من أغرب ما قرأت من تعليقات على «الفيس بوك» بعد إعلان نبأ القبض على الجاسوس الإسرائيلى بالقاهرة، هو أن ذلك يؤكد أن أيادى أجنبية كانت تعبث فى ميدان التحرير.

يضيف التعليق أنه وبعد القبض على الدبلوماسى الإيرانى قبل أسبوعين بتهمة التجسس أيضا ــ قبل ترحيله إلى طهران ــ فإن ذلك يؤكد أن الشباب لم يكونوا وحدهم فى ميدان التحرير.

صاحب التعليق ليس مواطنا عاديا، بل هو صحفى كبير ويفترض أنه واسع الاطلاع. ورغم ذلك لف ودار كثيرا فى تعليقه ليحاول الإيحاء بأن الإسرائيليين والإيرانيين كانوا سندا للثورة المصرية، وبالاستنتاج المعكوس يصبح مبارك والكاتب أيضا وبالتالى مصر ضحية لمؤامرة إسرائيلية إيرانية أمريكية قطرية.
ما يريده أصحاب هذه الفكرة هو التأكيد على أن ما حدث لم يكن بسبب ثورة الشعب على الفساد والاستبداد بل مجرد هبة مولتها أجهزة مخابرات.


لا يوجد خلاف على وجود أيادٍ أجنبية كانت ولاتزال تعبث فى مصر من أول إسرائيل نهاية بأى دولة أخرى.. الخلاف فقط لمصلحة من حاولت هذة الأيادى أن تلعب؟!.

إذا كانت إسرائيل قد تجسست على «ولية نعمتها» أمريكا ولاتزال، هل يصبح غريبا أن تتجسس على مصر؟.

وإذا كانت إسرائيل لم تتوقف عن التجسس على نظام مبارك ــ الذى عاشت فى عهده أزهى عصور الاستقرار ــ فهل يصبح غريبا أن تحاول أجهاض الثورة عبر إثارة الفتن المتنوعة؟!

الأكثر تأكيدا أن كل التحركات الإسرائيلية فى مصر منذ يوم 25 يناير هدفت لإعادة مبارك ونظامه، أو على الأقل إفساد كل المشهد لتغرق مصر فى الفوضى.
إسرائيل حاولت ولاتزال إثارة الفتن فى المنطقة بأكملها وتعلن جهارا نهارا أن إضعاف مصر هدف استراتيجى حتى عندما كان «كنزها الاستراتيجى» فى الحكم، فما بالكم عندما يسقط هذا الكنز ويتحطم وقد يحل محله نظام يعبر عن رغبة وتطلعات الشعب المتناقضة تماما مع البلطجة الصهيونية؟!.

إذن أن يتجسس علينا الأعداء وحتى الأصدقاء فذلك ليس مستغربا، لكن سوء النية هو الذى يحاول الإيحاء بأن هذا التجسس كان لتشجيع الثورة ضد مبارك، وهو تحليل يفتقد أدنى درجات الموضوعية والمنطق.

ثم إن هذه الثورة التى يحاول البعض تشويهها هى التى فتحت الحدود مع غزة وصالحت بين فتح وحماس وتحاول تعديل أسعار صفقة الغاز ثم إنها هى التى تطارد عملاء الموساد الآن.. فكيف يستقيم الاستنتاج؟!.

لا يعيب ثورة الشعب المصرى أن إيران تعاطفت معها أو أن قطر هللت لها، لكن هل كانت الثورة ستفشل إذا لم تتعاطف إيران أو قطر معها؟!.

لا يعيب الثورة أيضا أن هناك جواسيس من كل صنف ولون كانوا فى ميدان التحرير بمن فيهم مصريون ضعاف النفوس، فذلك هو الطبيعى، ولو لم ترسل إسرائيل جواسيسها لإجهاض الثورة لاتهمناها بـ«العبط والهبل والفشل».


لكن العيب الكبير أن يحاول البعض تشويه هذه الثورة العظيمة عبر الإيحاء بأنها صناعة أجنبية خصوصا إسرائيلية، ثم إن أصحاب هذه النظرية الفاشلة ينسون أنه ذات يوم خرج أكثر من خمسة ملايين مصرى هتفوا ضد مبارك ونظامه قائلين «ارحل».. والسؤال لهؤلاء: لو أن الموساد حرك هذه الحشود فذلك لا يعنى إلا شيئا واحدا:

إن نظام مبارك كان يجب أن يرحل ليس فقط لاستبداده، بل ولغبائه. لسوء الحظ أن بعض الأيادى المحلية تكون أحيانا أكثر خطرا على الاستقرار من أيادى الموساد.

 

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 45 مشاهدة
نشرت فى 14 يونيو 2011 بواسطة BADRFOUDA

ساحة النقاش

ابو استشهاد

BADRFOUDA
ندعوا الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والى تكوين الفرد المسلم والاسرة المسلمة والمجتمع المسلم والى الحكومة المسلمة والى الدولة المسلمة والخلافة الاسلامية والى استاذية العالم »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

121,381