شخصية غامضة لا يتوفر عنها الكثير من المعلومات، يعمل دائما في الظل بعيدًا عن الأضواء ووسائل الإعلام، اختار مكانا بعيدا علي شاطئ البحر الأحمر ليكون مقرا دائما له ليؤسس فيه أشهر مدينة سياحية علي مستوي العالم، ويجعل منها قطعة من الجنة للدرجة التي جعلت البعض يطلقون عليه صاحب شرم الشيخ و الأب الروحي لها .. إنه رجل الأعمال المصري الشهير حسين سالم، الذي ارتبط اسمه بالكثير مما يجري في كواليس السياسة، لكنه رغم ذلك لم يظهر مرة واحدة عبر وسائل الإعلام، مفضلاً دور رجل الظل، أو "مهندس الكواليس"، بعيداً عن صخب الإعلام، الذي لا يدع فرصة دون أن يوجه للرجل اتهامات بالجملة، ومع ذلك لم يفكر مرة في الرد على أحد، اللهم إلا بعض الصحف الأجنبية الكبرى.

ولد حسين سالم عام 1928بسيناء التي ينتمي إلى إحدى قبائلها، بدأ حياته موظف في صندوق دعم الغزل، وكان راتبه 18جنيها يقتطع منه 2 جنيه ضريبة للدفاع الوطني عن فلسطين، بعدها ألتحق بسلاح الطيران ليعمل طيارا حيث شارك في حربي 1967 و1973، ومن هنا كانت بداية معرفته بالرئيس مبارك.

كان رجلا عسكريا في عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، لكن في منتصف الخمسينات توقفت حياته العسكرية بعد خطابه الشهير الذي رفض فيه اتخاذ أي إجراء يؤدي إلى الحرب مع إسرائيل. ومع وصول الرئيس أنور السادات إلى الحكم عاد سالم للحياة العامة كسياسي ليصبح أحد المستشارين الداعمين للسادات ولاتفاقية السلام مع إسرائيل، وكان المسئول عن تنفيذ المعونة الأمريكية الأمنية للقاهرة في إطار اتفاقية السلام مع إسرائيل.

ويعتبر حسين سالم رجل الأعمال الهارب من أقرب الأشخاص إلى الرئيس السابق محمد حسني مبارك، فالعلاقة بينهما تمتد لفترة طويلة من الزمن بحكم أن كل منهما عمل طياراً في فترة كبيرة من حياته، وقد تعرفا على بعضهما البعض في هذا المجال، واستمرت العلاقة بينهما حتى بعد تولى الرئيس مبارك مقاليد الحكم في عام 1981.

ظلت العلاقة بين سالم ومبارك قوية، ولكنها بقيت محصورة في أضيق الحدود ولا يعرفها سوى المقربين منهما، حتى عام 1986 عندما قام علوي حافظ عضو مجلس الشعب آنذاك بتقديم طلب إحاطة لأحد أعضاء مجلس الشعب عن الفساد في مصر، مستنداً في جزء منه إلى اتهامات خاصة، وردت في كتاب "الحجاب"، للكاتب الصحفي الأمريكي بوب دوورد مفجر فضيحة "وترجيت" الشهيرة، التي أطاحت بالرئيس الأمريكي نيكسون في بداية السبعينات من القرن الماضي.

ذلك الكتاب الذي أكد فيه بوب أن شركة (الأجنحة البيضاء) التي تم تسجيلها في فرنسا، هي المورد الرئيسي لتجارة السلاح في مصر، وأن هذه الشركة تتضمن أربعة مؤسسين هم منير ثابت شقيق سوزان زوجة مبارك وحسين سالم وعبد الحليم أبو غزالة وزير الدفاع المصري آنذاك، ومحمد حسنى مبارك نائب رئيس الجمهورية وقت تأسيسها.

ورغم عدم خروج نفى رسمي من مؤسسة الرئاسة لتلك القضية ،وخروج المشير أبو غزالة فقط للنفي أمام الصحفيين، ظهر للجميع اسم لم يكن يعرف من قبل وبدأ الحديث عن من هو حسين سالم الذي يثق فيه الرئيس لدرجة اشتراكه معه في أعمال خاصة خارج حدود مؤسسة الرئاسة بعدها ظهر حسين سالم للعلن وبدأت التساؤلات حول حجم ثروته التي تتجاوز الـ350 مليار جنيه، وهو ما يقدر بميزانية مصر في عام كامل -وذلك طبقا لبلاغ رسمي قدم للنائب العام- ومع ذلك فقد ورد اسمه أيضا في بعض قضايا التهرب من قروض البنوك، ومنها قضية أسهمه في إحدى شركات البترول العالمية، والتي أخذ بضمانها قرضاً من أحد البنوك ورفض سداده، وانتهت القضية بحلول البنك الأهلي محله في الشركة، لتمر الحكاية في هدوء.

