محمد عبده إبراهيم.. شهيد "موقعة الجمل"
شاب من خيرة أبناء مصر، ضحَّى بنفسه من أجل أن تنعم بلاده بحريتها، في ثورة شعبية ضد الظلم والفساد والقهر والاستبداد، هو محمد عبده إبراهيم بدوي، ابن قرية منشية سلامة- مركز الرياض بمحافظة كفر الشيخ، يبلغ من العمر 21 عامًا، من مواليد عام 1990م، كان طالبًا في السنة الأخيرة في معهد التعاون الزراعي بشبرا، عُرف بتفوقه حيث كان مداومًا على الحصول على تقدير "جيد جدًّا" طوال السنوات الثلاث الماضية.
أُصيب شهيد كفر الشيخ برصاصة في يوم موقعة الجمل، وظلَّ على إثرها طريح الفراش واستشهد بعدها بما يقارب الشهر، وشهدت جنازته حضور الآلاف من أبناء القرية، يتقدمهم قيادات جماعة الإخوان المسلمين بمحافظة كفر الشيخ.
تقول والدة الشهيد "محمد" لـ(إخوان أون لاين): "محمد ما كانش فيه حد في الدنيا زيه"، فكان عارفًا بالله، وكان يسعى للتقرب منه في كل الأوقات والأفعال، كما كان يداوم على الصيام في أيام غير رمضان، وكان يصوم العشر الأوائل من ذي الحجة، ويداوم على اتباع جميع السنن المستحبة أيضًا.
"توقفت لوهلة عن الحديث ثم انهمرت عيناها بالدموع"، كان هذا حالها حينما سألناها عن بره لها، وبدأت في تعديد صفاته التي تعكس علاقتها به قائلة: "كان محمد خير الابن، كان حنين عليا، وكان كلما رآني قبّل يدي باستمرار، وأثناء وجوده في القاهرة للدراسة كان دائمًا يتصل بي للاطمئنان عليّ ويتابع مطالبي".
وتضيف والدة الشهيد أنه في رمضان كان يحرص على المكوث طويلاً في المسجد وقراءة القرآن الكريم ومخالطة الناس ودعوتهم إلى "سكة ربنا"، وكان يقوم قبل صلاة الفجر حتى يتهيأ للسحور، وكان يتعمَّد تأخيره أسوة بالنبي صلى الله عليه وسلم، ويقوم ليصلي الفجر وبعدها يمكث في المسجد مع الأصدقاء؛ ليقيموا مقرأة للقرآن ويتدارسوه فيما بينهم.
ويوضح "أحمد فتوح" المسئول التربوي للشهيد: أنه كان شابًّا طيبًا خلوقًا إلى أبعد الحدود، وكان ملتزمًا بكلِّ واجباته الدينية والتربوية، كما كان محافظًا على وِرده الدعوي؛ حيث كان داعيًا إلى الله بحق.
ويضيف أن محمد لطالما كان له سمت طيب وقور يسُر الناظرين إليه، كما كان حافظًا لأجزاء كثيرة من القرآن الكريم ومرددًا لها، وكان محافظًا على الوِرد القرآني بشده ولم يكن يقبل بالتهاون فيه، ويصفه فتوح أنه كان أيضًا شابًّا رمضانيًّا، فقد كان يداوم على المكوث في المسجد يقرأ القرآن محاولاً ختمه لأكثر من مرة، كما كان يشهد له الكثير من المواقف خاصة في الاعتكاف؛ فقد كان يعتكف الـ10 الأواخر من شهر رمضان يجلس فيها واهبًا نفسه للعبادة والاستغفار، كما كان في الأيام العادية من مرتادي المساجد لصلاة الجماعة.
ويقول: إن محمد كان بطبيعته شخصًا خجولاً ويمتاز بالحياء، فلم نشهد يومًا أنه قام بفعل يشينه أو يقلل من خلقه وحيائه في نظر الناس، ويوضح أن الشهيد محمد كان شديد البر بوالديه، فعلى الرغم من دراسته في القاهرة فإنه كان يعمل بأحد محال المشويات؛ حتى يخفف من الأعباء المادية على والديه.
موقف آخر يدل على مدى برِّ الشهيد بوالديه؛ حيث يقول "فتوح": "كنا ندعوه إلى الكثير من حفلات الإفطار؛ إلا أنه كان يفضل الإفطار مع والديه حتى لا يفطروا بمفردهم وكنا نتفهم رغبته في هذا"، مشيرًا إلى أنه جرى تسكين الشهيد محمد في مجموعة تربوية وهو في الصف الثالث الإعدادي وظل مرافقًا للإخوان حتى استشهاده.
ويؤكد كلامه "عبد الله" ابن خال الشهيد؛ حيث يقول: إن محمد كان هادئًا بطبعه حتى إننا لم نكن لنشعر به بيننا إلا حينما يغيب، ولم يكن ثرثارًا أو كثير الضوضاء، كما كان يحاول أن يكون حاصدًا لأكبر قدر من الطاعات خلال الشهر الكريم.
ويضيف أنه كان معنا في تهيئة القرية لرمضان قبل الشهر بأسبوع، كما كان يهيئ نفسه للشهر أيضًا، فكان يختم القرآن مرتين أو ثلاث في الشهر الكريم، وأيضًا كان له برنامج محدد في رمضان يسير عليه، فقد كان يقوم بالتسحر قبل الفجر ويذهب بعدها للصلاة، وبعدها يجلس للمقرأة ويقرأ الأذكار ثم يجلس للضحى ليصليها وبعدها يخرج من المسجد، ويعود قبل المغرب؛ ليقرأ القرآن ويقرأ الأذكار ويفطر على بضع تمرات ثم يذهب إلى المسجد ليصلي، ويعود إلى المنزل ليعود لصلاة العشاء والتراويح.
ويؤكد عبد الله أن محمد كان كثير البر بوالديه؛ وخاصة أمه، فكان يساعدها في أعمال المنزل على الرغم من وجود 5 إخوة غيره، فكان يقوم بالتنظيف وغسل الصحون ومساعدتها في إعداد الطعام، كما كان يساعدها في أعمال الخبز، وهو ما جعله أحب إخوته إلى قلب أبيه وأمه، كما أنه كان شخصًا غير عدائي ومحبوبًا بين الناس، وكان كل شباب القرية يحبون صداقته وصحبته
ساحة النقاش