بقلم أ.د/ حسين البيومي أبويوسف
أستاذ باحث بقسم السليلوز و الورق-المركز القومي للبحوث
مصطلح المواد اللجنوسليلوزيه يطلق علي المواد الليفيه ذات الاصل النباتي مثل الاخشاب والمخلفات الزراعيه كمصاص القصب و حطب القطن و قش الارز حيث يعتمد التركيب الكيميائي لتلك المواد علي السليلوز الذي يعتبر المكون الرئيسي للالياف المحاطه بجزيئات اللجنين التي تكسب الالياف الصلابه المناسبه , بالاضافه الي وجود جزيئات من السكريات الخماسيه و السداسيه - الهيميسليلوز - بنسب اقل من نسب السليلوز.
و قد استخدمت المواد اللجنوسليلوزيه سواء في صورتها الخام او كفحم، منذ القدم كمصدرمباشر و اساسي للطاقه اللازمه في كافة المجالات. و في مطلع القرن العشرين اصبح الوقود الاحفوري - البترول و الغاز الطبيعي - هو المصدر الرئيسي للطاقه خاصة في ظل سرعة التطورالصناعي و تنامي حركة النقل و المواصلات حيث تعتمد اكثر من 80% من احتاجات العالم للطاقه علي الوقود الاحفوري مثل زيت البترول و الفحم و الغاز الطبيعي و بعض المصادر غير المتجدده مثل الطاقه النوويه.
علي الرغم من مميزات الوقود الاحفوري و التي تتمثل في القيمه الحراريه العاليه و سهولة تداوله بين مناطق الانتاج و الاستهلاك الذي يتوقع ان ينمو ا بمعدل يقارب 35% خلال العقدين المقبيلين , فهناك مخاوف من عدم قدرة السوق العالمي تلبية احتياجات المجتمع الدولي من موارد الطااقه اللازمه و خاصة في الدول الاكثر نموا. فقد اظهرت الدراسات التحليليه لاحتياطات الانواع المختلفه للوقود الاحفوري التناقص الحاد خلال فتره تتراوح من 40 الي 120 سنه مما يؤثر بشكل كبير علي الانشطه الصناعيه والنقل . وفي الوقت الراهن يشهد سوق النفط حاله من عدم الاستقرار حيث تتركز 41% من احتياطي خام البترول و 60% من احتياطي الغاز في منطقة الشرق الاوسط التي تشهد اضطرابات سياسيه مما يؤدي الي تذبذب الاسعار في السوق العالمي. و تعتبر مشكلة الاحتباس الحراري من اهم المخاطر البيئيه المرتبطه باستخدام النفط حيث يمثل حرق الوقود الاحفوري 70% من حجم المشكله عالميا.
وللتغلب علي تلك المخاوف السابقه فقد تم تحفيز الاوساط العلميه علي البحث والتطويرلايجاد مصادر للطاقه البديله حيث تسهم الحكومات و المنظمات الدوليه في دعم الاستثمار في مجال انتاج طاقه متجدده اعتمادا علي الشمس والرياح والسدود المائيه. و تعتبر المواد اللجنوسليلوزيه علي رأس اولويات اهتمام الدول الصناعيه لانتاج وقود يشابه الوقود الاحفوري يصلح للاغراض الصناعيه و النقل حيث تستهدف 16% من احتياجات الطاقه عالميا اعتمادا علي المواد اللجنوسليلوزيه بحلول عام 2035 . و تتميز المواد اللجنوسليلوزيه بتنوع مصادرها علاوه علي التوزيع المتكافئ في جميع انحاء العالم كما ان استغلال تلك المواد في انتاج وقود يسهم بشكل كبير في تقليص ظاهرة الاحتباس الحراري عن طريق التعادل الكربوني الناشئ من استهلاك غاز ثاني اكسيد الكربون بواسطة النبات و انبعاثه كنتيجة حرق الوقود المصنع من الخامات النباتيه المختلفه.
