لا تعرف الحياة حدودا في عطائها لمن يمتلكون إرادة الحياة والحب ومواصلة مشوار العمر بعزيمة واقتدار على المحن والصعوبات هي حال الكفيف طه رابعة الذي قهر الظلام بالأنغام وتحدى العمى فانتصر عليه بالبصيرة وتحدى الفقر فاصبح غنيا بثروة المعرفة.
وبرغم أنه ضرير لا يبصر النور إلا أن قلبه رأى النور من خلال قصة حب جمعته مع زوجته الكفيفة إيمان تعود إلى أيام معهد المكفوفين بدمشق عندما ذهبت إيمان للدراسة فيه للحصول على الشهادة الابتدائية لتجمعهما الموسيقا وحبهما للفن حيث كان طه يدرس طلبة المعهد مادة الموسيقا.
واستطاع طه بعزفه البارع على العود ايصال مشاعره النبيلة إلى القلب الذي خفق له حبا واحتراما من أول نغمة وتر هذه المرة و ليس من اول نظرة على خلاف كل قصص العشق والغرام فأنجبا ثلاثة أطفال أصحاء وهم متفوقون دراسيا يشكلون مستقبل هذه الأسرة ونورها بعد أن انطفأ نور العيون ليشع نور العقل والقلب حبا وحنانا من الوالدين الكفيفين لأطفالهم في أسرة تتسم بالبساطة في العيش والقناعة والرضى.
وعاش الزوجان الكفيفان طه رابعة 43 عاما وزوجته إيمان 40 عاما في غرفة صغيرة تتسع لهما ولأطفالهما الثلاثة تتبع لها غرفة أصغر منها استخدمتها العائلة كمطبخ قبل ان يقدم لهما أحد المحسنين من محافظة حمص بيتهم الجديد الذي يعيشون بحب وتفاهم واحترام.
ويعرف أهالي قرية الغنطو10 كم شمالي حمص قصة طه الكفيف وزوجته الكفيفة حيث تجمعهما وحدة الحال فلا يتأخر أحد عن مساعدته والإحسان إليه وإلى أطفاله الثلاثة عمار 9 سنوات وعبير 7 سنوات وريم 5 سنوات.
وعن قصة فقدانه البصر يقول رابعة إنه عندما كان في الصف التاسع وجد أخاه سلكا في نهايته كبسولة لم يدرك أن العبث بها سيفقده البصر مدى الحياة فعند محاولته وصل السلك بالميكرفون الخاص بالمسجلة فانفجرت الكبسولة التي كانت تحوي مادة الديناميت المتفجرة ليلتحق بعدها بمعهد المكفوفين في دمشق و يتابع تحصيله العلمي إلى أن وصل إلى السنة الثالثة في كلية الآداب قسم اللغة العربية لكنه لم يتابع دراسته الجامعية لاسباب عدة منها وضعه المادي وعدم حصوله على عمل يؤمن له مصروف الدراسة الجامعية.
ويضيف رابعة أنه لم يفقد الأمل خلال رحلة بحثه عن عمل لمدة عشرين عاما حيث انه قادر على العطاء وأن اعاقته لم تمنعه يوما من العمل وما زال لديه الامل بإيجاد فرصة عمل بعد أن قابل الجهات المعنية بالمحافظة حيث لم تفلح الجهود سوى بتأمين عقد عمل في المركز الثقافي بقريته الغنطو لمدة ثلاثة أشهر غير قابلة للتجديد الأمر الذي انعكس سلبا على حالته النفسية.
ويشير رابعة إلى عشقه للموسيقا واتقانه العزف على آلة العود حيث يعزف بالسهرات وخلال قضاء وقت الراحة مع أسرته لخلق جو حميمي دافئ ألحانا وأغاني جميلة تملأ البيت سعادة وبهجة وربما بعض الأسى والحزن على مبدأ الشاعر الألماني شيلر ان أجمل أغنياتنا هي تلك التي تحكي أكثر الافكار حزنا.
بدورها تقول الزوجة إيمان إنها فقدت البصر تماما في سن صغيرة بالرغم من أنه لا يوجد في العائلة أي حالة سابقة مضيفة أنها تتصرف في كثير من الأحيان كالمبصرين وتنسى أنها كفيفة حيث تقوم بواجباتها المنزلية بشكل كامل ومثالي.
وتشير إيمان إلى أن وقوف أمها إلى جانبها في بداية حياتها الزوجية ساعدها كثيرا حيث وجدت صعوبة خلال الاسبوع الأول من انجابها ما لبثت أن تعودت على الاهتمام بأطفالها دون مصاعب اوعوائق تذكر لافتة إلى دور أهل زوجها في شراء الحاجيات البيتية.
وتضيف إيمان أنها اليوم بفضل أطفالها الذين كبروا تستطيع الخروج والتنزه برفقتهم بعد أن كان من الصعوبة بمكان التنقل بهم وهم صغار دون سن الخامسة حيث أصبح عمار 9 سنوات رفيقا حقيقيا لي ولوالده ونعتمد عليه ونسأله في الكثير من الأمور موضحة أنها تشعر بالسعادة الغامرة ضمن عائلتها الصغيرة التي يحدوها الأمل في إيجاد فرصة عمل للزوج تشعرها وأطفالها أنها كباقي الأسر لديها مرتب شهري.
من جهته قال عبد المنعم الكنج مدير مكتب الخدمات الاجتماعية في محافظة حمص إن للمحافظة دورها الانساني الكبير من خلال تقديم الخدمات الانسانية والدعم المادي اللازم ضمن الامكانيات المتاحة من خلال متابعة هذه الأسرة باهتمام حيث خصصت بمرتب شهري قدره 5 آلاف ليرة سورية كما تقدم جمعية البر والخدمات الاجتماعية في قرية الغنطو مبلغا أقصاه ألفا ليرة شهريا اضافة إلى تبرعات بعض المحسنين بالمحافظة.
المصدر: حمص-سانا
نشرت فى 19 يونيو 2011
بواسطة Daesn
عالم الكفيف
رؤية المؤسسة تفعيلا للقرارات الرشيدة من قبل الحكومة المصرية مثل قرار الدمج والتصديق على اتفاقية حقوق المعاقين، رأت المؤسسة التنموية لتمكين ذوي الاحتياجات الخاصة أن تقوم بدور فاعل في مجال التنمية المجتمعية وذلك بدعم وتمكين ورعاية المعاقين بصريا في شتى مناحي الحياة منذ نعومة الأظفار وحتى الدخول في مجالات العمل »
ابحث
تسجيل الدخول
DAESN
من نحن :
المؤسسة التنموية لتمكين ذوي لاحتياجات الخاصة مؤسسة أهلية مشهرة برقم 1277 لسنة 2008.تهتم المؤسسة بتمكين المكفوفين و دمجهم في المجتمع بشكل فعال يرتكز العمل داخل المؤسسة علي مدربين وموظفين مكفوفين وتعد هذه من نقاط القوة الاساسية لمؤسستنا.
رسالتنا :
تعمل المؤسسة جاهدة لتمكين المكفوفين وتأهيلهم لسوق العمل المرتكز علي مفهوم الحقوق و الواجبات لتحقيق العدالة الاجتماعية بين كافة شرائح المجتمع.رؤيتنا :
تحقيق العدالة الاجتماعية المركزة علي مفهوم الحقوق و الواجبات لذوي الاحتياجات الخاصة لدمجهم مع كافة شرائح المجتمع.