*الزخرفه الاسلاميه*
رفة في كتب الشعر والأحاديث، ثم كانت النقلة إلى فن العمارة وبالأخص المساجد والقصور وأيضاً شواهد القبور.
ومهما يكن من شيء ، فإن الزخارف الهندسية أخذت في ظل الحضارة العربية الإسلامية ، أهمية خاصة ، وتميزت بشخصية فريدة لا نظير لها في أية حضارة من الحضارات ، فأصبحت في كثير من الأحيان ، العنصر الرئيس الذي يغطي مساحات كبيرة
وكان هم الفنان المسلم وشغله الشاغل ، أن يبحث عن تلوين جديد مبتكر يتولد من اشتباكات قواطع الزوايا ، أو مزاوجة الأشكال الهندسية ، لتحقيق مزيد من الجمال الرصين الذي يسبغه على التحف التي ينتجها.
ولعل الفكرة السائدة حول تحريم أو كراهية تصوير الكائنات الحية في الإسلام جعلته ينصرف عنها ويتجه بكل طاقته وجهده نحو الأشكال الهندسية وتطويرها وابتكار أشكال جديدة منها، حتى احتلت مكانة مرموقة، وأصبحت ميزة مهمة امتاز بها الفن الإسلامي
الزخارف الهندسية في العصر الأموي
ومن أبرز أنواع الزخارف الهندسية التي امتازت بها الفنون الإسلامية : الأشكال النجمية متعددة الأضلاع ، والتي تشكل ما يسمى "الأطباق النجمية " .
ومنذ العصر الأموي ، وصلتنا زخارف هندسية ذات أطباق نجمية ، نراها ممثلة في النوافذ المشبكة الموجودة في الجامع الأموي بدمشق، والذي بناه الخليفة الوليد بن عبد الملك ( 88- 96 هـ ، 706- 714 م ) إذ أن زخارف هذه المشبكات تقوم على دوائر متقاطعة ومتداخلة تحصر بينهادوائر صغيرة أو أشكال تشبه النجوم الثمانية ، إضافة إلى المضلعات المتنوعة. كما توجد هناك زخارف طبقية ونجمية متنوعة قوامها دوائر متساوية مع بعضها تتقاطع وتتداخل معها خطوط أخرى، فتؤلف ما يشه النجوم السداسية، أو النجوم الثمانية، كما أننا نرى في بعضها أشكالاً هندسية مختلفة كالمربعات والمسدسات والمعينات والأشكال المتعددة الأضلاع
كذلك نجد أن الفنون التصويرية الأولى في العصر الأموي مثل النقوش الجدارية الفسيفسائية على جدران المسجد الأموي أو في قصر عمر في الأردن أو على قبة الصخرة أو في قصر الخير الغربي في سوريا إنما توضح تأثرًا بالغًا بالسمت البيزنطي، وتصور موضوعات تمثيلية أو رؤى بيزنطية في فن الفسيفساء، ولكن نماذج الفنون الإسلامية في العصور التالية توضح الجانب التجريدي أكثر. بمعنى أن العصر الأموي كان اتصالاً مع الحضارات المحيطة وبالتالي تأثر بها. ولكن مع استتباب الحضارة الإسلامية حدث نوع من استعادة الأصول وتجاوز الأثر الحضاري، وبالتالي ازداد الجانب التجريدي في الفن.
قبة الصخرة من الداخل
الزخارف الهندسية في العصر العباسي
أما العصر العباسي فقد امتاز بالزخارف الهندسية على الجص. وكانت هذه الزخارف بسيطة التكوين، حيث اكتشفت في أطلال سامراء العاصمة الثانية للعباسيين ، بعضها قوامها مربع تحيط به أربعة مسدسات كبيرة نسبياً ، غير أنه لم تظهر في زخارف سامراء "الأطباق النجمية " لا البسيطة منها ولا المعقدة.
زخارف بأحد معالم سامراء بالعراق
وقد استعملت الزخارف الهندسية بكثرة في بناية المدرسة المستنصرية بسامراء، وهي ذات أشكال متنوعة يعتمد معظمها على الدائرة وأقطارها وقد تم تنسيق هذه الأنواع من الزخارف الهندسية بطريقة تساعد على بسطها في مختلف المساحات والسطوح المعدة لها .
