لمحة تاريخية عن المكفوفين
ولقد كان لكف البصر أثره في حياة الأمم البدائية والمتحضرة منذ أقدم العصور ولم تتحسن النظرة للمكفوفين منذ كان القدماء حريصين على تنحية المكفوفين جانبا وفي أحسن الحالات كانوا ينظرون إليهم باعتبارهم من ذوي العاهات الذين يثيرون الشفقة حين والإزدراء أحيان أخرى.
في أسوء الحالات كانوا يعمدون إلى تعريض الأطفال المكفوفين للموت للتخلص منهم وقديما في اليونان كان افلطون يرى من الناحية النظرية ضرورة إعداد الأطغفال المولودين حديثا للتأكد من لياقتهم المستقبلية كمواطنين أصحاء وكانوا يتركون من يثبت عدم لياقته في كهوف الجبل كي يموت ويتخلصوا منه.
وفي أثينا كانوا يضعونهم في أوعية من الخزف ويدفنونهم على جانب الطريق ولقد لقي ذوي العاهات في كل من المجتمع اليوناني والروماني الوان الذل والعذاب والتنكيل وكان يدفع بالأطفال إلى قمم الجبال وكانوا يباعون في أسواق العبيد ليستخدم بعضهم كخدم في المنازل وقد ورد في الكتابات القديمة التي نادى بها أفلاطون في الجمهورية وأرسطو في المدينة الفاضلة بضرورة التخلص من المكفوفين بالإعدام كما أن هناك بعض الأنحاء بالهند لا يوجد بها أي مساعدة منظمة للمكفوفين على إعتبار أن فقد البصر يعد عقاب خاص نتيجة للخطايا الشريرة التي أرتكبت في اأثناء الحياة الأولى.
ولقد عاشت هذه الفئة آلاف من السنين تعاني الأجحاف المجتمعي إعتمادا على هذه النظرة القاصرة التي تجعل النور والبصر شيء واحدا أو تجعل العمى والظلام شيء واحد فإن هذه النظرة زائفة وضارة بهذه الفئة وتمثل حاجز يحول دون تقبلهم في المجتمع على إعتبار أن النور في فكر البشرية البدائية والمتحضرة يرتبط بمفاهيم الحق والخير والجمال .
لقد أشار المؤرخ هيرودوت إلى كثرة عدد المكفوفين في بععض البلاد كمصر حيث وصلت نسبة المكفوفين 4 أو 5 في الألف , واما هسيوت فسماها بلاد المكفوفين والمتسولين .
وفي روما ظل ا الناس أجيال عديدة يغرقون الأطفال المشوهين.
وفي الدين اليهودي يجد القارء هذه العبارة مرارا أن الكفيف كالميت ويأمر التلمود أن من يمر بكفيف فعليه أن يترحم عليه , وكانوا يعتبرون أن يد الكفيف خطر على الصحة , ويذكر لون فيلد أن بعض الأهمات في النمسا لا يسمحن للكفيف أن يلمسوا أطفالهن.
ونادا هربرت أسبنسر بأبطال تقديم المساعدات لفئات العجزة حيث تتحمل الفئات والطبقات النشطة أثقال لا نظير لها ولا مبرر لها فالحياة في رئيه هي التقدم الذي يعني تقدم الأقوى وسقوت الضعيف .
إلا أن هذا الأطهاض والأهمال يقابله دعوات للرعاية الإجتماعية كأنعكاس لما نادت به الثورات الدينية من قيم سامية وأخلاقيات جديدة تنعم بقيم الرحمة والبر بالضعفاء وحفظ كرامتهم وأنسانيتهم ,
ففي التعاليم اليهودية الدعوة إلى الإحسان إلى هذه الفئة فقد حرمت قتلهم باعتبارهم عطية من الله يجب المحافظة عليها كما جاء في التعبير اليهودي للآية التي تاقول يفتح الرب أعين العميان.
ثم جاءت المسيحية وكان الإهتمام السيد المسيح بأمر المكفوفين اثر فعال في التفكير المسيحي فقال عليه السلام من أحسن إلى إخواني المصابين فقد أحسن إلي.
ثم جاء الأسلام ثورة إجتماعية رفعت شعار رلعاية الضعفاء والمساكين وذوي العاهات داعيا لحسن معاملتهم وحفظ كرامتهم وإنسانيتهم واحترام أشخاصهم وحقوقهم.
عطيات ناشد وآخرون.
ولقد عني الخلفاء والحكام المسلمون بالمكفوفين ويتضح ذلك في إهتمامات عمر بن الخطاب , عبد الملك بن مروان , عمر بن عبد العزيز , الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك فلقد قام عمر بن عبد العزيز بإحصاء ذوي العاهات والعجزة وخصص مرافق لكل كفيف إلا أن الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك كان أول من خصص لكل كفيف قائدا مبصرا على نفقة الدولة , كما أتاح الأسلام للمكفوفين فرص متساوية في التعليم فلقد وقفت ديمقراطية الإسلام معرضة في وجه نظرية داروين التي تنادي "البقاء للأصلح"
وكانت الجامعات والمؤسسات في البلاد الإسلامية تعامل المبصرين والمكفوفين على قدم المساواة وابلغ مثال على ذلك الأزهر الشريف الذي يقبل الطلاب بلا تفرقة منذ ألف سنة.
فالكفيف له الحق في الحياة ولا بد أن يحظى بكل الأمكانات والفرص التي تجعله يعمل ويجتهد وينجح.
شأنه في ذلك شأن المبصر في مقدوره أن ينتج ويثابر ويجتهد إذا تحققت له الظروف النفسية السوية والإطار الإجتماعي السليم.
.