التلفزيون عبر بروتوكول الإنترنت هو المستقبل بالنسبة الى التلفزيون، كما يقول العديد من المحللين، بعدما شرع في الانتشار أخيرا.
الإشارات التلفزيونية التي يجري إرسالها عبر الإنترنت باتت واقعا حقيقيا في روزفيل في ولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة، وكيلهير في ولاية تكساس، وفي بعض الجاليات الصغيرة الاخرى، فضلا عن أن العام المقبل سيشهد المزيد من هذه التقنية استنادا الى خبراء الاتصالات. إلا ان من المرجح ان يظل نمو التقنية ذاتها صغيرا حتى يجري نشر المزيد من شبكات الالياف البصرية في طول الولايات المتحدة وعرضها، وتصبح تقنية الشبكات البصرية (ايثرنيت غيغابت) GPON، واقعا هنا.
ورغم أن الالياف البصرية وتقنية GPON، ليست أمرا ضروريا مطلقا بالنسبة الى التلفزيون عبر بروتوكول الإنترنت، إلا أنها توفر أعلى النطاقات العريضة التي تتطلبها عادة المميزات المتطورة لتلفزيون مثل هذا، التي تشمل على سبيل الذكر لا الحصر، الاتصالات التفاعلية والتلفزيون العالي الوضوح.
بدايات متميزة
* ويقول بيل دي موث، نائب رئيس شركة «شور ويست كوميونيكيشنس» ورئيس قسم التقنيات فيها التي مقرها مدينة روزفيل في ولاية كاليفورنيا، التي لها حاليا 20 الف زبون مجهزين بألياف بصرية تصل الى منازلهم، وزبائن أخرون الذين يتلقون البث التلفزيوني بالإنترنت عبر الاسلاك النحاسية: «اننا نشعر أن التلفزيون عبر الإنترنت بات موجود حاليا، وسيتنامى وجوده، وان كنا ما زلنا في الجزء الاول من المنعطف هذا». لكن عندما يصبح التلفزيون العالي الوضوح متوفرا في المنطقة، وذلك في حدود العام المقبل، فإن اولئك الزبائن الذين يملكون فقط تمديدات ووصلات الالياف البصرية سسيستقبلون برامجه.
ويضيف دي موث قائلا ان التلفزيون العالي الوضوح غير عملي لكونه مرتبطا بالاسلاك النحاسية، لكن الخدمات التفاعلية، مثل طلب منتجات معروضة فورا موضوعة في برامج، أو افلام سينمائية، مع الحصول على محتويات غير محدودة، ستكون الاستخدامات الغالبة التي ستشغل التلفزيون عبر الإنترنت.
وترى الشركات المزودة لتقنية الاتصالات أن هذا الامر حاصل ايضا. ففي معرض الاتصالات العالمي للعام الحالي كان هناك العديد من العروض المتعلقة بالتلفزيون عبر بروتوكول الإنترنت مقارنة بالعام الماضي استنادا الى دي موث.
وكانت شركة موتورولا، التي كانت من بين الشركات التي شاركت في المعرض، قد ارتبطت بشركة «فيريزون» لتقديم التلفزيون عبر الإنترنت في دائرة وكيلهير في ولاية تكساس، وفي مناطق أخرى من الولايات المتحدة. وستقوم «فيريزون» والشركات الاخرى المزودة لخدمات الاتصالات بنشر المزيد من الالياف البصرية وتوسيع المناطق المستخدمة للتلفزيون عبر الإنترنت في العام المقبل في سعيها الحثيث لمنافسة شركات الكابلات، كما يقول فلويد واغونر، المدير في شركة موتورولا، لكنه لا يتوقع انعطافا حادا في اعتماد هذه التقنية، كما حصل مع التقنيات الاخرى، الا عندما تصبح الشبكات البصرية GPON واقعا ملموسا في الولايات المتحدة، ربما في حدود عام 2007.
