المعنى اللغوى والإصطلاحى

 1- المعنى الغوى :

(  دَ ست) بمعنى القاعدة أو الأساس و( ور )  بمعنى صاحب  ؛ ثم انتقلت إلى اللغة التركية بمعنى الدفترحيث أطلقت الكلمة فيها على السجل الذى  يدون فيه أسماء الجنود وأعطياتهم ثم أخذت الكلمة عندهم – فى اللغة التركية - معنى  التأسيس أو التكوين أو النظام  ( ويكيبيديا – الموسوعة الحرة ) ثم عربت : " الُدستور بالضم النسخة المعمولة للجماعات التى منها تحريرها- معربة والجمع دساتير " ( القاموس المحيط جزء 2 – ص 28 الفيروز ابادى ).

2- المعنى الإصطلاحى :

 كلمة  الدستورتعنى الأنظمة والقوانين التى تسير عليها الدولة ؛ بعبارة قانونية  مجموعة المبادئ العامة الأساسية المنظمة لسلطات الدولة والمبينة لحقوق الحكام والمحكومين وواجباتهم والموضحة للأصول الرئيسة التى تحكم العلاقة بين مختلف السلطات فى الدولة . أى أن الدستورهو القانون الأعلى الذى يحدد القواعد الأساسية لشكل الدولة ( بسيطة أم مركبة  ) ونظام الحكم فى تلك الدولة (ملكى أم جمهورى ) وينظم السلطات العامة فيها من حيث التكوين والإختصاص والعلاقة بينها وحدود كل سلطة منها ؛ أى أنه السند الشرعى الوحيد لتلك السلطات ؛  ويبين الدستور  الواجبات والحقوق الأساسية للأفراد والجماعات داخل الدولة والضمانات الكافلة لها تجاه السلطة العامة أو الحاكمة. فالدستور – إذا - هو الإطار العام الذى تسير بداخله الدولة فى مختلف أمورها الداخلية والخارجية . وعليه أرى أن كلمة الدستور تعنى مجموعة المبادئ العامة والقواعد الكلية التى تحكم العلاقة بين الحكام والمحكومين من خلال السلطات العامة فى دولة ما وحقوق وواجبات كل منهما فى تلك الدولة . ولذا يعلو الدستور كافة القوانين السائدة داخل المجتمع.

ومن ثم  يجب أن تلتزم القوانين بالدستور ؛ حيث يجب أن تكون تلك  القوانين متوخية القواعد الدستورية ؛ وكذلك اللوائح يجب أن تكوم ملتزمة بالقانون حيث أنه أعلى منها مرتبة فى حالة إذا ماكان القانون نفسه متوخيا القواعد الدستورية. وهذا يعنى أن القوانين واللوائح إذا خالفت الستور تصبح غير شرعية ويبطل العمل بها .

أنواع الدساتير

من حيث التدوين :

1-الدساتير المدونة : إذا كانت أغلبية قواعدها مكتوبة فى وثيقة أو عدة وثائق رسمية صادرة عن المشرع الدستورى.

2-الدساتير غير المدونة : يعنى مجموعة القواعد العرفية التى استمر العمل بها فى مجتمع ما لسنوات طويلة حتى أصبحت بمثابة القانون الملزم ؛ ولذلك فإن مثل هذه الدساتير تسمى أحيانا الساتير العرفية نظرا لأن العرف أضحى المصدر الرئيس لها . ويعتبر الدستور الإنجليزى المثال الأبرز على الدساتير غير المدونة أو الدساتير العرفية لأن غالبية أحكامه عرفية وبعضا منها من أحكام القضاء المستجدة ؛ ولذا يوجد بعض الأحكام القضائية الحديثة  المكتوية التى أخذت الصيغة الدستورية  مثل القانون الصادرعام 1958 الذى سمح للنساء الإنجليز بأن يكن عضوات فى مجلس اللوردات .

من حيث طريقة التعديل :

1- الدساتير المرنة : وهى التى يمكن تعديلها بنفس الإجراءات التى يتم بها تعديل القوانين العادية ؛ أى بواسطة السلطة التشريعية.

2- الدساتير الجامدة : وهى التى يستلزم تعديلها إجراءات أشد من تلك التى يتم بها تعديل القوانين العادية ؛ ومثال ذلك الدسنور الأسترالى الذى يتطلب موافقة أغلبية مواطنى أغلبية الولايات الأسترالية  بالإضافة إلى أغلبية الأصوات على المستوى الفيدرالى.

