تعلمون ما يعيشه الشعب الصومالي من مجاعة شديدة وكوارث كبيرة، فهل يجوز أن ننقل زكاة الفطر من بلادنا إليهم؟

 

يجيب الدكتور عماد مصطفى، مدرس الفقه وأصوله بجامعتي الأزهر وأم القرى، بالقول :

 

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

 

مما اختصت به زكاة الفطر أنها متعلقة بعيد الفطر، ولذلك اتفق المسلمون على أن زكاة الفطر تجب بالفطر من رمضان، وإن اختلفوا في تحديد وقت الوجوب، فقال الشافعي وأحمد وإسحاق والثوري -ومالك في رواية: تجب بغروب الشمس من آخر يوم من رمضان؛ لأنها وجبت طهرة للصائم، والصوم ينتهي بالغروب فتجب به الزكاة.

 

وقال أبو حنيفة وأصحابه والليث وأبو ثور ومالك -في إحدى روايتيه-: تجب بطلوع الفجر من يوم العيد؛ لأنها قربة تتعلق بيوم العيد، فلم يتقدم وجوبها يوم العيد، كالأضحية يوم الأضحى.

 

والظاهر أنها اختصت بعيد الفطر محاربة للفقر في هذا اليوم، وليجد المسلمون يوم عيدهم ما يغنيهم عن السؤال حتى لا تفسد فرحتهم بالجوع وتكفف الناس، فالعيد يوم فرح وسرور عام، فينبغي تعميم السرور على كل أبناء المجتمع المسلم، ولن يفرح المسكين ويسر إذا رأى الموسرين والقادرين يأكلون ما لذ وطاب وهو لا يجد قوت يومه في يوم عيد المسلمين.

 

فاقتضت حكمة الشارع أن يفرض له في هذا اليوم ما يغنيه عن الحاجة وذل السؤال، ويشعره بأن المجتمع لم يهمل أمره، ولم ينسه في أيام سروره وبهجته، ولهذا ورد في الحديث: (أغنوهم في هذا اليوم).

 

ولذلك وجدنا من الفقهاء من يقصر مصارفها على الفقراء دون غيرهم من بقية المحاويج كما هو مذهب المالكية، وأحد القولين عند أحمد، ورجحه ابن القيم، وشيخ الإسلام ابن تيمية.

 

جاء في الشرح الكبير بحاشية الدسوقي: (1/508-509): "إنما تُصرف للفقراء والمساكين، ولا تُصرف لعامل عليها ولا لمؤلف قلبه، ولا في الرقاب، ولا لغارم ولا لمجاهد ولا لابن سبيل يتوصل بها لبلده، بل لا تعطى إلا بوصف الفقر، وإذا لم يوجد في بلدها فقراء نقلت لأقرب بلد فيها ذلك بأجرة من المزكي لا منها، لئلا ينقص الصاع" وقد استوجه الشيخ القرضاوي في فقه الزكاة هذا الاجتهاد إلا أنه وسعه فقال "ومع وجاهة هذا القول، وتمشيه مع طبيعة زكاة الفطر، وهدفها الأساسي فأرى ألا نسد الباب بالكلية ونمنع جواز استخدامها في المصارف الأخرى عند الحاجة".

 

وإذا كان الأمر كذلك، فإخواننا في الصومال مثال صارخ على الفقر والجوع، فالجوع يتهددهم، والموت به يتخطفهم، وفقراء كل بلد لم يبلغ فقرهم ما بلغ بهم ، فتكون صرف زكاة الفطر إليهم أولى من صرفها إلى غيرهم ممن لم يبلغ مبلغهم، وقد أفتى المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث بجواز نقل الزكاة عند حدوث الكوارث والنكبات، فجاء في دورته العشرين:

 

قرار (5/20 ) حول دفع الزكاة خارج بلد المزكي:

اطلع المجلس على موضوع (دفع زكاة المال خارج بلد المزكي)، وبعد الدراسة والمناقشة قرر ما يلي:

يؤكد المجلس على فتواه السابقة في دورته (الحادية عشرة) على أن الأصل صرف أموال الزكاة في بلد المال المزكى، ما لم يدع إلى نقلها إيصالها إلى المحتاجين من أقارب المزكي، أو إغاثة المنكوبين عند وقوع الكوارث، أو الحاجات الشديدة.

 

والله أعلم.

........................................

المصدر: إسلام أون لاين

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 29 مشاهدة
نشرت فى 19 أغسطس 2011 بواسطة BADRFOUDA

ساحة النقاش

ابو استشهاد

BADRFOUDA
ندعوا الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والى تكوين الفرد المسلم والاسرة المسلمة والمجتمع المسلم والى الحكومة المسلمة والى الدولة المسلمة والخلافة الاسلامية والى استاذية العالم »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

121,599