إلامَ يحتاج مجتمع إنساني ما لكي يصنف كدولة؟ العوامل الاعتيادية معروفة: علم ونشيد وطني ومجموعة سفارات هنا وهناك، ومجموعة من الآثار التي تثبت أن أمتك ذات شأن، والتي كلما كانت أقدم دل ذلك على أنها أذكى وأشجع، وفي معظم الأحيان يضاف إلى هذه وتلك برلمان، حقيقي أو زائف، وجيش نظامي. لكن، كل هذا غير كاف هذه الأيام، فأنت بحاجة إلى موقع ويب على الإنترنت. فأول شيء قامت به تيمور الشرقية، وهي أحدث دولة ولدت في العالم قبل حوالي أسبوعين، هو أطلاق موقعها على الإنترنت. أجمل ما في الأمر هو أن الشبكة العنكبوتية العالمية (الويب) توفر مساحة متكافئة لكل الأمم، كبيرها وصغيرها. وما يهم هنا هو التصميم الجيد، والمعلومات المحدثة والدقيقة، والروح الانفتاحية. وقد تكون دولتك هي البلد الأكبر مساحة في العالم، كما الحال بالنسبة إلى الفيدرالية الروسية، ومع ذلك تتعرض للهزيمة في الفضاء الافتراضي من قبل قطعة أرض نائية في أحد المحيطات البعيدة مثل فانواتو. وبالطبع، فليس هذا الفضاء الجديد مجالا للمنافسة فحسب، لكنه قد يكون مسرحا للحرب كذلك، ففي أحدث إحصاء تبين أن ما لا يقل عن 32 دولة قد قامت فعلا بتجهيز وحدات خاصة لتخطيط وتطبيق استراتيجيات للدفاع على الإنترنت. الأساس التقليدي هو الحاجة إلى الدفاع عن حدود الدولة، لكن هذه المرة على الإنترنت. فعندما كانت الدول تهدد على الأرض كانت تنشئ الجيوش، وعندما كان التهديد يأتي من البحر كان يتم إطلاق القوات البحرية، وبالمثل كانت تنظم القوات الجوية عندما تصبح أجواؤها هي مسرح الحرب. نشر الصواريخ البالستية كذلك يجعل الفضاء الخارجي مسرحا للحرب، ولذا أقدمت واشنطن على بناء مشروعها المثير «حرب النجوم»، أما الفضاء الافتراضي فقد أصبح غير محمي تماما، رغم أنه يصبح أكثر جذبا للإرهابيين يوما بعد يوم. قم بزيارة موقع الجمهورية الإسلامية الإيرانية على الويب لتكتشف أن القوة السياسية مقسمة بوضوح في الموقع، فللرئيس موقعه الخاص وللمرشد الأعلى موقعه كذلك. أما بالنسبة لموقع الأول فلم يتم تحديثه منذ عام، في حين أن الثاني يحدث أسبوعيا. تتبع الموقعين لبعض الوقت سيجعلك تتساءل عما إذا كنت تتعامل مع حكومة أم حكومتين، ففي كل مسألة تقريبا لديك وجهتا نظر مختلفتان وأحيانا متضادتان. وبزيارتك للمواقع السورية ستجد موقعا قويا وجذابا تديره وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية. ومرة أخرى ستلحظ أن الطموح إلى جذب الاستثمار الخارجي والوصول إلى التقنية الحديثة، في حين أن موقع وزارة الإعلام مثل السراب في الصحراء; تراه أياما وأخرى لا تكاد تعثر عليه. وتصيب تلك العلة، التي تجعل مواقع الويب تختفي لأيام، موقع وزارة الخارجية القطرية التي تمتاز بنشاطها الكبير، في حين وجدت وزارة البترول والغاز الطبيعي القطرية الطريقة التي تستطيع من خلالها البقاء حاضرة ومحدثة على الدوام من خلال موقعها. علة الاختفاء تلك تصيب أيضا معظم المواقع الحكومية الكويتية التي تظل تظهر وتختفي طوال أيام أحيانا. ويعتبر التحديث مشكلة كبيرة بالنسبة إلى الكثير من المواقع. فعلى سبيل المثال، بقي موقع الخارجية الجزائرية من دون تحديث بين الأعوام 1999 و.2002 كذلك لم يتغير موقع الرئيس الجنوب أفريقي منذ نحو 30 شهرا. وقد تم تحديث الموقع الأردني على عجل ليورد خبر وفاة الملك حسين وتولي ابنه الملك عبد الله الثاني الحكم من بعده. ومع ذلك بقي الموقع يفتح على صور الملك الراحل وما زلنا نقرأ أنه «يحكم»، وليس «حكم» البلاد منذ عام .1952 أما صورة الملك الجديد فترجع إلى نحو 10 سنوات وتظهر تشابها بسيطا مع صورته الحالية. وتبرز فورا للزائر حقيقة أن الأردن يتمتع باقتصاد منفتح من خلال نوافذ الإعلانات التي تفتح باستمرار أثناء تجوال الزائر في