جريدة بصمة أمل ..... رئيس مجلس الإدارة / خالد البري


 منذ أن ظهرت وسائل التواصل الاجتماعي التي تتسم بسهولة الاستعمال فهي متاحة للجميع و لا تفرق بين عالم وجاهل ولا صغير ولا كبير ، فهي تسمح لأي شخص أن يستخدمها دون قيد أو شرط ، الأمر الذي جعل العديد يصاب بمرض جنون النشر ،  فتخيل كل واحد منهم أنه إعلامي متميز أتي بما لم يأتي به الأوائلُ ، وصار يصول ويجول ناسياً أن الاعلام فن له قواعد و أصول وله ميثاق شرف ، كغيره من الفنون بل هو من أهم الفنون لسهولة إنتشاره و لخطورة أثاره وتوابعه و لأنه يأثر بشكل كبير في رأي المجتمع وثقافته بل وفي كل حياته  فكثير منا صار يتكلم بالكلمة وخاصةً من خلال النشر علي صفحات وسائل التواصل الاجتماعي دون أن يلقي لها بال ، وقد تكون تلك الكلمة سبب في مفاسد عامة كهدم قيم ، أو إنهيار أخلاق ، أو تفكك أسر وربما مجتمعات ، أو ترسيخ عادات مرفوضة ، أو  ترويج شائعات ، وقد تكون سبب في فقد الثقة من شرفاء ، ممن طالتهم الكلمات ، وقد يتبعها إنتهاك اعراض ، أو رمي محصنات ، أو سب أو قذف ، من ما حرم الله  ، وقد تأتي أيضاً بمفاسد علي صاحبها ، لأنها تفضحه وتكشفه ، فالمرء مخبوء تحت لسانه إذا تكلم فضحه ،   فقد تسقطه من نظر الآخرين ،  أو تفسد علاقته بهم ، وغالباً ما تكون سبب في نفاذ حساناته دون أن يشعر ، فيهوي في النار " إنظر حديث المفلس " ومن المؤلم ما رأيناه في الأونة الآخيرة  حيث رأينا أن كثيرٌ من رواد صفحات وسائل التواصل الاجتماعي ينفعل لسماع خبر أو معلومة ، و قد تكون غير صحيحة أو قد يكون نقلها إليه من أخطأ الفهم أو التعبير أو صاحب هوي ، أو يكون هو الذي أخطأ الفهم فيقع في المحظور .