ولما كان الدستور يعلو كل القوانين السائدة فى الدولة ويسمو عليها فإن سمّوه هذا يكون من ناحيتين :

1- السمو الموضوعى : بمعنى أن موضوعات الدستور عامة وشاملة وتشكل إطارا واسعا ولذا فإن الدستور يتناول موضوعات تختلف عن موضوعات القوانين العادية نظرا لتناوله قواعد دستورية عامة مكتوبة أو غير مكتوبة ؛ مرنة أو جامدة . ولذا فإن هناك دستورا واحدا للدولة وهناك عدد ضخم من القوانين لذات الدولة بعدد الأنشطة والممارسات والهيئات والنقابات والمؤسسات والجمعيات.

مثال ذلك : قانون الجمارك –قانون مجلس الدولة –قانون حماية الآثار – قانون الجوازات – قانون المرور-  قانون الخدمة العسكرية – قانون المجالس الطبية – قانون الغرف التجارية – قانون تنظيم البناء – قانون العمد والمشايخ – قانون المحاماة – قانون الجبانات -.لائحة المعاهد العالية –لائحة المحفوظات – لائحة المخازن –قانون التجارة البحرى – قانون المطبوعات –قانون النيابة الإدارية –قانون الطرق العامة ... فيما يقارب 125 قانونا ولائحة تتناول مختلف النشاط الإنسانى.

2- السمو الشكلى : أى أن الدستور هو القانون الذى يتبع فى وضعه وتعديله إجراءات معينة أشد من الإجراءات التى بلزم لوضع القانون وتعديله .وهذا النوع من السمو يوجد فى الدساتير المكتوبة والجامدة فقط .

إنشاء الدستور

ينشأ الدستور بإحدى وسيلتين :

1- الجمعية التأسيسية المنتخبة : حيث بتاح لأفراد الشعب فرصة اختيار ممثليه لينوبوا عنهم فى وضع الدستور دون أن يستفتى هؤلاء الأفراد على هذا الدستور بعد وضعه ؛ أى أن أفراد الشعب يتمثل دورهم – فى هذه الحالة- على اختيار ممثليهم الذين يقومون بوضع الدستور نيابة عنهم  فخطوة الشعب هنا خطوة أولى . 

2- الإستفتاء : حيث يتم وضع الدستوربواسطة  لجنة حكومية أو هيئة تأسيسية منتخبة من البرلمان أو من الحاكم نفسه ( منحة ) ثم يعرض بعد وضعه على الشعب فى استفتاء عام ولا يصبح نافذا إلا بعد موافقة الشعب عليه ؛ فخطوة الشعب هنا خطوة أخيرةلابد منها .

متى تنشأ الدساتير ؟

 تنشأ الدساتير لعدة أسباب منها :

1- نشأة دول جديدة ( كوسوفا – البوسنة – الجبل الأسود – التشيك – جمهوريات وسط أسيا – جنوب السودان )

2- نجاح الثورات الداخلية ( تونس – مصر ).

3- تغير نظم الحكم .

4- التطور التاريخى  .

5- صفات الدستور الجيد

للدستور الجيد عدة مواصفات منها أن يكون  :   مكتوبا – مرنا – محددا -  واضحا – ششاملا – موجزا – منزها عن التعديل السريع .                       

مصادر الدستور

 وهى متنوعة منها  :

1- الشرائع السماوية

2- العرف والعادات .

3- العوامل الأيدلوجية .

4- الخبرات السابقة .               

5- العوامل التاريخية.

6- الفلسفة السياسية .          

 7- الطبيعة الشخصية العامة.

8- الإرث الشعبى .                                                

الإعلان الدستورى

مجموعة من المبادئ الدستورية التى تضعها السلطة الحاكمة إثر توليها الحكم فى دولة ما نتيجة لنجاح انقلاب أو ثورة أو تغيير فى نظام الحكم فى تلك الدولة فتلغى  تلك السلطة الحاكمة الجديدة الدستور القائم أو تعلق العمل به أوتعطله أو تجرى تعديلا عليه وتنشر على مواطنى هذه الدولة مايسمى بالإعلان الدستورى الذى تتناول فيه – عبر مواده –شكل الدولة الجديدة وطريقة الحكم وتشكيل المجالس المنتخبة و .. كا لإعلان الدستورى الأخير الصادر عن المجلس الأعلى للقوات المسحة الحاكم فى مصر بعد نجاح ثورة 25 يناير والذى اشتمل على 63 مادة. وهو فى كل الأحوال مادة مؤقتة بمثابة الأرضية التى تنبت فيها القواعد الدستورية الثابتة .

