مراحل العمل الإستقصائى:
صناعة العمل الإستقصائى تمر بالمراحل الأتية:
المرحلة الأولى :الكشف عن قضية أو موضوع:
إختيار قضية ليتم إستقصائها تتطلب عملية رصد وفهم عام لكل متعلقات القرارات السياسية والاقتصادية والشئون العامة , أى الثقافة الموسوعية لكل متعلقات التغيير, ليس فقط فى الجانب المعلوماتى بل والقدرة على ربط الأحداث واستنباط مجاوراتها من الظواهر ,ثم تحديد القضية أو الموضوع أو الظاهرة,فالمادة موجودة فى كل مكان والمشكلة هى فى رؤيتها , وتوجد طرق عديدة لإستشعار قصة تسدعى الإستقصاء, تتمثل إحدى هذه الطرق فى مراقبة وسائل الإعلام , فبشكل عام من الأفكار الجيدة مراقبة قطاع إعلامى معين كى تستطيع البدء بتحديد انماطه فتدرك بذلك متى يحدث أمر غير عادى , إذا أنهيت قصة وفكرت لماذا حصل ذلك ؟ فسيكون حظاً جيداً فى أن تجد المزيد لتستقصيه , وتتمثل طريقة أخرى فى انتباهك لما يتغير فى بيئتك , وأن لاتعتبر التغير أمراً عادياً .
فقد بدأ الإعلامى البلجيكى الكبير كريس دو ستوب Chris de stoop إستقصاءً معلماً حول الاتجار بالنساء بعد أن لاحظ أن العاهرات البلجيكيات فى حى عبره وهو فى طريقه إلى عمله قد أفسح المجال لعاهرات اجنبيات , وتسأل لماذا؟ , وتتمثل الطريقة الثالثة فى الإستماع غلى شكاوى الناس ففى كل مكان يجتمع الناس فيه سوف تسمع أشياء غريبة أو صادمة أو مدهشة, وترتبط بالقضية مجموعة من التساؤلات :
لماذا هذه القضية دون غيرها من القضايا؟
ماذا سأضيف فى عملى الأستقصائى لهذا الموضوع؟
من المستفيد؟
من المتضرر؟
هل هناك قاعدة معلومات أو بيانات؟ وكيف سأصل إلى الحقائق وبأى طريقة؟
هل التناول يثير إشكالية قضائية؟
من هم الخبراء المساعدون؟
هل أنا مستعد للإجابة والتبرير والإثبات بوثائق وأسانيد كافية ومنعة؟
هل تثير القضية الرأى العام ايجابيا؟ وكم ستتكلف مؤسستى مادياً؟
كم من الوقت ستستغرق عملية التقصى والكشف وربط الأحداث والتحرير؟
بأى شكل تحريرى ساتناول الموضوع ؟
2-المرحلة الثانية:طرح فرضية للتحقق منها:
إستخدام الفرضيات جوهر الأسلوب الإستقصائى حيث تطرح أسئلة محددة يجب الإجابة عنها من خلال تقطيعها إلى محاور أوأجزاء ثم التثبت من كل واحد من تلك الإدعاءات على حده.
وطرح الفرضية يحقق المزايا التالية:
أ- يمنحنا شيئاً لنتحقق منه بدلاً من محاولة كشف سر ما.
ب-تزيد الفرص فى اكتشاف الأسرار.
ج- تجعل ادارة مشروع الإستقصاء أكثر سهولة.
د- أدوات يسهل استخدامها بكثرة.
و- تضمن كتابة قصة وليس فقط كمية من المعلومات.
المفاتيح الأربعة لتفعيل الفرضييات :
كن خلاقاً- الأستقصاء هو محاولة لكشف شىء غير معروف إلى الان وفيها الصحفى لا يغطى أخباراً فحسب بل يصنعها ايضاً ولذا فهو يقوم بقفزة إلى مستقبل غامض , مما يتطلب محاولة تخيل القصة وهذا عمل إبداعى بحد ذاته.
كن محدداً للغاية- فكلما كنت أكثر دقة فى تحديد حقيقة مفترضة , كلما كان أسهل لك التحقق منها.
استخدم خبرتك- فالخبرة يمكن أن تكون من عوامل سرعة الانتهاء من الفرضية.
كن موضوعياً-وتعنى الموضوعية ثلاثة أشياء , قبول واقع الحقائق التى يمكن أن نثبتها, وقبول الخطأ, الإستعداد لطرح فرضية جديدة.
ويتطلب أسلوب الفرضيات لعمل مشروع إستقصائى الأمور الأتية:
التسليم
معالم زمنية مرتطبة بالعملية.
التكلفة والمردود.
التأييد.من خلال طرح أسئلة حول من ستهمه هذه القصة, كيف يمكن زيادة وعى الجمهور بالقصة, هل سيشمل ذلك تكاليف إضافية , ماهى الفوائد التى ستجنيها أنت أو مؤسستك الصحفية من هذا الإستقصاء؟