صاحب شرم الشيخ

وحسين سالم معروف في مدينة شرم الشيخ بأنه الأب الروحي لها، حيث يعد أول المستثمرين في المنطقة منذ عام 1982، وبالتالي لم يكن مستغرباً أن يملك الرجل خليج نعمة بالكامل تقريباً من فنادق إلى كافيتريات إلى بازارات، كما يعد “موفينبك جولي فيل”، من أكبر المنتجعات السياحية في المنطقة، وقد أوصى صاحبه حسين سالم عند بنائه بإقامة قصر على أطرافه، تم تصميمه وتجهيزه على أحدث الطرز العالمية؛ ليفاجئ الجميع بإهدائه إلى الرئيس مبارك، ليصبح المصيف البديل لقصر المنتزه.

كما أقام مسجد السلام بشرم الشيخ على نفقته الخاصة، والتي بلغت تكلفته 2 مليون جنيه، خلال أقل من شهرين، عندما علم أن الرئيس سيقضي أجازة العيد في المنتجع الشهير، وأهداه للقوات المسلحة. ويعد حسين سالم صاحب وراعي فكرة مسابقات الجولف العالمية، والتي تقام سنويا في شرم تحت رعايته شخصيًا.

سر اللعبة

وكانت النقطة الفاصلة في معرفة قوة هذا الرجل ونفوذه، هو توقيع شركته "شرق المتوسط للغاز" لعقد تصدير الغاز إلى إسرائيل، وهذه الشركة تمتلك فيها الحكومة المصرية 10% فقط في حين يمتلك رجل الأعمال الإسرائيلي يوسى ميمان 25%، ويملك حسين سالم 65%، وتنص بنود الاتفاقية على أن تقوم الشركة بتصدير 120 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي إلى إسرائيل مقابل 28 ملياراً فقط. كما قامت شركة شرق المتوسط للغاز المصرية بإبرام عقدا بقيمة ملياري دولار لتزويد شركة "دوراد اينرجى" الإسرائيلية بالغاز الطبيعي لمدة 15 عاماً نظير 100 مليون دولار عن كل سنة إضافية.

ورأس مال الشركة الاسمي هو 500 مليون دولار والمدفوع من رأس المال فقط 147 مليون دولار. بينما تبلغ التكلفة الإجمالية لمشروع توصيل الغاز لإسرائيل حوالي 469 مليون دولار حصلت الشركة علي قرض رئيسي من البنك الأهلي المصري قدره 380 مليون دولار، كما حصلت علي قروض أخري من بنوك الاتحاد الأوروبي وغيرها.

وبدأ ضخ الغاز لإسرائيل في مارس 2008، ومع هذا قام الشريكان الرئيسيان، يوسي ميمان وحسين سالم ببيع حصتهما بالتدريج في عام 2007، أي قبل الضخ الفعلي للغاز وذلك علي النحو التالي: باع يوسي ميمان نصف حصته أي 12.5% من أسهم الشركة إلى شركة أمبال “AMPAL ” الأمريكية بمبلغ 258.8 مليون دولار ثم قام ببيع 1.8% من أسهم الشركة بمبلغ 40 مليون دولار وبعدها 4.4% من الأسهم بمبلغ 100 مليون دولار.

حذا حسين سالم حذو ميمان في بيع الأسهم وباع 12% منها بمبلغ 260 مليون دولار وفي نوفمبر عام 2007 باع 25% من الأسهم لشركة “PTT ” التايلاندية بمبلغ 486.9 مليون دولار. كما تفاوض علي بيع 10% من الأسهم إلى سام زل وهو مالك كبير للعقارات إسرائيلي أمريكي. ولم يعلن عن قيمة الصفقة رغم إعلان أن شركة شرق المتوسط تساوي وقتها 2.2 مليار دولار بمعني أن صفقة سام زيل مع حسين سالم تقدر قيمتها ب 220 مليون دولار.

