إن ثورة 25 يناير حين قامت كان لديها حلم إلتفّ حوله المصريون هو الحرية و الكرامة ، الحلم الذى عبّد طريقه بدماء الشهداء من أجل أن يرحل مبارك و نظامه بكل ما يمثّله من ظلم و طغيان و إستبداد .
من أجل هذا و فقط قامت الثورة ، و سقط من سقط ليرووا بدمائهم الذكية شجرة الحرية ، حتى تطرح نظاما ديمقراطيا يقوم على إحترام إرادة الشعب و جعله وحده دون غيره مصدر السلطات .
كان لابد من هذه المقدمة حتى نعرف حجم الكارثة التى نحن مقبلون عليها ما لم يتم سحب وثيقة على السلمى و إقالته فورا على الجريمة التى يرتكبها فى حق الشعب المصرى .
و حتى يتسنى لنا أن نفهم القصة المرعبة التى تحاك فصولها فى رابعة النهار !! ، دعونا نفهم أولا السياق الذى خرجت فيه الوثيقة حتى تتضح أبعاد المؤامرة :
ظهرت الوثيقة للوجود بعد أيام تعد على أصابع اليد الواحدة من نجاح حزب النهضة الإسلامى فى الفوز بأغلبية ساحقة فى انتخابات المجلس التأسيسى التونسى ، رغم أن وضعية حزب النهضة فى تونس كانت أضعف عشرات المرات فى عهد بن على من وضعية الإخوان المسلمين فى مصر أيام المخلوع مبارك .
تزامن مع إجراء الإنتخابات التونسية أيضا إجراء الإنتخابات النقابية فى مصر ، و هى الإنتخابات التى فاز الإخوان فيها بإكتساح
بنسبة وصلت إلى 95% كمتوسط عام .
من خلال هذا السياق نفهم لماذا صدرت الوثيقة رغم أن المستشار يحيى الجمل حاول أثناء توليه ذات المنصب – نائب رئيس الوزراء - أن يقوم بنفس المحاولة إلا أن محاولته قوبلت بذات الرفض الشعبى الآن و أنتهت الوثيقة تحت ضغط الشارع .
ثم أتى من بعده على السلمى و يصدر هو الآخر وثيقته المشبوهة فى تكرار لنفس السيناريوا القمىء ، مما يشتم منه رائحة التضليل و الخداع للشعب ، فعلى الرغم من تغيير يحيى الجمل ذو الخلفية العلمانية المتشددة ، تم الإتيان بعلى السلمى العلمانى المتشددد كذلك للقيام بنفس المهمة !!! .
إذا تغير الشخص و لم تتغير المهمه ، و بحسب نظرية الثابت و المتغير ‘ فالثابت هنا أمرين أولا صفات من يتولى المنصب و ثانيا طبيعة المهمة ، و لأن المجلس العسكرى هو أكثر شىء ثابت فى موقعه لا يتحرك حتى الآن فى مصر !! فطبقا للنظرية فصاحب هذه الوثيقة دون منازع هو المجلس العسكرى و ليس على السلمى ، فدور على السلمى هنا ديكورى ليس إلا ، فهى وثيقة المجلس العسكرى بإمتياز ، و حين تتطلع إلى كافة بنودها لن تحتاج إلى كثير ذكاء حتى تدرك هذه الحقيقة و هو مادفع الفقيه الدستورى الكبير المستشار طارق البشرى أن يعلق على هذه النقطة قائلا ( ما إن يتولى الواحد منهم منصب نائب رئيس الوزراء لشئون السياسة أو الديمقراطية أو نحوهما حتى يقوم بذات العمل ويحاول أن يكمل ما بدأه سلفه ، وهو كيفية الالتفاف على الإرادة الشعبية وعدم تمكينها من وضع الدستور الجديد ) .
