مشكلة انخفاض الخصوبة فى الجاموس المصرى هى مشكلة رعاية بالدرجة الأولى وليست مشكلة خاصة بالجاموس نفسه. ومما يؤكد هذا الانطباع ما تم فى الولايات المتحدة الأمريكية حيث تم جلب عدد 50 جاموسة من الخارج مع طلوقة وتم إسكانهم فى نظام مفتوح توفرت فيه كل وسائل الرعاية الجيدة من تغذية ومسكن مريح ورعاية صحية ومراقبة مستمرة وتحت ظروف مشابهة لظروف الموطن الأصلى لهذه الحيوانات. وقد أظهرت هذه التجربة نتائج باهرة حيث بلغت نسبة الخصب 95% مما يؤكد الرأى القائل بأن مشكلة انخفاض الخصوبة فى الجاموس مرتبطة فى الأصل بسوء مستوى رعاية هذه الحيوانات وعدم إلمام المربى إلماماً كافياً باحتياجات هذه الحيوانات لتحقيق نسبة خصب مناسبة.
مما سبق نستطيع أن نستخلص أن انخفاض خصوبة الجاموس المصرى ترجع فى المقام الأولى إلى أسباب تتعلق بسوء رعاية هذه الحيوانات وعدم قدرة المربى على توفير مقومات تحسينها. ونظراً لصغر حجم القطيع لدى الفلاح العادى الذى يمتلك فى المتوسط عدد 3-4 رؤوس من الجاموس الحلاب فإنه لا يملك عملياً القدرة على الاحتفاظ بفحل لتلقيح الإناث لدية ويعتمد بدلاً من ذلك على أحد الفلاحين بالمنطقة والذى يمتلك طلوقة يخصص لتلقيح الإناث التى تطلب التلقيح فى أى وقت مقابل أجر يدفعه صاحب الجاموسة. وحيث يقوم هذا الطلوقة عادة بعدة تلقيحات كل يوم تبعاً لاحتياجات الإناث لدى الفلاحين للتلقيح فإن ذلك يتسبب فى إجهاد الطلوقة وبخاصة مع الرغبة المتزايدة لدى صاحب الطلوقة فى تحقيق أكبر عائد ممكن من استغلال هذا الطلوقة فى التلقيح. ومن الطبيعى أن يتسبب ذلك فى انخفاض واضح لخصائص وجودة السائل المنوى له مما ينعكس بوضوح فى خفض قدرته الإخصابية. ويتسبب هذا الوضع فى تقليل فرصة حدوث الحمل وانقضاء دورة شياع دون حمل وإلى إطالة فترة التلقيح المخصب وبالتالى الفترة بين ولادتين. يضاف إلى ما سبق مشكلة لا تقل خطورة عن السابقة وهى تتعلق بقدرة الفلاح نفسه على التعرف على علامات الشياع وتحديد الوقت الأمثل لتلقيح الجاموسة والذى يحقق أعلى نسبة إخصاب. إن الشياع كما ذكرنا سابقاً يحدث عادة بين وقت الغروب فى المساء وحتى الصباح الباكر. ومن الطبيعى تحت هذه الظروف أن لا تتاح للفلاح إرسال الجاموسة للتلقيح إلى الطلوقة والذى يبعد عادة بمسافة ليست بالقليلة تحت ظروف الريف المصرى. ويضاف إلى ذلك أنه حتى لو نجح الفلاح فى إيصال الجاموسة إلى مكان وجود الفحل للتلقيح، فإن ذلك يتم عادة بعد انقضاء فترة الشياع مما يتسبب فى تقليل احتمال حدوث الإخصاب كما أشرنا سابقاً. وتؤدى كل هذه الأسباب مجتمعة إلى ضياع فرصة حدوث الحمل وانخفاض كبير فى نسبة الخصب. ومن البديهى أن كل هذه الأسباب لا علاقة لها بالحيوان نفسه من قريب أو بعيد بل هى مرتبطة مباشرة بأسلوب الرعاية المتبع وضعف إمكانيات المربى وإلى تفتت الثروة الحيوانية وبعثرة القطعان والصغر المتدنى لحجم القطيع لدى الفلاح وبما يحد من القدرة على تحقيق تحسن ملموس فى نسبة الخصب تحت الظروف المتاحة حالياً.

المصدر: محمود سلامه الهايشة
  • Currently 143/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
47 تصويتات / 5272 مشاهدة
نشرت فى 4 سبتمبر 2010 بواسطة DrKasem

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

276,031