الموقع، وهذه بالطبع يتم تحديثها دوريا. ويمتاز الموقع التونسي بكونه محدثا ليبرز الفترة بين عامي 1987 و1997، وهو يقدم قائمة مشرقة بإنجازات الرئيس زين العابدين بن علي. أما في ما يتعلق بالأخبار، فمن الأفضل البحث في مكان آخر، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالهجوم الذي استهدف مؤخرا منتجع جربة. وقد قامت البحرين بتحديث أغلب مواقعها لتأخذ في الحسبان تحولها من إمارة إلى مملكة. لكن ما زال قسم الأخبار يشير إلى الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة بلقب «صاحب السمو الأمير». وما هو أسوأ من ذلك أن الأخبار غير معروفة التواريخ، فلقاء بين الشيخ حمد والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات يورده الموقع وكأنه حدث ليلة أمس، ونظن بأنه قد عقد قبل سنتين على الأقل. ويوفر الفضاء الافتراضي وسيلة لاختبار فاعلية أقسام الحكومة المتنوعة أيضا، على الأقل في ما يتعلق بالعلاقات العامة. ولأسباب غريبة، توفر وزارات الصحة والتجارة والصناعة المغربية، على سبيل المثال، المواقع الأكثر جاذبية، بينما يبدو الآخرون عالقين في الجزء المنسي من الشبكة العنكبوتية. وعندما يتعلق الأمر بوجود بعض الدول في الفضاء الافتراضي، فالفوضى هي أفضل تعبير. ابحث عن العراق، مثلا، لتجد فيضا من مواقع المعارضة التي لا يوجد بينها موقع رسمي واحد تقريبا. هناك موقع يبيع الرواية الأخيرة المنشورة من قبل الرئيس صدام حسين، كما يوجد موقع آخر مكرس لجماعة «أبو نضال»، التي يشك معظم الخبراءباستمرارية وجودها. هناك دول أخرى فاشلة في الفضاء الافتراضي، والصومال مثال عليها. وحتى وقت متأخر، كانت أفغانستان مثالا آخر. أحيانا تبدو مواقع الأفراد أو السفارات كأفضل المواقع التي تمثل بعض الدول. موقع السفارة الدنماركية في طهران، على سبيل المثال، مصدر كبير للمعلومات. وقد قام حديثا بتوفير غرفة للدردشة اجتذبت مناقشات حية حول قضايا لا يمكن حتى أن تناقش داخل إيران. وكان يجب على ذلك القسم أن يغلق بعدما تلقت السفارة ما بدا أنه شكاوى من السلطات الإيرانية. السفارة الأسترالية في قطر مصدر جيد للمعلومات أيضا، ليس عن قطر وحسب وإنما أيضا عن المنطقة بأسرها، وربما يكون السبب أن الدبلوماسيين ليس لديهم الكثير ليعملوه في الدوحة. وفي الحالة الجزائرية، هناك رجل نرويجي يعيش في غابة بعيدة شمال أوسلو يقدم أكثر المواقع جاذبية وغنى بالمعلومات عن الجزائر. ورجل آخر، يبدو سويديا، يقوم بتقديم موقع الجماعة المغمورة التي تعرف بالجماعة الإسلامية المسلحة، على الإنترنت. أما مصر، كبرى الدول العربية، فقد أخذت مكانتها في العالم الافتراضي كذلك، فمواقعها الرسمية على الويب ليست مجهزة ومدعومة بالوسائط المتعددة فحسب، وإنما أيضا يتم تحديثها يوميا. وتمتاز هذه المواقع بجمال التصميم وبكونها ناطقة بلغات ثلاث هي العربية والإنجليزية والفرنسية. على أن هذه المواقع تظل رسمية بشكل تام وتتيح فقط المعلومات المسموح بها رسميا، دون غيرها من الأفكار والآراء المقابلة. وحسب أحدث الإحصائيات فإن الدول الأربع الأكبر وجودا على الإنترنت في منطقة الشرق الأوسط هي مصر وتركيا وإيران وإسرائيل، لكن بالنسبة إلى عدد السكان فقد حققت كل من الأردن ولبنان أيضا أرقاما ملحوظة. لقد تخيل جولز فيرن رحلة حول العالم في ثمانين يوماً، لكن الفضاء الافتراضي يمكنك من القيام برحلة خلال ثمانين دقيقة سواء كنت مع مساعده فلياس فوغ أو من دونه.
المصدر: مقال من الإنترنت
نشرت فى 21 ديسمبر 2009
بواسطة Arabwan
<p>شكرا علي تشجيك و اود اني اكون دائما إلي الامام و هذا يرجع إلي اهتمام القراء مثلك</p>
28 ديسمبر 2009
<p>معلومات قيمة جدا</p>
27 ديسمبر 2009
عدد زيارات الموقع
159,160
ساحة النقاش