من خلال فهم السياق الذى تحدثنا عنه و فهم من وراء الوثيقة تتضح أبعاد المؤامرة التى يمكن تلخيصها فى الآتى
أولا : إعاقة و منع أى فصيل إسلامى من الوصول إلى سدة الحكم فى مصر حتى لو جاء بإنتخابات حرة نزيهة و بإرادة الجماهير .
ثانيا : العمل على عسكرة نظام الحكم فى مصر و جعله فوق المحاسبة ، فبنود الوثيقة المشئومة تعطى الحصانة الكاملة للقوات
المسلحة ضد المساءلة ، و تجعل لها تشريعاتها الخاصة التى يحق لها وحدها وضعها و لها ميزانيتها الخاصة التى لا تناقش عليها و لا تراجع فيها بحجة دواعى الأمن القومى ، و هى حجة مرفوضة حاليا ، حيث أن كافة صفقات السلاح الآن فى العالم معروفة و منشورة فى كافة الدوريات الإستراتيجية و العسكرية ، كما أن من يجب أن نخفى عنه هذه الأسرار هو تقريبا من نشترى منه السلاح !!! .
ثالثا : و هو الأخطر على الإطلاق أن الوثيقة تعطى للقوات المسلحة دور ليست له أهل و ليس من حقها ، فيحق لها طبقا للوثيقة إلغاء لجنة وضع الدستور التى سيختارها البرلمان لو لم تعجبه تشكيلتها ، بل حتى إذا وافق عليها من حقه إلغاء مسودة الدستور الذى ستضعها اللجنة إذا لم ترق له !!! ، وفوق هذا كله تعتبر الوثيقة أن الجيش حامى الشرعية الدستورية و ليس البرلمان أو الشعب أو حتى المحكمة الدستورية العليا ، مما يجعل و جود أى سلطة منتخبة بما فيها رئيس الدولة و رئيس الوزراء و مجلس الوزراء مجرد موظفين يسعون لنيل رضا المجلس الأعلى للقوات المسلحة حتى لا يتهموا بالإتقلاب على الدستورية فيعزلهم الجيش !!! .
الأمر جلل ، يكفى أن نذكر حتى تكتمل الصورة أن كاتب بحجم و قامة الأستاذ فهمى هويدى قد نشر مقالا فى 10 نوفمبر الماضى تحت عنوان ( مبارك فى أجازة دون أجر ) تحدث فيه عن أن مبارك نظريا هو محبوس و واقعيا هو فى أجازة فحسب و دلل على ذلك بأنه يعيش فى محبسه فى أفضل حال و يتلقى اتصالات هاتفية من أعضاء فى الحكومة الحالية بل يتلقى إتصالات من أركان نظامه فى سجن طره !!! .
هناك أبعاد كثيرة للمؤامرة التى تدبر بليل للإنقلاب على الثورة و الثوار و إعادة إنتاج نظام مبارك فى شكل جديد ، لكن حتى لا
يطول المقال إكتفينا بما أوردناه ، فلم نتحدث مثلا عن السبب وراء سيل القنوات الفضائية الجديدة ذو التوجه العلمانى الذى ملأ مصر فجأة ، و لا عن ابعاد المؤامرة خارجيا مثل تعيين وليام تايلور من قبل الولايات المتحدة كمنسق ( لدعم !! ) الثورات العربية و زيارته لمصر و سوريا .
خلاصة ما أريد أن أقوله هنا أن الثورة المصرية بكافة مكتسباتها تتعرض لخطر كبير ، إذا لم نستيقظ و نتحرك و ننزل إلى التحرير من جديد بروح و عقل وقلب الميدان فى 25 يناير ، و إلا فسوف نخسر حاضرنا و مستقبلنا اللهم قد بلغت اللهم فاشهد .
ـــــــ
نشرت فى 17 نوفمبر 2011
بواسطة BADRFOUDA
ابو استشهاد
ندعوا الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والى تكوين الفرد المسلم والاسرة المسلمة والمجتمع المسلم والى الحكومة المسلمة والى الدولة المسلمة والخلافة الاسلامية والى استاذية العالم »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
121,198
ساحة النقاش