3-المرحلة الثالثة:الحصول على معلومات من مصادر علنية وبشرية للتحقق من الفرضية:
فى العالم المعاصر تكثر المصادر العلنية بما لانهاية لها وتشمل المعلومات التى التى نشرت فى أى وسيلة إعلامية يسهل الوصول إليهابحرية مثل وسائل الإعلام من صحف ومجلات وتليفزيون وراديو وإنترنت , ومنشورات متخصصة ,وكالات الأنباء, إدارات الإعلام بالقطاعات المختلفة, كما توجد المعلومات الأكثر إثارة عادة فى ذاكرة وعقول الناس وليس المصادر العلنية وهو مانطلق عليه المصادر البشرية , الامر الذى يتطلب من الصحفى سؤال نفسه من أين نعثر على هؤلاء الناس؟ وكيف نجعلهم يقولون لنا ما يعرفونه ؟ وعلى الصحفى عدم التقليل من هذه المهارات , فليس كل صحفى يمتلكها , وعمل الصحفى الإستقصائى سوف يطور هذه المصادر إلى درجة عالية بشرط عدم إساءة استخدامها .
4-المرحلة الرابعة: التنظيم:
يتطور العمل الإستقصائى إلى مادة أكثر بكثير مما تنتجه الأخبار التقليدية , لذا يجب أن تكون هذه المادة منظمة بفاعلية على أسس مستمرة وهذا العمل التنظيمى هوجزء من عملية منهجية للكتابة والنشر , والتنظيم الإستقصائى هو التأكد من أنك تعرف أى نوع من التوثيق الذى لديك , والمعلومات التى تحتوى عليها الاصول , وأنك تعرف مكان أصل معين وتستطيع أن تجده بسهولة ويسر , ولهذه العملية جزءان , الجزء الواضح أنك تبنى قاعدة معلومات أو أرشيفاً تستطيع البحث فيه بسهولة , والجزء الثانى الأقل وضوحاً هوأنك خلال بناء قاعدة المعلومات تكون فى طور بناء قصتك وثقتك بها.
المرحلة الخامسة: كتابة الإستقصاءات:
تختلف كتابة الموضوعات الإستقصائية عن الكتابة الصحفية العادية , ففى هذه المرحلة تتطلب مهارات مختافة وقواعد مختلفة من خلال استخدام قواعد السرد الأكثر تعقيداً , الأمر الذى يتطلب من الصحفى الأ يكون مملاًحيث الايقاع المبسط مفتاح الكتابة الاستقصائية , وتجنب خطر الشك , ولاتلوث الاتهامات الجادة بأخرى تافهة , وبوجه عام يجب أن يلتزم العمل الإستقصائى المحرر بثلاثة معايير أساسية هى: التماسك , والتكامل , والحركة.
وليست الصحافة الاستقصائية تغطية عادية لخبر ما , وبعد مضي أكثر من 35 عاماً على فضيحة وترجيت التي أنهت الحياة السياسية للرئيس الأمريكي ريشارد نيكسون عام 1974 , ما زال الجمهور والصحفيون غير متفقين على الإجابات,تشمل الصحافة الاستقصائية كشف أمور خفيّة للجمهور, أمور إما أخفاها عمدًا شخص ذو منصب في السلطة ,أو اختفت صدفة خلف رُكام فوضوي من الحقائق والظروف التي أصبح من الصعب فهمها , وتتطلب استخدام مصادر معلومات ووثائق سرية وعلنية.
تعتمد التغطية الإخبارية التقليدية , بصورة عامة وأحياناً كلياً على مواد ومعلومات وفّرها آخرون (في الشرطة والحكومات والشركات العامة والخاصة ... إلخ) ويعتمد على جمع ردود فعل متعددة حيالها , وعلى العكس من ذلك تعتمد التغطية الاستقصائية على مواد جُمعت أو استُقسيت بمبادرة شخصية من الإعلامي ولهذا فإنها تُسمّي أحيانًا "تغطية المشروع "Enterprise Reporting ".
تهدف التغطية الإخبارية التقليدية إلي خلق صورة موضوعية للعالم كما هو , أما التغطية الاستقصائية , فتُستخدم بطريقة موضوعية , مواد ومعلومات حقيقة تتحول إلي حقائق يوافق أى مراقب عقلاني على أنها حقيقية , ويحرك الصحفي الاستقصائي هدف ذاتي غير موضوعي يتمثل برغبة في إصلاح العالم فمن المسؤولية أن نعرف الحقيقة كي يمكن تغيير العالم.
