مهمة بالغة الصعوبة يقف أمامها علماء الفلك وأهل الرؤية والشرع الليلة (الاثنين) في الدول الإسلامية لا سيما في السعودية ومصر لتحديد بداية العيد.. غدا الثلاثاء 30 أغسطس أو الأربعاء.
فالمعطيات العلمية والفلكية والشرعية مختلفة حول هذا الأمر إلى حد كبير.. ومن ثم فحسم القضية لن يستطيعه أهل الفلك أو أهل الرؤية قبل صدور بيان من الجهات المختصة بهذا الأمر في الدول الإسلامية، وعلى رأسها المحكمة العليا في السعودية التي يشير تقويم أم القرى فيها إلى أن الاثنين هو المتمم لشهر رمضان والثلاثاء الأول من شوال، وهذا التقويم قائم على الحساب الفلكي.
وهنا يقول رئيس الجمعية الفلكية بجدة المهندس ماجد أبو زاهرة إن السعودية ستكون أمام خيارين.. أن تكون بداية شهر شوال يوم الثلاثاء 30 أغسطس وهذا سيكون وفق الحساب الفلكي نظرا لغروب القمر بعد غروب الشمس بدون إمكانية رؤيته سواء بالعين المجردة أو التلسكوب، والثاني أن تكون بداية شهر شوال يوم الأربعاء وهذا سيكون وفق الرؤية الشرعية الصحيحة، حيث إن القرار الفصل والنهائي في هذا الموضوع سيكون في المحكمة العليا نظرا لأنها هي الجهة المخولة نظاما باثبات الأشهر القمرية في السعودية.
تقويم أم القرى والرؤية البصرية
يثور تساؤل عن قيمة ما تمثله التقويمات الفلكية كتقويم أم القرى وغيره..
يقول الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية إن الحساب الفلكي (القطعي) لايعارض الرؤية الصحيحة، وهناك قرار صدر من مجمع البحوث الاسلامية عام1964 في أحد المؤتمرات الفقهية كمؤتمر جدة بالاستئناس بالحسابات الفلكية القطعية، فإذا نفى الحساب القطعي طلوع الهلال فلا عبرة بقول من يدعيه، وإذ لم ينفه فالاعتماد حينئذ علي الرؤية البصرية في إثبات طلوعه من عدمه.
وأضاف أن "دار الافتاء تسير حاليا وفق خطة أظن أنها أرشد الخطط في هذا الأمر، فتستعين بالرؤية البصرية سواء كانت هذه الروية بالعين المجردة أو التي تعتمد علي استخدام المراصد والآلات الدقيقة بالاضافة إلي الحساب الفلكي( القطعي)".
ويقول الباحث الفلكي عبدالعزيز الشمري عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك إن تقويم أم القرى الذي يعده المركز الوطني للفلك بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، موضوع على أساس أنه لو غرب القمر بعد غروب الشمس ولو بدقيقة واحدة يكون اليوم التالي أول الشهر الجديد بشرط أن يكون الاقتران حصل قبل الغروب.
وتوقع أن يكون الأربعاء 31 أغسطس/آب أول أيام عيد الفطر المبارك حسب الرؤية، و الثلاثاء 30 آب (أغسطس) للحسابات الفلكية، مشيراً إلى أن العالم الإسلامي سيختلف في رؤية الهلال بين هذين اليومين.
وأوضح عبد العزيز الشمري إن علماء الفلك الآن مجمعون على أن لحظة الاقتران لهلال شهر شوال (عيد رمضان )، سوف تكون يوم الإثنين 29 رمضان 1432هـ (حسب تقويم أم القرى) الموافق 29 أغسطس /آب 2011م في تمام الساعة الثالثة وأربع دقائق فجرا (حسب توقيت غرينتش)، أي في تمام الساعة السادسة وأربع دقائق حسب توقيت المملكة صباحا، وعليه تؤكد الحسابات الفلكية أن القمر سوف يغرب بعد غروب الشمس في مساء يوم الإثنين 29 رمضان.
باحث فلكي: الحساب العامي يشوش على شهود الرؤية
واستطرد الشمري بأنه حسب الشريعة الإسلامية لابد أن تتم الرؤية وليس الاعتماد على الحساب، وبالتالي ففلكيا فإن الرؤية مستحيلة مساء اليوم الثلاثاء لأن القمر يغرب قبل غروب الشمس في الرياض وبعد غروبها بدقيقتين في مكة المكرمة ويكون ارتفاعه لحظة الغروب ربع درجة فقط وبالتالي فانه من المستحيل علميا وفلكيا رؤية الهلال سواء بالعين المجردة أو بأي وسيلة أخرى في الجزيرة العربية نظرا لقرب القمر من الأفق لحظة غروب الشمس.
وأشار إلى أن هناك اجماعا بجميع المراكز العلمية الفلكية على أن القمر يغرب بعد غروب الشمس بدقيقتين في مكة ويكون ارتفاعه ربع درجة فقط، ومن بينها المركز الوطني للفلك بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وقسم الفلك في جامعة الملك عبدالعزيز وقسم الفلك بجامعة الملك سعود وغيرها من المراكز العلمية في المملكة.
