تباينت الآراء حول كيفية إدارة المرحلة الانتقالية؛ حيث طالبت بعض القوى بمدِّ الفترة الانتقالية، وعملت على مد فترة بقاء الحكم العسكري، وقد بات واضحًا أمام الجميع أن السلطة القائمة في المرحلة الانتقالية غير قادرة على اتخاذ مواقف وقرارات سياسية حاسمة، وأن عملية التغيير والإصلاح الحقيقية لن تبدأ قبل تسلم سلطة مدنية منتخبة للحكم.
كما ظهر للجميع المخاطر التي تتعرض لها مصر بسبب استمرار مرحلة إدارة شئون البلاد من خلال المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والمخاطر التي تتعرض لها القوات المسلحة نفسها؛ بسبب تورطها في العملية السياسية، وأيضًا المخاطر التي تتعرض لها مصر بسبب عدم وضوح الرؤية حول المستقبل السياسي وخارطة الطريق والجدول الزمني.
لذا يرى حزب الحرية والعدالة أن أفضل ما يجب القيام به الآن هو الإسراع بنقل السلطة إلى سلطة مدنية منتخبة، يكون لها شرعية شعبية وبرنامج عمل سياسي واضح، وتقوم بتنفيذ مطالب التغيير والإصلاح التي يريدها الشعب، وعليه يصبح من المهم الإسراع في عملية الانتخابات البرلمانية لمجلسي الشعب والشورى دون إبطاء، فمد فترة الانتخابات سيؤدي إلى مزيد من عرقلة عملية التحول الديمقراطي وعملية الإصلاح والتغيير، كما سيؤخر التوصل إلى دستور جديد، وكل هذا يدفع البلاد نحو فترة من عدم وضوح الرؤية التي تعرقل عملية البناء، وتؤجل عودة عجلة الحياة الطبيعية، وإعادة دوران عجلة الاقتصاد مرة أخرى.
لقد بات واضحًا أن مصر تحتاج لجهد كل أبنائها في مرحلة إعادة بناء الدولة والمجتمع، وتحتاج لتفعيل كلِّ مؤسسات المجتمع وسلطات الدولة مرة أخرى؛ حتى يقوم الشعب بنفسه ببناء مستقبله، فالتوقف عند لحظة المرحلة الانتقالية والتي تحكمها سلطة مؤقتة لم يدفع بالبلاد إلى الأمام؛ حيث ظهر أن السلطة المؤقتة ليس لديها القدرة على تأسيس مرحلة البناء الحقيقية.
ولم يعد من المجدي التظاهر للضغط على القائمين على أمور البلاد لتحقيق مطالب الشعب؛ فقد تأكد أن الشعب هو الوحيد القادر على تحقيق مطالبه، لذا أصبح تفعيل العمل النقابي والمدني والأهلي والطلابي وأيضًا تفعيل العمل الحزبي والمجتمعي وإجراء الانتخابات لسلطات الدولة المختلفة، هو السبيل الوحيد لبناء مؤسسات الدولة والمجتمع، والتي يمكنها العمل على تحقيق مطالب الشعب المصري واستكمال أهداف الثورة المصرية.
كما اتضح أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة استطاع تأمين مسار الثورة، ولكن بقاءه في إدارة شئون البلاد يقلل من قدرته على تأمين المسار، ويعرض مسار الثورة لمخاطر كثيرة، كما يعرض القوات المسلحة نفسها للعديد من المخاطر، لذا يرى الحزب أن وقت العمل قد حان، وأن المشكلات التي تعترض طريق التغيير والإصلاح يمكن حلها بعد انتخاب سلطة مدنية، وأن مد الفترة الانتقالية لتحقيق بعض المطالب الضرورية لا يحقق تلك المطالب بل يعرض البلاد لمشكلات أكثر.
كما يؤكد الحزب على ما صرح به المستشار طارق البشري نائب رئيس مجلس الدولة الأسبق ورئيس لجنة التعديلات الدستورية، من أن حالة الطوارئ لم تعد قائمة بالفعل، وأن مُضِيَّ ستة أشهر على حالة الطوارئ بعد الاستفتاء على التعديلات الدستورية قد أنهى الفترة التي يمكن للسلطة التنفيذية والتشريعية ممثلة في المجلس الأعلى للقوات المسلحة إعلان حالة الطوارئ فيها، وعليه لم تعد حالة الطوارئ قائمة، ولا يمكن مدها إلا من خلال استفتاء شعبي؛ مما يعني عدم جواز تطبيق قانون الطوارئ منذ يوم 20 سبتمبر 2011م.
