مآسي متكررة بالصومال في ظل صمت عربي ودولي |
||||||
- العالم: لو كانت المجاعة في قارة أخرى لكانت هناك حملات قوية - عوض: ما يحدث في الصومال وصمة عار في جبين كل الإعلاميين - الغضبان: الحل في تطهير المؤسسات الإعلامية من فلول الفكر البائد
تحقيق: أحمد هزاع يمر الشعب الصومالي بكارثةٍ لم تتكرر في تاريخ الصومال منذ عقودٍ طويلة، وكل يوم تسير الأمور من سيئ إلى أسوأ، ويزداد عدد الضحايا سواء من الأموات أو النازحين البالغ عددهم 40 ألف يُضاف إليهم 1500 نازح يوميًّا، فضلاً عن انتشار الأوبئة والأمراض في أجزاء كبيرة من الصومال.
كارثة الصومال تستدعي استنفارًا عربيًّا وإسلاميًّا قبل أن يكون استنفارًا عالميًّا لتقديم يد العون لملايين البشر الذين شردتهم قسوة الطبيعة وعنف الحرب الأهلية خارج قراهم ومراعيهم؛ ولذلك تبدو خطوة "أيام العطاء" التي أطلقتها منظمة التعاون الإسلامي قبل أيام أقل من المتوقع؛ نظرًا لهول الكارثة التي تستدعي مبادرة عربية إسلامية لإنقاذ هؤلاء المشردين المنكوبين والبدء الفوري بتشكيل الفرق الطبية الإغاثية، والقيام بحملات جمع التبرعات المالية والعينية لإيصالها إلى مخيمات اللاجئين في العاصمة الصومالية مقديشو، وفي دول الجوار مثل كينيا وإثيوبيا.
ويحتاج هذا المجهود الخيري إلى جهد إعلامي مماثل من قِبل المؤسسات الإعلامية العربية والإسلامية، التي تنفق المليارات على إذاعة مواد باهتة وتُسخِّر إمكانياتها لتلميع صور الأنظمة الحاكمة لها، إلى جانب الاهتمام الإعلامي غير العادي بالأحداث الأمريكية والأوروبية، خاصةً ما يحدث في لندن العاصمة الإنجليزية، تاركة ما يحدث لشعب الصومال خلف ظهورها.
بل إن المواد الإعلامية التي تناولت هذه الكارثة جنحت جنوحًا سياسيًّا تمثل بانشغال الكثير بهزيمة المتشددين أو انتصار المعتدلين على حساب هول الكارثة الإنسانية التي تعد واحدةً من أسوأ الكوارث الطبيعية والإنسانية في هذا القرن، وهو ما يفضح ازدواجية المعايير لدى هذه الوسائل الإعلامية ونفعيتها، التي لا تنظر إلى أي أزمةٍ في العالم إلا من خلال معايير أمنها الوطني، والمقصود هنا موضوع التشدد والتطرف الذي بات هاجسًا يقضُّ مضاجع العالم الغربي.
ولكن قبل أن نسأل عن غياب التغطية الإعلامية العالمية اللائقة للحدث الصومالي لا بد أن نسأل عن غياب التغطية العربية والإسلامية التي لا ترقى إلى مستوى هذه الكارثة التي حلَّت ببلدٍ عربي ومسلم شقيق، يفترض أنه عضو في منظمة التعاون الإسلامية وفي جامعة الدول العربية.
(إخوان أون لاين) يناقش التغطية الإعلامية للأزمة الصومالية وسبل النهوض بالمستوى الإعلامي العربي والإسلامي وكيفية قيام الإعلاميين بدورهم نحو أمتهم وتجاه شعوبهم العربية في سطور التحقيق التالي:
تغطية باهتة
ويضيف أن الإعلام العربي ما زالت تتحكم فيه الأهواء وتسيطر عليه بعض القوى التي لا يعنيها ما تمر به الأمة العربية والإسلامية من محن وإنما كل ما يهمها هو تغطية المؤتمرات والندوات الباهتة التي لا ترقى بأي حالٍ إلى نقل الصورة الحقيقية من أرض الواقع إلى المسلمين والعرب.
ويرى أن الأوضاع في الصومال لا تحتمل السكوت ولا تحتاج منا أن نقف مكتوفي الأيدي منتظرين الفرج من الغرب أو العطف علينا من جانب بعض المنظمات الدولية، ولكنه يجب علينا نحن المسلمين أن نبذل قصارى الجهد للقضاء على المجاعة، داعيًا الجميع للعمل كل من خلال موقعه، فالطبيب يتطوع ليذهب ليعالج الأمراض والأوبئة المنتشرة هناك ورجل الأعمال يتبرع بماله ليقضي على الفقر، ولن يتبرع رجل الأعمال ولن يذهب الطبيب إلى هناك إلا من خلال مادة إعلامية قوية ونقل الصورة بطريقةٍ تُثير الحس الإنساني والإسلامي لتصل الصورة إلى كل فردٍ مسلم في أنحاء العالم ليرى إخوانه ومدى الذل الذي يعانون منه فيضطرون إلى الإسراع في مساعدة إخوانهم الصوماليين وتقديم يد العون لهم.