وبالأرقام بلغت جملة المبيعات والربح بعد خصم التكلفة الفعلية للشركة حوالي بليون دولار قبل أن يبدأ ضخ الغاز. علاوة علي أن القروض وخاصة من البنك الأهلي المصري غطت تكاليف الإنشاء. كما أن الخط الذي ينقل الغاز من مصدره إلى العريش وهي محطة بداية خط أنابيب شركة شرق المتوسط. قامت الدولة بإنشائه علي نفقتها، فهذه الصفقة غريبة من نوعها حتى أن صحيفة هآرتس الإسرائيلية نشرت مقالا بعنوان "تحقيق أرباح من غاز بدون الغاز".

ورغم الرفض الشعبي والأحكام القضائية التي صدرت من محكمة القضاء الإداري بوقف تصدير الغاز المصري لإسرائيل، يظل حسين ومن خلفه يتحدون الشعب بشكل مستفز وصارخ ولم يسبق له مثيل.

الهروب الكبير

بعد ثورة 25 يناير هرب حسين سالم (77 عاما) كاتم أسرار مبارك من مصر بطائرته الخاصة في 3فبراير الماضي متجها إلى سويسرا، ويعد أول الهاربين من مصر قبل سقوط النظام حيث استشعر الخطر، وعندما نشرت الصحف خبر هروبه خرج مدافعا عن نفسه وقال انه لم يهرب ليفاجأ الجميع بأنه يتحدث من سويسرا. وأحيل بعد سقوط النظام إلى محكمة الجنايات لارتكابه جرائم الإضرار بمصلحة البلاد وإهدار المال العام.

وقد نشرت تقارير إعلامية أن سالم اصطحب معه لدى فراره إلى خارج البلاد خزينة تحتوى على نحو مليار ونصف مليار دولار أمريكي، وأنه غادر القاهرة على متن طائرته الخاصة متوجها في بداية الأمر إلى مدينة دبي الإماراتية حيث توقف للتزود بالوقود، ليقوم رجال الجمارك في مطار دبي بتفتيش الطائرة التي تضم 24 مقعدا ليكتشفوا وجود خزينة ضخمة تحمل كمية كبيرة من النقد الأجنبي قدرت قيمتها بنحو مليار ونصف مليار دولار أمريكي.

كانت تعليمات صادرة من حكومة الإمارات إلى سلطات الطيران المدني في مختلف المطارات الإماراتية تقضى بتفتيش كل الطائرات التابعة لشخصيات مصرية وتونسية خشية قيامها بتهريب أموال أو سبائك ذهب على نحو ما فعلت أسرة الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين ين على.

وبمجرد توقف طائرة حسين سالم بالمطار تقدمت سيارة خاصة إلى مهبط المطار تمهيدًا لنقل الخزانة إلى مكان آمن حيث كان يعتزم حسين سالم البقاء في دبي، ولكنه اضطر للمغادرة بعد مفاوضات مع السلطات الإماراتية واتفاق تم بين الطرفين تم السماح على أثره لسالم بالرحيل على أن تلحق به أمواله فيما بعد.

بعدها تقدم العديد من المحامين ببلاغات إلى النائب العام ضده تتهمه بالاستيلاء على المال العام وإفساد الحياة الاقتصادية بالبلاد، والإضرار العمدي مع سبق الإصرار بأموال الشعب.

هذا ولا يزال رجل الأعمال الهارب حسين سالم يشكل الحلقة المفقودة الأهم في معرفة كل تفاصيل عمليات الفساد التي تمت في عهد النظام السابق، والتي ربما تكون المفتاح للوصول إلى أموال مصر التي هربها الرئيس المخلوع حسني مبارك وأسرته إلى الخارج والتي يصعب تتبع الكثير منها.

مجرد واجهة

حسين سالم لم يكن سوى واجهة في صفقات تجارة السلاح التي وراءها الشريك الخفي مبارك. وهو الرجل الذي بدأ به الرئيس المخلوع أنشطته في مجال تجارة السلاح، وذلك منذ أن كان مبارك نائبا للرئيس الراحل أنور السادات. وحسين سالم هو المفتاح الرئيسي لفهم كل التحركات السياسية والاقتصادية والأمنية لمبارك، حيث إن الاثنين أسسا مطلع الثمانينيات بعدما قررت الإدارة الأميركية منح معونة سنوية لمصر عام 1979 شركة لخدمات النقل باسم "أسكو"، وهي شركة مصرية أميركية وكانت تضم عناصر من المخابرات الأميركية، وذلك وفق طلب الولايات المتحدة.

