خلفية الفكر الفلسفي المعاصر
كانت المشكلة الخلقية والاهتمام بالميتافيزيقا مشكلة الفلاسفة اليونانيين قبل الميلاد.
وكانت مشكلة العلاقة بين الدين والفلسفة (النقل والعقل) هي مشكلة فلاسفة العصور الوسطى المسيحية والإسلامية.
وفي العصر الحديث كان التقدم العلمي هو المحرك للفلسفة الحديثة، وصاحب ذلك نزعة للتحرر من القيود الكنسية ، وزيادة شعور الإنسان بفرديته واستقلاله عن الآخرين. وظهرت النزعة الرومانسية القائمة على الشعور والعاطفة والحساسية كرد فعل على الغلو في النزعة العقلية والنزعة العلمية والتجريبية.
أما في القرن العشرين فيعتبر الجانب العسكري والجانب السياسي هما المحركين الأساسيين لإنجازات العلم والفلسفة. ولقد تميزت الفلسفة المعاصرة بخصائص من أهمها تعدد مصادر معرفة الفلاسفة، وتداخل وتبادل الآراء والخبرات وإزالة الحواجز الفكرية بين الفلاسفة. ومن أهم المذاهب الفلسفية المعاصرة : البرجماتية والوجودية والماركسية .. إضافة إلى البنيوية والفلسفة التحليلية.
• البرجماتية:
تقوم هذه الفلسفة على مبدأ عام وهو أن صحة أي فكرة تعتمد على ما تؤديه من نفع. وأهم روادها وليم جيمس، وجون ديوي، وتشارلز بيرس. وتعود الأصول لهذا المبدأ إلى فلاسفة الإغريق؛ مثل فلسفة السوفسطائيين، فلسفة أبيقور صاحب مذهب اللذة، والذي قال بأن العمل الفاضل هو ما يجلب اللذة ويدفع الألم.
• الوجودية:
تتمحور هذه الفلسفة حول الإنسان: وجوده، حياته، موته، علاقاته بغيره، وبالمجتمع وحريته ومسئوليته عن ممارسة حريته. وكانت هذه الفلسفة وليدة الحربين العالميتين وكرد فعل ضد الطابع الآلي للحياة المعاصرة. فجاءت رفضا لكل أنواع التفكير المجرد والفلسفات العلمية والعلمية؛ ولتؤكد أن الإنسان الفرد ووجوده هو موضوع الفلسفة.
وهي تهتم بالوجود الواقعي للإنسان الفرد، وترى أن هذ الوجود متجدد ويخلق ذاته باستمرار. (فهي تقترب من مبحث الجبر والاختيار في الفكر الإسلامي إلى حد ما).
وفيما يرى بعض الوجوديين المتشائمين مثل سارتر أن الوجود مع الآخر ينقص حريتي ويهددها ويحد منها .. ويرى أن الآخر هو الجحيم ؛ نجد فريقًا من الوجوديين يؤمنون بأهمية التواصل مع الآخر ؛ فيرى هيدجر أن الوجود مع الآخر يعطي للوجود قيمته من خلال "المعية"، ويسميها جبريل مارسل "الأنت"، ويسميها كارل ياسبرز "التواصل".
وتعتبر الحرية عند الوجوديين هي الشرط الضروري الذي يحقق الوجود الحقيقي للإنسان؛ فيرى سارتر أن الذي يختار نفسه وطريقه بكل حرية هو الذي يكون صنع نفسه وحقق وجوده؛ فالوجود عندهم مرادف للاختيار، والسعي لتحقيق الذات يتم باختيار المواقف والأفعال في حرية تامة.
• البنيوية:
البنية تعني المجموع أو الكل المؤلف من ظواهر متعددة ومتماسكة يتوقف كل منها على ماعداه، ويتحدد من خلال علاقته بما عداه. ويمكن أن نتحدث عن بنية المجتمع وبنية الشخصية وبنية النص الأدبي. وفي اللغة العربية البنية تعني تكوين الشيء وكذلك الكيفية التي شيد على نحوها بناء ما. ويفرق اللغويون بين معنى الكلمة ومبناها، والمبنى هو ما يعنيه اليوم بعض علماء اللغة بكلمة بنية. وتتكون بنية الشيء من نسق من الظواهر المتضافرة بحيث تكون كل ظاهرة فيها تابعة للظواهر الأخرى، ولا قيمة لدراسة العناصر المكونة للبنية دون النظر للعلاقات التي تربطها.
ويرى "جان بياجيه" أن مفهوم البنية ينطوي على ثلاثة أفكار رئيسية: (الكلية – التحول – التنظيم الذاتي).
وإذا كانت الوجودية كرد فعل للحربين العالميتين لتبحث مشكلة الحرية والمسئولية والقلق والتمرد، فإن البنيوية نشأت في ظروف اتجاه المجتمع الأوربي نحو البناء والتطور، وسعت إلى تطوير العلوم الإنسانية (اللغة - الأنثروبولوجيا) لتلحق بركب العلوم التجريبية.
ورواد هذا الاتجاه: "فردينان دي سوسير" في اللغة، و"كلود ليفي شتراوس" في الأنثروبولوجي، و"جان لاكان" في علم النفس.
ساحة النقاش