تاريخ الدساتير المصرية

 وضعت عدة دساتيرمصرية منذ القرن التاسع عشر وحتى الآن؛ عدلت مواد بعضها ؛ وكان أكثر الحكام المصريين تعديلا للدستور الرئيس المخلوع  حسنى مبارك :

1- دستور 1882: بعد قيام الثورة العرابية ضد الخديوى توفيق وتشكيل عرابى الوزارة .

2- دستور 1923: ووضع بعد قيام ثورة 1919بأربع سنوات فى 19 أبريل 1923م.

3-دستور 1930: حيث ألغى الملك دستور 1923فى 22أكتوبر1930. ثم عاد العمل بدستور 1923 حتى قيام ثورة يوليو 1952. 

4- دستور1953: وُ ضع بعد نجاح ثورة  يوليو فى 10 فبراير1953 كدستور مؤقت عبر الإعلان الدستورى الثانى لقادة الثورة محددا فترة إنتقاية مدتها 3 سنوات  ولم يستفت فيه الشعب .

5- دستور 1956: حيث أجرى الإستفتاء عليه فى 23/ 6 / 1956.

6- دستورالوحدة 1958: بعد قيام الوحدة بين مصر وسوريا فى فبراير 1958تحت مسمى الجمهورية العربية المتحدة .

7- دستور 1964: الصادر فى 25 مارس 1964 كدستور مؤقت لمصر بعد فشل الوحدة بين مصر وسورية وتشكل بمقتضاه مجلس الأمة من 350 عضوا نصفهم من العمال والفلاحين وأعطى رئيس الجمهورية حق تعيين 10 أعضاء . (!!! ) .

8-  دستور 1971 : الصادر فى 11سبتمبر1971  والذى تكون من 211 مادة وعدلت بعض مواده فى الأعوام : 1980(فتح مدة الرئاسة دون تحديد حد أقصى )  2005 ( تعديل المادتين 76 و 189 وإضافة المادة 192مكرر) و 2007(وشملت التعديلات 34مادة  )!!! .

 فالدستور لاتتغيرمواده  إلا على آماد بعيدة عكس القانون الذى تعدل قواعده على فترات قصيرة لتواكب المتغيرات التى تطرأعلى حياة المجتمع واتجاهاته وتصرفاته .كما أن الدستور يقسم الدستوروحدة واحدة مقسمة إلى فصول فى حين أن القانون يقسم إلى قسمين : القانون  الخاص و القانون العام يندرج تحت كل منهما عدد من فروع القانون المختلفة .هذا وعلمنا أن هناك مايقارب 125قانونا ولائحة تحكم مختلف النشاط والعلاقا ت بين الأفراد  .

هذا وموضوع الدستور ينصب على الصياغة القانونية واللغوية للقواعد الدستورية بينما ينصب موضوع القانون على الإنسان وسلوكه مع أقرانه ونظائره ؛ ولذا يعتبر الدستور أبا لكل القوانين والحارس الأمين لبوابتها - عبر المحكمة الدستورية العليا  - فمن رضى عليه من تلك القوانين تركه يمر باطمئنان مختالا مزهوا شامخ الرأس مرفوع الهامة وسط المجتمع والناس ومن سخط عليه هذا الأب أخذ بناصيته وجره – ذليلا مهانا – إلى المحكمة الستورية العليا لتعمل فيه حكمها وقضا ءها.

 

 

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 43 مشاهدة
نشرت فى 17 مايو 2011 بواسطة BADRFOUDA

ساحة النقاش

ابو استشهاد

BADRFOUDA
ندعوا الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والى تكوين الفرد المسلم والاسرة المسلمة والمجتمع المسلم والى الحكومة المسلمة والى الدولة المسلمة والخلافة الاسلامية والى استاذية العالم »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

121,342