وهذه الشركة كانت الغطاء لكل العمليات غير المشروعة التي قام بها مبارك الشريك الخفي لحسين سالم الذي كان في الواجهة هو ومنير ثابت الأخ الشقيق لسوزان ثابت زوجة مبارك.

وتورط مبارك في صفقة السلاح الليبية "ميراج" عام 1970/1971 عندما كان وقتها قائد القوات المصرية، وأدار تفاوضا للسلاح وطلب عمولة كبيرة، وسجلت المخابرات الفرنسية ذلك بالصوت والصورة، وتم رفع الموضوع إلى الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران قبل أول لقاء له مع مبارك بعدما أصبح الأخير رئيسا للجمهورية.

رجل المهام السرية

ويوصف حسين سالم بأنه رجل المهام السرية "القذرة" التي شارك فيها مبارك، وأنه بعدما التحق بجهاز المخابرات كان وسيلة لاصطياد مبارك عام 1983 حيث اكتشفت وزارة العدل الأميركية تلاعبا في فواتير شركة "أسكو"، وأعدت واشنطن قائمة اتهام تضمنت كل المسؤولين عن هذا التلاعب بمن فيهم مبارك، وشكّل البيت الأبيض لجنة من ممثلين لوزارتي الخارجية والعدل و16 قيادة أميركية أخرى، وبعد تشاور قررت القيادات المجتمعة الاكتفاء بتوقيع الغرامة المالية على حسين سالم حتى لا تتأثر علاقتهم بمبارك، ومنذ ذلك الحين جرت السيطرة على مبارك من قبل الولايات المتحدة.

وقد كان حسين سالم همزة الوصل بين مبارك والكيان الصهيوني في عدة موضوعات، أبرزها تصدير الغاز الطبيعي لإسرائيل. ومنذ عام 1986 كان حسين سالم ومبارك ينشئان شركات ثم يجبران القطاع العام على شرائها بأضعاف ثمنها الحقيقي، ثم يشتريان شركات أخرى ويبيعانها للقطاع العام وهكذا.

وفي عام 1986 أنشأ حسين سالم شركة "نيدور" وكانت حصته فيها 56%، وكان الشريك الإسرائيلي يمتلك أكثر من 30% من الأسهم، ثم تم إجبار البنك الأهلي المصري الحكومي على شراء حصة حسين سالم من أسهم الشركة بقيمة مضاعفة عشرات المرات للقيمة الحقيقية للسهم، وتم إجبار هيئة البترول المصرية على شراء حصة الشريك الإسرائيلي أيضا بأضعاف قيمة السهم، حتى حقق هو والشريك الإسرائيلي مكاسب ضخمة جدا على حساب المال العام المصري، وكل ذلك بإسناد من مبارك.

أداة لغسيل أموال مبارك

كما اتضح أن حسين سالم أحد أهم أدوات غسيل الأموال لمبارك وأسرته، حيث يؤسس لهم الشركات ثم ينسحب منها ويبيعها للقطاع العام ويحول أموالها إلى الخارج ويخفيها في عدة عواصم ومدن منها قبرص وأثينا ولندن ومونتي كارلو، وكان قد ابتكر نظام of sure" وهو نظام مبتكر لكيفية إخفاء الأموال، وقد تعلمه علاء وجمال مبارك على يد سالم.

ويرى مختصين أن حسين سالم هو مفتاح الشبكة العنكبوتية من العلاقات المشبوهة بين نجلي مبارك وعدد من الأمراء الخليجيين، مشددين على أنه في ظل الوضع الرخو الحالي لمصر فإن الحكومة المصرية لن تستطيع الوصول إلى حسين سالم لأن المجلس العسكري سيكتفي بإجراءات شكلية.

ويؤكد هؤلاء الخبراء أن عدم وجود ثوار بين صفوف الحكومة وعدم ضمها لأي وزراء ينتمون للثورة، فإن ذلك سيؤدي إلى عجز الحكومة عن تعقب هذا الرجل الذي كان هو وعمر سليمان أحد أسباب الاختراق الأمني من قبل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية.

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 48 مشاهدة
نشرت فى 22 مايو 2011 بواسطة BADRFOUDA

ساحة النقاش

ابو استشهاد

BADRFOUDA
ندعوا الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والى تكوين الفرد المسلم والاسرة المسلمة والمجتمع المسلم والى الحكومة المسلمة والى الدولة المسلمة والخلافة الاسلامية والى استاذية العالم »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

121,378