إنَّ الأفكار هي أغْلى ما نملك؛ ولذلك فنحن مطالَبون بالحِفاظ على الأفْكار الإيجابيَّة لنستفيدَ منها في حياتنا ونهضتنا، فعالَم الأفكار يُولد المشروعاتِ الجديدة، ويُعيد تشكيلَ الطاقات، كما أنَّه يبني التحولاتِ الدوليةَ الكبيرةَ فيصنع السِّلم والحرْب، والتعاون والتصادم، والقُرب والبُعد، والضعف والقوَّة، والتقدُّم والتأخُّر، ويُغذي الرُّوح الفردية والتكتلات المؤسسيَّة، ويُثير الأحوالَ التفاؤليَّة والتشاؤميَّة، وقد تَهدِم الأفكارُ شخصيةَ الإنسان إذا كانتْ مريضةً أو منحرِفة.
ولا شكَّ أنَّ خير توظيف للأفكار في ضوء المنهج الإسلامي هو بِناء الشخصية الواعية، وإعْمار الأرْض، وصناعة النَّهْضة الإسلاميَّة التي تتميَّز برِسالتها الحضاريَّة، وغاياتها الأُخروية؛ حيث يعمل الإنسان في الحياة منتِجًا ومنضبطًا بالقِيم التي تؤدِّي لفعل الأحسن؛ مِن أجل رِضوان الله والجنة.
إنَّ الأفكار التي نحملُها في أعماقنا قد تكون أفكارًا عادية، وقد تكون أفكارًا إبداعية، ويمنعها مِن الظهور عدمُ ثِقتنا الكافية في أنَّ الواقع الإبداعي مِن حولنا يحتاج إليها، وعندما نفْتح لها الأبوابَ للانطلاق ستأخُذ طريقَها نحوَ الفاعلية، وإذا كان الشيءُ العظيم يبدأ تكوينُه بالفِكرة الصغيرة، فالأجدر بأفكارنا أنْ تصنع أهدافَنا في بداية الطريق، بما يُؤهِّلنا لتحمُّل واجباتنا والقيام بها، فمِن سِمات الإنسان القائد للغدِ إيمانُه بواجباته ومسؤولياته، والإخلاص في أدائِها.
إنَّ العاقل يُعزِّز أفكارَه التي تصنع سعادتَه، فكلُّ إنسانٍ يحتاج للأفكار الواعية المتجدِّدة التي تَبني الكيانَ الإيجابي في أعماقه، والأفكار الصادِقة التي تصنع إيمانَه الوثيق، وتضبط توازنَ عقله مع قلْبه، وهذا يتطلَّب الاهتمامَ بالأفكار الإيجابيَّة الماضية والجديدة؛ لاشتراكهما في توجيهِ الإنسان وصناعة إبداعاته.
إنَّ الأفكارَ الجامدة تُعطِّل مسيرةَ نهضة الإنسان، والمقصود بالجامدة عدمُ قُدرة المؤسَّسة على التجديد الذي يجعلها متطوِّرة، وقد يكون الأجدرُ بنا أن نُنصتَ للأفكار المفيدة التي تُطوِّر قُدراتِنا على العمل، فالمؤسَّسات الناجِحة تبحث اليوم عنِ الأفكار الجديدة والجيِّدة التي تُطوِّر قُدراتِها، وتنهض بكفاءاتها، كما أنَّ مُستقبل نهضتنا يَتَطَلَّب الأفكارَ القادرة على حلِّ المشكلات، ووضْع الحلول العمليَّة التطبيقيَّة، كما أنَّه يتطلَّب الأفكار الحواريَّة التي تشكِّل المواقف، وتصنع التأثير بما تملك مِن مقوماته وأدواته.
ويَتَطَلَّب أيضًا الأفكارَ المدعومة بالبراهين التي تدعم الحقَّ والصواب، وتصنع المجدَ العلمي والثقافي، وتوسِّع آفاق العقل الإنساني، وتَبني الخُطط التنمويَّة الواعية.
نستطيع أن نَسْعَد بأفكارنا وتكون سببًا في غدٍ أفضل، ونهضة واعدة، إذا حوَّلْناها لأفكارٍ إيجابية، وقناعات مُتوازِنة ومُتفائلة، وتطلُّعات واعِدة، وتفاعُلات تنمويَّة صاعِدة، ومِن الأفضل أيضًا أن نَستفيدَ مِن أفكار الآخرين حينما تكون إيجابيةً ونافعة.
إنَّ الحياةَ يتوقَّف تيارُها عندما تتوقَّف أفكارُنا عنِ العمل، فأفكارُنا الإيجابيَّة هي سلاحُنا ضدَّ أخطائنا، ومخاوفنا، وتوقعاتنا المتشائِمة ومشكلاتنا المحبطة، كما أنَّ أفكارنا الإيجابية هي مصدرُ السَّكينة الداخليَّة، والأمْن الذي نَنعَم به، والنجاح الذي نتلذَّذ بثمارِه.
ساحة النقاش