بقلم - د.رانيا يحيى أقيمت أول أمسية شعرية للموسم الحالى 2013/2014 بالمسرح الصغير بدار الأوبرا منذ أيام للشاعر عصام خليفة ،ولم تقتصر الأمسية على الأشعار والقصائد فقط بل امتزجت الجملة الشعرية بالجملة الموسيقية فى تزاوج بين الفنين غير مسبوق خلق حالة سيكولوجية بديعة للمتلقى.. وقد حضر الأمسية مجموعة من الشعراء والسفراء والفنانين ورجال السياسة بجانب الحضور الغفير من الجماهير حيث امتلأ المسرح عن آخره ولم يكتف ليستوعب باقى الأعداد المتشوقة للاستمتاع بهذه الأمسية الرائعة وظلوا منتظرين فى ساحة الأوبرا أملاً فى الحضور. وقد بدأت الأمسية بتقديم من الإعلامية دينا قنديل التى قدمت الشاعر عصام خليفة على المسرح حيث بدأ بالترحيب بضيوفه وتوالت القصائد واحدة تلو الأخرى حيث بدأ بقصيدة على دفتر التاريخ والرقم ثم دعا بطلى العرض الموسيقى المرافق للأمسية وهما النجم المتألق عمرو سليم على البيانو وكاتبة هذه السطور على آلة الفلوت حيث شرفت بهذه المشاركة فى هذا الجمع الكريم ،وكان اللافت لانتباه الجماهير الربط بين القصائد الشعرية والمقطوعات الموسيقية الجميلة التى تميزت بالرشاقة والخفة ..فبعد قصيدة عطر عزفا عمرو ورانيا أغنية نسم علينا الهوا للسيدة فيروز ورافقهما تامر بدران على البيز جيتار وهانى زين على الآلات الشرقية ولاقت الموسيقى إقبال جماهيرى وتصفيق من الحضور الذى تعايش مع النغم ،ثم توالت مجموعة أخرى من قصائد الشاعر منها ما أعجب أمرك وتلتها قصيدة الليل التى أعقبتها أغنية سهر الليالى من الفنانين الموسيقيين بغنائيتها وشعبيتها الشديدة فما كان من الجمهور إلا الغناء ومصاحبة الموسيقى ،وبعدها كان للقصيدة المصور نصيب فى الجزء الأوسط من الأمسية وواحدة من أقوى القصائد "لم يفهموك" عن الرئيس الأسبق أنور السادات فى حضور السيدة كاميليا السادات كريمة الزعيم الراحل وكانت المفاجأة التفاعل البارز بين المتلقين وهذه القصيدة التى تلاها مباشرة عزف منفرد للفنان المتميز عمرو سليم وأغنية بنادى عليك لفريد الأطرش وحظى سليم على تصفيق حاد ،ثم عادت دينا قنديل وقامت بإلقاء بعض قصائد عصام خليفة منها ليست بشر ولمن نبدع بأسلوب شيق يؤكد على إحساسها بالكلمات وانسجامها مع الجمل الشعرية ،وبعدها قدمت الشاعر مرة أخرى ليعتلى خشبة المسرح وألقى مجموعة أخرى من قصائده منها البرقع والفستان وما أصعب قول الشعر علىَ والتى انتهت ببداية أغنية طير الوروار وتجاوب بين العازفين والمتلقين ،ثم جئنا لموعد المصاحبة الموسيقية للقصيدة الشعرية فى دمج الفنين فى بوتقة واحدة على المسرح وقصيدة بما تحلمين بإلقاء الشاعر ومصاحبة من الفلوت بموسيقى شهرزاد الشهيرة للمؤلف الروسى ريمسكى كورساكوف وأعجب الجميع بهذه التجربة التى أبرزت مدى تزاوج الفنون لخلق حالة جمالية إبداعية للمتلقى ..وجئنا لمرحلة النهاية فى الأمسية والتى ألهبت حماس الجمهور وأشعلت حرارة الانفعال حيث بدأ الشاعر هذه المرة بقصيدة تحت عنوان فى ساحة التحرير ثم الأرض والتى عبر فيها عن مدى حبه وعشقه لأرضه وعرضه مصر وأعقبتها أغنية أغلى اسم فى الوجود بين البيانو والفلوت وغنت الجماهير مع هذه الأنغام الوطنية فى حالة من البهجة والمشاعر الدافئة ..وما أن انتهت فوجدنا أعلام وطننا الغالى يمسك بها بعض الحضور وترفرف بين أياديهم فطلبوا إعادة الأغنية مرة أخرى ووقف الجمهور احتراماً وتبجيلاً لعظمة مصر ولجلال هذه اللحظة الفنية فى غاية ذروتها وتبعها عصام خليفة ببعض أبيات تحمل اسم مصر وتفاعل الجمهور مع مشاعره وسط تصفيق حاد ،وانتهت الأمسية بعزف السلام الوطنى وغناء كل من فى القاعة ببلادى بلادى لك حبى وفؤادى وهو ما جعلنا نشعر بانتفاضة تهز كيان دار الأوبرا بما تحمله من حماس وحب ووطنية. ويذكر أن الشاعر عصام خليفة هو فى الأصل طبيب بشرى ولديه خبرات فى مجالات متعددة على رأسها الموارد البشرية التى أتم دراستها وحصل على أعلى مؤهلاتها من جامعة كاربس بالمملكة المتحدة ،بالإضافة لكونه هاو للشعر منذ الطفولة وله عدة دواوين هى نامى بظلى وجواز مرورى الأخضر وشرقية القسمات والبنت القصيدة وفى ساحة التحرير وله ديوان الأرض تحت الطبع ،وله أيضاً مشاركات عديدة فى مؤتمرات الشعر الدولية فى الداخل والخارج ..ويتميز خليفة بعمق الأفكار وحداثتها مع بساطة الكلمة التى تصل للمتلقين مع اختلاف أذواقهم وثقافتهم لكن بصدق إحساسه وإيمانه بأثر الفن على الموارد البشرية المترجمة لطبيعة عمله واهتمامه بالعنصر البشرى فى المقام الأول حيث يتعامل مع كليهما باعتبارهما المحرك الأساسى للكيان الإنسانى وأفكاره، مع الأخذ فى الاعتبار قوميته العربية واعتزازه الشديد بمصريته دون الخضوع لأى تيار أو اتجاه سياسى فهو شخص مستقل غير موجه أيدولوجياً ،وهو ما جذب الكثيرين نحو أشعاره بموضوعاتها المتباينة وخاصة ذات الاتجاه الوطنى. ورغم شهادتى المجروحة الناتجة عن مشاركتى فى هذه الأمسية الثقافية الفنية الرائعة إلا أننى وجدت من الصعب تجاوزها ،فنظراً لطبيعة عملى التى تتطلب وقوفى على كل عمل جاد وجيد لأرصده بالنقد والتحليل فكان لزاماً على أن أذكر مدى النجاح والحفاوة الجماهيرية التى لاقتها تلك الأمسية ،وأن نشكر كل من ساعد أو ساهم بطريقة أو أخرى فى خروجها بهذا الشكل اللائق. |