ويستطرد أن الإعلام العربي في شهر رمضان يهتم بكل ما هو تافه من مسلسلات باهتة ووضع مُزرٍ ويُكرِّس إمكانياته لتقديم مادة إعلامية باهتة، قائلاً: إنه من المفترض في هذا الشهر العظيم أن يسعى الإعلاميون العرب والمسلمون إلى نبذ الفرقة بين البلدان الإسلامية وتحقيق الوحدة التي هي من صفات الشهر الكريم، ونقل الصورة الحية من الصومال البلد الإسلامي الجريح إلى البلدان الإسلامية الأخرى للقضاء على هذه الأوضاع سريعًا من خلال الحث الإعلامي النشط، مؤكدًا أنه في هذا الوقت بالتحديد والصعاب التي تمرُّ بها الأمة تكون وسائل الإعلام أمام اختبار حقيقي، ففي تلك الأوقات من الطبيعي أن يزداد اعتماد المتلقي العربي عليها وإعادة الثقة بها بدلاً من الاعتماد على وسائل الإعلام الأجنبية.
رؤية قاتمة
ويضيف أن الأحداث الداخلية رغم أهميتها الواضحة، خاصةً في هذه الفترة التي تمر بها مصر ليست حجةً لغض الطرف عن إبراز القضية الصومالية وما تمر به من أحداث لا يمكن التغاضي عنها إعلاميًّا.
ويري أن الإعلام العربي يعطي اهتمامًا بالغًا للقضايا الأمريكية والأوربية ويترك الأحداث التي تجري في الدول العربية الشقيقة والدول الإفريقية والأسيوية الفقيرة قائلاً: إنه لو حدث ومات طفل رضيع في أمريكا أو في دولة أوروبية لأبرزت وسائل الإعلام العربية الخبر في أولى نشراتها بينما لو مات الآلاف من أي دولة عربية مثلما يحدث في الصومال ما اهتمت به وكأن شيئًا لم يكن، واصفًا التناول الإعلامي العربي لأزمة الصومال بالباهت وغير المهني.
ويقول إن الرأي العام المصري والعربي مغيب تمامًا عما يحدث في الصومال لانشغاله التام بأحداث الربيع العربي فضلاً عن عدم إبراز القضية بصورة فعالة إعلاميًّا وعدم تناسب المادة الإعلامية مع تطورات الأحداث هناك.
الإعلام
ويتابع الغضبان أن أجهزة الإعلام العربي وفي مقدمتها المصرية يجب تطهيرها من رجال النظام السابق الذين ينافقون رجال السلطة فقط وما زالوا لا يهتمون بمشاكل المواطن ولا يذكرون أزمات المواطن العربي إلا عندما تقدم الدولة قافلة مساعدات للدولة المنكوبة لإبراز العطف المزيف من قبل تلك الدولة.
ويصف الإعلام الدولي بأنه مستقل ويعالج القضايا بأسلوب حيادي، مضيفًا أن الصومال تعد دولة عربية إسلامية ينبغي الاهتمام بها من قبل رجال الإعلام العرب الذين يمثلون حلقة الوصل بين العرب ونقل مشكلاتهم من دولة إلى دولة.
وهو يطالب القائمين على الصحف والقنوات الفضائية العربية بزيادة الاهتمام بالقضايا التي تمر بها الأمة وفي مقدمتها الأزمة الصومالية الحالية وتقديم يد العون لها ونشر القضية بين الرأي العام لمساعدتهم وإخراجهم من أزمتهم بأسرع وقت.
وصمة عار ويصف الدكتور محمد عوض أستاذ الإعلام بجامعة الزقازيق ما يحدث في الصومال بأنه وصمة عار في جبين الإنسانية، مضيفًا أنه ليس مقبولاً على أي صعيد ووفق أي معيار من معايير البشرية أن يغض المجتمع الدولي النظر عن هذه الكارثة التي أجبرت الكثير من الأمهات على التخلي مكرهات عن فلذات أكبادهن على دروب التشرد نحو مخيمات اللجوء البعيدة، ووسط تجاهل إعلامي عربي سواء كان رسميًّا أو خاصًّا.
ويتساءل مستنكرًا متى سيدرك الإعلام العربي والإسلامي أننا أمة أهم مبادئها التراحم؟ خاصة في هذه الأيام المباركة من شهر رمضان الكريم شهر الخير والعطاء والأخوة ونبذ الفرقة التي زرعها فينا الاحتلال منذ قرون.
ويبين أن غياب التنسيق بين وسائل الإعلام العربي والمنافسة الباهتة فيما بينها أدت إلى تخبط المتلقي العربي وتشويه الحقائق وتقديم تغطيات مجتزأة لا تنقل الصورة بشكلها الأوسع، فوسائل الإعلام يجب أن تكون مرآة للحقيقة لدى المشاهد العربي فهي عين المشاهد الثالثة التي يجب أن تنقل الحدث وتفسره كما هو وأن يكون ولاؤها الأول والأخير له خاصة في الأزمات التي تمر بها الأمة وفي مقدمتها أزمة الصومال. |
ساحة النقاش