استحوذ التصوف ودراسته على أذهان كثير من الباحثين، وقد حظي بدراسات واسعة تنوعت منهجًا وأسلوبًا وهدفًا، واختلط فيها المدح بالقدح، ومع ذلك فإن الاهتمام به لا يزال متجددًا، والبحث فيه لا يزال مستمرًا، ولم يعد ذلك مقصورًا على الدارسين المتخصصين، وإنما هو يجذب غير المتخصص أيضًا.

بدأت دراسة التصوف الإسلامي في العصر الحديث في القرن التاسع عشر، في الغرب، على أيدي جماعة من كبار المستشرقين، الذين عرفوا التصوف الإسلامي أول ما عرفوا من خلال دراساتهم للشعر الفارسي المتأخر، وقد أثرت هذه المعرفة الناقصة المحدودة التي اعتمدت على وثائق متأخرة ذات طابع خاص على دراساتهم الأولى -في نهاية القرن التاسع عشر وصدر القرن العشرين- للتصوف الإسلامي ؛ فكانت بحوثهم تثير شكوكًا كثيرة حول قيمة تراثنا العربي الإسلامي الأصيل، فضلاً عن هذا الارتباط بين الاستشراق والغرب المستعمر وبين الشرق في هذه الفترة من التاريخ الذي بدأت فيها دراسة التصوف، وكل ذلك قد ترك أثره على أسلوب هذه البحوث ومعطياتها، وهو ما ظهر جليَّا عند البحث في مصدر التصوف الإسلامي ونشأته.

وسوف يركِّز البحث على تناول التصوف وقضاياه عند الصوفية أنفسهم، ثم الباحثين الأوائل، ثم يركِّز أكثر فأكثر على الباحثين المعاصرين بدءًا من إنشاء الجامعة المصرية الحديثة عامَ خمسة وعشرين وتسعمائة وألف من الميلاد، والتي من خلالها انتظمت مسيرة البحث في الفكر الصوفي الإسلامي، ثم اتسع طريق هذه المسيرة وتعمق عبر الجامعات الأخرى المتعاقبة، مع الأخذ في الاعتبار أن هؤلاء التلاميذ الأُول هم الذين صاروا في الجامعة المصرية والجامعات الأخرى أساتذة هذا الفكر وباحثيه؛ لذا ستعتمد الدراسة على الباحثين المصريين في مصر، وعدم إغلاق المجال أمام غير أهلها ممَّن كتب ، وفكَّر ، وحاول تقديم المساعدة ، والعون للإصلاح ، أو النهوض بالتصوف .

وبالرغم من أننا نعوِّل على إنتاج هؤلاء الباحثين، وأخذ الرأي من خلالهم إلا أنه لم يكن أمامنا بد من الإشارة إلى أصل رأي هؤلاء، وتوثيق آرائهم، ومواضع النصوص التي استندوا إليها من كتب السابقين، وذلك توخيًا للدقة، والوضع نفسه ينطبق على أراء المستشرقين، من خلال مترجماتهم، أن نلفت إلى مواضعها من هذه المترجمات.

وعند تعرضنا لنقد المعارضين المحدثين للتصوف، فقد انصبت الدراسة على رصد مواقفهم وتتبعها، وأوجه اختلافهم مع التصوف، ونقدهم له.

ومن هذا المنطلق جاء هذا البحث بعنوان :

" الفكر الصوفي في مصر خلال القرن الرابع عشر الهجري (العشرين الميلادي )"

Dr-mostafafahmy

د/ مصطفى فهمي ...[ 01023455752] [email protected]

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 2725 مشاهدة

ساحة النقاش

مصطفى فهمي

Dr-mostafafahmy
فلسفة الموقع مهتمة بتحديد طريقة الحياة المثالية وليست محاولة لفهم الحياة فقط. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

507,145