من دون لف أو دوران.. لن تنجح الثورة أو حتى تحقق أهدافها بالسرعة المطلوبة إذا استمرت الاعتصامات الفئوية، وإذا استمرت السياسة المتبعة معها الآن.
الحكومة أصدرت قانونا يجرم الاعتصامات الفئوية ولم تطبقه، فزادت حدة الاعتصامات، ثم أعادت التأكيد على أنها ستطبقها أكثر من مرة، ولم تفعل والنتيجة أن أصحاب هذه الاعتصامات عرفوا أن التلويح بسلاح الردع الحكومى بلا فاعلية.
مرة أخرى وبوضوح شديد أنا مع كل المطالب الفئوية التى يرفعها أصحابها الذين تعرضوا لظلم كبير منذ سنوات، لكن الخلاف معهم يدور بشأن شىء بسيط اسمه التوقيت.
من يصر على الحصول على كل حقوقه الآن يساعد ـ سواء بقصد أو بدونه ـ على إجهاض الثورة.
وحتى لا يتم اتهامى بأننى فاشى أو من «الفلول» أو عميل للأمن أو شىء من هذا القبيل، فكل ما أطلبه هو أن تطبق الحكومة القوانين التى أصدرتها.
على الحكومة أن تحسم أمرها وتؤمن أن استمرار سياستها «اللينة» مع الخارجين على القانون قد يؤديان إلى انهيار الدولة بأكملها.
وإذا كنا نطالب الحكومة بتطبيق القانون مع البلطجية فمن باب أولى نطالبها أن تفعل ذلك مع أصحاب المطالب الفئوية.
ولذلك فالمهمة العاجلة التى ينبغى أن تنفذها الحكومة وأجهزة الأمن هى أن تبعث برسالة واضحة لكل من يهمه الامن مفادها «أن زمن الطبطبة قد انتهى».
أخطأت الحكومة خطأً جسيما عندما عينت عماد ميخائيل محافظا لقنا وأخطأت أكثر عندما رضخت وجمدت توليه المنصب، وأخطأت بصورة «فادحة وفاضحة»، قبل أيام عندما استجابت لأهالى قرية «بمها» فى العياط بالجيزة وأزالت محطة تقوية الاتصالات، وأخطأت الحكومة أيضا عندما سمحت لبعض الأقباط بقطع الطريق أمام ماسبيرو، وكان خطؤها الكارثى عندما تهاونت مع حارقى كنيسة صول بأطفيح ما شجع على تكرار الأمر فى كنيسة إمبابة.
النتيجة أن هناك رسالة وصلت للجميع خلاصتها أن قطع الطريق أو تعطيل القطارات والمواصلات هى أسهل طريق للحصول على الحقوق او ابتزاز الدولة، وبالتزامن مع هذا «التدليل» نعيش غيابا للأمن، وانفلاتا شاملا فى الشارع.. والنتيجة أن بعض المواطنين البسطاء، بدأوا «يلعنون» الثورة، ويحنون لأيام مبارك.. وتلك بالضبط هى القضية.. فالذين لا يريدون عودة الأمن وضبط الشارع يعملون لمصلحة مبارك، ونظامه الفاشى.
لا نريد من الحكومة إلا أن تطبق القانون، ولو وجدت أجهزة الأمن بعض مواطنى حى السلام يقطعون طريق ماسبيرو فعليها أن تقبض عليهم وتحاكمهم بالقانون.
ولو فكرت أى قرية فى تعطيل قطار أو طريق سريع فليكن التعامل بحزم وبالقانون.. إذا حدث ذلك، فسوف يعود الانضباط إلى الشارع ويبدأ الناس فى الإحساس بأن هناك ثورة فعلا قد قامت.
على الحكومة ألا تخشى مواجهة الخارجين على القانون لأن الأمر يشبه معادلة بسيطة هى: إما أن أكون مع غالبية الناس أو مع فئة صغيرة، ولا يمكن بأى حال أن أرضى الطرفين فى وقت واحد.
أعلم أن الأمر ليس سهلا فى ظل «التردد الأمنى» وأن المجلس العسكرى والحكومة لا يريدان الاصطدام بأى أصحاب مطالب فئوية، لكن المسألة باختصار أنه عندما تتصادم مصلحة بلد بأكمله مع مصالح فئة صغيرة مهما كان نبل مطالبها، فالخيار واضح ولا يحتاج إلى تفكير.
يا دكتور شرف احسم خيارك أو فلتقل لنا من الذى يفسد الأمور؟!
ساحة النقاش