المدرسة المستنصرية
وأما الزخارف النباتية الشكل فنجدها في الغالب موضوعة داخل مساحات هندسية كالنجوم والمضلعات وأحياناً تظهر فوق أرضية الكتابات وبين حروفها .وقد استطاع الفنان العربي أن يرتب تلك العناصر وخاصة في نقوش المدرسة المستنصرية القديمة ترتيباً جديداً مبتكراً وأن يخرجها بتنسيق فني رائع ويضيف عليها الطابع الاسلامي، فكانت هذه الزخرفة ابتكاراً عربياً إسلامياً أصيلاً في أساس تكوينة وفكرته .وفي مصر ، بدأت هذه الزخارف الطبقية ، تحتل مكانة مرموقة منذ العصر الطولوني ، حيث يحتفظ المسجد الطولوني - الذي بني في سنة 265هـ / 879 مبأمثلة متنوعة ، منها نراها في بواطن العقود والنوافذ المشبكة وقوام هذهالزخارف نجوم متعددة الرؤوس تحيط بها مضلعات مختلفة على غرار ما شاهدناه في المدرسة المستنصرية ببغداد.
الزخارف الهندسة في العصر الفاطمي
لا شك في أن توحيد المغرب العربي من قبل الدولة الفاطمية واستقرارها في مدينة المهدية بتونس ساهم إلى حد كبير في تطبيع الزخارف في القيروان والأماكن التي اهتم بها الأغالبة بطابع زخارف هذه الدولة التي يسجل لها ريادتها في الزخرفة المخرمة التي يلعب فيها الظل والضوء دوراً هاماً.
ثم تطورت كثيراً تلك الزخارف الهندسية النجمية في مصر في العصر الفاطمي ( 358هـ / 969م - 567هـ / 1171م ). ففي الجامع الأزهر ومسجد الأقمر ومسجد الحاكم أمثلة تشهد على تنوعها ، وتعقد أشكالها وتراكيبها، حيث تعددت أنواع النجوم والمضلعات المختلفة .
الزخارف الهندسية في العصر المملوكي
وابتكرت من ذلك وحدات زخرفية جميلة تعتمد في أساسها على الدائرة وأقطارها التي تقطعها خطوط أخرى مكونة تلك الأشكال الهندسية البديعة . وقد بلغت زخارف الأطباق النجمية، أوج تطورها في العصر المملوكي بمصر ( 648/ 923هـ / 1250/ 1517 م ) فكانت منها أنواع كثيرة وأشكال بديعة .والملاحظ أن بعض هذه الزخارف تشبه زخارف القصر العباسي والمستنصرية ببغداد .وقد شاع استعمال هذه الأشكال في مصر حيث استخدمت في زخرفة التحف الخشبية والنحاسية ، وفي الصفحات الأولى المذهبة في المصاحف والكتب، وفي زخرفة السقوف وغير ذلك .
الزخارف الهندسية خلال الفترة العباسية المتأخرة
وهناك الزخارف النجمية والطبقية التي نشاهدها في الأبنية الباقية من الفترة العباسية المتأخرة والعصر المغولي، حيث نرى عدة أنواع من النجوم متعددة الرؤوس ، فهناك نجوم رباعية وخماسية وسداسية وسباعية وثمانية وذات عشرة رؤوس واثني عشر رأساً تمتد أضلاعها فتؤلف حولها نجوماً ومضلعات مختلفة تحيط بها، وهكذا تظهر جميع الأشكال مترابطة مع بعضها .إن هذه الزخرفة تعتمد في أساسهاعلى الدائرة وأقطارها التي تقطعها خطوط أخرى مكونة تلك النجوم والمضلعات الهندسية، وهذا ما نراه بشكل واضح في معظم زخارف الأبنية الأثرية التي ما تزال قائمة ببغداد وبصورة خاصة في زخارف القصر العباسي والمستنصرية .وفي العصر المغولي، استعملت زخارف قوامها نجوم ومضلعات وأشكال رأسية معقوفة. نراها تتمثل في أبنية هذا العصر، وهي مئذنة جامع الخلقاي وقبة الشيخ عمر ببغداد وهما البنايتان اللتان بقيتا من هذه الفترة في بغداد.
ساحة النقاش