لا شك أن قلب كل مُحبٍّ للمنهج الصوفي النقي يعتصر ألمًا وحزنًا، بل يكاد يصل إلى درجة اليأس لما أصاب ذلك المنهج من ضعف وسلبية .. وهو ما يطرح - مجددًا - سؤالين:
أولهما: كيف نحيي هذا المنهج مرة أخرى؟ وثانيهما: لماذا في هذا التوقيت خاصة؟
بنظرة سريعة على واقعنا بعد ثورتنا - التي ليس لها ذنب إطلاقًا - أصبح الانفلات الأخلاقى فى الشارع المصرى ظاهرة خطيرة تكاد تقضى على تماسك وأمن المجتمع، وأصبح كل من له حق ومن ليس له حق يرتدى قميص الثورة، ويعتدى على المال العام والخاص، ويسعى لترويع المواطنين وتعطيل مصالحهم من خلال قطع الطرق، أو التعدى على المرافق العامة، بالإضافة للمصطلحات الغريبة التى بدأت تنتشر بين الشباب وتحمل الكثير من المعانى السيئة وتجرح مشاعر الناس.
ولعلي – بهذا – قد أجبت عن أسهل السؤالين، أما السؤال الأصعب؛ وهو كيفية إحياء هذا المنهج فتتلخص إجابته في فكرة " تفعيل الدعوة لإحياء المنهج الصوفي على أساس التصوف الأخلاقي فقط لا غير" خاصة في تلك المرحلة، واجتناب مظاهر البدع والخرافات، وتجنب الحديث عن التصوف العرفاني بمصطلحاته المعقدة التي لا يعرفها إلا أهل الفن.
والفكرة ليست بالجديدة، بل هي نفس ما أشار إليه ابن القيم في (مدارج السالكين) قائلًا: ((واجتمعت كلمة الناطقين في هذا العلم على أن التصوف هو الخُلُقُ)).
وعَبَّرَ عنه الكتاني بقوله: ((التصوف خُلُقٌ. فمن زاد عليك في الخُلُقِ زاد عليك في الصفاء)).
ويقول القصاب فى تعريفه: «أخلاق كريمة، ظهرت في زمان كريم، من رجل كريم، مع قوم كرام»، وفيه تأكيد على مكارم الأخلاق وأحاسنها.
إذن التصوف خُلُقٌ، ومن زاد على أخيه في الخُلق زاد عليه في التصوف، وبذلك اجتمعت كلمة الذين عرَّفوا التصوف على الربط بينه وبين الأخلاق الكريمة، وعليه فالطريق الصوفى إذا في أساسه خلق، وهو بهذا الاعتبار روح الإسلام؛ لأن أحكام الإسلام كلها مردودة إلى أساس أخلاقي، وهو ما يدعوني أن أقول:
آن للبيت الصوفي المصري أن ينزل بنظام وإخلاص إلى الشوارع والأزقة والميادين في كل المحافظات، ويطلق سراح علمائه وشيوخ طرقه ومريديه ومحبيه ليقوموا بدورهم فى توعية الناس بالقيم والأخلاقيات والضوابط العامة التى حددتها الشريعة الإسلامية لتحقيق أمن واستقرار المجتمعات، والتحذير من كل مظاهر الفوضى والهمجية.
آن للبيت الصوفي المصري أن يُغيِّر الفكرة العالقة في الأذهان عن تصوف الأضرحة والاحتفالات، والتقديس المبالغ فيه للمشايخ، وانعزالية وجبن وجهل الأدعياء من متصوفة اليوم، ويثبت أن التصوف الحقيقي ما إلا معانقة للحق مع مخالطة الخلق.
آن للبيت الصوفي المصري أن يتناسى كل خلافاته الشخصية مع أية جماعات أو أحزاب أو طوائف، ويضع يده في يد كل من يحمل الخير لمصر.
د/ مصطفى فهمي ...[ 01023455752] [email protected]
نشرت فى 26 يوليو 2012
بواسطة Dr-mostafafahmy
مصطفى فهمي
فلسفة الموقع مهتمة بتحديد طريقة الحياة المثالية وليست محاولة لفهم الحياة فقط. »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
507,176
ساحة النقاش