ويضيف واغونر قائلا ان بعض الشركات التي اشترتها موتورولا في السنتين الاخيرتين، كان الهدف منها تعزيز مكانة الشركة للاستفادة من الطلب المتزايد على التلفزيون العامل عبر الإنترنت، اذ تقوم موتورولا بتزويد «فيريزون» بعلب بمقدورها العمل مع بروتوكول الإنترنت، أو الذبذبات اللاسلكية لاغراض الفيديو.
شاهد وقتما تحب
* «التلفزيون عبر الإنترنت كلفته متدنية، ومنصته أكثر تطورا من أساليب ارسال الملفات والشرائط المرئية» كما يقول كوينتين أور، مدير قسم التسلية والوسائط المتعددة في شركة «برايس ووتر هاوس كوبرس» في نيويورك. فقد ظهرت قدرة التلفزيون عبر الإنترنت وفعاليته العالية عندما شرعت «غوغل» ببث الكوميديا «الكل يمقت كريس» على الإنترنت. فقد سجلت لاول مرة سابقة تقديم برنامج جديد على «غوغل فيديو» بدلا من أن يكون الامر مقتصرا على أوقات محددة مجدولة، اذ بمقدور المشاهدين الذين يستخدمون «غوغل فيديو» انزال البرنامج لمدة أريعة أيام فقط.
وجدولة البرامج هذه حسب رغبة المشاهدين، بدلا من جدول الشبكة المحدد سلفا، هي واحدة من المميزات العديدة لمستخدمي التلفزيون عبر الإنترنت. ومثل هذه الميزة بالنسبة الى المستخدم العادي مقارنة بالخدمات التلفزيونية عبر الكابلات، أو الاقمار الصناعية قد لا تكون ملحوظة.
الا ان تأمين خدمات بالنطاق العريض الاكثر عرضا قد تقرر الشركات المزودة للخدمات التلفزيونية عبر الإنترنت تأمين بث بضع اقنية في وقت واحد خلافا للكابل الذي يقوم ببث جميع الاقنية في جميع الاوقات استنادا الى أور. من هنا فإن مشاهد الفيديو الذي يستخدم جهاز الادارة لتغيير الاقنية عن بعد قد يلاحظ بعض التأخير اذا كان يغير بين قناة وأخرى، باستثناء طبعا الاقنية الشعبية جدا التي تلاقي أكبر عدد من المشاهدين.
والتأخير هذا هو أمر بسيط، كما يضيف أور، مشبها ذلك الى الايام الاولى من خدمات الاتصالات الصوتية عبر الإنترنت والفيديو عند الطلب التي كانت تقدمها شركات الكابلات. وأخيرا كلما ازداد وجود الالياف البصرية، تقدمت تقنية الانضغاط والتقنيات الاخرى. وهذا ما يجعل أور يتوقع ألا يحصل فرق ملحوظ بين تغيير الاقنية على الخدمات التلفزيونية عبر الإنترنت، والتلفزيون عبر شبكات الكابلات والاقمار الصناعية.
ان بث عدد من الاقنية في وقت واحد سيساعد شبكات التلفزة في استخدام النطاق العريض بنحو أفضل كما يلاحظ أور. كما أن الاذاعات الرقمية توفر أيضا انضغاطا افضل من الإذاعات المتناظرة العادية.
ويرى أور أنه خلال السنوات القليلة المقبلة سيجري تقديم خدمات التلفزيون عبر الإنترنت على قدم المساواة مع خدمات الكابلات في شكلها الحالي اليوم. فالمستهلكون في العديد من المناطق السكنية المكتظة بالسكان سيكون بمقدورهم الاختيار بين خدمات الكابلات والاقمار الصناعية والتلفزيونية عبر بروتوكول الإنترنت.
واذا ما نجحت شركات الاتصالات في تحقيق الخدمات التلفزيونية عبر الإنترنت، فإن ذلك يعني أرباحا، كما يقول مسؤولو شركة «شور ويست»، مما يعني بدوره أن شركات الكابلات ذاتها قد تبدأ في أخذ بروتوكول الإنترنت بعين الاعتبار كآلية مفضلة للتلفزيون على حد قول واغونر، لكن ذلك ما زال أمرا تقرره السنوات المقبلة.
ساحة النقاش