هل تصدق .. دورات تصوير للمكفوفين فقط؟!
ترى ما الذي يصنع من أي صورة جميلة ومعبرة في نظر الكثيرين؟ هل هي الكاميرا غالية الثمن، أم الموضوع المبتكر، أم الإضاءة المثالية، أو لربما عين المصور؟ لعل المعرض الذي أقيم مؤخرا في تل أبيب يهدف إلى إعادة ترتيب الأسباب السابقة في أذهان الناس، خصوصا السبب الأخير، وهو عين المصور، لأن جميع المشاركين في هذا المعرض هم ممن فقدوا نعمة البصر.
يجرون دورات تدريبية للمراهقين
فقبل عامين ونصف، قرر المصوران أيريس دانيل شيران، وكفير سيفان إقامة دورات تدريبية في التصوير، للمكفوفين فقط، وجاءت الفكرة بعد سماع المصورين عن معرض مشابه أقيم في طوكيو، باليابان. وبالمقابل، يقوم هؤلاء المصورون بإجراء دورات تدريبية للمراهقين في التصوير. في البداية، استعمل كفير وأيريس مبدأ عصبة العين لتعليم المصورين، فمن دون وجود البصر، تتضاعف قدرة الحواس الأخرى على الإحساس، كما أنهم يحصلون على إشارات واضحة من حرارة الشمس، واتجاه الرياح، والروائح، ومصادر الإزعاج.
فمثلا سوني، التي ولدت كفيفة منذ الولادة، تعرض صورها في ألبوم خاص.. فهناك صور لأحفادها في غرفة الولادة، وصور للقدس، وصور لبعض الأطفال يلوحون بالأعلام، وأجمل صورة في الألبوم هي صورة الطائرة المحلقة في السماء على بعد آلاف الأقدام عن الأرض.
وتقول سوني: "هنا كنت في تل أبيب، ومرت طائرة من فوقي، فتناولت الكاميرا، والتقطت صورة لها". وقد فكرت سوني في المشاركة بهذه الصورة في المعرض، إلا أنها لم تفعل، لأن أحدا لن يصدقها، على حد قولها. ولعل منظر غروب الشمس هو المفضل لدى العديد من المصورين المبتدئين، حتى أولئك الذين فقدوا البصر. كما أن التقاط الصور عند البحر يكون دائما أسهل لأولئك المصورين، حيث أن هناك رائحة البحر، وأصوات الأجراس على متن البواخر، كما أن أشعة الشمس الدافئة تقدم للمصورين مفاتيحا لالتقاط صور مبهرة.
من جهة أخرى، يقول سموليك، هو مصور كفيف، إنه يلتقط صوره عبر أحاسيسه، فإذا كان يريد التقاط صورة للبحر، فإنه يسأل عن اتجاهه، ومن ثم يحس بأمواجه، ورائحة مياهه. أما عوفير، الذي يعاني من فقدان بصر جزئي، فيقول إن التصوير يعطيه إحساسا رائعا.. فهو يشعر وكأنه شخص عادي، ولا يعاني من إعاقة أبدا. وبينما يلتقط المصورون صورهم، تقول الفتاة الهاوية زوي شوارتز، التي تدربت مع المكفوفين، إنها لطالما اعتقدت أن التصوير أمر سهل، حتى جربت القيام بها معصوبة العينين.
"أعتقد أنهم مصورون رائعون، ليس لأن صورهم جميلة ومعبرة، بل لأنهم لا يرون ماذا يصورون. فهم يشعرون به أكثر مما يرونه. وأنا بحق أكن لهم احتراما كبيرا". إذا، في هذا المعرض نرى العالم بعيون أشخاص لم يروه أبدا، ولن يروه أبدا، ولكنهم قرروا تحدي البصر لإثبات أن الصورة الجميلة لا تحتاج إلى عين محترفة.