جريدة بصمة أمل ..... رئيس مجلس الإدارة / خالد البري

بين قتل خير الناس وشر الناس

مجرد حربة؛ قطعة مكونة من الخشب والحديد، بها سقط أشرف الناس، وبها سقط أخبث الناس.

بها سقط سيدنا حمزة أسد الله ورسوله، وسقط مسيلمة الكذاب لعنة الله عليه.

تلك العيون التي في دقّتها تُشبه دقة عيون الصقر ظلت تنظر إلى أشرف الناس حتى تقتله، وفي موطن آخر ظلت تنظر إلى أخبث الناس حتى تقتله.

شتّان بين النظرتين وبين الطعنتين.

 

وحشي.. ذلك الرجل الغاضب دائمًا.. يسعي بكل الطرق حتى ينال حريته.. حتى يستطيع السير بين الناس مرفوع الرأس.. حتى يأكل مثل طعامهم ويشرب مثل شرابهم ويلبس مثل ثيابهم.

هو لا يبرع في شيء إلا استخدام حربته؛ تلك الحربة التي عندما عرضت عليه قريش عرضها؛ ظن أنها النجاة إلى الحرية.. ظن وحشي أن مجرد قطعة من خشب وحديد ستعطيه الحرية.. ستجعله عزيزًا يمشي ويرفع رأسه ويجلس مع الأشراف والأسياد..

وقَبِلَ عرضهم ودخل حربهم وأسقط عدوهم، ولكن.. أي عدو أسقطتَ يا وحشي؟

ربما لم تقتل حمزة بحربتك؛ بل قتلت نفسك وأنت لا تدري، وهذا لن يكون بثمن قليل!

بلى؛ سيتم الدفع لك من كلا الطرفين.

تحرَّر وحشي.. ربما نستطيع تخيُّل تلك اللحظة التي ارتدى فيها وحشي ملابس الرجال الشرفاء.. تلك السعادة التي غمرت قلبه.. فقط لبضع ساعات!

ماذا تفعل يا وحشي؟

 تجلس بين الأسياد والشرفاء؟

هل اختل عقلك؟

 إن نعل العدو الذي قتلته عندهم كان أشرف وأفضل منك!

قم فلا تجلس معهم.. ويحك!

اختفت تلك السعادة والابتسامة.

ربما ظل طوال الليل يتذكر كلمات البعض عندما حاول أن يكون مثلهم ويسير فى شوارع مكة مرفوع الرأس. وربما ظل يتذكر تلك النظرات التي كانت مثل الحربة تطعن فيه عندما وضع أول قدم له فى أحد مجالس قريش. ربما الآن علم وحشي أنه لم ينل حريته، وأنه قتل نفسه هو وحمزة حي عند ربه يرزق. حمزة حر طليق ووحشي في القيود. وما أدراك أن تكون حبيس نفسك.. أن تكون مُقيدًا من داخلك...

 

ولكن مهلاً هذه ليست النهاية يا وحشي..

شعرت بالذنب صحيح؟

ظل قلبك يلوِّح بالحزن على ما فعلته؟

علمت أنك قتلت عزيزًا في قومه؟

لم تُعطِك قريش الحرية؟

 نعم أنت حر طليق ولكن النظرات التي تخترق عقلك وقلبك.. ندمك على ما فعلته فى حمزة وليس بينك وبينه شيئًا حتى تتربص له هكذا.. تلك الكلمات التي سمعتها عندما وضعت قدمك فى أحد المجالس تهشِّم أذنك؟

أتعلم لماذا يا وحشي؟

لأن الحرية هي أن تتحرر من عبادة الناس وتدخل في عبادة رب الناس.. هذه هي الحرية التي أدركها قبلك صديقك بلال.

تلك هي الحرية يا وحشي.. سيدخل عليك رسول الله فاتحًا.. قد حان موعد التوبة يا وحشي.. حان موعد كسر القيود الداخلية والتحرر..

أسلم وحشي وغفر الله له، وكُسرت القيود الداخلية.. ولكن كان ينظر له البعض على أنه وحشي قاتل حمزة.

يغضبك هذا بالتأكيد.. ولكن يجب أن يتم الدفع من كلا الطرفين، لا تنسي هذا!

امتلأ قلبك بالإيمان ياوحشي.. صحيح؟

سوف ترى ما يفعله الإسلام بمن يتبعه.. سترى العزة.. سترفع رأسك كما أردت ياوحشي.. إن الله كريم.

 

بدأت حروب الردة، وبتلك الحربة التي استخدمها وحشي في الباطل، استخدمها من جديد.. ولكن فى الحق.. تلك المرّة ستقتل بها أشر الناس. ويشاء الله - عز وجل- في اليمامة ألا يقتل مسيلمة الكذاب إلا وحشي وبنفس الحربة.. وتحولت نظرات الناس لوحشي من قاتل حمزة إلى قاتل أشر الناس!

 أصبحت بطل يا وحشي.. نعم هذا ما يفعله الإسلام بمن يتبعه بإحسان.. الآن يمشي وحشي رافعًا رأسه عزيز النفس.. قد عادت تلك الابتسامة التي ابتسمها لبضع ساعات.. ولكن تلك المرّة دامت الإبتسامة حتى وفاته.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 82 مشاهدة
نشرت فى 5 سبتمبر 2019 بواسطة BsmetAmal
BsmetAmal
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

83,384

للإعلان على الموقع


اتصل 01270953222