لهذا يطالب الحزب المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإعلان خريطة طريق زمنية لكلِّ المراحل الخاصة بالانتخابات التشريعية والرئاسية ووضع الدستور الجديد؛ لأن تحديد توقيت محدد لكل مرحلة أصبح أمرًا ضروريًّا، كما يطالبه بجعل الجدول الزمني في أقل فترة ممكنة.
كما يطالب الحزب كل فئات المجتمع بأن تتوجَّه للعمل الجماعي المنظم، من خلال مؤسسات المجتمع المدني والنقابات وغيرها، حتى تحدد مطالبها وطريقة تحقيقها، والجدول الزمني الممكن لها، فقد أصبحنا في مرحلة يجب أن يحدد الشعب فيها كيف يحل مشكاله، ولسنا في مرحلة نطالب فيها سلطة قائمة بحلِّ مشكلات المجتمع، وكأنها سلطة مستمرة ولن تتغير، فالمشكلات التي تعاني منها مصر كثيرة، وتحتاج لوضع رؤى مناسبة للحلِّ على مدى زمني معقول، حتى لا تُحَلُّ مشاكل اليوم على حساب الأجيال القادمة.
عن الثورات العربية
يتابع حزب الحرية والعدالة ما أنجزته الثورة الليبية، والتي أضافت رصيدًا جديدًا للثورات الشعبية العربية، وهو على ثقة من قدرة الشعب الليبي على بناء مستقبله الذي ينشده، والحفاظ على وحدة واستقرار واستقلال ليبيا، وحماية مقدرات وثروات الشعب الليبي التي أهدرها القذافي خلال أربعين سنة.
ويؤكد الحزب أن النظام في سوريا واليمن قد فقدا شرعيتهما بالكامل، بل لم يعد لهما وجود، إلا الوجود الأمني العسكري، لذا يحيي الحزب ثورة الشعبين السوري واليمني، واثقًا في أن انتصار ثورتهما قد أصبح مسألة وقت، ويطالب الحزب جامعة الدول العربية أن تتبنى مطالب الشعوب وتدافع عنها، فكل مؤسسة أو نظام حكم يفصل نفسه عن مطالب الشعوب لن يكون له مكان في المستقبل، فالمنطقة العربية تغيرت، وعجلة التاريخ لن تعود للوراء، ولن تتوقف عن الدوران.
عن الدولة الفلسطينية
يرى الحزب أن التوجه للأمم المتحدة لقبول عضوية دولة فلسطين في المنظمة الدولية ليس حلاًّ للمشكلة الفلسطينية، وقد لا يكون بداية الحل، ولكن الشعب الفلسطيني من حقِّه اتخاذ كل الخطوات الممكنة لتحريك قضيته، والتي يصمت عليها العالم؛ بسبب الدعم الغربي غير المحدود للاحتلال الإسرائيلي، لذا يرى الحزب أن موقف الإدارة الأمريكية الرافض لقبول عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة والذي يهدد باستخدام الفيتو في مجلس الأمن ويمارس كافة الضغوط على السلطة الفلسطينية، يمثل استمرارًا للسياسات العدوانية للإدارات الأمريكية المتعاقبة تجاه الدول العربية والإسلامية، ويرى الحزب أن الولايات المتحدة ما زالت ترتكب نفس أخطاء الماضي، بانحيازها الأعمى للاحتلال الإسرائيلي، وتغاضيها عن مصالح الشعوب العربية والإسلامية، وما زالت غير قادرة على بناء علاقات تقوم على الاحترام المتبادل مع شعوب المنطقة العربية والإسلامية؛ مما يعرض المصالح الأمريكية للخطر، فإذا كانت الولايات المتحدة تظن أن الدفاع الأعمى عن الاحتلال الإسرائيلي يحمي مصالحها في المنطقة، فقد بات من المهم أن تعرف أن هذا الانحياز هو الذي يعرض مصالحها في المنطقة للخطر، وأن انحيازها للشعوب العربية والإسلامية هو السبيل الوحيد لحماية مصالحها، وعلى الإدارة الأمريكية أن تعي تلك الحقيقة قبل أن تتورط أكثر في سلوك عدائي تجاه المنطقة العربية والإسلامية، وتجد نفسها في مواجهة شعوب المنطقة، والتي أصبحت هي العامل الرئيسي في تحديد توجهات المنطقة، منذ لحطة تفجر الثورات العربية.
ساحة النقاش