ويضيف أن بعض الناس يعتمدون على الحساب العامي الذي كان موجودا قبل الأجهزة الحديثة، وهو حساب غير صحيح، ويشوش على بعض شهود الرؤية، ناصحا في هذا الشأن بالرجوع إلى المراكز الفلكية المعترف بها. ويذكر بقول الشيخ أحمد بن تيمية في القرن الثامن الهجري بالمجلد 25 صفحة 186 إن الهلال إذا كان على درجة واحدة فأقل بعد الغروب فأنه لا يمكن رؤيته وأيده في ذلك جميع المراكز الفلكية.
وحسب جريدة "الرياض" أصدرت مجموعة "تحري" المكونة من عدد من الجمعيات والمراصد الفلكية بيانا يوضح مواعيد غروب القمر والشمس لتحري رؤية هلال شهر شوال، خلصت منه إلى أن رؤية القمر بالعين المجردة ستكون غير ممكنة حسب أفق مكة المكرمة، وفي جدول لمواقيت غروب القمر والشمس في عدد من مدن المملكة تبين أن أطول فترة مكوث للقمر بعد غروب الشمس هو 6 دقائق في عدد من مدن جنوب المملكة، في حين يغرب القمر قبل الشمس في الدمام ويغرب مع غروب الشمس في مدينة بريدة .
وتؤكد الجمعية الفلكية بجدة تعذر رؤية هلال شوال اليوم الاثنين لأن القمر سيكون مقترنا فلكيا مع الشمس فيما يسمى "المحاق" وأنه وفقا للخصائص الفلكية لشروط الرؤية الشرعية فإن الرؤية ستكون غير ممكنة في كافة مناطق السعودية وجميع العالم العربي سواء بالعين المجردة أو من خلال التلسكوب.
وأوضح المهندس ماجد أبو زاهرة رئيس الجميعةأن القمر سيكون موجودا غير أن خصائصه الفلكية من حيث ارتفاعه فوق الأفق وعمر الهلال واضاءته ومدة مكوثه التي لا تتجاوز في جدة 4 دقائق وغروبه قبل غروب الشمس في المنطقة الشرقية، وغروبه مع غروب الشمس في الوسطى، وبعد غروب الشمس بفترة وجيزة جدا في المنطقة الغربية والجنوبية التي تتراوح بين 3 إلى 6 دقائق ستجعل رؤيته متعذرة.
ونقلت عنه جريدة "عكاظ" أن تحري رؤية هلال العيد لهذا العام سيكون اختبارا حقيقيا، لأن العوامل الفلكية التي تحدد مدى إمكانية رؤيته الهلال بالعين المجردة والتلسكوب تشير إلى أنها ستكون مهمة في غاية الصعوبة.
وأشار إلى أهمية القيام بالتحري من أجل الربط بين الشرع والعلم استنادا إلى قوله عليه الصلاة والسلام "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة الشهر ثلاثين يوما".
جدير بالذكر أن الرؤية بالمناظير وسيلة اعتمدتها المحكمة العليا في السعودية وتؤكد عليها من خلال دعواتها في الأشهر والسنوات السابقة التي تدعو لتحري الهلال حيث تطلب ممن يرى الهلال بالعين المجردة أو بواسطة المناظير أن يسجل شهادته لأقرب محكمة.
باحث فلكي: الرؤية ممكنة
وذكر الباحث الفلكي الكويتي عادل المرزوق ان رؤية هلال عيد الفطر ستكون ممكنة بالعين المجردة مساء الثلاثين من شهر اغسطس، مؤكدا سيادة القاعدة الشرعية على ما عداها في الشأن المتعلق بالرؤية سواء في الاستهلال لبدء الصيام أو تحديد موعد اليوم الأول للعيد.
وقال ان الحسابات الفلكية لا تتقدم على القاعدة الشرعية التي يرجع اليها في اتخاذ القرار المتعلق ببدء الصيام او تحديد يوم العيد. وحسب تصريحات نقلتها عنه في وقت سابق صحيفة "الآن" الكويتية فأن الحساب الفلكي يعطي مؤشرات دلالية غير ملزمة في التطبيق ولايمكن الاعتداد بها لأن القول الفصل يظل بيد الشرع.
وأوضح أن موعد صلاة فجر يوم الاثنين 29 من رمضان 1432 وهو اليوم الأخير من أيام الصيام سيكون في الرابعة فجرا و دقيقتين و مدة النهار (12.48) ساعة إذ سيحين موعد الغروب في السادسة وثلاثة عشر دقيقة مساء، وسوف تكون مدة شهر الصيام هذا العام (29) يوما ويولد شهر شوال في يوم الاثنين 29 من رمضان المبارك في تمام الساعة (6.04) صباحا وأن أول ايام عيد الفطر المبارك هو يوم الثلاثاء الموافق 30/8/2011 وسوف تقام صلاة العيد في تمام الساعة (5.40) صباحا حسب توقيت مدينة الكويت
قال إن رؤية هلال العيد ربما سوف تكون متاحة في اغلب دول المنطقة مالم يتعارض ذلك مع حالة الطقس، إذ أن الشمس ستغيب في الاثنين 29 من رمضان في الساعة (6.14) السادسة وأربعة عشر دقيقة مساء بعد ثلاث دقائق وستة وعشرون ثانية من مغيب الهلال الذي سيكون عمره وقت مغيبه 12 ساعة وسبع دقائق.
