في هذه السورة، يذكر الله سبحانه وتعالى أفعالاً قد لا يراها البعض ذات أولوية في الدين؛ فهي معاملات اجتماعية ترتبط بالعلاقة مع الآخرين، فيراها بعيدة عن العقيدة وعن العبادات، فتأتي هذه السورة لتوضح لنا خطورة هذه الأفعال على سلامة التدين، وكيف أنها تؤثر في الإخلاص في العبادة بل وفي العقيدة أيضًا.
فيصف الله سبحانه وتعالى صاحب هذه الأفعال بأنه يكذِّب بالدين، أي بالحساب والجزاء في الآخرة. ويصف الله سبحانه وتعالى الذي يكذب بالدين بأنه يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين. ويدع اليتيم يعني يدفعه ويبعده عن المطالبة بمعونة بغِلظة وشدة وجفاء.
كما يشير إلى خلق آخر وهو البخل؛ فهذا الشخص من شدة بخله يتوقف حتى عن دعوة الآخرين ليطعموا المساكين، فلا هو أطعمهم ولا دعا الآخرين ليطعموهم.
كما تذكر السورة خلق الرياء، والذي يتجلى في صورة واضحة في العبادات الجماعية، فيقول سبحانه وتعالى: "الذين هم عن صلاتهم ساهون". والحمد لله أنه لم يقل في صلاتهم، فكلنا يسهو في صلاته، ولكنهم يسهوون عن الصلاة ذاتها، فلا يقيمونها حق إقامتها إلا إذا كانوا في جماعة ليظهروا بصفة العابد الخاشع.
ويقول سبحانه في صفاتهم: "الذين هم يراءون"
والرياء هو إظهار الإنسان لأعماله الصالحة أمام الناس من أجل الحصول على مدحهم وإعجابهم، وليس ابتغاء وجه الله، وهو من صفات المنافقين.
وكذلك فهم يمنعون الماعون، والماعون فيه أقوال، منها الصدقة والزكاة، ومنها إعارة مستلزمات المنزل إلى جارك إذا احتاجها لضرورة، مثل القدور والكراسي وغيرها. وقيل إن الماعون هو كل ما فيه معونة للآخرين.
ومن اجتمعت فيه هذه الخصائص، فالويل له في الآخرة. فهذه السورة تقدم لنا درسًا عمليًا عظيمًا في أن من حقيقة التدين حسن معاملة الآخرين.
ساحة النقاش