ومن العجيب أنه في غالب الأمر يكون النشر مجرد رد فعل يتسم بالرعونه ، لأنه غالباً ما يكون من غير متخصص ، وغالباً ما يتم تعامله مع الخبر دون التأكد من صحته ، خاصةً أننا نعاني من حرب الشائعات التي إنتشرت في الفترات الأخيرة ونعمل علي مجابهتها .
ومن العجيب أيضاً أن نري من لا يعجبه تصريح أحد المسئولين ، فيسرع الي صفحات الفيس بوك موجهاً خطاباً شديد اللهجة الي ذلك المسئول يحمل عتاباً أولوماً أونصحاً أوتوجيهاً ، وربما سباً وإهانة ، متخيلاً أنه يُحَدِثهُ وجهً لوجه ، وتشعر من حديثه وكلامه أنه يري المسئول واقفاً أمامه منحني الرأس خجلاً من ما صدر منه ، والحقيقة  أن هذا  التنفيث وهذا الهراء لا يدري به غير أصدقائه "  أصدقاء الناشر " علي صفحته أو علي الجروب الذي تم النشر به   . 
ورغم أن هذا خطأ وخطر وغير مرغوب فيه ويجب تصحيحه ، إلا أنك قد تجد لناشره عذراً لأنه من العوام الذين لا يدركون مخاطر هذا الأمر ، ولا يعرفون الطرق الصحيحة للتعامل مع مثل تلك الأمور ولا يعرفون القنوات القانونية المتخصصة لتوصيل الرأي لمتخذي القرار . 
لكن المحزن أن تجد ذلك من متعلم أو متخصص أو مسئول فهذه هي الطامة الكبري  
أخي الحبيب قارئ هذا المقال الأمر يحتاج الي إعادة نظر 
و أعلم  أنك في هذا المقام ( وصول المعلومة إليك ) بين أمور عديدة : 
1. إما لم تصلك المعلومة كاملة 
2. وإما لم تصلك المعلومة صحيحة 
3. وإما قد وصلتك صحيحة و فهمتها علي غير حقيقتها 
4. و إما تم إثارتك لتوظيفك بقصد دون أن تعلم 
5. و إما وصلتك صحيحة وفهمتها علي حقيقتها ولكن كان لك وجهة نظر أخري لأنك ليس لديك المعطيات التي عند المسئول وكانت سبب في إتخاذ ذلك القرار
6. و إما قد زل المسئول أي جانبه الصواب حقاً لأنه بشر وغير معصوم
لذا يجب عند التعامل مع الخبر مرعاة ما يلي : 
• الحرص علي التأكد والتبين والتثبت من صحة  المعلومة و أخذها من مصدرها " إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا " انظر تعامل نبي الله سليمان مع الهدهد "   ۞ قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27 (" النمل
• الحرص علي الفهم الجيد للخبر وعدم التعجل في الحكم عليه فقد تغيب عنا حقائق " تذكر قصة موسي وهو كليم الله مع الخضر في سورة الكهف " 
• التمهل في الرد و تدبر العواقب والنظر هل النشر سيكون ذو جدوي ؟ أي سيحقق الهدف أم لا ؟ وهل المصالح فيه أكثر من المفاسد أم لا ؟ وهل الوقت مناسب لذلك أم لا   ... ألخ ؟        فالقاعدة " درء المفاسد مقدم علي جلب المنافع "
• أن لصحة الخبر شروط خمسة ( وهي شروط الحديث الصحيح عند أهل العلم  ) 
ثلاثة تتعلق بالراوي أي المتحدث أو القائل  و أثنان يتعلقان بالموضوع أي الخبر نفسه  وهي "اتصال السند – ضبط الراوي – عدالة الراوي – عدم الشذوذ – عدم العلة "  يمكنك الرجوع اليها 
• أن لنقل الكلام حتى و إن كان صحيحاً شروط  لقول المصطفي صلي الله عليه وسلم : (  كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع) السلسلة الصحيحة للشيخ الالبانى برقم 4480 من حديث أبي هريرة ،  فليس كل ما يعرف أو يسمع  يقال 
• أن كل ما يترتب علي النشر من أثار محاسبون عليه لقوله تعالي "   إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ (12)  من سورة يس   
فكل من علق فاسأء الأدب فلك من الأثم كفاعله ، وكل من أساء الظن في الناس بسبب منشورك حتي ولو لم يكتب شيئاً أو ينطق بكلمة فأنت أيضاً آثم  ، كما أن وجود المنشور سيظل ممتد المفعول يجلب لك السيئات  كلما قرأه أحد أو علق عليه ، حتي بعد مماتك 
• أن لا نكتب إلا الطيب من الكلمات ولا نكتب الخبيث منها قال تعالي " أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍۢ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِى ٱلسَّمَآءِ " 24 سورة ابراهيم  ﴿ وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ ﴾.   26 سورة ابراهيم
• يجب الإحتراز من أن نكون أداة يثيرنا أصحاب الهوي فيتم توظيفنا لنؤدي أغراضهم دون أن نشعر 
• يجب اتباع الطرق الصحيحة للنصح و التوجيه وتقديم المقترحات و التماس العذر للآخرين ، فإننا لا ندري ما يعاننوه عند اتخاذ القرار ، فإنهم تحكمهم إمكانيات وتواجههم تحديات و معوقات ، غالباً لا نعلمها ولا نعرفها عند حكمنا عليهم 
• يجب معاملة المسئول علي أنه بشر يجتهد فيصيب ويخطئ وهو ليس بمعصوم ولنتخيل أنفسنا مكانه ، و لنعلم أن الكل يريد أن ينجح ويهمه رضا الجميع 
• أن كل منا يحتاج الي التكاتف والتعاون والمساندة ففي الاتحاد قوتنا و في الفرقة ضياعنا وهلاكنا 
• أن نفكر قبل ما ننشر أو نشير ( أي لا نعيد نشر منشورات الآخرين )  ودائما ننظر علي النتيجة والأثر الذي يتبع النشر . 
• أن لا نتتبع عورات الناس ولا زلاتهم بل نكون لهم من الناصحين 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 651 مشاهدة
نشرت فى 4 مايو 2020 بواسطة BsmetAmal
BsmetAmal
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

83,488

للإعلان على الموقع


اتصل 01270953222