لعبت الطرق الصوفية دورًا مؤثرًا على جماهير المصريين، وخاصة الأميين الذين انخرطوا في سلك هذه الطرق ، وهذا لا يمنع من وجود أعلام للفكر في القرن العشرين كانوا من المتصوفة، ومن ثم فإن رصد تأثيرهم في التصوف أو تأثير التصوف فيهم أمر لا يمكن إغفاله .

وهناك من الباحثين من رأى أن انتشار الصوفية بشكل كبير في القرن العشرين قد اقترن بنكسة فكرية عامة، واعتبر أن انتشار الطرقية – إلى جانب عوامل أخرى – ما إلا تعبيرًا عنها، بل قد ذهب إلى أن الفكر والثقافة باعتبارها معرفة فهي تستند على العقل أو النقل؛ بينما يستند التصوف على الحدس والذوق، وهي أمور لا تخضع في الغالب لأساليب العلم الظاهري أو ما يراها البعض أنها مستمدة من الله مباشرة(<!--) .

غير أن البعض الآخر يرى أن التصوف هو ثمرة لتكامل الطاقات الإنسانية المبدعة، التي قد يصدر عنها آراء تفوق كثيرًا من النظريات الفلسفية البحتة، وعليه فقد وجب النظر إلى ثلاثة جوانب في التصوف :

<!--جانب العمل أو السلوك الذي يتصل بما يؤديه الصوفي من أعمال وشعائر دينية وأدعية وأوراد ورياضة وزهد .

<!--جانب المشاعر وأوجه النشاط النفسي، وما يصحبه من تأمل وتحليل ومراقبة، وما ينتاب الصوفي من نوازع ووسوسة.

<!--جانب النظر أو الفكر، الذي تظهر فيه آراء الصوفي مصوغة في ألفاظ وعبارات شارحة، وربما كانت غامضة في أغلب الأحيان، وهنا نجد لدى الصوفي نظريات وقضايا ميتافيزيقية ونفسية وأخلاقية، بما يمكن أن يطلق عليه " المذهب " .

- في مجال التربية والتعليم :

ففي بدايات القرن العشرين كان محمد توفيق البكري شيخ مشايخ الطرق الصوفية يؤمن بسبق أوروبا في التعليم الحديث مما يستوجب النقل عنها بالترجمة إلى العربية، وتعلم اللغات الأوروبية، ودعاه ذلك إلى الدعوة أن يكون التعليم عامًا إجباريًا في مراحله الثلاث : الابتدائي والثانوي والعالي، وأن تكون نسبة التلاميذ في المراحل الثلاث بقدر عشرين في المائة من عدد السكان...(<!--).

كما كتب الشيخ توفيق البكرى كتابًا قيمًا عن التعليم والإرشاد ربط فيه بين الجهل ودوام الاستبداد والاستعمار، ورأى فيه أن المخرج من هذا لا يكون إلا بالتعليم(<!--) .

ولأن الصوفية المعتدلين معلمون للنفوس، فهم أيضا معلمون للعقول، ففي مجال التربية والتعليم عمل أحد المدرسين كنائب لطريقة المرازقة الأحمدية ببندر ومركز فاقوس، وكذلك أحد نواب الطريقة الحامدية الشاذلية، كما كان شيخ الطريقة المنايفة الأحمدية مفتشًا في التربية والتعليم وهو الشيخ علي فؤاد المنوفي(<!--) .

وكان شيخ الطريقة العزايمية الشيخ محمد ماضي أبو العزائم مدرسًا بمديرية المنيا ثم مدرسًا للفقه الإسلامي في كلية " غوردون " بالخرطوم في المدة من سنة 1905م إلى سنة 1915م(<!--)، وكذلك عمل الأستاذ محمد زكي إبراهيم شيخ الطريقة المحمدية الشاذلية مدرسًا بالمدارس الأميرية بمحافظة بني سويف، ثم ظل يتدرج في وظائف التعليم المختلفة حتى أصبح رئيسًا للسكرتارية العامة للتعليم الحر، وقد عمل أيضًا أستاذًا ومحاضرًا للدراسات العليا بالمعاهد العالية ومعهد الدراسات الإسلامية ومعهد إعداد الدعاة(<!--) .

ويعمل الأستاذ فوزي محمد أبو زيد رئيس الجمعية العامة للدعوة إلى الله، وممن يعملون على تنقية التصوف مما شابه من مظاهر بعيدة عن روح الدين الإسلامي، وإحياء التصوف السلوكي المبني على القرآن الكريم، وعمل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه الكرام، نقول إنه يعمل حتى الآن مدير إدارة بمديرية طنطا التعليمية(<!--)، وغيرهم الكثير من هذه النماذج التربوية والفكرية المستنيرة.

<!--

<!--[if !supportFootnotes]-->

 


<!--[endif]-->

(1)  د/ زكريا سليمان بيومي : الطرق الصوفية، ص 75، د/ التفتازاني: مدخل إلى التصوف، ص 299.

(2) محمد توفيق البكرى: المستقبل للإسلام، ص 44-45.

(3)  د/ ماهر حسن فهمي: محمد توفيق البكرى، ص 200-202.

(4) د/ زكريا سليمان بيومي: الطرق الصوفية في مصر، ص 76.

(5) فوزي محمد أبو زيد: المجدد الصوفي محمد ماضي أبو العزائم، ص 42.

(6) د/ إيهاب الكومي: جهود زكي إبراهيم في التصوف، ص 14-15.

(7) فوزي محمد أبو زيد: إصلاح الأفراد والمجتمعات في الإسلام، ص 111، ط1، 1422هـ/2001م ، دار الإيمان والحياة، القاهرة.

 

المصدر: مطفى فهمي: رسالة دكتوراه-دار العلوم-جامعة القاهرة
Dr-mostafafahmy

د/ مصطفى فهمي ...[ 01023455752] [email protected]

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 763 مشاهدة

ساحة النقاش

مصطفى فهمي

Dr-mostafafahmy
فلسفة الموقع مهتمة بتحديد طريقة الحياة المثالية وليست محاولة لفهم الحياة فقط. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

507,151