وقال الفلكي وخبير الاجواء الكويتي عيسى رمضان إنه وفق الحسابات الفلكية، أول شوال سيكون غدا، لكن من الصعب رؤية الهلال بسبب اختلاف الافق، حيث إن بلدان أمريكا اللاتينية وباعتبار موقعها الجغرافي جنوبا فأهلها الاقدر على رؤية الهلال، وأضاف أن "رؤية هلال شوال قد تتعذر ايضا بسبب الغبار وتغير الجو رغم أن بعض العارفين في الكويت قادرون على تحديد موقع الهلال، ففلكيا قد ندخل في الشهر الجديد لكن الرؤية ستصبح متعذرة.
مفتي مصر: الأمر غير محسوم
وفي مصر تستطلع دار الافتاء الهلال مساء اليوم بالتعاون مع المرصد الفلكي بحلوان وهيئة المساحة ومندوبي وزارة الأوقاف بالمحافظات التي سيجري من خلالها الاستطلاع وهي أسوان وقنا ومرسي مطروح و6 أكتوبر والطور والقطامية وحلوان.
وتؤكد بعض الحسابات الفلكية أن الهلال سيولد في الخامسة والدقيقة الرابعة صباحا بتوقيت القاهرة، ويغرب قبل غروب الشمس في بعض الدول العربية والاسلامية بمدد تتراوح بين دقيقة و10 دقائق، ويغرب في البعض الآخر من الدول العربية والاسلامية بعد غروب الشمس بمدد مكث بين دقيقة و18 دقيقة، وفي الدول الغربية بين دقيقتين و56 دقيقة.
وبسبب تلك المعطيات يقول الدكتور علي جمعة مفتي مصر أن الأمر غير محسوم وأن دار الافتاء تعتمد عدة وسائل لرؤية الهلال، مشيرا إلى أن دار الافتاء استعدت لإعلان نتيجة الرؤية في احتفال سيقام الليلة (الاثنين) بهذه المناسبة.
الحسابات الفلكية المصرية: العيد الثلاثاء
ويقول المهندس محمد عبداللطيف رئيس هيئة المساحة بمصر إن الحسابات الفلكية تؤكد أن الهلال سيولد في السادسة والدقيقة الخامسة صباحا يوم الاثنين الموافق29 رمضان1432 هـ بتوقيت القاهرة، وفي هذا اليوم يغرب الهلال الجديد بعد غروب الشمس في جميع المدن المصرية وعدد من الدول العربية بمدد مكث تصل إلي أربع دقائق في أسوان وحلايب والجزائر ومكة المكرمة، وبذلك يمكن رؤيته ورصد الهلال، ويكون الثلاثاء أول أيام شهر شوال الموافق30 أغسطس لعام2011 وعدد أيامه30 يوما.
وأضاف أن الهيئة استعدت بتشكيل سبع لجان لمتابعة رصد الهلال بالمحافظات التي اختيرت لهذا الغرض وذلك بالتعاون مع مندوبي وزارة الأوقاف ومرصد حلوان، مشيرا إلي أنه سيتم تجهيز هذه اللجان بأحدث الأجهزة والآلات الدقيقة والخرائط التي توضح عملية الرصد.
رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية: صعوبة بالغة
وعلي عكس رئيس هيئة المساحة فقد ذكر الدكتورحاتم عودة رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية أن رؤية الهلال غير مؤكدة في ذلك اليوم الاثنين وتكتنفها صعوبة بالغة في أي من هذه البلدان التي يغرب فيها القمر بعد غروب الشمس، مشيرا إلي أن الاستطلاع سيتم بمعرفة اللجان الشرعية وسيتم ابلاغ نتائج الرؤية أولا بأول لفضيلة المفتي.
وأعلن المعهد القومى للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية المصري، بأن أول أيام عيد الفطر المبارك (غرة شهر شوال) سيوافق فلكيا يوم الأربعاء 31 أغسطس الجارى.
وقال "إن الحسابات الفلكية التى اجرين أشارت إلى أن هلال شهر شوال للعام الهجرى الحالى 1432 سيولد فى الساعة 5 و4 دقائق صباح يوم الاثنين الموافق 29 من شهرى رمضان وأغسطس يوم الرؤية"، ويغرب قبل غروب شمس، ذلك اليوم فى الغالبية العظمى من العواصم العربية والإسلامية بمدد تتراوح ما بين دقيقة وعشر دقائق".
وأضاف أنه بناء على ذلك، فإنه لا يمكن رصد الهلال وبذلك يكون يوم الثلاثاء 30 أغسطس هو المتمم لشهر رمضان الحالى، وتكون غرة شهر شوال يوم الأربعاء 31 أغسطس حسابيا.
ساحة النقاش