خلافًا لما يحب بعض المحترفين قوله, فالصحافة الاستقصائية ليست فقط صحافة تقليدية جيدة وحسنة التنفيذ, صحيح أن شكلي الصحافة هذين يركزان على أربعة عناصر هي : من؟ وماذا؟ وأين؟ ومتي؟ , ولكن العنصر الخامس للتغطية التقليدية "لماذا" يتحول إلي عنصر "كيف" في الاستقصاء , ولا يتم تطوير العناصر الأخرى كميّاً فقط. بل نوعيًا أيضًا . "من" ليست مجرد اسم ولقب ، بل وشخصية لها صفة وأسلوب مميزان , وليست "متي" فقط حاضر وقوع الأخبار ، بل سياقًا تاريخيًا للسردً. وليست "ماذا" مجرد حدثٍ , بل ظاهرة لها أسباب ونتائج , وليست "أين" مجرد عنوان , بل موقعاً أو مكانًا تصبح فيه إمكانية وقوع أحداث أو أشياءٌ معينة ممكنة أكثر أو أقل , هذه العناصر والتفاصيل تمنح الصحافة الاستقصائية ، في أفضل أحوالها ، ميزة فنيًّة تُعزز أثرها العاطفي على المتلقي ,باختصار ورغم أن الإعلاميين قد يقومون بكلا النوعين : التغطية اليومية التقليدية والعمل الاستقصائي في مجري مهنتهم , فإن النوعين يشملان أحيانًا مهارات وعادات عمل وعمليات وأهدافًا مختلفة جدًا .
يحتاج العمل الاستقصائي الصحفي إلي مجهود أكبر بكثير من الصحافة العادية ، لكنك تستطيع إنجاز كل خطوة من الخطوات العملية بكفاءة ومتعة وستشعر بأن مردود الاستقصاء كبير -- بالنسبة للجمهور ، ولوسيلتك الإعلامية ، ولك .
بالنسبة للجمهور : يحب المشاهدون القصة التي تُقدِّم لهم قيمًا إضافية – أي معلومات لا يستطيعون العثور عليها في أي مكان آخر, ويستطيعون الثقة بها ، وتمنحهم سلطانًا على حياتهم , يمكن للمعلومات أن تكون عن السياسة أو الشؤون المالية أو المنتجات التي يستخدمونها في منازلهم , وما يهم أن حياتهم يمكن أن تتغير بما يمكننا قوله عن هذه المواضيع , إذًا لاحظ كيف أن الصحافة الاستقصائية ليست فقط منتجًا إعلاميًا , إنها خدمة تجعل حياة الناس أفضل.
لوسيلتك الإعلامية : لا تدعُ أي شخص يقول لك إن الاستقصاء ترف بالنسبة لوسائل الإعلام الإخبارية لأن وسائل الإعلام التي تقوم بالاستقصاء وتديرها بكفاءة ، وتستخدمها لإعلاء قيمتها ، قد تحقق أرباحًا .
لك : الحقيقة هى أنك إن قمت بعملك بشكل صحيح ، ستصنع أصدقاء أكثر مما ستخلق أعداء, وأيضًا ستجعل نفسك معروفًا بشكل أفضل في المهنة وخارجها وسوف تُقيًّيم مهاراتك بشكل أكبر في سوق العمل , وسواء بقيت صحفيًا أو لم تبقَ , لن تجد أبدًا صعوبة في العثور على عمل آخر .
فالصحفيون الذين يفتقدون المهارات الاستقصائية يمكن استبدالهم بسهولة ,الأهم أنك كفرد سوف تتغير بطرق عديدة مدهشة ,سوف تصبح أقوي لأنك ستعرف أنك قادر على العثور على الحقيقة بنفسك , بدلاً من انتظار شخص ما يُقدِّمها لك , وسوف تتعلم كيفية التغلب على مخاوفك وأن تنصت لشكوك , وسوف تفهم العالم بطريقة جديدة أعمق, باختصار المردود كبير جدًا إلي حدٍّ سيجعلك إن كنت مهتمًا بالصحافة وبنفسك ، تُقَدِّم لنفسك ولمشاهديك ولزملائك القيمة الإضافية التي يخلقها الاستقصاء

Arabmedia

ان تعثرت فلا تقعد... بل قم وانطلق نحو القمه

  • Currently 53/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
13 تصويتات / 1431 مشاهدة
نشرت فى 15 سبتمبر 2010 بواسطة Arabmedia

صفاء السيد

Arabmedia
صفاء السيد باحثة ماجستير قسم الإعلام - كلية التربية النوعية - جامعة المنصورة , اهتم بكل ما هو جديد ومثير فى مجال الاعلام عموما والصحافه على وجه الخصوص تم انشاء الموقع 2010/2/11 »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

548,629

لا حياة مع اليأس

عندما تيأس، وتقرر الاستسلام والتوقف، فاعرف أنك على بعد خطوات من هدفك. استرح، فكر في شيء آخر، ثم عاود المحاولة من جديد
د. ابراهيم الفقى