في استضافة مكتنزة بالمعرفة انتقدت الشاعرة السورية ريم مارديني عبر الوكالة دور النقد في دراسة تجارب الشعراء المكفوفين وعدم تسليط الضوء عليها ، جاء ذلك في تصريحها الذي أجابت فيه على أسئلة الوكالة..
- هل توقف الزمان عند طه حسين فلم يأتِ بمكفوفٍ يقدر على أن يكون أديباً مبدعاً بعده؟ وأين هو النقد من الشعراء المكفوفين المعاصرين وابداعاتهم؟
للأسف لم تتناول الدراسات النقدية الحديثة -على حد علمي- أحداً من الشعراء المكفوفين المعاصرين. بل توقفت على بشار بن برد، والمعري، وطه حسين. ونحن لا ننكر ما أتى به هولاء العظماء من عبقريةٍ شعريةٍ وأدبيةٍ وفكرية. ولكن لم لا تُتاح الفرصة لعباقرة هذا الزمان – من بصيري القلوب- بأن يتم تسليط الضوء على أعمالهم الشعرية؟ لم لا نحاول اكتشاف رموز جديدة في عالم الشعر قد تدهشنا بما لديها؟
-وبالنسبة لك كشاعرة كيف ترين مواكبة النقد لتجربتك ؟
بالنسبة لي كشاعرة كفيفة لم يتناول النقد أياً من قصائدي. ربما لأني أكتب باللغة الانجليزية، أو لتقصيرٍ مني بسبب عدم نشري لها وذلك لانشغالي بالترجمة والبحث الأكاديمي. ولكنني عندما سألت أصدقائي من الشعراء المكفوفين حصلت على نفس الرد. وقد أجابني أحدهم قائلاً: "وهل يكون تصنيفنا كشعراء مكفوفين تصنيفاً دقيقاً؟ أنا أعتقد أنه على الرغم من أننا مكفوفين، ومن أن هذه الصفة هي التي تجمعنا، ولكن لكلٍ منا خصوصيته ومنهجه المتفرد. لربما كانت كلمة شاعرٍ مكفوف تحوي على بعض النقد الذي يوحي بعدم القدرة على التصوير أو عدم وجود مخزونٍ لغوي نتيجة تعذر القراءة" ولكنه تراجع عن هذا بعدها قائلا: "أعتقد أن رأيي نابعٌ من رغبتي بأن يقيمني النقد بالنظر إلى شعري لا لشخصي. فبشار بن برد كان أقدر على الوصف من كل شعراء عصره. كما أن كثيراً من المكفوفين قد عرفوا بقوة الحافظة وسعة التخيل"
وأنا شخصياً أعتقد أن ثقافة الشخص الكفيف سماعيةٌ كلاميةٌ فهو يركز على هاتين الحاستين بشكلٍ أدق من الشخص المبصر لذا قد يبدع في نظم الشعر ناهيك عن سعة التخيل التي قد تخلق له عالماً خاصاً ذا فضاءاتٍ تعجز العين عن الوصول إليها.
-ماذا قدمت لكم جمعية رعاية المكفوفين في هذا المجال ؟
نحن نفخر بأن نُصنف بكوننا شعراء مكفوفين، وأن نكون تحت لواء جمعية رعاية المكفوفين بدمشق التي ترعى مواهبنا. كما اننا نتمنى أن يتناول النقد قصائدنا ولكن قد يكون التقصير منا بعدم إصدار دواوين نجمع فيها قصائدنا
وبالفعل لقد كان لجمعية رعاية المكفوفين بدمشق الدور الأكبر في رعاية هذه المواهب. فقد تم بالتعاون مع وزارة الثقافة إصدار الجزء الأول من ديوان "فوح الألباب" وسيتم قريباً نشر الجزء الثاني منه. ولكن الجزء الأول لم يسترعِ اهتمام النقاد.
وتقوم الجمعية أيضاً بتنظيم أمسياتٍ شعرية تضم نخبةً من الشعراء المكفوفين في المراكز الثقافية. ولكننا بحاجة إلى أكثر من ذلك. ربما يكون الحل بتسليط الضوء على هؤلاء الشعراء المغمورين من خلال ندواتٍ ثقافية لا تكون كسلعةٍ إعلامية يصفق لها النظارة، ويعجب بجهودها العوام، وتمر دون التعرض لدراسة الدارسين. بل نحن بحاجةٍ إلى نظرةٍ جديةٍ موضوعية تحسن التذوق وتميز الغس من الثمين.