جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
بداية التفكير في
مشروع سكة حديد الحجاز
أ.د. السيد محمد الدقن
في الواقع أن فكرة ربط الشام بإقليم الحجاز لم تكن وليدة عهد السلطان عبد الحميد الثاني، كما يذهب بعض الباحثين، بل هي ترجع إلى سنة 1864 م عندما اقترح الدكتور زامبل الأمريكي الألماني الأصل على الحكومة العثمانية فكرة إنشاء خط حديدي يربط بين دمشق وساحل البحر الأحمر، ولكن الحكومة العثمانية لم تكن قد سيطرت على زمام الأمور في لواء الكرك، ومن ثم فقد أهمل التفكير في هذا الاقتراح.
وفي سنة 1880م صحت عزيمة وزير الأشغال العامة في الآستانة على تمديد هذا الخط، فقدم مشروعا أوسع من السابق إلى حكومته يقضي بإنشاء خط حديدي إلى الأراضي المقدسة، ولكن معظم المهندسين والجغرافيين رفضوا فكرة هذا المشروع بحجة تعذر تنفيذه، ذلك أن الأصقاع التي يجتازها الخط ينزل بها قبائل من البدو الرحالة الذين اعتادوا السلب والنهب ، هذا بالإضافة إلى سهولة المواصلات بالوسائل البحرية ورخصها أكثر من البر، وفوق كل ذلك فإن العائد الذي يحصل من نقل الحجاج بالسكة الحديدية أثناء لن يكفي لتغطية جميع النفقات السنوية لهذا الخط العظيم.
وقد بقى مشروع الخط الحجازي مهملا إلى مطلع القرن العشرين حين تحمس له السلطان عبد الحميد الثاني الذي وجه اهتمامه لربط ولايات الدولة العثمانية بشبكة من الخطوط البرقية، ثم عززها بالخطوط الحديدية، وتوج مشاريعه بمد الخط البرقي الحجازي من السلط إلى المدينة المنورة عام 1900 م للإطمئنان على قوافل الحج أثناء مسيرتها، ثم أعقبه بمشروعه العظيم وهو خط سكة حديد الحجاز من دمشق إلى المدينة المنورة، الذي تم تنفيذه في العقد الأول من القرن العشرين.
هذا المشروع الإسلامي الذي يعتبر بحق من أروع منجزات السلطان عبد الحميد الثاني؛ إذ شهدت الأراضي المقدسة الإسلامية في الحجاز لأول مرة في تاريخها خطا حديديا يتيح لها الانفتاح على العالم الخارجي بعد أن كانت في عزلة تامة نتيجة وسائل الاتصال البدائية المتمثلة في قوافل الإبل التي كان يستخدمها الحجاج والتجار وغيرهم في تنقلاتهم وأسفارهم.
المصدر: أ.د. السيد محمد الدقن، سكة حديد الحجاز الحميدية، الطبعة الثانية(القاهرة: المؤلف، 2014)
ربي اغفر وارحم عبدك السيد محمد الدقن وزوجته - نسألكم الفاتحة والدعاء وجزاكم الله خيرا ولكم بمثل ما دعوتم
ساحة النقاش