ان الخواص الكيميائيه و الفيزيائيه للمواد اللجنوسليلوزيه يجعل استخدامها بصوره مباشره كمصدر للطاقه غير ذي جدوي اقتصاديا حيث تشتمل تلك المواد علي عنصر الاكسجين بالاضافه الي كبر محتوي الرطوبه مما يجعل القيمه الحراريه لتلك المواد منخفضه للغايه مقارنة بالقيم الحراريه للوقود التقليدي.ٍ ويمثل الحجم النسبي الكبير عائقا في عملية تداول المواد اللجنوسليلوزيه. لهذا فان التحدي الذي يواجه عملية تحويل المواد اللجنوسليلوزيه الي وقود يتمثل في تطوير تقنيات تعمل علي رفع القيمه الحراريه للوقود المنتج وجعله في صوره يسهل بها تداوله. ومن اهم تلك التقنيات هي المعالجات البيولوجيه لناتج تكسير السليلوز - الجليكوز- الذي يمكن تحويله الي كحول ايثيلي.
تعتبر عملية اسالة المواد اللجنوسليلوزيه -بطرق كيميائيه - تمهيدا لانتاج وقود من اهم التقنيات التي لاقت اهتماما في العقدين الاخيرين حيث استخدمت الفينولات مع مواد حفزعند درجات حراره تتراوح بين 160- 200 درجه مئويه. و استخدمت ايضا انظمة مذيبات عضويه عند درجات حراره تصل الي 280 درجه مئويه.
تعد المعالجه الحراريه للمواد اللجنوسيلوزيه من اهم التقنيات الواعده في مجال انتاج الوقود الحيوي حيث يتم حرق المواد اللجنوسليلوزيه بمعزل عن الاكسجين للتتحلل حراريا الي مواد صلبه و سائله و غازيه ذات اوزان جزيئيه صغيره نسبيا . وتتوقف نسب التوزيع ما بين الثلاث حالات - صلبه , سائله, غازيه - علي نوعيه الماده اللجنوسليلوزيه بالاضافه الي المعالجه الكيميائيه المسبق لها و ايضا ظروف عملية الحرق من درجة حراره و زمن تلك العمليه. فعند درجات حراره في حدود 290 درجه مئويه و زمن 10- 60 دقيقه يحدث تفحم جزئي للماده اللجنوسليلوزيه - انتاج ماده صلبه بصوره أساسيه - مما ينتج عنه رفع القيمه الحراريه لها نيجة النزع الحزئي لعنصر الاكسجين في صورة ماء. ويمكن ان ينتج الفحم الحيوي - بصوره أساسيه - من خلال الحرق عند 400 درجه مئويه في غضون الساعه. أما في حالة اجراء عملية الحرق عند درجات حراره تتراوح ما بين 800- 900 درجه مئويه خلال أزمنه قصيره - 10 ثوان- يكون الناتج الاساسي لعملية الحرق في صوره غازيه - وقود غازي- حيث يتضمن الناتج مخلوط من غازات الميثان و الهيدروجين و أول اكسيد الكربون .
في الأونه الأخيره تم تطوير إحدي تقنيات المعالجه الحراريه -الحرق السريع - للمواد اللجنوسليلوزيه حيث يكون الناتج الأساسي لعملية الحرق في صوره سائله ويعرف بالزيت الحيوي. وفي تلك التقنيه يكون زمن عماية الحرق يتراوح من 2 -7 ثوان عند درجة حراره من 450 - 500 درجه مئويه بشرط أن يكون معدل الأرتفاع إلي الدرجة المطلوبه بسرعه فائقه. و الزيت الحيوي هو سائل بني داكن ذو لزوجه عاليه يتكون من خليط من مركبات عضويه عديده علي سبيل المثال فينولات باوزان جزيئيه مختلفه و أنواع من الكحولات الأوليه و الثانويه و أحماض عضويه بالإضافه إلي وجود نسبة ماء تصل إلي 25% من إجمالي وزن السائل الناتج من عملية الحرق السريع, ويتميز الزيت الحيوي بقيمه حراريه مقبوله تصل الي نصف القيمه الحراريه للوقود التقليدي. و تتواصل االجهود البحثيه للوصول لرفع القيمه الحراريه عن طريق المعالجات الكيميائيه -عمليات إختزال بواسطة الهيدروجين و مواد حفز- في محاوله لإنتاج وقود يشابه الوقود التقليدي يصلح لأغراض النقل.
<!--<!--<!--<!--<!--<!--